باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بعد :-
*** عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:
[أعطى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رهطا وأنا جالس فيهم ، قال : فترك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- منهم رجلا لم يعطه ، وهو أعجبهم إليّ ، فقمت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فساررته، فقلت : مالك عن فلان ، والله إني لأراه مؤمنا ؟ قال : أو مسلما . قال فسكت قليلا ، ثم غلبني ما أعلم فيه ، فقلت : يا رسول الله ، مالك عن فلان ، والله إني لأراه مؤمنا ؟ قال : أو مسلما . قال : فسكت قليلا ، ثم غلبني ما أعلم فيه ، فقلت : يا رسول الله ، مالك عن فلان ، والله إني لأراه مؤمنا قال : أو مسلما . يعني : فقال : إني لأعطي الرجل ، وغيره أحب إلي منه ، خشية أن يكب في النار على وجهه .]
صحيح البخاري/الفتح:ج1/ (2)كتاب الإيمان/ (19)باب-إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة/رقم:27.
-*هل تأملت قول النبي-صلى الله عليه وعلى آله وسلم- معللا سبب عطائه لرجل وغيره أحب إليه منه قال:
(( خشية أن يُكبَّ في النار على وجهه))والسؤال :-ماذا يضر النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذا كُبَّ هذا الرجل، أوذاك علي وجهه في النار؟؟!!
-*وما الذي سينقص من مُلك الغنيّ إن كفر من في الأرض جميعا؟
*عن أبي ذر الغفاري قال :عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ، فيما روى عن الله- تبارك وتعالى- أنه قال " يا عبادي ! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما . فلا تظالموا . يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته . فاستهدوني أهدكم . يا عبادي ! كلكم جائع إلا من أطعمته . فاستطعموني أطعمكم . يا عبادي ! كلكم عار إلا من كسوته . فاستكسوني أكسكم . يا عبادي ! إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا . فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي ! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني . ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم . كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم . ما زاد ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . كانوا على أفجر قلب رجل واحد . ما نقص ذلك من ملكي شيئا . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . قاموا في صعيد واحد فسألوني . فأعطيت كل إنسان مسألته . ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر . يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم . ثم أوفيكم إياها . فمن وجد خيرا فليحمد الله . ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " صحيح مسلم بشرح النووي / ج 16/ كتاب البر والصلة/ باب تحريم الظلم /رقم:2577 .
- والجواب:-إنه تعالى الغني بذاته [يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد*إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد*وما ذلك على الله بعزيز*](فاطر :-،15 -17)إلا أنه كتب على نفسه الرحمة، فهل تأملت يوما قوله تعالى:[...كتب ربكم على نفسه الرحمة...](الأنعام 54)
لو عامل الله خلقه بمقتضى اسمه الغني فحسب لهلكنا جميعا-من جهة غناه عن عبادتنا وقرباتنا-،إلا أنه بلطفه وجوده وكرمه كتب علي نفسه الرحمة. وكما قال ابن القيم معلقا على قوله تعالى(الرحمن على العرش استوى))طه5):[ذكر الاستواء باسم {الرحمن} ليعم جميع خلقه برحمته،لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها،والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم ((ورحمتي وسعت كل شيء)) الأعراف 156)فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات...]انتهى بتصرف:-مدارج السالكين/ج1/ص33.
-هل تفكرتَ يوما ماذا لو كتب على نفسه العدل بدل الرحمة ؟؟!
أترك الجواب لكلٍ...
فهو-سبحانه- الغني إلا أنه قرن غناه-لطفا بنا وتفضلا علينا ،وكرما من لدنه على خلقه - بالرحمة فقال:-[وربك الغني ذو الرحمة](الأنعام :133)فهو الرحمن في غناه ،الغني في رحمته.
-نعود لقول النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم-[: إني لأعطي الرجل ، وغيره أحب إليّ منه ، خشية أن يُكبَّ في النار على وجهه ] فجعل الله قلب نبيه رحيما على خلقه رقيقا حريصا على هداهم ونجاتهم من الخلود في النار [فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القول لانفضوا من حولك..]آل عمران159)
*****تأمل؛ ليخضع القلب ويرق ويشتد حبا لربه الغني ذ ي الرحمة الذي برحمته ربانا على نعمه ،وبرحمته أنزل الكتب، وأرسل الرسل؛ ليهدونا إلي سواء الصراط،وبرحمته جعل في قلوب أنبيائه ورسله الشفقة والحنان والرحمة والرأفة والحرص على هدايه البشر ونجاتهم من النار-إن لم يكن ابتداء فخلودا-فتأمل آثار رحمات الغني.
***وتتجلى في هذا الحديث صورة من صور رحمته سبحانه وتعالى وعز وجل –التي لا تحصى- فبرحمته يرزق رسوله-صلى الله عليه وسلم- من المال الذي يعطيه لخلقه؛ كي يثبتوا علي الإيمان فلا يكبوا على وجوههم في النار-ولا تنسَ أن هذا - مع غناه التام والمطلق عنهم،ولا أدل على تلك المعاني من هذا الحديث : يعطي خلقه ؛ ليوحدوه وهو الغني عن توحيدهم إياه ، يعطيهم ؛ ويأخذ بنواصيهم إلي جنته ، وينجيهـــم -برحمته- من الخلود النار.
**فما أرحمك من رب وما أعظمك من إله. رحيم في غناك، غني في رحمتك،فما أسعدنا بك ربا وما أفلحنا بك إلها ،فالحمد لله على أسمائه الحسنى وصفاته العلا،تبارك اسمه ،وتعالى جده ،ولا إله غيره.
والسؤال:هل نَرحم كي نُرحم؟؟؟!
[...ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم] ( غافر:7 )