دربُ الفِسْقِ في أرضنا حرفُ جرٍّ بغىَ وتجبَّر،
فغدا أصلاً، كما الليلُ في الكون أصلُ،
جرَّ خلفَه حروفَ سِفْرٍ تدَلَّت زوائِدَ دودٍ علا وتكبَّر،
... ...
فكانت قيْءَ بيضٍ قاءَه قبلَ ذلك قملُ،
جَمَعَتْ بين الوزير وحضنِ الخفير،
وجَعَلَتْ سارقَ الأمن يبايعُ الأمير،
ومندوبَ القصر يضاجعُ السفير،
والمبصرَ أكثرَ عمىً من الضَّرير،
واللِّصَّ إذا اغتنى، أحوجَ من غناه إلى خبز الفقير،
وبين زائدةٍ دوديةٍ أخفت معالمَها أرديةُ الحرير،
وأخرى كرَّشَتها لحومُ ظباءٍ نُحِرَت من "رُمْثٍ" إلى "عَقَبٍ"،
فسالت دماها تروي الفقرَ والجوعَ
من نهرٍ جفَ غربا، إلى بيداءَ في الشرق أذلَّت الذلَّ المرير،
وثالثةٍ لا ترى العيشَ سوى في عبدِ مالٍ ومعبودِ جاهٍ وصَخَبِ سرير،
سقطت من لغةِ العُرْبِ حروفٌ ثلاثة،
واوٌ ذُبحَت، وطاءٌ نُحِرَت، ونونٌ نُهِبَت، بلا تأنيبٍ للضمير،
فغدوتَ يا وطني، كسرةَ خبزٍ يجود بها الأمير،
ووعدَ شغلٍ يرشيني به الوزير،
وكذبة أمن يخيفني بها الخفير،
أيا ذلا باعوك به وطني، فهنتَ لدى الأنذال،
وفي قلبي أنت قوتي والهدير،
فهل إلى "عَوْدٍ" من سبيل؟
انفُض عنك زوائدَ الدود، وألقي بها في المزابل،
لا تخيفَنَّك منها زائدة، فكل الدود زائل،
وعد حيا إلى مأواك في قلبٍ أنت فيه الخفير والوزير،
وأنت الأمير،
كسِّر كل القيود وزردَ السلاسل،
وعد إلى قلبي حيث مثواك الأخير،
معشوقا أنا لعشقه أولُ رسولٍ وأصدقُ سفير،