زائر القرن ..


يا منْ لآلامهِ بالصوتِ يمتثلُ =يُرِّغبُ النفسَ بالآهاتِ يشتغلُ
إرحم نداءَكَ فالآذانُ قد شُغِلتْ =عن صوتِكَ الحيٍّ ما عادتْ لهُ تصلُ
ولـمْ يعدْ صمتُها فرضاً إذا نطقتْ =منكَ البلاغةُ أو رقّتْ لكَ الجملُ
واشخصْ بلحظكَ في سقفٍ تراقبُهُ =هلْ سرَّكَ السَّقفُ أمْ ضاقتْ بكَ الحيلُ
تسمَّرَ الرِّمشُ والأجفانُ جامدةٌ =وغارَ في النونِ ضوءٌ كانَ يشتعلُ
سماؤكَ السقفُ ترجو فيهِ نافذةً =تطلُّ منها وتدعو من بهِ الأملُ
تسعٌ وتسعونَ حولاً ملَّ عاشقُها =وزائرُ القرنِ قدْ حلَّتْ بهِ العللُ
يصارعُ الوقتَ لا يدري متى طلعتْ =عليهِ شمسٌ ولا يدري متى تفِلُ
أناملُ البرِّ تشكو ضعفَ حيلتِها =تساقطَ الدُرُّ منها وهي تبتهلُ
تلكَ السنابلُ أعطتْ كلَّ مكرمةٍ =وغادرتْ في خريفِ العمرِ تنتقلُ
لمْ يبقَ منها سوى ذكرى يُردِّدُها =منْ زارَ عوداً لنبضِ الروحِ يمتثلُ
دنياكَ ولَّتْ فما يرجونَ فائدةً =والناسُ بالقادرِ الموعودِ تحتفلُ
ألقتْ عليكَ الليالي وهي قاسيةٌ =عباءةً خيطُها التنكيلُ والمللُ
هي الحياةُ سرابٌ والمقيمُ بها =كواقفٍ تحتَ ظلٍّ عنهُ يرتحلُ
لا تسأمِ الوقتَ فالأيامُ قافلةٌ =تلقي الحمولةَ منها حين تكتملُ
إن المنايا سجلُّ الغيبِ يرصدُها =وكلُّ حيٍّ بلا ريبٍ له أجلُ
شعر
عبد الملك الخديدي