مجسات الوعي والجيل المشتت .
الكاتب علاء الريماوي
يحرص العدو الإسرائيلي على الديمومة في قياس توجهات مجتمعه خاصة الشبيبة فيه من خلال موجة من الاختبارات المهمة ، وورش العمل في الجامعات والمدارس مصحوبا ذلك بإستبيانات مركزة وموجهة بحسب الهدف ووجهة القياس .
في تقلبي لبعض الأوراق الإسرائيلية لفت انتباهي قيام وزيرة الثقافة السابقة شولميت ألوني مشاركتها في تقييم لسلوك المجتمع من خلال صعودها في حافلات عام
ة لتقييم مدى تفاعل المجتمع مع كبار السن ، ومماثلة ذلك مع فترات زمنية سابقة لقياس مدى الفجوة القائمة بوسائل علمية ومنهجية لا يمكن ذكرها الآن .
في متابعتي للحادثة هذه خطر ببالي نقاش الفكرة مع مجموعة من الطلبة الذين نجري معهم تدريبا بعنوان " ثقافة القائد " حيث هالني من الجيل الصاعد حجم الردة الثقافية القائمة بين الشباب خاصة في جهلهم بأبجديات التاريخ الفلسطيني الحديث كمعرفة أسماء القادة الشهداء ، تاريخ إنتفاضة الأقصى ، وغيرها من البديهيات التي كنا في الماضي نرضعها مع حليب أمهاتنا ، مضافا إلى ذلك إتساع الفجوة بينهم وبين مصطلحات التطبيع ، العمل التعاوني ، المناعة الوطنية ، المقاومة وغيرها من المعاني التي ظلت على الدوام ثقافة الجيل الفلسطيني .
حديثي مع الطلبة تزامن مع الحرب الأخيرة على قطاع غزة فشعرت أن بيئة ما تغيرت ومافهيم جديدة دخلت على حديث الطلبة الذين أجريت عليهم الاختبار .
هذا الحديث بالضرورة انعكس على السلوك للطلبة واهتماماتهم وعلى طبيعة المادة المتبادلة على صفحات التواصل الاجتماعي الذي كان يغلب عليها صور المغنيات ولاعبي كرة القدم .
حالة التفاعل ومن خلال المتابعة بدت بالخفوت وعادت مع الأيام ( حليمة إلى عادتها القديمة ) هذه العودة والابتعاد يرجع إلى أسباب مهمة وجب الوقوف عليها ومناقشتها لذلك يمكن تلخيصها من خلال الآتي .
1 . الضعف الكبير في الثقافة الوطنية التي يحتويها منهج التربية والتعليم .
2. غياب المنهجية الوطنية التي ترعى توجهات المجتمع الفلسطيني برغم وجود كثير من المؤسسات التي ترفع لواء الثقافة .
3. الفشل الذريع الذي يحكم نشاط وزارة الشباب والرياضة والثقافة في الضفة الغربية .
4. سلوك السلطة الفلسطينية الذي حكم بإفرازات الانقسام والذي انعكس بشكل واضح على الجمهور الفلسطيني .
5 . إغلاق مجموعة كبيرة من المؤسسات الوطنية الرائدة و التي كان لها دور بارز في بناء ثقافة المجتمع الفلسطيني .
6. تجفيف دور المساجد في الضفة الغربية وإغلاق دور القرآن الكريم التي حفظت على الجيل الشاب دينهم وثقافتهم الراسخة .
7. تصفية الروح الحزبية في الجامعات الفلسطينية لصالح الانحلال الخلقي الظاهر والمباشر .
8 . دعم ورعاية المشاريع الدولية الهابطة والتي تستهدف الجيل الشاب في الضفة الغربية .
هذه النقاط وغيرها تحتاج اليوم بعد ما شهدنا من تقارب فلسطيني بعد حرب غزة إلى تقييم جوهري لتصويب مسار يعد الرافد الأساسي لحركة المقاومة لمشاريع الاحتلال على الأرض الفلسطينية .
في متابعتي للأوراق الصهيونية يحرص الإعلام والمؤسسات الثقافية فيه التركيز على شخصية المقاتل ، الكارثة ، المحرقة ، صورة العربي ، التاريخ الديني لأرض إسرائيل المزيف ، طبيعة المخاطر التي تواجه الكيان .
هذا البعد جعل أشتات الشعوب يحملون ثقافة معقولة خاصة في الجيل المؤسس انتصروا فيها على دول عربية تنتمي لحضارة لا مثيل لها في التاريخ .
اليوم بات النداء واجبا لمن يعنيهم الأمر بصورة الالتفات لجيل بات في ثقافته الوطنية خارج التغطية في لغة الهواتف النقالة