اليهودية عقيدة عداء للجنس البشري!


جواد البشيتي

بكل معايير ومقاييس التطور والتقدم (الحضاري والأخلاقي والثقافي والعلمي والديمقراطي..) للبشر، وفي القرن الحادي والعشرين على وجه الخصوص، ليس ثمة ما هو أسوأ من أن يكون الإنسان يهوديا، ملتزما (قولا وعملا، فكرا وممارسة) العقيدة اليهودية (التوراتية التلمودية). وليس ثمة ما هو أسوأ من أن يكون التزامه هذا التزاما صهيونيا، أي في طريقة صهيونية، ومن الوجهة السياسية على وجه الخصوص.
إن اليهودية، بما تبنته وانتحلته وأنشأته وطورته من أساطير وخرافات، وبما استحدثته وأبدعته من مفاهيم وتصورات وأفكار، هي عقيدة العداء للجنس البشري برمته، وإن خَصَّت، في طورها الصهيوني، الفلسطيني والعربي بحصة الأسد من هذا العداء; فهي، والحق يقال، 3000 سنة من العداء والكراهية لـ"الأغيار"، أي لكل إنسان أسبغ الله عليه نعمة أن يكون غير يهودي.
لست بـ"مثالي"، في فكري وتفكيري، حتى أؤمن بوهم أن الفكرة اليهودية، أي التوراة والتلمود، هي التي خلقت اليهودي، والجماعة اليهودية، والمجتمع اليهودي، وجعلته نسخة منها، أو نسختها الواقعية (الاجتماعية والتاريخية).
ولست بـ"مادي" من نمط أولئك الماديين الذين لا يقيمون وزنا للفكر في صنع التاريخ، الذي، على ما أؤمن، لا يمكن فهمه وتفسيره إلا على أنه ثمرة التفاعل بين "الموضوع" و"الذات"، وإنْ كان "الوجود الاجتماعي" هو الذي يحدِّد "الوعي الاجتماعي"، على وجه العموم، ومن حيث المبدأ والأساس.
لقد خلقت تلك الجماعة البدوية القديمة، أي العبرانيون، أو بنو إسرائيل، فكرها، أي الفكر اليهودي، بما يوافق (على وجه العموم، ومن حيث الأساس) واقعها الاجتماعي التاريخي، قبل أن يشرع هو يعيد، ويجدد، خلق المتفرعين منها (بالدين، بعد انقراضها، دما وعرقا) بما يوافقه.
التاريخ لم يعرف جماعة بشرية قديمة، وجدت قبل 3000 سنة، اتحدت بالدم، أي كانت على هيئة عشيرة أو قبيلة، فظهرت (بعدما بادت عرقا) في أجناس بشرية مختلفة، وفي عشرات الدول; ينتمي أفرادها إلى عشرات الشعوب والقوميات، ويتحدثون بلغات تلك الشعوب والقوميات، ويشتركون معها في العادات والتاريخ، ولم يبقَ من جامع يجمعها إلا تلك الديانة، التي إنْ لم يناصبها العالم عداء يفوق كثيرا عداءه للنازية والفاشية يغدو معاديا لنفسه، لقيمه ومبادئه الحضارية والإنسانية والديمقراطية، ولمصالحه.
كانوا قوما رحَّل، لا يعرفون شيئا من حضارة الأمم القديمة، والمجاورة لهم، يعيشون في الحرب، وبالحرب; وكانوا، من فرط حرصهم على البقاء بمنأى عن مخاطر الانصهار والاندماج والانحلال في الأمم الحضارية الوثنية، في حاجة إلى ثقافة قتالية لا تعدلها ثقافة لجهة وحشيتها، وعدائها لكل البشر من غير اليهود، أي للبشرية كافة; ولقد اخترعوا لهم إلها (يهوه) على مثالهم (الاجتماعي والتاريخي) فـ"هوَّدوا" السماء قبل، ومن أجل، أن يشرعوا "يهوِّدوا" الأرض، أرض غيرهم، أي فلسطين، التي صوروها، في أوهامهم التلمودية، على أنها أرض الميعاد.
انظروا إلى "الصورة" في "مرآتهم السماوية"، فليس "يهوه" إلا اليهودي، واقعا اجتماعيا وتاريخيا، في صورته المثالية الإلهية.
"يهوه"، أي اليهودي الواقعي; ولكن على صورة إله، هو رب الجنود (من بني إسرائيل)، يتقدمهم، ويقودهم، في حروبهم ضد الأغيار، وضد الأغيار القدماء، على وجه الخصوص، أي ضد الحثيين والجرجاشيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحوريين واليبوسيين.
هو اليهودي البطاش، الغاضب، الظالم، القاسي، الحقود، المنتقم، المتعطش إلى الدم غير اليهودي، المتوحش، والذي بصفة كونه إلها لهم، لا يصلح إلا لهم، يأمرهم بالاستيلاء على أراضي غيرهم، وبحرق مدنهم ومزارعهم، والسطو على ممتلكاتهم، وبقتل حتى الرضع والأطفال والنساء والشيوخ منهم، وبإبادة أبقارهم وغنمهم وحميرهم; وينهاهم عن الاختلاط بغيرهم، وعن حفظ العهود والمواثيق مع غيرهم.. "لا تقطع لهم عهدا، ولا تشفق عليهم".
إنه إله يحسده إبليس على شره المطلق; وليس له من شبيه بين آلهة الإغريق والرومان، فهو الإله الذي حل في جماعة بني إسرائيل، يوحي إليها أن ترتكب الجرائم (المباركة المقدسة) في حق غير اليهود; وهو الذي اختار واشتهى "صهيون"، أي القدس، مسكنا ومقرا (وعاصمة) له، ومعبدا لا يرضى أن يُعْبَد في غيره!
ولقد ألهمهم فجورهم، وحضهم على الاغتصاب والسرقة والسطو، فممتلكات وخيرات غير اليهود هي لليهود، لـ"شعبه المختار"; وهي، قبل أن يضع اليهودي يده عليها، وتصبح، بالتالي، ملكا شرعيا له، لا صاحب، ولا مالك لها.
وفي شرحهم لـ"القيم الأخلاقية اليهودية"، وتباهيهم بها، قال ممثلو أوهام "العهد القديم" إن خيرات الأرض لليهود، وإن كل ما في أيدي الناس ملك لهم، فلو لم يخلق الله اليهود لانعدمت البركة من الأرض، ولما استطاع الناس الحياة، وإن "يهوه" قد سلط شعبه على أموال غير اليهود ودمائهم، فلليهودي حق سرقة الأجنبي، وغشه، وأخذ ماله بالربا الفاحش.
حتى الوصية "لا تقتل" فسروها على أنها تحريم لسفح دم اليهودي على يدي يهودي.
إن العقائد والأفكار يتلاشى ويضمحل نفوذها وتأثيرها في عقول وقلوب معتنقيها، وقد تموت، إذا لم تمدها حاجاتهم ومصالحهم الواقعية، وضرورات عيشهم، بأسباب البقاء والحياة; ويكفي أن تظل أوهام "العهد القديم" حية قوية في عقول وقلوب "الإسرائيليين" الجدد، تتحكم فيهم، وكأنها "غريزة" تخصهم وحدهم، حتى نستنتج أن لهؤلاء من الحاجات والمصالح الواقعية (أي غير الوهمية) ومن ضرورات العيش والبقاء ما يكفي لشحن، وللاستمرار في شحن، بطارية أوهام "العهد القديم" بمزيد، ومزيد، من الطاقة; ويكفي أن تظل تلك الأوهام على قيد الحياة حتى تبدو النازية قطرة في بحر الوحشية التلمودية.