كل سنّة والعالم بخير
تهنئة من طفل فلسطيني
لو كنت أعلم أن سنة جديدة أطلّت على عالمنا أيضاً كنت طيّرت لكم أرقّ تمنياتي، ولو كنت أعلم أن سنة طوّت أحداثها ورحلت عن فزعي كنت نثرت عليها بنفسج الوداع، كنت سأقول لكم، أيها العالم الذي لا أعرف له وجهاً.. كل سنة وأنتم بخير..
وكيف أعرف، وأنتم العالم الغائب عن وعيي.!
أيها الحالمون بأيّ شيء..
حتى أحلامي ضاعت بين ركام بيتي الذي كان، وبين أشلاء أحبتي، وبين أنّات دفاتري.
كنت أركض بين الزواريب المعبأة بالأشلاء، أبحث عن نجاة.. لا تسألوني أيّ نجاة فأنا لا أعرف كنت أركض فقط.. فقط، والكلّ يطارد ورائي.. هل مرّ أحدكم بحالة مثلها.؟
هل شعر أحدكم كيف يكون قضاء ليلة شتاء مظلمة، وبردها الرهيب في فراغ الطرقات.؟
هل تغطّى أحدكم يوماً برقائق أكياس الإسمنت الفارغة.؟
هل رأى أحدكم ذات ليلة بأن القمر يشبه قرص فلافل شهي.؟
منذ أيام لم أعد أذكر هل هي في حساب السنة التي رحلت، أم في الآتية رافقت أقواماً دفعوا جسد أبي اليابس في حفرة.! وأهالوا فوقه التراب، في المساء كانت أميّ تزغرد في صيوان العزاء، تقول لي: أبوك في الجنّة..
هل رأى أحد منكم الجنّة.؟
كانت تزغرد وتهيل على رأسها التراب فتتطاير من ضفائرها شذرات حنّاء.
منذ أيام، لم أعد أذكر هل هي في حساب السنة التي رحلت، أم في الآتية، خرج أخي ولم يعد، جاؤوا به تحت جنح الرعب فتاتاً في محرمة حجم قبضة اليد، وزغردت أميّ أيضاً.
منذ أيام لم أعد أذكر هل هي في حساب السنة التي رحلت، أم في الآتية، جرفوا بيتنا، واقتلعوا كل الأشجار التي كنت أحبها، وعلى مدفع الدبابة التي غادرت للتو جسد أمي شاهدت شيئاً.. كأنه فم كبير يضحك، يشير بأسنانه القبيحة ويقول: عام جديد سعيد..!
ما معنى سعيد أيها العالم.؟
وأنا الآن أهيل على رأسي التراب، أقول لكم.. كلّ سنة والعالم بخير.
ـ ـ ـ
ع.ك