الحَبِيبُ الثَّانِي ..

..



أَنتِ المُنَى ؛ وَ أَنا الحَبِيبُ الثَّانِي=وَ أَنا الطَّرِيدُ ؛ وَ أَنتِ فِي وِجدانِي
وَ أَنا غَرامُ الظِّلِّ مُذْ خَلَّفتِنِي=فِي الظِّلِّ أَشكُو ثَورَةَ البُركانِ
أَنا أُمَّةٌ بِالشِّعرِ ؛ فَردٌ بِالهَوَى=وَ أَنا رَسُولُ الحُبِّ لِلأَزمانِ
صَلفٌ بِطَبعِي مُستَبِدٌ جامِحٌ=لَكِنَّنِي فِي العِشقِ قَلبٌ حانِ
رَأيُ الكُهُولِ مَعَ الوَقارِ خَلائِقِي=وَ لِيَ الشَّبابُ وَ فَورَةُ الفِتيانِ
وَ عَلَيَّ مِنْ ثَوبِ البَلاغَةِ بُردَةٌ=وَ لَدَيَّ مِنْ حَدِّ البَيانِ لِسانِي
فِي النَّاسِ لَا مِثلِي ! وَ لَا عُشرِي ! وَ لَا=فِي الجِنِّ يَسبِقُ فِكرَتِي أَقرانِي !
لَكِنَّنِي ثَانِي الأَحِبَّةِ ؛ بِالهَوَى=ما حِيلَتِي ؟ يا أَيُّها الثَّقَلانِ !
خَمسُونَ أَلفًا ؛ مِنْ بَناتِ دَفاتِرِي=جَمَّلتُهُنَّ بِشِعرِيَ الفَتَّانِ
خَمسُونَ أَلفًا ؛ مِنْ حَبِيباتِي هُنا=أَسماؤُهُنَّ حَفِيرَةٌ بِكَيانِي
عَلَّقتُهُنَّ بِدالِياتِ قَصائِدِي=وَ صَلَبتُهُنَّ عَلَى جُذُوعِ بَيانِي
وَ تَرَكتُهُنَّ لِمُهلِ دَمعٍ قَدْ جَرَى=وَ كَأَنَّهُنَّ عَلَى حَمِيمٍ آنِ
وَ حَرَقتُهُنَّ , وَ ذَنبُهُنَّ مَحَبَّتِي=وَ كَوَيتُهُنَّ عَلَى لَظَى نِيرانِي
وَ هَجَرتُهُنَّ , فَبِعتُهُنَّ بِلَحظَةٍ=وَ شَطَبتُ تَارِيخَ الصِّبا بِثَوانِ
وَ نَسَفتُ عُمرَ تَجارِبٍ ؛ لَو وُزِّعَتْ=لِلعاشِقِينَ لَأَنكَرُوا هَذَيانِي !
وَ أَتَيتُ ؛ لَا " زِيفا " تَمُرُّ بِخاطِرِي=وَ مَشَيتُ ؛ لَا أَلوِي عَلَى " زِيشانِ "
وَ رَغِبتُ عَنْ " دارِينَ " ؛ فاجَّاهَلتُها=وَ تَرَكتُ " مايا " فِي فَمِ النِّسيانِ
غادَرتُ مَملَكَةً عَلَى أَبوابِها=تَبكِي النِّساءُ فُتُوَّتِي وَ زَمانِي
وَ جَرَرتُ خَلفِي كُلَّ عَينٍ أَبصَرَتْ=حُسنِي كَما جَرَّ الجُيُوشَ حِصانِي !
فَالسُّمرُ يَطلُبنَ الوِصالَ بِجُرأَةٍ=وَ البِيضُ يَستَجدِينَهُ بِحَنانِ
وَ الغانِياتُ خُصُورُهُنَّ خَمِيصَةٌ=يَردِفنَنِي بِكَواعِبٍ ؛ وَ حِسانِ
وَ الجارِياتُ الحُورُ ما خَطَرَتْ بِهِنْ=أَفكارُ " قَيصَرَ " أَو " أَنُوشُروانِ " !
ما بَينَ ( رُبَّ حَبِيبَةٍ ) أَو ( رُبَّما=قَدْ لَا أَعُودُ لِخِدرِها ) : سَيفانِ
سَيفٌ يُقَطِّعُ مُهجَتِي شَوقًا لَها=وَ مَثِيلُهُ عَنها كَلِيلٌ ؛ وانِ
يا واصِمَيَّ بِعِشقِها ؛ هَلْ تَذكُرا=نِ مَحاسِنِي ؟ إِنْ ظِلتُما تَصِمانِ !
وَ كَمِ اصطَبَحتُ عَلَى الخُدُودِ بِقُبلَةٍ=رَيَّانَةٍ ؛ فَعماءَ ؛ كَالرُّمَّانِ
وَ جَمِيلَةَ العَينَينِ كَمْ أَرَّقتُها=حَتَّى اشتَكَتْ مِنْ سُهدِها العَينانِ
وَ أَمِيرَتَينِ عَلَى نَسِيبِيَ ظَلَّتا=بِمَحَبَّتِي وَ هَوايَ تَصطَرِعانِ
إِحداهُما تَشكُو الغَرامَ لِأَحرُفِي=وَ تَفُوقُها الأُخرَى بِكُلِّ تَفانِ !
إِذْ تَدنُوانِ إِلَى قَوافِيَّ التِي=تَسقِيهُما الأَحزانَ ؛ كَالإِدمانِ
لَا هَذِهِ فازَتْ ! وَ لَا تِلكَ انحَنَتْ=كِلتاهُما بِالصَّبرِ تَختَصِمانِ
لِي مِنهُما كَنزٌ بَخَستُ بَرِيقَهُ=أَمَّا هُما لَهُما يَدُ الخِذلَانِ !
كَنزٌ مِنَ الدُّرِّ العَقِيقِ , قِبابُهُ=مَطلِيَّةٌ داراتُها بِجُمانِ
فَينانَةٌ جَنَّاتُها ؛ مَحفُوفَةٌ=بِالآسِ ؛ وَ النَّوَّارِ ؛ وَ الرَّيحانِ
قَدْ عِفتُهُ خَلفِي ؛ وَ جِئتُ بِمُهجَةٍ=دارَتْ بِها أُرجُوحَةُ الشَّيطانِ
فَعَصَيتُ فِيكِ النَّاصِحِينَ , شَتَمتُهُمْ=وَ أَتَيتُ أَحبُو ؛ شاتِمًا عِصيانِي
لِأَعِيشَ مَنسِيًّا بِظُلمَةِ لَيلَةٍ=بَدَّدتُ فِيها قَهوَتِي ؛ وَ دُخانِي
حَطَّمتِ عِزِّي ؛ وَ استَبَحتِ مَشاعِرِي=وَ هَدَمتِ عَرشَ الكِبرِ فِي سُلطانِي
اللَّهُ !! كَيفَ الخائِنانِ تَآلَفا=دَهرِي ؛ وَ أَنتِ !! عَلَيَّ تَجتَمِعانِ !!
أَتُجِلُّنِي غِيدُ النِّساءِ ؟ وَ أَغتَدِي=لَكِ كَي أَعِيشَ بِذِلَّةٍ وَ هَوانِ !
وَ أَنا الذِي ذَوَّبتُهُنَّ عَلَى يَدِي=وَ صَرَعتُهُنَّ , وَ هُنَّ كَالغِزلَانِ !
مَنْ ذا الذِي قَبلِي أَراهُ بِجَنَّتِي ؟=وَ مَنِِ الذِي يَغفُو عَلَى أَفنانِي ؟
أَتُقَدِّمِينَ عَلَيَّ غِرًّا مُنكَرًا ؟=لَا أَرتَضِيهِ قُلَامَةً لِبَنانِي !
هَيهاتَ ؛ ما هَذا المَعِيبُ يَهُمُّنِي=لَكِنَّنِي - رُغمَ اليَمِينِ - أُعانِي
فَالثَّأرُ يَشحَذُ فِي ضُلُوعِي حَدَّهُ=لَكِنَّ حُبَّ حَشاشَتِي يَنهانِي
فَإِذا جَنَحتُ لَهُ فَإِنَّكُما مَعًا=حَطَبٌ لِنارِ الحِقدِ فِي أَفرانِي
لَا يَرتَضِي بِالذُّلِّ غَيرُ رَبِيبِهِ=وَ أَنا أُذِلُّ القَلبَ إِنْ أَضنانِي
وَ أُسِرُّ دَمعًا قَدْ يُهِينُ كَرامَتِي=وَ أَمُوتُ لَكِنْ واقِفًا بِمَكانِي
..

( زيفا ؛ زيشان ؛ دارين ؛ مايا ) : من محبوبات قصائدي .