المَأْسَاة









" في لحظة من لحظـات الحيــاة المقدسـة
تعصـف الأقــدار ،فتجمـع الأحبـة صدفةً
كالغرباء؛ بعد طُول فراق على باب الطريق "...



هيهاتَ أن أنسى لقاءْ يوماً على درب الشّقاءْ

قدمي تـَأوّهُ بالعيـاءْ ،نفْسي تتوقُ إلى شـفاءْ

فأرحتُ رأسي كابياً ،ووصلتُ حبلاً من إخاءْ

لمّا أفقـتُ على نداء ِالمنحنى شبّ اللقــاءْ

وهتفتُ ملءَ ملامحي ،ويلاه يا عُمْراً هبـاءْ

ما طاف بي خبرُ السـماءْ أنّ الـذي قد ضنّ جاءْ

لهْفي،على قـلبي إذا ما خاض مُحتدمَ البلاءْ

تلك التي حرَمتْ فؤادي أنْ يعيـشَ على رجــاءْ

تلك التي شـقّتْ جراحي،فاسـتكان إليّ داءْ

وإذا بها تخشى جوايَ،وما يُهيّجـه الجفـاءْ

طوتِ الطريقَ برعشة الأقدام، فانهار الرّداءْ

وركضتُ كالمجنون منكسرَ الخطا أرعى الضّياءْ

قد خلتُها تُخفي ولوعي ،وانتحاري في خفاءْ

ووجمتُ قد فضح الأسى سرّاً تغذّى بالدماءْ

يا صولة الدّهر،التي لـم تُبْق ِلي من كبرياءْ

حتى أطلّ عليّ خِـلّي مُجْهَـداً يُبدي العزاءْ

ما سرها تلك العيون الهُدْبُ تجتاح الفضاءْ؟

سَهْمٌ بجنبي من لهيثِ صدودها،فجلا الصّفاءْ

يا شاعري ،رفقاً بنا،فالغدرُ من طبع النّساءْ

وسقطتُ لا أقوى على حمل الهوى،أشكو القضاءْ

وطفِقتُ أنفُح عاطـرَ الأمس المنعّم بالثّراءْ

يا صاحبي،هذا الحبيب المُفتدى،ظلّ الهنـاءْ

جاد الزمان به صبـاحاً بارداً يُبـدي وفاءْ

لمّا رأيتُ السّحـرَ يُدفئ أضلعي أوفى فداءْ

لمعَ الحياءُ بخافقي ، ثارتْ دموعي في خفاءْ

وكتبتُ بالعين التي هي كلّ معنىً مُستضاءْ

عهــداً وثيقاً للذي أهدى يداً لي بالشـفاءْ

وهجرتُ كَوناً بالإساءة مُقفراً ،ورشفتُ ماءْ

وجعلتُ قبلتيَ الطريـق أطوفه فجراً ،مساءْ

ملَكتْ فؤادي هيّجتْ في ضعفه عزماً،مضاءْ

حتّى إذا ما رفّ بي طلّ الصّباح على نداءْ

أرسلتُ لحظاً طائراً ،والشّــوقُ موصول الشقـاءْ

هيمـانَ لا يرجو هدىً إلا هدى ذاك الضيـاءْ

ويكاد يهزمه طويلُ الشكّ في أمل اللقــاءْ

فتلوحُ في الأفْق البعيـد حمامةٌ تهفو لنـاءْ

كيف التقينا؟ لا تسـلْ كم عانقتْ عيني السـماءْ

ورعيتُ حبّاً ضمّنا بالسّتر يعتصر السّـقاءْ

لكنّما ،والحبّ يَيْـنعُ في ضمير الأتقيــاءْ

حنتِ الرّياحُ الصّفر بُرْعُمه ، فأشهقه العفاءْ

وتمدّد الجسـمُ الطّهور مخلّفـاً أثراً،دمـاءْ

وتقطّع الشّملُ الكريـم،وحلّ بالدنيا العُـوَاءْ

فكأنّنـا غرباءُ لسنَـا من كَريـمِ الأوفـياءْ

هذي جراحي يا رفيـق الموت،هل يُجدي العزاءْ؟

دوماً يفيـض صديدُها ،لم أرتضي غيرَ البكــاءْ

وجررتُ أشلائي ،وقلتُ إلي لقـاءٍ من شقاءْ

لا خضتُ بعـد حبيبتي موجـاً،ليقذفنا هَبَاءْ

وزحفتُ للقبر العظيـم ،وما معيـنٌ ،أو وِقاءْ


مجدي يوسف