النبات والحب آخر تحديث:الثلاثاء ,02/06/2009
صالح الخريبي
يلاحظ الباحث المصري الدكتور صلاح زرد أن الأشجار والنباتات، كما البشر، تحس كما نحس، تحب وتكره، تغار وتحقد. وكما فقد قيس بن الملوح عقله من أجل ليلى وراح يهيم في الصحراء يخط شعره على رمالها، فإن هناك أشجاراً تصاب بالجنون من الحب. وكما روميو وجولييت فإن هنالك أشجاراً تنتحر إذا باعدت الأيام بينها وبين حبيبها.
والشجرة أنثى، وإذا كان الحب جزءاً من حياة الذكر، فإنه كل حياة الأنثى. ويقول الدكتور زرد إن الحب هو العلاقة الأكثر بروزاً في مملكة النباتات، وهناك عقاب واحد للعاشق الخائن في هذه المملكة هو الموت، إذ ان الشجرة التي تتعرض للخيانة تفرز مادة كيماوية معينة تؤدي إلى قتل العاشق الخائن.
ويذكر أحد العلماء البارزين في الولايات المتحدة أن الشجرة لها ذاكرة، وأنها لا تنسى على الإطلاق وحتى بعد موت عدوها فإنها تستعين ب”خدمها وجواريها” لملاحقته بعد الموت في الجذور التي يتركها تحت الأرض، وتحاول القضاء على هذه الجذور لكي تضمن عدم عودته إلى الحياة من جديد. ويقول العالم الأمريكي إنه طلب من أحد أصدقائه كسر فرع من شجرة، وبعد أيام ربط الشجرة بجهاز كشف الكذب، وطلب من صديقه أن يمر من تحتها، وعندما فعل بدأت الشجرة تهتز كأنها أصيبت بنوبة من الجنون، وسجل جهاز كشف الكذب اهتزازاتها، كما أرسلت الشجرة إشارات إلى الأشجار الأخرى المجاورة تحذرها فيها من أن عدواً للأشجار موجود في المنطقة، فبدأت الأشجار الأخرى تهتز عندما يقترب الرجل منها، وقد تكررت هذه التجربة في كل مرة يقترب فيها الرجل من الشجرة.
ويقول الدكتور صلاح إن النباتات تمارس مشاعر الود، والتنافر، وتغازل الأغصان الأوراق، وتتقاتل الجذور مع بعضها البعض، ويلاحظ أن علاقات الود مقطوعة تماماً بين العنب والترمس، بينما علاقة العنب بالزيتون يسودها السلام وعدم الاعتداء. وإذا جاور الكرنب العنب فإن العنب يموت كمداً. وكل المزارعين يعرفون هذه العلاقات بين الأشجار، وإن كانوا يجهلون أسبابها، وبالفطرة والتجربة يقول لك المزارع: “لا تزرع نبتة كذا بالقرب من نبتة كذا لأنها تقتلها”، أو: “إذا كانت أرضك مزروعة بالزيتون، فلا مانع من زرعها بالعنب أيضاً، فكل منهما يشجع على نمو الآخر”.
ويقول الدكتور زرد إن النباتات لا تستطيع التعايش من دون حب، والماء ليس وحده الذي يجعل النبتة تنمو، إذ إن هنالك ما لا تقل أهميته عن أهمية الماء والتربة بالنسبة للنبتة، وهو الحب.
وكما نقول نحن إن الحب يصنع المعجزات، يعتقد النبات ذلك أيضاً، وهنالك نوع من النباتات ينمو بين الصخور، يشق الصخر وينمو، وبالحب، يحيل الصخر إلى تربة صالحة للزراعة يتغذى منها.