السلام عليكم
رواية لوليتا آخر روايات وإصدارت الأديب الروائي الجزائري "واسيني الأعرج".
بروفيسوربجامعة السوربون وجامعة الجزائر المركزية.مدير اتحاد الكتاب الجزائري ومؤسس مجلة الاتحاد . من مواليد 1954
وسيرته طويلة لطول مشوار عطائه الأدبي .
عنوان الرواية لافت جدا يوحي لنا بروح عاطفية وإيحاء غريزي, لكنه ربط مافيها من مشاعر بماحدث في الرواية عبر رسالة البطلة الجزائرية الأخيرة:
عندما أراد البطل يونس مارينا لوليتا عن الشر المطلق..فتركت له ررسالها الأخيرة:
"سأغرقك بالقصاصات حتى تنصاع لي حبا وليس ضغطا, ويوم أيأس منك, سأترك لك ورقة بيضاء عليك أن تملأها بنفسك , ستكون أول صفحة من رواية
حبيبتك لوليتا وأصابعها التي كسرت في وقت مبكر.
********
كانت الشخصيتان تلك هما الشخصيتين المحوريتين قدمهما الراوي لقواسم مشتركة بينهما, فالأول وهو يونس ثوري قاوم ضد الاحتلال الفرنسي وبعد 15 سنة وهي الحقبة التي بدأ فيها زمن الرواية...
يظهر كيف انقلبت الموازين ليتهم بعد تخليه عن الثورة , لملاحق من قبل السلطات الجزائرية بأمور أخرى,لكن الغرض الاساسي كان إخضاعه لتحقيق من خلال رواياته التي كتبها "عرش الشيطان" مدعين أنه:
يمس الإسلام بكم الإباحية التي فيها والنماذج الخاطئة عبرهاو والطعن بالاسلام من خلال شخصيات محسوبة عليه لكنها منحرفة,وكما ورد ملاحق من جماعات جزائرية دينية ووطنية,رغم هروبه لفرنسا بجواز مرور مزور.
نتساءل نحن كقراء :هل تخلينا عن نماذجنا القويمة ومشوار معاناتهم المرير لأجل الخير ومواجهتهم نكران العالم لعطائهم واستبدالها بتلك المسوخ؟أمر غريب فعلا.
البطلة لوليتا جزائرية اسمها نوّة وملاك في اندونيسيا والتي كانت من ضمن رحلتها التجارية مع والدها الذي استباحها ورفعت ضده في فرنسا قضايا الاغتصاب, وباتت مومسا وعارضة ازياء ولما لجأت لأخوها الذي بحث عنها حاول ضربها وقتلها ناكرا ماقالت حتى قبضت عليه الشرطة وصوب عليه ولم يمت , لكنها ملاحقة... في بلادها لقضية من والدها انها تعدت عليه.

الرابط بين تلك الشخصيتين , هو العالم الإعلامي والمصادفة والعشق بينهما.لنكتشف أخيرا أنها كانت مجندة ومستغلة أيضا لقتل البطل , لكن حبها غلبها فانتحرت بدلا من أن تقتله.
**********
كتبت الرواية ذات الـ471 صفحة بروح غربشرقية, فلاهي غربية صرفة ولاشرقية كاملة, كان حبرها فرنسي بتحرره ورمانسيته العميقة, وشرقية بولائها للأئمة وإرشادهم ولو سطحيا لكن البطلة لم تستطع التخلي عن جذورها الأخلاقية القديمة..
أغلب الروائيين الذي يكتبون من المهجر يكون حبرهم غارق في الروح الغربية ,لايملك من حبر الوطن إلا ملامح غائمة كرواية "اسمي سلمى" لفادية الفقير,لكن عنصر التشويق ولأن الأبطال عرب تشعر ببعض ألفة سطحية, قلما نجدها في نماذج كتلك حتى عبر الروايات الغربية التي تجد الملمح الغربي هو الطاغي يبعدنا من حيث حالوا القرب, خاصة أن الرواية كانت مشبعة بروح الحياة الفرنسية والتي أعطتنا نظرة غربية من عيون شرقية.
*******
حملت الرواية قدرا كبيرا من الحكم التي تفصح عن فكر المؤلف وثقافته العميقة..والمتشبع بالحياة الفرنسية,ظهر بتحركات الأبطال ومرافقة الحوار بالفرنسية لها رغم وضع ترجمة له.
**********
من الحكم اللافتة:
ذات يوم تصاب بالسكتة القرائية وترتاح نهائيا من شطط ماتقوم به.
كيف يمكن أن يكون كتاب سببا في هلاك إنسان؟
الكتاب متشابهون في العالم كله, يكذبون ثم يصدقوا كذباتهم يخلقون مشاكل حول أنفسهم ثم يظلون يدورون حولها.
لماذا المصائب الكبرى لاتأتي إلا من السود أو العرب أو من المسلمين؟ هل الآسيويين ملائكة كلهم وتأتينا منهم المخدرات والماركات المقلدة؟.
لماذا نسمع عن العرب والمسلمين كثيرا ولانسمع عن الآخرين إلا قليلا؟هل الأمر صدفة أم يراد له ذلك؟لاملائكة في الأرض..لكننا نعيد إنتاج مآسينا كلما اشتدت الأزمات وغابت الحلول.
القراء لايتساوون.
كلما ظننا أن الحياة أعطتنا كل شيئ اكتشفنا أنها سرقت منا أجمل ماادخرناه من دهشة.
عظمة الإنسان في قدرته على التخطي الدائم للشراك القاتلة التي تنصبها الأقدار له في كل مسالك الحياة.
بيتك حنون ايها الكاتب أشعر فيه رغم صغره بالحرية.
المشكلة هي أن القتلة يستعملون الوسائل التي قليلا مانشكك فيها.فيكهنتنا الصعبة لاشيئ يقع خارج دائرة الشك.
الحرية تعطي للفضاء اتساعا بلا حدود ,تحول الغرفة الصغيرة إلى سماء , والحلم إلى ضياء.
أتساءل أحيانا عن الغبي الذي قنن الزواج بالشكل الممل الذي نعيشه اليوم.!!!
يبدو أن المجانين هم من يؤثث ذاكرتنا المضيئة وليس العقلاء..
*******
ربما هي المرة الأولى التي أقرأ للمؤلف,ويحق لنا السؤال هنا كيف نقرأ الرواية؟ابتداء من:
الغلاف:كانت صورة المؤلف وهي لمسة وطريقة فرنسية الملامح.
العنوان:غارق بالرومانسية لمن لم يقرأها بعد ,لكنه خدم الفكرة العامة:كلنا خونة..أو حسب لغة المؤلف:هل هناك شر مطلق؟.
اللغة:معقولة و معبرة,مشوقة رفيعة المفردات في بعضها ,و ممزوجة بعامية طفيفة جزائرية,وفرنسية خادمة للحوار.
الحوار:خفيف رغم طوله,لعفويته ورشاقته.
المعالجة الدرامية:فيها روح بوليسية فرنسية هادئة بامتياز.وألفاظ تنبه لانزلاق يونس:انزلق في السيارة.تدحرجت روحها أمامه.لوحة الذبابة..الخ..
وممايجعل المؤلف ضمن الدائرة الشرقية أنه لايتزوج مومسا أبدا...مهما أحبها عموما رغم أن البطل لايفكر بقيد الزواج أصلا.. وهذا تناقض فكري لافت!
فكرة عولجت عبر محاور كثيرة..وهي:أن البشر يحاسبون غيرهم قبل أن يحسبوا أنفسهم..
قسمت الرواية لفصول لم يكن هناك داع لها لأنها كانت روح واحدة بشكل عام رغم تنوع مسارحها جغرافيا ضمن فرنسا.
كما ورد فهي تقدم كما وافيا من سيرة المؤلف.
ريمه الخاني 27-4-2012