زراعة البلاستيك

--------------------------------------------------------------------------------

اكتشف العلماء الأمريكيون جينا يؤدى إلى إنتاج أنواع جديدة من البلاستيك في خلايا النبات، مما ينبئ بحدوث نقلة نوعية مستقبلية في هذا المجال الصناعي الخصب. كما يتوقع أن يؤدى هذا الكشف إلى تحويل نباتات المحاصيل إلى مصانع حية لإنتاج البلاستيك، بالإضافة لما تقوم به من إنتاج للغذاء و للدواء و للكساء.



و كان فريق من العلماء بقيادة "كلينت تشابل" أستاذ الكيمياء الحيويّة في جامعة "بوردو" و بالتعاون مع العالم "نت ماير" من شركة "دباونت"، قد نجح في عزل جين من نبات "أرابيدوبسيس ثاليانا" Arabidopsis thaliana الذي ينتمي إلى عائلة الصليبيات، ثم قام الفريق العلمى باستنساخ هذا الجين الذي يؤدى لتكوين بعض الجزيئات البادئة التي تعتبر "لبنات البناء" اللازمة لتكوين البلاستيك؛ و التي تعرف علميا باسم مونوميرات Monomers.
و ينتج البلاستيك حاليًّا من النفط الحفري، عن طريق تكوين سلاسل كيميائية معقدة تعرف بالبوليمرات Polymers ، التي تتكون من الجزيئات الفرديّة التي تسمى "مونوميرات". و لكنّ الاكتشاف الحديث يؤدى لإنتاج هذه الموادّ في نباتات محاصيل مثل الحبوب أو فول الصويا، كما يسمح بإمكانيّة تحوير النّباتات لإنتاج البلاستيك المعروف حاليا ولإنتاج أنواع أخرى جديدة لم نر مثيلا لها من قبل.
و من جهته، يقول "تشابل": أن النّباتات أكثر مهارة من البترول في إنتاج البلاستيك، كما أنها تعتبر مصانع حية للمواد الكيميائيّة الرائعة، و تنتج عددا مدهشا من الموادّ الكيميائيّة الممتعة. و يمكننا أن نستغلّ تلك القدرة للنباتات لإنتاج البلاستيك عن طريق التعرّف على الجينات المطلوّبة لعمل تلك المركّبات باستخدام معلومات الجينوم النباتي؛ و لقد استنسخنا بالفعل الجين الذي ينتج أنزيما يلعب دورا هاما في إنتاج البلاستيك، و سيتم إيلاج هذا الجين في نباتات المحاصيل باستعمال التّكنولوجيا الحيويّة.
و أكد "شابل" على أن هذا الجين المكتشف سيسمح للنباتات أن تنتج البلاستيك في خلاياها، بدون أي تأثير يذكر على صحّة النباتات. كما قال: أن إمدادات النفط الخام محدودة و غالية الثمن، على العكس من النباتات الحية المتجددة التي لديها لحسن الحظ طرقا لإنتاج و تخزين كمّيّات كبيرة من المركّبات التي تحميها من الحشرات و الأمراض و الأشعة فوق البنفسجيّة.
و بالفعل يخزن النبات العديد من الجزيئات على هيئة أشكال ذائبة و ثابتة لمركّبات معقدة التركيب داخل الفجوات العصارية الصّغيرة الموجودة في خلاياه، حيث يتم عزلها عن باقي العمليّات الكيميائيّة الحيويّة التي تتم داخل خلايا النبات.
المصانع النباتية
جاء هذا البحث كجزء من مشروع "المصانع النباتية" لشركة "دباونت" المهتمةّ بعمل أنواع جديدة من البلاستيك، و النايلون و المنتجات الأخرى من الميكروبات و من نباتات المحاصيل.
و يقول " تشابل": يجب أن نفكر قليلاً بطريقة خلاقة، إننا قد نستعمل "البوليإثيلن" في المستقبل لعمل بعض أنواع البلاستيك، لكننا قد تكون لنا القدرة مستقبلا على تطويّر بلاستيك ذو صفات خاصّة جديدة باستخدام النباتات. و ربّما يكون المنتج الجديد نوعا من البلاستيك الذي يصلح للاستعمال في صمامات القلب الصّناعيّ أو في الأجزاء لطائرة نّفّاثة مثلا. و انه من المثير جدًّا التّفكير في ماذا قد يكون ممكنا في المستقبل بعد نجاح هذا البحث.
و من جهته، يقول "ماير": أنّ شّركة "دباونت" التي تنتج البلاستيك و النايلون و المنتجات المتّصلة به، تبحث باستمرار عن "المونوميرات" الجديدة لبناء أنواع من حديثة من البلاستيك، و لكنّ بعض "المونوميرات" يصعب إنتاجها من البترول باستعمال الكيمياء التقليديّة، و لذا ننظر بعين التفاؤل إلى "المونوميرات" الجديدة المنتجة في النّباتات، و يساعدنا عمل الدّكتور "تشابل" على إيلاج الجينات المكونة لهؤلاء "المونوميرات" في النّباتات، كما يساعدنا على إنتاجها بمستويات عالية.
ثم يضيف: شركة "دباونت" في طريقها لإنتاج "المونوميرات" باستخدام الميكروبات و النباتات المعدلة وراثيًّا، فعلى سبيل المثال، لدى "دباونت" مشروع أوشك على الانتهاء يسعى لاستخدام الجراثيم مثل بكتريا القولون (البراز) المعروفة بـ إ. كولي لإنتاج "المونومرات" المكونة لنوع من البلاستيك يستعمل كألياف لصناعة السّجّاد، و لكن النّباتات تعتبر مصانع كيميائيّة جذّابة للغاية لرخص أسعارها، و لأنها تحصل على الغذاء المجاني من الطبيعة كثاني أكسيد الكربون و ضوء الشّمس و الماء، أما في حالة استخدام الميكروبات لهذا الغرض يجب أن يتوفر رأس مال كبير لبناء المصانع لتغذية الميكروبات التي تنتج البلاستيك.
جدير بالذكر أن هذا الكشف يعد أهم ما تمخض عنه فك الجينوم البشرى لنبات "أرابيدوبسيس ثالايانا"، و كان العلماء قد توصلوا لرسم خريطة جينية كاملة لهذا النبات في أوائل شهر ديسمبر من العام الماضي، ولقد نشرت مجلة "نيتشر" العلمية الخبر على واجهة عددها الصادر يوم 14 ديسمبر 2000، و ذلك بعد عام حفل بعدد كبير من الأبحاث حول هذا النبات، والتي وصل عددها إلى 1700 بحثا علميا قبل نشر الخريطة الوراثية الكاملة للنبات في نهاية العام المنصرم.
كما تجدر الإشارة بأن العالم "تشابل" الذي قاد البحث الأخير قد حصل على جائزة من مدرسة الزراعة في جامعة "بردو" لهذا العام (2001) عرفانا بدوره الكبير في هذا الاكتشاف المثير، كما حصل على براءة اختراع تضمنت شرح عملي مفصل يظهر قدرة الجين المكتشف على إنتاج "المونوميرات" اللازمة لإنتاج البلاستيك داخل خلايا النبات.

منقول
__________________