الانتقاء التاريخي بناء على الهوى الجاهل سِمَةُ السُّفهاء (!!) بقلم أسامة عكنان
قبل أن أخوض في عمق وجوهر الفكرة التي يعالجها هذا المقال، أود أن أشيرَ إلى نقطتين هامتين أحببتُ أُقَدِّمَ له بهما، كي لا يصطادَ أحد في الماء العكر، وكي لا يُساء فهمي على نحوٍ لم أقصده.النقطة الأولى: لست ممن يتصورون مستقبلَ هذه الأمة في أحضان "الإسلام السياسي" بتشكيلاته وفصائله الراهنة التي ليست سوى توظيفٍ مبتذل وهزيل للذهنية الدينية الإسلامية الراسخة بعمق في العقل العربي، تمت بواسطته – أي بواسطة ذلك التوظيف – إعادة شرعنة "الرأسمالية"، و"الصهيونية"، و"الطبقية"، و"الاستبداد"، تحت اللافتات الإسلامية المقدسة. فالإسلام – من وجهة نظري – يحتاج حاجة ماسة جدا إلى إعادة فهمٍ عميق وفق قواعد جديدة للفهم، غير تلك التي توارثناها جيلا من بعد جيل، فأصبحت مقدساتٍ يُعتبر المساس بها مساسا بالذات الإلهية نفسِها، لشدة ما تجذَّرَت قداستها ولاهوتيتها في الذهن العربي المسلم، بغية تحريره – أي الإسلام – من الموروث الذي انتقل إلينا دما يُغذينا "عقليا" و"نفسيا" و"روحيا"، عبر شرايين زمنٍ امتد إلى أكثر من أربعة عشر قرنا، من مُخرجات "الفتنة الأولى" التي أنشأت "الإمبراطورية العربية الأموية"، إلى مُخرجات "الفتنة الثانية" التي أسقطت "الإمبراطورية التركية العثمانية".النقطة الثانية: لست ممن تحكمهم ذهنية المؤامرة في فهم الأحداث والوقائع، واعتبر أن هذه الذهنية – بمعناها الدقيق الذي يعني: "أن الفعل المجتمعي الإيجابي في ظاهره، هو التفافٌ تآمري من الأعداء المتربصين لتمرير شيء ما سلبي يُراد تمريره غير المظهر الإيجابي الذي يختبئ ذلك الشيء السلبي وراءَه – هي ملجأُ العاجز عن امتلاك الرؤية القادرة على فهم نواميس الوجود، وسنن التغيير، وسيرورات الأحداث، وهي من ثمَّ هروبٌ من دائرة الفعل الإيجابي، إلى دائرة انتظار المعجزات، وترقُّب الأقدار المفارقة، وتبرير كلِّ الانتكاسات بالبعد عن الله". وبالتالي فلستُ من هؤلاء الذين يعتبرون المعارضة السورية بدأت وتشكلت ونمت وتطورت – وبالمطلق – تجسيدا لمؤامرة كونية ضد النظام السوري، وإن كنت أفهم أن كلَّ أصحاب الأجندات الخارجية حرصوا على إيجاد موقعِ قدمٍ لهم في هذه المعارضة بعد أن انطلقت، وهم قد نجحوا في ذلك، فحرفوا معظم الفعل المعارض إلى حالة تآميرية لا تخدم الأجندة الوطنية السورية، وتخدم الأجندات المعادية التي أجزم أيضا أن النظام السوري نفسه لا يتموضع بعيدا عنها.وبالمثل فإنني لست ممن يعتبرون أن الحالة الانقلابية في مصر هي تجسيدٌ لمؤامرة إسرائيلية أميركية على الديمقراطية وعلى الإسلام وعلى الإخوان المسلمين، وإن كنت أفهم جيدا، أن الأجندة الأميركية ومثلها الصهيونية الإسرائيلية، حرصتا وتحرصان، ونجحتا وتنجحان في إيجاد مواقع قدم لهما في قلب ثورة 25 يناير، وفي قلب سياسات المجلس العسكري، وفي قلب الفلول، وفي قلب الحالة الديمقراطية التي جسدتها مرحلة مرسي، كما في الحالة الراهنة التي يمثلها الانقلابيون.لذلك لا أستغرب وأستطيع أن أتفهمَ جيدا لماذا يدعم السعوديون المعارضة السورية التي يمثل الإخوان المسلمون ثقلا هاما فيها، رغم أنها معارضة ما تزال لم تَخْتَبِر وجودَها بانتخابات ديمقراطية على الأرض، ليعادوا عداءً لا هوادة فيه إخوان مصر الذين أوصلتهم صناديق الاقتراع إلى سِدَّة الحكم رئاسة وبرلمانا في مصر.والآن لنعد إلى فكرة المقال التي أحسب أن القارئ سيفهمني من خلالها على نحوٍ صحيح، أياًّ كان توجُّهُه الفكري والأيديولوجي والسياسي، بعد أن أوضحت النقطتين السابقتين.بعيدا عن تطورات المشهد المصري المفصلية خلال السنوات الثلاث الماضية، والتي يمكن التعاطي معها بأدوات السياسة والتاريخ والاقتصاد.. إلخ، لفهمها وسبر أغوارها، استوقفتني مُطولا حالتين في مصر، إحداهما كانت تُطِلُّ برأسها على استحياءٍ باحثة عن ظرفٍ موضوعي يتيح لها فرصة التجسُّد، مع أنها ما تزال لم تتمكن من أن تتجاوز كونها "نخعةَ جِنِّيٍّ عابرة وقميئة". والثانية أطلت برأسها فعلا بعد أن وجدت بيئةً من الرعونة الثقافية، ومن الحمق الأيديولوجي، تغذيها وتتجاوز عن حجم السفه والتردي اللذين تنطوي عليهما. هما حالتان لا ينتبه إليهما في العادة إلا من أعياه داء الغوص المزمن في المُكونات الدقيقة للحدث مُدخلاتٍ ومُخرجات، ويبدو أن هذا الداء مستحكمٌ في هذا المخلوق دائم التوتر والحذر، العاشق للغوص، بعُدَّةِ غوصٍ لا تتجاوز "قلما"، و"قرطاسا" و"عقلا" لا يرضى بالتسليم بلا تحليل وتمحيص.الحالة الأولى:بعد تنحي الرئيس مبارك في 11 شباط/فبراير 2011، بوقت قصير سمعت بأمِّ أذني من أصدقاء مصريين يساريين كنت وما أزال أكنُّ لعقولهم ولوطنيتهم كلَّ احترامٍ وتقدير، ولشخوصهم كلَّ محبة، رغم ما اعتراهم من هوسٍ جسَّد الحالة التي سأتحدث عنها.. أقول.. سمعت من هؤلاء، بنبرة تشبه اليقين الذي يبدو أنهم آمنوا – إيمان العجائز المؤمنين بأن دابة أهلب ستخرج في آخر الزمان لتكلم الناس عن مصائرهم – بأن انتفاضة يناير هي التي أتاحته لمصر: "أن مصر لن يستقيمَ حالها ولن ينصلح أمرها، إلا إذا تحرَّرت من الاحتلال العربي الإسلامي الذي جثم على صدرها 14 قرنا من الزمن" (!!)لم أتمكن بعد ذلك من اعتبار أن ما سمعته من هؤلاء الأصحاب، يعبِّرُ فقط عن حالة هوسٍ عابرة لا قيمة لها، سيطرت على مجموعة من السُّكارى في لحظة عربدة غير مسبوقة، عندما سمعتُ بأم أذني أيضا بعد ذلك بعدة أشهر، سياسية مصرية يُفترض أنها متعلمة ومثقفة.. إلخ، فتح لها الإعلام المصري صدره على مصاريعه بعد عزل الرئيس مرسي، وهي تتحدث بثقة ويقين وحماس، وكأنها لا تتحدث في مصر، ولا توجه حديثها للمصريين عبر وسائل إعلام تغذيها أموالهم، قائلة بالحرف الواحد ودون خوف أو حياء أو وجل: "إن اللغة العربية ليست لغة المصريين، بل هي لغة المحتلين العرب" (!!)ليست الكارثة فيما قالته هذه المرأة، ففي كلِّ شعب هناك مهاويس تُفَرِّغُهم عواصف الأحداث من دواخلهم، فتحولهم إلى طبول جوفاء، لتذروهم بعد ذلك كالهباء المنثور. إنما الكارثة أنني لم أسمع على الإطلاق ومن أيٍّ كان، لا من الأزهر، ولا من القوميين، ولا من غيرهم، ردا عليها أو تنديدا بما تقوله، أو حتى تخطيئا لها بهذا القدر أو بذاك، مع أنني سمعتها عبر أثير القنوات الفضائية المصرية التي سمعها مثلي كلُّ المصريين (!!)في هذا السياق الذي ينمُّ عن بؤس معرفي غير عادي، وعن ضحالة في قراءة التاريخ الخاص بمصر وبالعرب، تساءلت عما إذا كانت هذه المرأة وقبلها هؤلاء الأصحاب، وبعدها وبعدهم أولئك الذين سيتوالدون في مثل هذه البيئة الثقافية والسياسية والمجتمعية المضطربة مولودات ممسوخة بلا سبب مفهوم غير مبدأ "التلقيح الخاطئ" المنتج "للمخلوقات الطفرة المشوهة".. تساءلت عما إذا كان هؤلاء يعلمون ما تؤكد عليه المراجع التاريخية الموثوقة عن مصر: من أن سكان صعيد مصر الذين يتجاوز تعداهم 50% من إجمالي تعداد الشعب المصري، هم أصلا وبنسبة 100% من عرب الجزيرة الذين هاجروا إلى هذه الأرض قبل وصول العرب المسلمين "المحتلين" بآلاف السنين (!!) ومن أن 75% من سكان شمال مصر من غير "الصعايدة" هم أيضا من أصول مهاجرة من الجزيرة العربية في أكثر من موجة من موجات النزوح السامي الذي هو تعبير توراتي عن النزوح العربي إلى الشمال والغرب، أي قبل وصول العرب المسلمين "المحتلين" بآلاف السنين أيضا (!!)أي أن ما يقارب الـ "90%" من الشعب المصري باستثناء قلة قليلة جدا هي أقلية "النوبيين الأفارقة"، هم عرب أصلاء يرجعون في جذورهم إلى الجزيرة العربية (!!) هذا ونحن هنا نتجاوز لغايات النقاش، بعض المقولات التي تؤكد أيضا على أن الكثير من الهجرات السامية نزحت إلى إفريقيا عبر الحبشة التي تعتبر لغتها "الأمهرية"، وعبر أريتيريا التي تعتبر لغتها "السواحلية" لغاتٍ متأثرة جدا باللغة العربية بسبب الشراكة في الجذور العرقية، إن لم تكن بمثابة لهجات عربية بشكل من الأشكال (!!)لا بل تساؤلت أيضا عما إذا كان هؤلاء "الجهلة" يعرفون أن الملك "مينا" مُوَحِّد القطرين، الذي يعتبر لدى المصريين قديمهم وحديثهم أهم رمز من رموز إنشاء الدولة المصرية بعد ما وَحَّدَ قطرَها الجنوبي العربي بنسبة 100%، وقطرَها الشمالي بنسبة 75% في قطر واحد، مادامت الأصول العربية الواحدة تجمع الجميع.. أقول.. تساءلت عما إذا كانوا يعلمون أن "مينا" هذا هو سليل إحدى الهجرات السامية التي قَدِمَت إلى مصر في واحدة من هجرات القرن الخامس والثلاثين قبل الميلاد (!!)ثم رأيتني أتساءل عما إذا كان هؤلاء يعلمون أن العرب المسلمين "المحتلين" (!!) عندما توجهوا شرقا ففتحوا آسيا، لم يتمكنوا من تعريب شعوبها، لأنها كانت شعوبا مختلفة عنهم ثقافات ولغات وتقاليد.. إلخ، وقصارى ما تمكنوا من التأثير به عليهم هو "الخط العربي" الذي اقتبسته تلك الشعوب لتكتب بها لغاتها التي لم تكن تكتب.. بينما تمكن هؤلاء المحتلون" (!!) عندما اتجهوا غربا عبر الشمال الإفريقي بدءا من مصر وانتهاء بالمغرب، من أن يستنهضوا في شعوب وأمم تلك الأقاليم التي كانت شعوبها تعرف بأنها أمازيغية، عروبتهم القديمة الكامنة في أعماق مكوناتهم وجيناتهم وحاضر ثقافاتهم الموروثة من أجدادهم الساميين العرب، فلم يكونوا بحاجة إلى شيء كثير ليستعيدوا كامل عروبتهم بهذا "الاحتلال" (!!)لست أدري ما الذي يريده هؤلاء على وجه التحديد (؟!)هل البضعة آلاف من العرب القادمين من الجزيرة العربية مع موجات "الاحتلال الإسلامي" وبعدها ليستقروا في مصر هم وأحفادهم، هم الذين يشكلون اليوم مكونات الشعب المصري البشرية، أم أن هذا الشعب يتكون من أحفاد أجداده الذين سبق معظمهم قدوم هؤلاء الغزاة الفاتحين "المحتلين"، وأن هؤلاء المحتلين يمثلون أقلية مهما كثرت، ليس من شأنها أن تغير ثقافة شعب عريق كالشعب المصري، ولا أن تفرض عليه لغتها، لولا أنه استعاد عروبته واستعاد جذوره وجسدها من جديد في "مصر العربية المسلمة" من خلال ظاهرة "الاحتلال العربية الإسلامية" هذه (؟!)هل فعلت تلك الآلاف المعدودة من العرب "الغزاة المحتلين" بالمليونين من أهل مصر الذين كانوا يقيمون في مصر وقت حدوث ذلك الاحتلال، مثل ما فعل الأوربيون بالهنود الحمر، فأبادوهم وحلوا مكانهم، وغيبوا ثقافتهم، وفرضو عليهم تراثهم، ولغتهم، لتكون اللغة العربية في مصر هي "لغة المحتل العربي"، مثلما أن اللغة الإنجليزية في الولايات المتحدة الأميركية هي "لغة المحتل الأوربي" على أنقاض صاحب البلاد الهندي الأصلي (؟!)ما الذي يريده هؤلاء، وما الذي يفكرون فيه (؟!)أترك الإجابة لكم (!!)الحالة الثانية:بعد تنصيب المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر يوم الأحد 8 حزيران/يونية 2014، لفت انتباهي أمر غاية في الغرابة، ورغم غرابته لم يعلق عليه أحد حتى الآن، لا من المصريين ولا من غير المصريين، وهو أمر أثار دهشتي فعلا. ففي قناة "التحرير" الفضائية، تقدِّم الإعلامية الشهيرة صاحبة الصيت اللامع "مها بهنسي" برنامجا بعنوان "الرئيس السابع"، وتقصد به "عبد الفتاح السيسي" بطبيعة الحال (!!)وفي الأحاديث والتعليقات على الحدث منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، سواء في الإعلام المكتوب "الصحافة"، أو في الإعلام المرئي "التلفزيون"، لا أسمع سوى عبارة "الرئيس السابع"، مرفقة في أي حديث عن "الرئيس السيسي" (!!)لفتت انتباهي هذه الصيغة الغريبة في التعبير، والتي لم يسبق المصريين إليها أحد، ولا أظن أن أحدا سيتبعهم فيها خارج دائرة الحديث عنها لمرة واحدة تذكيرا بترتيب الرئيس الحالي في قائمة الرؤساء الذي مروا بدولة ما، دون أن تصبح صفة للرئيس بأنه الرئيس رقم "كذا".. أقول.. لفتت انتباهي هذه الصيغة، فوجدتني أُسْتَدْرَج لتعداد الرؤساء المصريين لأجد أنهم ليسوا "7" بل "8"، فكيف يقال بأن الرئيس السيسي هو الرئيس السابع (؟!)وهؤلاء الرؤساء الثمانية هم: "محمد نجيب" أول رئيس لمصر بعد العهد الملكي، ثم "جمال عبد الناصر"، ثم "محمد أنور السادات"، ثم "رئيس المحكمة الدستورية" الذي استلم الحكم كرئيس مؤقت بعد اغتيال السادات إلى حين استلام الرئيس الجديد "محمد حسني مبارك"، الذي كان هو الرئيس الخامس، ثم تلاه الرئيس "محمد مرسي"، وبعد عزل مرسي استلم "عدلي منصور" رئاسة الجمهورية بصفته رئيسا مؤقتا، ليأتي السيسي كرئيس ثامن (!!)فكيف تمت الحسبة حتى يقال بأن السيسي هو الرئيس السابع (؟!)قلت لنفسي: ربما أنهم لم يحتسبوا الرؤساء المؤقتين مع أن عدم احتسابهم ليس له معنى، فهؤلاء رؤساء بكل معنى الكلمة. ومع ذلك، وإذا لم يحتسبا فإن عدد الرؤساء سيكون "6"، وليس "7"، والسيسي سيكون هو "الرئيس "السادس" وليس السابع (!!)فأين تكمن الفكرة الخطيرة التي يتم التأسيس لها في اللاوعي الجمعي للمصريين دون أن ينتبهوا، ودون أن ينبههم إلى ذلك أحد (؟!)رؤساء مصر بدون الرؤساء المؤقتين "6" فقط، سادسهم السيسي، ورؤساء مصر بمؤقتيهم "8" والسيسي ثامنهم، والمجلس العسكري ليس رئيسا حتى يُحتسب، فيصبحون به "9" وليس حتى "8"، فما السر (؟!)تفكَّكَت المعضلة بكل المؤامرة الثقافية الخبيثة التي تقف وراءها عندما قرأت في صحيفة مصرية مقالا بعنوان:"الرئيس السيسي الرئيس السابع لمصر، وثاني الرؤساء المنتخبين انتخابا ديمقراطيا" (!!)وعدت إلى الحسبة والمراجعة من جديد:"محمد نجيب" لم ينتخب، "جمال عبد الناصر" لم ينتخب، "أنور السادات" لم ينتخب، "خلفه المؤقت رئيس المحكمة الدستورية" لم ينتخب، "مبارك" ربما يعتبر قد انتخب رغم كل اللغط حول مشروعية انتخابه، "محمد مرسي" منتخب ولا خلال ببن اثنين حول مشروعية انتخابه، "عدلي منصور المؤقت لم ينتخب"، "عبد الفتاح السيسي" منتخب رغم كل الظروف المحاطة بالعملية كلها (!!)دعونا نفترض أن هناك ثلاثة رؤساء منتخبين وخمسة غير منتخبين، فكيف يكون السيسي سابع رئيس، وثاني رئيس منتخب (؟!)
وهكذا ثبتت الرؤية، فالرئيس الوحيد الذي لا تريد الثقافة الانقلابية أن تعترف به وبشرعيته وبشرعية كل العملية الانتخابية التي أوصلته إلى السلطة هو الرئيس "مرسي"، لأن أحدا لا يستطيع أن يقنعني يأن صحافة الفلول، وإعلاميي سوزان مبارك، يعتبرون "مبارك" هو ذلك الرئيس المستثنى، من الشرعية الانتخابية ويمنحونها لمرسي الإخواني الإرهابي (!!)يبقى السؤال التاليي"لماذا هذا الشطب للرئيس الأول المنتخب، هل هو شطب للثورة التي أوصلته من الذاكرة، أم هو شطب للفئة التي يمثلها، أم هو شطب للاثنتين معا (؟!)ما يفعله هؤلاء بأكثر الرؤساء المصريين اتفاقا على شرعية رئاسته ووصوله إلى السلطة، من ترسيخ لعملية حذف وجوده أصلا من الذاكرة الجمعية للشعب المصري على هذا النحو المريب والسفيه، لم تفعله روما بنيرون، ولا ألمانيا بهتلر، ولا إيطاليا بموسوليني، ولا إسبانيا بفرانكو، فهؤلاء القادة المجرمون الفاشستيون المدمرون ما يزالون وسيبقون رغم كل طغيانهم، جزءا لا يتجزأ من تاريخ شعوبهم، ومن الذاكرة الجمعية لأممهم، حتى وهي تلعنهم (!!)كم أؤمن بمحمد رسولا ونبيا للعالمين، لكني لا أستطيع أن أنكر أن عمه "أبا لهب"، وأن عدوه المتغطرس المتعجرف الألد "أبا الحكم"، وأن قتلاه في بدر "الوليد بن عتبة"، و"عتبة وشبية ابني ربيعة"، جزء لا يتجزأ من ذاكرتي العربية (!!)ما أخطر ما ينفتح عنه المشهد المصري إن استمر سفهاء مصر في تَصَدُّر مشهده الثقافي والإعلامي، دون أن يتصدى لهم حكماؤها وعقلاؤها وأبناؤها الحقيقيون (!!)