كيف تستعدُّ لموسم الامتحانات؟
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
د.سمير يونس
أستاذ المناهج وأساليب التربية الاسلامية المساعد
د.سمير يونس
مع اقتراب موسم الامتحانات تشتدّ حدة التوتر والخوف لدى الطلاب وأولياء الأمور في البيوت، من جرّاء الضغوط النفسية التي يعانيها أبناؤنا وبناتنا.. وهذه الأجواء تثير كثيراً من الأسئلة حول كيفية الاستعداد والتهيؤ للامتحانات، وعن أفضل الطرق للاستذكار والمراجعة، والوصايا والنصائح التي تأخذ بيد أولادنا إلى النجاح والتفوق.
ومن خلال سطور هذا المقال وما يليه من مقالات سأحاول بمشيئة الله الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، والتي وصلتني من خلال رسائل القراء عبر البريد الإلكتروني.
وفي هذا المقال سوف أكتفي بالإجابة عن سؤال واحد مهم، طرحه قراء كثيرون، وهو:
كيف يبدأ الطالب استعداده لموسم الامتحانات؟
وللإجابة عن هذا السؤال أقول:
لكي يبدأ الطالب استعداده للامتحانات يجب الأخذ بوسائل أربع على الأقل هي:
1 إحسان التوكل على الله
فلا تعتمد عزيزي الطالب على زميل يساعدك، ولا على وسيلة أخرى غير مشروعة تعرضك للخطر وارتكاب معصية الله، بل اعتمد على ربك بعد أخذك بجميع الأسباب، مستشعراً قوله تعالى: ومن يتوكل على الله فهو حسبه (الطلاق:3).
مازلت أذكر عندما كنت طالباً في الكلية، وقدمت بعد مرض دام ثلاثة أسابيع، ففوجئت باختبار في التاريخ الإسلامي يوم أن قدمت للكلية بعد المرض، وعرض عليَّ بعض المتعاطفين أن أجلس بجوارهم ليساعدوني على حد قولهم فرفضت، وقلت سآخذ بما يتيسر لي من أسباب، وأراجع الساعة الباقية هذا المقرر، وأتوكل على الله تعالى، وبالفعل حصلت على أعلى درجة في هذا الاختبار بتوفيق الله تعالى.
2 الإكثار من الدعاء
فقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يوقن بالنصر والتوفيق والنجاح، ومع ذلك كان يُلحُّ في الدعاء، لأنه فقه دعوة ربه سبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم (غافر:60)، وقوله سبحانه: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون 186 (البقرة). ومن هدي رسولنا صلى الله عليه وسلم قوله: "إن الله يحب العبد المِلْحاح"، لذا فقد رأيناه يوم غزوة بدر يجتهد في الدعاء، حتى أشفق عليه أصحابه رضي الله عنهم، برغم أن الله تعالى بشَّره بالنصر.
3 التقرب إلى الله تعالى
فقد يغفل كثير من الطلاب عن هذه الوسيلة المهمة، برغم أنها تعد من أعظم مفاتيح تحصيل العلم، فمن القرآن الكريم نتعلم أن ثمة علاقة بين التقوى وتحصيل العلم، قال تعالى: واتقوا الله ويعلمكم الله (البقرة:282).
ولما سُجن ابنُ تيمية في سجن القلعة بمصر، كان يرسل إلى أهله رسائل، ولقد جاء في إحدى رسائله أنه كان إذا استعصتْ عليه مسألة فقهية كان يسجد لله تعالى، ويلجأ إلى العبادة، فيمُنُّ الله عليه بمعرفة المسألة الفقهية، وييسرها عليه.
4 وضع خطة لاستذكار المقررات ومراجعتها
فأي عمل ناجح يؤكد أنه سُبق بتخطيط منظم متقن، ولقد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خير من يجيد التخطيط.. لقد رأيناه كذلك في الهجرة، حيث أعد الراحلة، واختار الصديق أبا بكر } صاحباً له في تلك الرحلة المباركة، وحدد من يزودهما بالطعام والأخبار وكل ما يحتاجون إليه، وكلف عليَّ بن أبي طالب كرم الله وجهه أن ينام مكانه، وأن يؤدي الأمانات إلى أهلها، ومن باب الأخذ بأسباب النجاة والتمويه على الأعداء سلك طريقه إلى جنوب مكة، حيث غار ثور، بدلاً من أن يتجه إلى المدينة المنورة صوب الشمال، حتى يموه على أعدائه، لأنهم يتوقعون هجرته إلى المدينة، ثم مكث في الغار ثلاثة أيام لا أقل ولا أكثر، لأنه لو قضى في الغار أقل من ثلاثة أيام فإنه يخشى أن يعثر عليه أعداؤه في حماس البحث عنه، ولو قضى أكثر من ثلاثة أيام فربما يتسرب الخبر إلى أعدائه...
إني لأحرص على تأصيل التخطيط، لما سمعته من أسئلة كثير من الطلاب، أولئك الذين ظنوا أنهم بالتواكل والعبادة دون أن يأخذوا بالأسباب والتخطيط سيحققون النجاح والتفوق، حتى قال لي أحدهم: والله إن المصحف لا يفارق جيبي حتى في الامتحانات، ومع ذلك لا أوفق!! فقلت له: هل تحرص على الاستذكار والمراجعة والأخذ بالأسباب؟ فقال لي: ألا تكفيني تلاوة القرآن ومصاحبة المصحف؟!!
والسؤال الآن هو: كيف يعد الطالب خطة يستعد بها للامتحانات؟
إن إعدادك عزيزي الطالب لهذه الخطة يمكن أن يسير في الخطوات التالية:
1 حدد أهداف خطتك أولاً، وكن طموحاً في أهدافك، واثقاً بربك ثم بنفسك وقدراتك، فليس الفائقون دراسياً بأفضل منك.. لماذا تقنع تجديد هدفك بأن تنجح فقط؟ فبدلاً من أن تجعل هدفك النجاح ب60% ارفع هدفك إلى أعلى من ذلك، وأحسن التوكل على الله بعد أخذك بكل الأسباب.
2 حدد عدد المقررات الدراسية التي ستُمْتَحَنُ فيها، ثم قسِّم الأيام المتبقية على بدء الامتحانات على هذه المقررات، مع مراعاة الأهمية النسبية لكل مقرر، حسب حجمه، وصعوبته، ودرجاته.
3 قسم كل يوم وليلة إلى ثلاثة أقسام كما يلي:
أ القسم الأول: 6 8 ساعات للنوم.
ب القسم الثاني: 6 8 ساعات لتناول الطعام وممارسة الرياضة، والجلوس مع الأسرة أو الأقارب والأصدقاء، أو التنزه أو حالات الطوارئ، كقدوم ضيوف للأسرة أو مناسبة سعيدة أو غير ذلك.
ج القسم الثالث: 6 8 ساعات للاستذكار والمراجعة، وهي تقبل الزيادة، حسب قدراتك على التركيز والاستيعاب، وحسب الوقت المتوافر من القسم الثاني، وليس من القسم الثالث المخصص للنوم، لما للنوم من أثر كبير في التركيز والاستيعاب.
وتجب الإشارة هنا إلى أن طلابنا أحياناً تفرض عليهم ظروف طارئة تعصف ببعض أوقاتهم، كاستقبال ضيوف، أو مناسبة سارة، أو مؤلمة، فيجب أن نعالج ذلك حسب معطيات الموقف، أو على الأقل نوفر لهم ما يمكنهم من تعويض هذه الأوقات في الأيام التالية لهذه الطوارئ.
4 احرص على أن تعد جدولاً للاستذكار والمراجعة، بحيث يحصل كل مقرر على نصيبه من الوقت موزعاً على يومين في الأسبوع، أو ثلاثة حسب عدد المقررات، متجنباً مذاكرة مادتين متشابهتين على التوالي، تفادياً للنسيان والتداخل، ومراعياً أن تبدأ بالمقرر الأسهل أو الذي تحبه.
5 احرص على تنفيذ خطتك ومتابعتها وتقويمها كما وضعتها، فإن فاتك شيء من المراجعة أو الاستذكار حاول أن تعوض ذلك في وقت لاحق كما ذكرت آنفاً، شريطة ألا يكون ذلك مستقطعاً من ساعات نومك.
وثمة أسئلة أخرى ترتبط بالامتحانات، من أهمها: كيف نتعامل مع الخوف والقلق والضغوط النفسية في شهر الامتحانات؟ وما دور الأسرة في تهيئة أولادها للتفوق والنجاح؟ وما أهم النصائح التي يؤدي الأخذ بها إلى التفوق؟ وما أفضل وقت للمذاكرة؟ أبالليل أم بالنهار؟ وكيف نتعامل مع الأرق وعدم النوم في أيام الامتحانات؟ وكيف يتعامل الطالب مع أسئلة الامتحانات؟
هذه الأسئلة سوف أجيب عنها في المقالات التالية بمشيئة الله تعالى.