تركيا والإسلام آخر تحديث:الجمعة ,02/01/2009
صالح الخريبي
في الستينات من القرن السابع عشر، ظهر في الامبراطورية العثمانية دجال يهودي يدعى “شبطاي سيفي”، زعم أنه المسيح المنتظر ودعا الناس إلى الإيمان به. استقبله الناس بالسخرية بالطبع، ولكن فتاة بولندية جميلة كانت تطمح للشهرة أعطت زخما لدعواه، عندما أعلنت أن هاتفاً جاءها في المنام، وقال لها، فيما يشبه الرؤيا، إنه صادق في دعواه، وينبغي على الناس الإيمان به، وأضافت: ان الهاتف قال لها إن “شبطاي سيفي” سيتزوجها.
وشعر هذا الدجال بأن الفرصة سنحت له لإعطاء مصداقية لمزاعمه، أمام الناس، فهذه فتاة بولندية لا تعرفه ولا يعرفها تعترف بأنه المسيح المنتظر، وتقول إن هاتفاً جاء في المنام يبلغها بذلك، وكل ما هو مطلوب منه، لكي “تصدق الرؤيا”، هو أن يتزوجها، ولذلك سارع إلى الزواج منها، وبدأ يطوف معها أرجاء الامبراطورية العثمانية لنشر “دعوته”.
وبلغ خبره السلطان العثماني محمد الرابع، فأرسل في طلبه، وقال له: “نحن نعرف أن السيد المسيح عليه السلام أحيا الموتى، بإذن الله، وسأحضر لك الآن رجلا، وأقطع رأسه أمامك، وأطالبك بإعادته إلى الحياة، فإذا فعلت، فإنني سأكون من أكبر المؤمنين بك، وإذا لم تفعل، فإنني سأقطع رأسك مثله، ولكنني أقول لك إن باب التوبة مفتوح أمامك”.
وانتفض “شبطاي سيفي” بجزع، وشعر بأن نهايته أصبحت وشيكة، فقال للخليفة: “لقد كانت الروح المقدسة تحل في جسدي حتى هذه اللحظة، ولكنها تركتني الآن وصعدت إلى السماء، و”شبطاي سيفي” الذي يقف أمامكم الآن مجرد رجل عادي لا يستطيع أن يفعل إلا ما يفعله الناس العاديون، واني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله”.
وضحك الخليفة وعفا عنه، وأرسل “شبطاي سيفي” رسائل إلى أتباعه يبلغهم فيها أن المعجزة غادرت جسده، ولكنه زودهم بتعليمات سرية بالاستمرار على النهج الذي سنه لهم، باعتبار أن هذا النهج صدر عندما كانت المعجزة تسكنه، وقد عرف هؤلاء في ما بعد باسم “يهود الدونما”.
والنهج الذي وضعه هذا الدجال لأتباعه غريب بالفعل، فقد أحل لهم الكثير من المحرمات، وطالبهم بالتستر وراء أسماء إسلامية لكي لا تتكشف حقيقتهم، ولذلك فإنهم كانوا دائما “طابوراً خامساً” بين المسلمين الأتراك، والدور الذي قاموا به، منذ اغتصاب فلسطين لا يختلف عن الدور الذي يقوم به اللوبي “الإسرائيلي” في الولايات المتحدة. ونحن إذ نتابع النشاط الذي تقوم به تركيا في الشرق الأوسط منذ فترة ينبغي ألا نقلل من أهميته، إذ إنه إشارة إلى تراجع دور “يهود الدونما” إلى حد كبير، وهذا الأمر بالقياس لا يقل أهمية عن تراجع دور اللوبي “الإسرائيلي” في الولايات المتحدة.