* تساؤلات حول القصص الشاعرة







منطلقاً من التواصل و فتحاً لتنشيط الذاكرة الإبداعية نفتح ملف هذه الأسئلة و أجوبتها و نتعرض لعدد من النماذج:


س : هل هناك فرق بين القصة الشاعرة وشعر التفعيلة؟


ج : مؤكد هناك فروق كثيرة سنكتفي حتى بالفروق الظاهرة جداً منها

- إن شعر التفعيلة تنتهي الدفقة الشعورية فيه بنهاية السطر الشعري، وقد يُسكَّن.. أما القصة الشاعرة لا تنتهي الدفقة الشعورية إلا بنهاية النص، ولا تسكين بين التفعيلات
- شعر التفعيلة لا يُشترط أن تضم القصيدة كل عناصر القصة القصيرة بينما في القصة الشاعرة لابد من وجود عناصر القصيدة وعناصر القصة وهذه العناصر يتمم كلا منها الآخر وكأنها متفاعلة تفاعلاً كيميائيا
- شعر التفعيلة يتم كتابته وتنسيقه أسفل بعضه (السطر الشعري) و لا يمكن أن تكتب القصيدة كاملة متجاورة الجمل وإلا سيحدث كسر عند نطق نهايات السطر الشعري الساكنة مثلاً، أما القصة الشاعرة يمكن أن تكتب الجمل متجاورة لا يفصلها سوى عدد من النقط (وهذه النقط لها مهام أخرى) فتأخذ الشكل القصصي، ويمكن أن تكتب أسفل بعضها ودون كسر فتأخذ شكل قصيدة التفعيلة
- شعر التفعيلة لا تبحث فيه عن السرد والزمان والمكان والعقد ولحظات التنوير وخلافه من مفردات قراءة القصة كاملة، بينما في القصة الشاعرة لابد من توافر تلك المفردات وغيرها
- شعر التفعيلة يكون الدافع للقصيدة حدث معاصر أو تجربة ولا يستدعي الماضي أو التراث إلا في إسقاطات وذكر أسماء أو أساطير وهكذا بغرض ما يقصده المبدع وقد تخلو القصيدة من ذلك، بينما في القصة الشاعرة لابد من استدعاء ما يتوافق في انفعالاته من الماضي مع ما يتوافق والحدث الحالي وبما يوحي بالحل الصريح في المستقبل
- شعر التفعيلة يُقرأُ وأنتَ تعلم أن هناك إيقاع ما ( التفعيلة +فونيمات الأصوات واختيار الحروف مثلاً )وليس كل الأفراد من متذوقي الشعر، بينما في القصة الشاعرة تشعر الإيقاع حتى لو لم تكن تعلم بوجود التفعيلة ولن تلحظ في القراءة الأولى للنص أن اختيارات الكلمات ذات الحروف المعينة والمخارج المعينة كلها كانت متعمدة من قِبل المبدع بل تأخذك أحداث النص لتفكر فيها وتعاود القراءة للأحداث كقصة قصيرة لتأخذك هذه الأحداث مع الإيقاع لتخرج أنت كمتلقي وتتصور رؤى تختلف عن رؤى الآخر وتصل بنفسك إلى الحل المحدد والمتوافق مع إحساساتك أنت الباطنية والعامة والمختلفة بالطبع عن الآخرين
والنص لابد أن يحتمل كل هذه الرؤى ودون إجهاد، ليس هنا النهاية المفتوحة، إنما حُدِّدت من القارئ وليس المبدع، وأيضا من داخل النص.
- شعر التفعيلة يكون الموضوع واحد أو أكثر وبين الموضوعات المختلفة في القصيدة الواحدة علاقات ودلالات بينما في القصة الشاعرة كل كلمة لها موضوع بعينه يختلف عن الآخر في الكلمة الأخرى جوهرياً وشكلاً يظهر الترتيب المنطقي للأحداث أو الموضوعات المختلفة هذه
و هذا في الشكل فقط وتتعدد حوله الرؤى

س : لماذا شرط و ضرورة الدوران الشعري في القصة الشاعرة؟

ج : أما بالنسبة للدوران الشعري (عدم التسكين) فإن ذلك لأسباب :-
1- لعدم انقطاع تواصل الدفقات والتصورات الناجمة عن النص لدى المتلقي
2- القصة الشاعرة في حد ذاتها سطر شعري واحد، أو بيت قصيد واحد يحتوي على عدد غير مقيد من التفعيلات و قافية وحيدة في نهاية النص، ولايجوز التسكين في حشو السطر ما لم يوجد جازم.
3- الدوران الشعري أحد عوامل التفريق بين القصة الشاعرة وما سبقها مثل القصة القصيدة (الشعر القصصي،التمثيلي، المسرح)
4- عدم التسكين يُظهر قدرة مبدع القصة الشاعرة على النفس الطويل موسيقيا بنفس قدرته شاعريا و قصصيا
5- الدوران الشعري أحد عوامل إمكانية كتابة نصوص القصص الشاعرة على هيئة قصيدة التفعيلة (جملاً أسفل بعضها) وكذلك على هيئة كتابة القصة القصيرة (جملاً متجاورة)
6- القصص الشاعرة جنس أدبي جديد له معاييره الأساسية التي لايمكن تغييرها وله معاييره التي يمكن فيها التخفيف، وكل جديد له معاييره
وهذا بعض من كل..


س : لكي نكتب قصة شاعرة .. هل يكفي أن تمتلك موهبة الشعر والقصّ؟


ج : القصة الشاعرة دافع جديد لإثارة ميزة الإبداع ،
ولابد أن يكون لدينا الرغبة في الكتابة بهذا الفن الكتابي ..
هل أُخبرك أن من كتبوا القصة الشاعرة عدة مرات وجدوها أسهل و أشمل ؟ حدث ذلك بالفعل

س : وهل للقصة الشاعرة حدود معينة تقف عندها "كالسياسة" المجتمع.....؟

ج : القصة الشاعرة يمكن أن تكتب في شتى المجالات ،
ويمكن أن يكون كتابها من مختلف الفئات العمرية .. ، ولم لا ؟
و القصة الشاعرة تستخدم في العلاج ..

س : وهل من الممكن أن نكتب قصة ساخرة ،شاعرة؟

ج : أكيد .. ، وهناك أحداث حياتية يومية لا يكون التعبير عنها إلا بإسلوب ساخر ،
وساخر جداً ، وطبيعي تكون القصص شاعرة جداً جداً

السؤال: ما مدى أهمية استخدام الصورة كعنصر مساعد للقصة الشاعرة؟ وهل برأيك هذا يضعف القصة أم يزيدها قوة أم أنه أمر اختياري ليس بذي أهمية؟

ج : الصورة.. نحن نعيش زمن ثقافة الصورة في كل المناحي الحياتية سواء كانت هذه الصورة من خلال الكلمات أو الرسم أو النحت أو التصوير الفوتوغرافي أو الصورة عبر الشاشة السينمائية أو التليفزيونية و حتى صور القص واللصق وخلافه..
المهم.. الصور في القصة شاعرة إحدى لزمات النص أما تحميل صورة بعينها لتفسير النص فهذا يرجع للمبدع ذاته في اختياره للصورة المُعبرة، وأياً كانت هذه الصورة فهي لابد أن تكون معبرة عن شيءٍ ما داخل النص أما النص ذاته فهو مشحون بالصور والرموز التي تستدعي أحداثاً وصوراً ذهنية وأخرى واقعية.
باختصار يُمكن اعتبار الصورة مثلاً اسم ديوان شعر.. هذا الديوان فيه عدد كبير من القصائد أما اسم الديوان قد يكون اسم قصيدة واحدة من الديوان أو اسم عام يعبر عن روح الديوان وفي الحالتين الاسم/الصورة جزء مُعبر،
والقصة الشاعرة من الطبيعي أن تتعامل مع كل الفنون الموجودة وكذلك العلوم والآداب ثم تنطلق نحو ما هو يميزها و يجعلها جنساً أدبياً قائماً جنباً إلى جنب مع الأجناس الأخرى.




س : لقد ذكرت لنا خصائص القصة الشاعرة

وقلت لا يمكن التسكين في الحشو لأن القصة الشاعرة تعتبر سطر شعري واحد.. ألا يمكنني التسكين بالمرة ؟؟؟؟
نريد التسكين في نهاية التفاعيل فقط
مثل :مستفعلن = مستفعلان ْ /فاعلاتن = فاعلتان ْ /متفاعلن = متفاعلانْ
ألا يجوز ذلك ؟؟؟التسكين ومن ثم التحريك يعطيه موسيقى أفضل من الدوران برأيي ؟؟ يا أخي محمد
حتى في القرآن يجب الوقوف إجباريا في نصف الاية والتسكين عند كلمة معينة مثلا ومن ثم المتابعة
وذلك من قواعد تجويد القرآن الكريم
لماذا في القصة الشاعرة لا يمكن ذلك ؟



ج : قال تعالى: ** ورتل القرآن ترتيلا } (المزمل:4)

عن علي رضي الله عنه قوله: "الترتيل: تجويد الحروف ومعرفة الوقوف"
والوقف أساسه المعنى، فمثلاً في قوله تعالى :** كل من عليها فان } (الرحمن:26) لا وقف حتى تقرأ: ** ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } (الرحمن:27)،فإن وقفت بين الآيتين وجب عليك أن تعود بالآية الأولى لتدخل بعدها في الثانية، وهذى من قواعد الوقف والابتداء.
وكذلك لا وقف في قوله تعالى: ** فويل للمصلين } (الماعون:4) وقوله تعالى: ** لا تقربوا الصلاة } (النساء:43) لما ينجم عن الوقف من فساد المعنى.
ويكون الوقف في وسط الآيات بشرط أن يكون المعنى منفصلاً في نصف الآية الأول عن المعنى في النصف الثاني، وهذا وقف اختياري، و بالتالي فإن الوقف الواجب ليس عاماً و إنما يخضع لأحكام التلاوة، و في جميع الأحوال.. الوقف هنا يخص النطق وليس الموقع الإعرابي، ففي الآيات قد يوقف في نهايتها نطقاً، و لكن الحركة الإعرابية موجودة.
و في القصص الشاعرة يمكنك الوقف نطقاً مع مراعاة المعنى، ولكن الحركة الإعرابية موجودة، ولابد من مراعاتها لاستقامة الوزن. وفي النطق حتى الشعري يمكنك الوقف نطقاً في أجزاء من البيت الشعري ولكن الحركة الإعرابية مازالت قائمة للتفاعيل. إذن الوقف بصفة عامة هو خاص بالنطق فقط وليس الكتابة مع مراعاة المعنى. وعلى ذلك فإن الوقف في حشو النص يخالف ماهية النص، و في القصص الشاعرة كل التفاعيل متصلة، فلا وقف أو انفصال إلا نطقاً، أما كتابةً فهذا يجوز في الكتابة باللهجات مثل العامية المصرية، النبطية،.. وذلك لأن الموقع الإعرابي هنا لا محل له لأنها لهجات ولن ينفصل المعنى..

وعلى كلٍّ.. هذه دعوة كي نتقن موهبتنا ونصقلها، أو قل نقرأ كثيراً قبل أن نكتب.. و في هذا فوائد كثيرة،

و كتابة القصة الشاعرة ربما تكون صعبة إلا على المبدعين الحقيقيين، وهذه أيضاً من عوامل الريادة في القصة الشاعرة
ــــــــــــــــــــــ


س : هل القصة الشاعرة يشترط لها أن تكون مبنية على اساس تفعيلة معينة من حيث العدد والقافية؟

ج : القصة الشاعرة لابد لها أن تبنى على تفعيلة.. أي تفعيلة و يُلتزم بها طوال النص، وبلا عدد معين تبعاً لاختلاف الدفقات و موضوعات النص
أما عن القافية فهي المتحرك بين الساكنين الأخيرين، ولعلك قصدتَ الروي..، والروي هو الحرف في نهاية البيت والمشترك في كل الأبيات، والقصة الشاعرة لا تعتمد على البيت الشعري.. إذن فهي لا تعني بالروي، وبالتالي فهي تعتمد على الدوران الشعري..

س : علمنا أن الدوران الشعري أحد شروط القصة الشاعرة..، إذن متى يكون التسكين جائزاً وفي أي الحالات؟

ج : يكون التسكين في القصص الشاعرة إذا كانت الصياغة بلهجات مثل العامية المصرية أو النبطية حيث أن هذا التسكين لا يُعدُّ خطأً لغوياً لأنها لهجات... هذا من ناحية اللغة، ومن ناحيةٍ أخرى فسيكون الوزن الموسيقي سليماً تبعاً لهذه اللهجة المكتوب بها النص، مع مراعاة توفر اشتراطات قصيدة التفعيلة والقصة القصيرة..

ما الفرق بين القصة الشاعرة ، و الشعرية/الشاعرية

ج: الشعرية / الشاعرية هي سمة تعني الإطار الأجمل بما يترك من أثر ..، وهذه السمة تطلق على أي لون كتابي أو تصرف به هذه السمة ..، فمثلاً نقول جلسة شاعرية ، حوار شعري ، مقالة شعرية ، لوحة شعرية، قصيدة شعرية ، قصة شعرية ، مسرحية شعرية .. ،

أما الشاعرة هي قصة قصيرة ، يُستخدم في كتابتها التفعيلة ، وتلتزم الدوران الشعري و الدوران القصصي معاً ..، هذا ببساطة جداً ، ويشترط فيها معالجتها لحدث من الواقع مستخدماً الرمزية والإسقاطات لأحداث يوحي النص بها من خلال تداعيات و دلالات وعلاقات ، ومواقع نحوية ، وغيرها من شروط كتابة القصيدة و القصة ، ومعايير حداثية أخرى

ما الفرق بين القصة الشاعرة ، والشعر القصصي /القصة القصيدة ، وتداخل الأجناس الأدبية؟

ج : تداخل الأجناس الأدبية ليس جديدا ، فهناك الشعر مثلاً يستفيد بالدراما منذ قديم الزمن ، وهناك الملاحم ، و أشعار أبي ربيعة ، و أحمد شوقي ، وغيرهم .. ، لكن مثل هذه النصوص ليس شرطاً أن تتضمن معايير القصة القصيرة (وخصوصاً أن القصة القصيرة فن حديث في القرن 19) .. ، وكذلك ليس شرطاً فيها الدوران الشعري (عدم التسكين) ، ولا يمكن كتابتها جملاً متجاورة دون حدوث خلل أو فقد في ماهية السطر الشعري ، وفي النهاية لا تستطيع ان تحكم عليها إلا أنها قصيدة ..

أما القصة الشاعرة تلتزم بالمعايير السابقة ، ويمكن أن تُقرأ على أنها قصة ، كما يمكن أن تقرأ على أنها قصيدة ، وفي واقع الأمر هي لا هذا و لا ذاك .. إنها قصة شاعرة


سؤال :- ذكرتم أن القصة الشاعرة تستخدم للعلاج .. كيف ذلك ؟

بالنسبة لسؤال العلاج بالقصة الشاعرة ، فلقد قدّمت بحوثاً ، و تم تجريبها، و مازلنا بحاجة إلى بحوث لكشف الجديد ، و إمكانية نشر الفكرة على أرض الواقع ، بحيثُ تتحرك هذه البحوث على أساسيات تتلخص في الآتي:-

1- بالاستفادة من إمكانية العلاج بالموسيقى ، و من ثَمَّ العلاج بالشعر (للحالات القابلة لذلك)

2- بالاستفادة من التماس بين علوم النفس والاجتماع و المخ والأعصاب من خلال العلاج بدون أدوية ، كالإيحاء والتنويم المغناطيسي مثلاً ، أو العلاج بالقرآن الكريم (وليس الأسحار و الدجل)

3- إضافة لدراسة إمكانية الاستفادة من اندماج بعض الأشخاص مع الحدث (السرد القصصي)
4- بالاستفادة من قراءة الرسوم قراءة أدبية

5- بالاستفادة من تأثير نوع الخط ،و لونه ، والموقع الإعرابي ، و نوع الورقة/شاشة العرض

6-بالاستفادة بالأثر المختلف لاختيار مفردة بعينها عن مفردة أخرى ترادفها أو تقترب منها ، او من نفس فصيلتها ، كأسماء العطور و الزهور

7- بالاستفادة من الحساسة العامة للمجتمع ، و من ثمّ الحساسة الخاصة للفرد

8- بالاستفادة من بعض الظروف الشخصية في الماضي للفرد ، وثقافته ، التي توازي في صورتها الذهنية حدثاً/أحداثاً في الحاضر لإمكانية اختيار نص القصة الشاعرة الذي يجعله مُهيئاً نفسياً لتصوّر المشكلة و كيفية حلها ذهنياً ، و من ثمّ إمكانية رسم مستقبل أفضل

9- يختلف نوع القصة الشاعرة المختارة باختلاف الأشخاص ، فتكون مكثفة ، أو بها قول على لسان البطل ، أو بها علاقات مألوفة/غير بين عناصرها ، وقد تكون منطقية الترتيب ، أو لانسقية ، وقد تُعرض مُرفق معها رسوم أم لا ، و مانوعية ذلك ، وهكذا .. ، ممّا يوجه لإثارة المصالحة الذهنية بين الفكر و الوجدان

10- بالاستفادة من الدوافع و النوازع ، والشعور ، والانفعال ، و وسائل الإدراك وأثر النصوص على الحساسة العامة

11- بالموافقة على إقامة مراكز تؤكد أن للإبداع خاصية الاقتصاد الصحي
وسوف تُنشر بعض البحوث التي تناولت ذلك إن شاء الله

س : هناك التفعيلة خاصة القصيدة، وأيضاً الرموز و الدلالات في الألفاظ ذاتها.. كيف قرأ مُبدعنا القدير بعض مفاتيح نصوصه ؟، وكيف كانت القصة القصيرة أحد عناصر القراءة لنص القصة الشاعرة؟ وكيف كانت القصة الشاعرة لكل مناحي الفكر و الوجدان من الأحداث و التصورات؟..
نرجو التطبيق



ج :أولاً التفعيلة هنا تُعامل معاملة المفردة، سواء في اختيارها أو ما تحمله من أثر إيقاعي و طبيعة الموضوع الذي يُعالجه النص، و المفردة ذاتها تحمَّل معاني كثيرة غير معانيها القاموسية، وليس ذلك من خلال التوظيف أو التراكيب فقط و إنما يُستثمر الرابط المُكتشف بين موقعها الإعرابي المقصود و بين كونها مفردة أو مثنى أو جمع و خلق مساحة ضوئية لمعانٍ جديدة من ذلك الرابط،وهذا يختلف تماماً عن التورية التي تعني فيها اللفظة عدة معاني قاموسية و يقصد المعنى البعيد لا القريب..، إننا نتعامل في القصة الشاعرة مع لا محدودية الفكر أو الخيال أو حتى حرية اختيار الجديد القادم والذي تدخل في رسمه الماضي،هذا فضلاً عن عناصر الإيقاع الأخرى و الصور و الحركة و الكشف و الإسقاط و تجاور الحروف مع تلك المساحة الخاصة لإمكانية منطقية الترتيب للأحداث اللا نسقية في الأصل، و مضارعة الزمن و التماس مع كل الفنون والعلوم و خصوصا السياسة و الاجتماع و علوم النفس و الأعصاب و التاريخ و مسرحة الألوان، وكذلك التفعيلة لا يكون اختيارها عشوائياً، إنما عن قصد من المبدع ذاته، وكأساس اشتراطات قصيدة التفعيلة و القصة القصيرة مع ضرورة الالتزام بالدوران الشعري
أمامنا نص "أنفلونزا النحل"

أما عن النص، فهو مكتوب على وزن تفعيلة المتدارك (فََعَلُن/فعْلنْ/فاعلْ)، ولتسمح لي بتقطيع بداية النص

("جَلَسَتْ".. تقطَّع شعرياً ///ه (فَعَلُنْ) - "حتَّى" /ه/ه (فعْلن)
"وَصَلََلْ" ///ه(فَعَلُنْ) - مَلكُلْ ///ه (فَعَلُنْ) -وَثَنيـْ ///ه (فَعَلُنْ) - يُإلى///ه(فَعَلُنْ) - خَيْمَةِ /ه//(فاعلُ) وهكذا.....

زمكانية النص..فهي الآن وفي كل مكان

السرد يُبين كيف كانت تجلسُ من وجهة نظر القائد بين السبايا حتى وصل الملك فعرفها بضحكتها فارتعد خوفاً (على غير المتوقع فهو المنتصر) وحاول أن يُقدم الجزية حتى لا يفتضح أمره (ومثّلت الجزية بعسل والعسل قد يرمز لأشياءٍ عديدة) فرفضتْ أن تُهادن وتقبل جزيته وأعلنت أن هذا الانتصار مزيف ولفترة مؤقتة (عبَّرت عن ذلك بِكَون الملك مريض)......وهكذا مرت الأحداث على هذا المنوال بفك الرموز ودلالات الألفاظ حتى أوجبتْ على هذا الملك أن يقرأ الدروس من الجبابرة مثل القيصر وكيف انتصر(الجوعى) بعد أن أعلن الجندي رفرفة العلم الرابع، فلا حديث إلا الصمت وصارت هذه البطلة حديث الشرق الأوسط بعد أن استقرت الأمور وعادت الأوضاع إلى نصابها.
الشخصيات كما وردت بلغة الترميز لكنها تنطبق على ما يقابلها في الواقع الحزين
الرسالة : أن دوام الظلم والهيمنة من جبابرة العصر مُحال ولا يحق إلا الحق وذلك بالعمل الجاد ولا ننخدع بالضغوط عسكرياً أو إعلامياً أو أي إغراء ولا يطمئن المنتصر الحالي لما أحرزه لأنه بعيداً عن الحقوق التي كفلتها الأديان والقوانين الدولية
وأقتصر لأترك التنوير والتأويل والإسقاط وغيرها من عناصر لأحبتي".


س : لكل مبدع رؤيته الخاصة أثناء تعبيره عن نص يُبدعه، فهل يُمكن أن تُعلن رؤيتك حول أحد نصوص القصة الشاعرة إن كنتَ تؤمن بإمكانية أن يعلن المبدع عن هذه الرؤية الخاصة به، و إعلانه هذا لا يمنع من تعدد الرؤى الأخرى؟ نرجو التطبيق


ج : يعتقد بعض المبدعين أنه إذا أعلن عن رؤيته الخاصة أثناء التعبير عن إبداعه في أي شكل من أشكال التعبير (شعر/قصة/مقال /فن تشكيلي/مسرح/قصة شاعرة/..) أنه إذا أفصح عن هذه الرؤية الخاصة قدْ يؤثر على المتلقي،أو قد يحرق النص أو.. أو، لكن في الحقيقة أن الإفصاح عن هذه الرؤية لا يمنع رؤى الآخرين و خصوصاً إن كان الآخرون مِمَّن يدفعهم "العدل" فيحترمون كل جديد و يعملون على إحقاق الحق بإيجابية، ثم إن رؤاهم تكون حول النص بعد أن اكتملتْ عناصره و تم التعبير عنه فعلاً.. إذن فهم يُعبرون عن شيءٍ مُكتمل أما المبدع ذاته يُلقي الضوء على الرؤية التي دفعته للتعبير قبل أن يُعبر فعلاً،و عموماً.. عنِّي أنا شخصياً و عن القصص الشاعرة بالذات ليس لديَّ مانع من الإفصاح عن إحدى رؤاي و التي كانتْ دافعاً لي كي أكتب نصاً، و أثناء كتابتي تعددت رؤى كثيرة تستدعيها الخبرات و التجارب و الانفعالات المشابهة وكل ذلك يُحَمَّلُ في مفردات النص فتكتمل عناصره و يأخذُ في التعبير عنه شكل القصة الشاعرة..،و بعد ذلك هناك شيءٌ مهم يجب أنْ نلتفت له و لا نُغفله أبداً..ألا وهو الوعْي الكامل بالفرق بين الرؤية/الرؤى و القراءة/القراءات،و كذلك الفرق بينهما و بين الدراسة (أدبية،نقدية،تحليلية،تطبيقية،..)،و بالعودة إلى رؤيتي الخاصة التي دفعتني إلى كتابة أحد نصوص القصة الشاعرة البسيطة جداً ارجعوا مثلاً إلى نص "عودة إلى ما قبل.. نص و رؤية" كتطبيق لذلك.

وهذا نص "أنفلـونزا النحل"

جلست حتى وصل الملك الوثني إلى خيمة قائدها..، قال القائد:- " أفرجنا عنك، وليس لنا تنكيل بالأسرى،.. نظر الملك المنتصر إليها..، ضحكت.. دفع الجزية غربالاً من عسل النحل..، أعادته سريعاً..، فالملك الآن مريض والنحل يطير..، يغرد بين عصافير العسكر..، فوجئ ذهن القائد بجيوش تملأ بطن الأرض الجوعى..، ترفض كل سفير يدعو لسماحة أغصان باتت أنفلونزا النحل تحاصرها..، وتغادر أجنحة المستشفى..، تجنح لاستنساخ بذور العنتر..، غاب..، فأعلن تصريحاً غير ألوان الأسر قليلاً..، قبل غروب الشمس تقدم جندي..، صرح للقنوات بموعد رفرفة العلم الرابع واستحداث مغامرة كبرى..، رجع الملك الواقف منذ العصر القادم..، قا :- " أيسرح قائدهم بعض الوقت ويحملني فوق رءوس القاعدة الأولى؟ "..، ردت :- "أتغيب الآن وتقرأ ذاكرة القائد؟!.. فاقرأ.. ذهب القيصر في بضع سنين وحتماً سنواصل "
ساد الصمت وعادت..،
صارت أغنية للشرق الأوسط.

...........

و كم أود أن تكون هذه التساؤلات بداية لحلقات نقاش و تدبر حول هذا الفن الكتابي الجديد


دمتم بخير و حب و إبداع