منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 7 من 7

العرض المتطور

  1. #1

    الكذبات الثمانية ...

    ليس دائما ً: تقول أمي الحقيقة !!..
    ثماني مرات : كذبت أمي عليّ !!!...

    تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر
    فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا ....
    وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا :
    كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى
    طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست جائعة ..
    وكانت هذه كذبتها الأولى

    وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شئون المنزل وتذهب
    للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، وكان عندها أمل أن أتناول سمكة قد
    تساعدني على أن أتغذى وأنمو ، وفي مرة من المرات استطاعت بفضل
    الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعت
    السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ، وكانت أمي
    تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ، فاهتز قلبي لذلك ،
    وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا وقالت :
    يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك ..
    وكانت هذه كذبتها الثانية

    وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، ولم يكن معنا من المال
    ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد
    محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل
    وتعرض الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في
    العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،
    ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ، هيا نعود
    إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ،
    فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي.. أنا لست مرهقة ..
    وكانت هذه كذبتها الثالثة

    وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ،
    ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ،
    وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة ودفء
    وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت
    قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت ،
    بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا وسلاما ، وفجأة نظرت
    إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها :
    اشربي يا أمي ، فردت : يا ولدي اشرب أنت ، أنا لست عطشانة ..
    وكانت هذه كذبتها الرابعة

    وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ، وأصبحت
    مسئولية البيت تقع عليها وحدها ، ويجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات ،
    فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ، كان عمي رجلا طيبا
    وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ، وعندما رأى الجيران
    حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق
    علينا فهي لازالت صغيرة ، ولكن أمي رفضت الزواج قائلة :
    أنا لست بحاجة إلى الحب ..
    وكانت هذه كذبتها الخامسة

    وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة
    إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي
    وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، وكانت في ذلك الوقت لم يعد
    لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا
    في السوق وتبيع الخضروات كل صباح ، فلما رفضت أن تترك العمل
    خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة :
    يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني ..
    وكانت هذه كذبتها السادسة

    وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ،
    وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها
    الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة ،
    وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ، وبعدما سافرت وهيأت الظروف ،
    اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، ولكنها لم تحب أن تضايقني
    وقالت : يا ولدي .. أنا لست معتادة على المعيشة المترفة ...
    وكانت هذه كذبتها السابعة

    كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها مرض السرطان اللعين ،
    وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، ولكن ماذا أفعل فبيني وبين
    أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها
    طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي
    ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ليست أمي
    التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني
    فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...
    وكانت هذه كذبتها الثامنة

    وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا ...




    إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :
    حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها ...
    وإلى كل من فقد أمه الحبيبة :
    تذكر دائما كم تعبت من أجلك ، وادع الله تعالى لها بالرحمة والمغفرة ....

    منقول

  2. #2

  3. #3
    ما اعظم الامهات فهن ملهمات للاستمرار في الحياة بسعادة
    شكرا لك يا صهيب توفيق
    ظميان غدير

  4. #4
    عزيزي فراس/
    شكرا لمرورك العطر وردك الجميل
    خالص تحياتي وتقديري

  5. #5
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    شكرا اخي صهيب موضوع رائع بروعة تضحية الام .
    جزاك الله الف خير ..

  6. #6
    اخي صالح/
    الشكر لك عزيزي على مرورك العطر في موضوعي
    دمت بكل خير

  7. #7
    أختي زهرة عبد الله/
    يسعدني مرورك بالموضوع واعجابك به
    فلك خالص تحياتي وتقديري

المواضيع المتشابهه

  1. واو الثمانية، وهواياتهم في الإضافات على القرآن الكريم
    بواسطة فيصل الملوحي في المنتدى فرسان الإعراب
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 01-06-2017, 05:20 AM
  2. واو الثمانية
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان التفاسير
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-28-2016, 03:57 AM
  3. قبيلة التلاوية في الجولان
    بواسطة محمد زعل السلوم في المنتدى العائلات الشامية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-20-2012, 12:37 PM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-24-2011, 11:31 AM
  5. أسرار ريتشارد سانت جونز الثمانية للنجاح
    بواسطة راما في المنتدى فرسان البرمجة اللغوية العصبية.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-18-2011, 04:30 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •