- المؤرخ الدكتور شوقي أبو خليل إلى جوار الله –
العظماء دائماً يرحلون بصمت , يغادرون الحياة بلا ضجيج , بعيداً عن الأضواء , هكذا رحل العالم الجليل المؤرخ الدكتور شوقي أبو خليل رحمه الله تعالى بواسع رحمته وغمره بوابل مغفرته ومن ّ عليه بدخول الجنّة مع الأبرار الأخيار . عن عمر حافل بخدمة الدين والدعوة إلى الله قارب السبعين عاما مضى الرجل يحمل معه إيمانه وعمله وترك الدنيا بما فيها لمن فيها .
مولده ووفاته : ولد الدكتور رحمه الله في فلسطين في مدينة بيسان عام 1941م , وتوفي في دمشق 14 رمضان 1431هجري الموافق 23 آب 2010 ميلادي , ووري الثرى فيها . ورقد في أرض الشام المباركة قرين الأخيار من علمائها وأساطين الدعوة والعلم فيها .
هذا هو شوقي أبو خليل : لقد عرفته أستاذاً جامعياً في كلية الشريعة بجامعة دمشق , حريص على نشر حقائق التاريخ الإسلامي وتوثيق أحداثه وتحقيقها لأنه علًم طلابه أن التاريخ رصد دقيق لحركة الأمة في كل مراحل حياتها , هو رجل محب للعلم والعلماء تبدو عليه سيما الوقار والتواضع , بسيط في معاشه لا تكاد ترى عليه شيء من ملامح الثراء , أعطي طاقة من الصبر عجيبة حيث كان رحمة الله عليه يعاني من مرض قلبي إلى جانب الداء السكري والضغط المترنح بين ارتفاع وهبوط , مع كل هذا كان كثير الأسفار تلبية لدعوات كانت توجه إليه للمشاركة في مؤتمرات وندوات ومحاضرات في الداخل والخارج , وكان لا يألو جهداً في تلبية دعوة أو ندوة أو إلقاء محاضرة , لقد عشق مكتبه وأولع بالبحث والتأليف حتى تمكن من رفد المكتبة العربية بإنتاج فكري راق وغزير , حيث ترك بعد رحيله ما يقارب السبعين كتاباً واهتم بالأطالس اهتماما واضحاً وصدر له العديد منها كما سنعرف بعد حين .
زيارته لمدينة سراقب حيث وافى المركز الثقافي : محاضراً في موضوع له أهميته في حينه وألقى محاضرة قيمة في العمق , من وراء الرسوم المسيئة ؟ ووضع لها عنواناً جذاباً " هل يستطيعون إطفاء نور القمر ؟ ذلك في /5/ شباط عام 2006م , أصغينا لأفكاره باهتمام كبير ووعيينا حجم التآمر علة رسولنا صلى الله عليه وسلم , لقد قدّم لنا مشكوراً نص المحاضرة مصوّراً ومعه كتيب صغير مطبوع بذات العنوان . وكان شرف اللقاء به والتحادث معه بشأن بعض أفكار المحاضرة وبعض القضايا التي تهم بعض مراحل التاريخ الإسلامي , وكانت بحق زيارة ثرية عادت مجرياتها إلى الذاكرة لما بلغني نبأ وفاته عن طريق زوجة أخي حيث كانت تزور أهلها بمناسبة عيد الفطر المبارك . لقد فوجئت بالنبأ وشعرت بالحزن يسري إلى كياني , ولكن حمدت الله واسترجعت ودعوت له بالرحمة والغفران وسكنى أعالي الجنان بفضل الكريم المنان .
من مؤلفات الدكتور شوقي أبو خليل رحمه الله : لقد أغنى رحمه الله الكتبة العربية بإنتاج فكري غزير وراق في العديد من قضايا الدين والتاريخ والإسلامي ,
نشرت الكثير منها دار الفكر بدمشق , واقتنيت العديد منها أثناء دراستي بكلية الشريعة في جامعة دمشق بين عامي 1978و1984 , وقرأت من كتبه الكثير رحمه الله وكنت أجد في قراءتها ما يثري الفكر ويوسع أفق العقل ويكون ثروة معرفية راقية , وهذه طائفة من مؤلفاته :
1- الإسلام في قفص الاتهام .
2- من ضيّع القرآن .
3- الحوار دائماً .
4- هارون الرشيد .
5- جرجي زيان في الميزان .
6- آراء يهدمها الإسلام .
7- الهجرة .
8- عوامل النصر والهزيمة .
9- الإسلام وحركات التحرر العربية .
10- غريزة أم تقدير الهي ؟
11- أطلس القرآن الكريم .
12- أطلس السيرة النبوية .
وهناك غير ما ذكرنا الكثير مما خلّفه الراحل الداعية من أثر طيب خدمة للدين والأمة ودعوة إلى الحق , وأني أضرع إلى الله أسأله أن يغمر أخانا الدكتور شوقي أبو خليل بفيض من رحمته , وأن يتقبّل عمله ويجزيه خير الجزاء عن كل خدمة خدم بها الدين والعلم وشؤون الدعوة إلى الله , وأن يجعل الخير في عقبه , وأن يرفع قدره إلى درجة الفردوس الأعلى . هذه السطور تعزية مني لأسرة الدكتور شوقي أبو خليل وإلى وإخوانه العلماء وإلى كل أبناء الأمة الإسلامية . والحمد لله رب العالمين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ