العلاج النفسي الذاتي ...........عيسى ابو الراغب

--------------------------------------------------------------------------------



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أمنيات الفرح والسعادة أتمناها للجميع
مع وافر الصحة والمعافاة من كل داء وعلة
داعيا الله لي ولكم بالتوفيق وإيجاد فكرة ناجحة من خلال تتابع كتاباتنا
والمحاولة لإيجاد فكر علمي يسير وفق توافقية وانسجامية عقلية بعيدا عن كل الشعوذة والطلسمة وزيادة للضغط النفسي على الإنسان والوصول به إلى راحة وبر أمان
حيث أصبحت العناية بالصحة النفسية والعمل على تكاملية شخصية الفرد موضع اهتمام كبير على مختلف المستويات
وقد يكون لتعقد الحياة سبب في زيادة هذا الاهتمام وابتعادها عن البساطة في أكثر النواحي
وتعتبر العوامل الثقافية والحضارية في المجتمع من الأسباب التي تدعو إلى اضطراب أفراد المجتمع وقلقهم وتعرضهم لشتى ألوان الصراع
ويمكن تلخيص هذه العوامل الثقافية في التنافس والفردية وعدم المساواة في الفرصة والاستغلال والاحتكار
وينشأ أيضا الاضطراب في العلاقات الإنسانية من العامل الحضاري بسبب الانعزال الوجداني والفقر العاطفي والشعور باليأس وفقدان التوازن فيكون لدى الفرد بتلك الحالة شعور بالضعف والعجز وانه مهدد لا يجد من يحميه من شرور العالم
ولعل كل هذا يدفعنا للقول بان الإنسان لم يكن بحاجة ماسة إلى فهم شخصيته أكثر من هذا الوقت حتى يكون قادرا على الاستمرار في الحياة والانجاز والتطور
ويبدأ عند الإنسان البحث عن محاولة فهم ذاته وشخصيته عندما يدرك أن قدرته على التوافق قد انعدمت وان علاقته بالبيئة المحيطة به لم تعد علاقة ود وامن وعندما يجد نفسه بشعور وحدة وفي قصور وانعدام التكيف بينه وبين العالم المادي والاجتماعي الذي يعيش فيه ويشعر بالعزلة والفرقة بينه وبين الآخرين
ومن باب الأمانة العلمية بالنقل أو الابداع وجب علي أن أقول هنا أن العرب فطنوا إلى ما للأعراض النفسية وما لها من اثر في أحداث تغيرات بدنية وأمراض جسمانية وفي إعاقة الشفاء أو تعجيله مما قد يهدد التوافق المتكامل للإنسان
وفي هذا الباب يقول الطبيب ابن عباس المجوسي في أوراق كتابه (كامل الصناعة الطبية )الجزء الثاني
فأما الأعراض النفسية فإنه قد ينبغي أن لا يدمن الإنسان على الغم والهم ولا يستعمل الغضب ولا يكثر من الفكر ولا يستعمل الحسد فإن كل ذالك مما يغير مزاج البدن ويعين على إنهاكه ومن كان مزاجه حاداً فإن هذه الأعراض تولد الحميات الرديئة .
ومن تلك العبارات السالفة الذكر قد نكون بإستدلال واضح أن للتعب الداخلي والنفسي للإنسان تأثير واضح وجلي على الصحة والأحوال النمطية لمعيشة الإنسان
حيث لا شك فيه وخاصة في عصرنا الحاضر وما اعتراه من إشكاليات كثيرة وضغوطات كبيرة لا شك في أهمية طرق باب العلاج النفسي والتحليل النفسي ومحاولة الغوص في الأسبار للعقل الباطن وإيجاد توازنية معينة في الداخل ويكون لها الانعكاس الخارجي بكل قدرة
وسنتكلم اليوم عن العلاج النفسي الذاتي
حيث انه ومن الملاحظ أن الإنسان يحاول دائماً أن يعالج مشكلاته النفسية بنفسه وأن يبذل الكثير من الجهد كي يعالج آلامه النفسية وقلقه واضطراباته بإتباع أساليبه الخاصة واقتراحات المحيطين به دون النظر إلى نقطة الخطأ والصواب في الاقتراح إنما فقط التقدم والتجربة يكون بها
والتي كثيراً ما تدفع به إلى الاتجاه الخاطئ حيث انها لا تعتمد على التقيم العلمي أو محاولة الترتيب الداخلي للنفس فقط النظر الخارجي للمشكلة . ومع تزايد تناقضات هذا العصر وإحباطا ته وتعدد الأزمات والضغوط المادية والاجتماعية .. وكثرة وتعقد المشكلات النفسية التي يواجهها الفرد .. إضافة إلى النظرة الغريبة للطب النفسي وهو موقف له أسبابه
حيث ما زلنا للان رغم التطور العلمي نجد الكثير مصرا على نظرة غريبة وفهم غير سوي للطب النفسي معتقدا انه اختلال عقلي ودرب من دروب الجنون
لذا .. فقد تنبه أخيراً بعض علماء الطب النفسي والعلاج النفسي إلى أهمية ابتكار وسائل علاجية وأساليب يمكن للفرد إتباعها بنفسه دون اللجوء إلى الطبيب النفسي إلا في الحالات الشديدة التي تستدعى ذلك .. خاصة بعد أن أكدت عدة دراسات عدم إلمام بعض المعالجين والأطباء النفسيين بمدارس وطرق العلاج النفسي الحديثة وتمسك البعض بالأساليب التقليدية التي ثبت عدم فاعليتها بصورة قاطعة وفشلها في علاج الكثير من الاضطرابات النفسية .
وارتكاز الكثير من المعالجين على الكسب المادي بدون النظر إلى حالة الشخص ومحاولة ربط أواصر صداقة حقيقة بين المعالج والشخص الأخر
ومد يد العون له
لذلك كان لا بد لنا من طرق هذا الباب وقشع الغمة والغطاء عن ما اعترى كثير من المفاهيم
ومحاولة لإيجاد طرق بسيطة ذاتية.. شيقة والتي ينتمي بعضها لاتجاهات حديثة في العلاج النفسي وبعضها نابع من ديننا الحنيف القويم والقرآن والتي تمكن الشخص العادي أن يمارسها بنفسه لعلاج القلق وبعض الاضطرابات النفسية والسلوكية وسوء التوافق النفسي والاجتماعي.. ولتحقيق مزيد من الوعي والصحة النفسية.
ودعونا هنا نطرح سؤال
العلاج النفسي الذاتي ..
ما هو ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ولكي نجيب على هذا السؤال يجب أولا أن نعرف ما هو العلاج النفسي ؟
وقبل ذالك لنعرف الصحة النفسية لنكون اقرب لفكرة فهم الاعتلال النفسي
حيث اتفق كثير من العلماء على أن كلمة الصحة تعني حالة السلامة الكاملة في النواحي الجسمانية والعقلية والاجتماعية فالعلاج النفسي هو معرفة أسباب الصراع والاضطراب عند الفرد .. عن طريق فحص أفكاره وانفعالاته وسلوكه .. ثم محاولة تغييره .. وتخليصه من الإدراك الخاطئ لنفسه وللآخرين .. وتقوية ثقته بنفسه .. ليصبح أكثر قدره على التكيف مع نفسه ومع المجتمع , والقدرة على علاج المشكلات والإنتاج والإبداع .. وان يكون أكثر وعياً واتزاناً .. وذلك بالطبع في حدود قدراته الشخصية .. وبالدرجة والنوعية التي يختارها هو بنفسه . :
أي بمعنى مبسط هو اضطراب وظيفي تميز بوجود صراعات داخلية وتصدع في العلاقات الشخصية
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بالتالي هو هل يستطيع الفرد أن يكتشف بنفسه مصادر الصراع والتوتر في داخله وان يتعرف على الأفكار الخاطئة والانهزامية المشوهة والمبالغات الانفعالية التي تدفعه إلى المرض وسوء التوافق النفسي والاجتماعي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل يستطيع أن ينمى وعيه واستبصاره إلى الدرجة التي تمكنه من ذلك؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وهل يستطيع أن يتعلم أن يعبر عن نفسه وعن انفعالاته خارج إطار العلاقة العلاجية التقليدية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وان يعدل أفكاره وسلوكياته الخاطئة والسلبية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إن كل تلك الأسئلة وغيرها يمكن إجمالها في شكل سؤال آخر هو : هل يمكن أن يكون هناك علاج نفسي ذاتي ؟ والإجابة هي : نعم..... إن العديد من مدارس العلاج النفسي الحديثة أصبحت تعترف بأن الإنسان قادر بالفعل على توجيه سلوكه من خلال المعرفة الواعية .. والتدريب المنظم على تعديل أفكاره وسلوكه طبقاً لقواعد العلاج النفسي الحديثة. وأحيانا تكون تصرفات الفرد غير مفهومة بالنسبة له.. وبالصدق مع النفس واستمرار الشخص في ملاحظة أفكاره وتصرفاته ونتائجها وتسجيل ذلك وتأمله ودراسته بشكل منتظم يمكنه من فهم أسباب ودوافع سلوكياته وتصرفاته .. خاصة عندما تتكرر في المواقف المختلفة. ويمكن للإنسان أيضا أن يكتشف أسباب الخلل .. وأسباب التوتر والاضطراب بل و علاجها والتخلص منها ولو بدرجه محدودة ومع ازدياد واستبصار الفرد بنفسه .. وحرصه على الاستمرار في طريق النمو النفسي .. وتعلم المزيد من المهارات والسلوكيات الملائمة ..وتجريبها واختبارها في مواقف عملية .و يصبح أكثر قدرة على شفاء نفسه بنفسه .. بحيث يتخلص من الانفعالات المعوقة .. ومن الأفكار الهدامة وغير المنطقية .. وان يصبح أكثر نضجا ووعيا وتوافقا. وإتباع برنامج علمي منظم لبلوغ هذه الدرجة من الصحة النفسية بالاعتماد على رغبة الفرد وإرادته ووعيه .. هو ما يسمى بالعلاج النفسي الذاتي. وتميل بعض الاتجاهات في الوقت الحالي إلى الاعتماد على الفرد نفسه في علاج مشكلاته النفسية.
ويرى بعض علماء النفس إن السلوك في مراحل النمو بعد سن البلوغ .. يكاد أن يخضع لتحكم العقل الواعي والشعور بشكل حاسم .وبالتالي فان الفرد يستطيع أن يعي .. وان يفهم – ولو بدرجة محدودة في البداية – دوافع وأسباب سلوكه .. وان يتحكم فيها. ولقد اتجهت الكثير من أبحاث ودراسات الآونة الأخيرة .. إلى ابتكار العديد من الطرق والأساليب التي يمكن للفرد العادي أن يمارسها .. دون الاستعانة بمعالج نفسي .. وقد أطلقوا عليها – كما ذكرنا – اسم أساليب الضبط الذاتي وبرنامج العلاج الذاتي المطروح وهنا أتينا لنجمع بين تنمية الوظائف الذهنية والمعرفية .. وبين أساليب تعديل الاتجاهات والسلوك معا . ونحاول وضع برنامج متكامل يعتمد على بعض الأساليب المختارة .. من بعض مدارس العلاج الحديثة .. بعد تعديلها .. .. لتلائم طبيعة الإنسان والمجتمع العربي .. هذا بالإضافة إلى أساليب أخرى مبتكرة تعتمد على حقائق وأسس علوم النفس .. والاجتماع .. والفلسفة والدين.ويتضمن العلاج النفسي الذاتي وظائف قريبة من الإرشاد النفسي . وأفكاره الغير منطقية .. والهدامة .. وان يتعلم الوسائل التي تمكنه من ملاحظة ذاته – دون إسراف – ومن إزالة العوائق الانفعالية (الانفعالات والتوتر العصبي) .. مما يساعده على اكتساب المزيد من النضج والنمو والصحة النفسية.ويؤدى تعديل الجوانب المعرفية .. والانفعالية .. والسلوكية .. لدى الفرد لتغييرات ايجابية في حياته .. مثل تنمية وظائف التحكم والقدرة على التركيز فيما يقوم بعمله .. وتنمية السلوك المرن .. والتخلي عن أنواع السلوك الغير ناضجة مثل التعصب ، سرعة الغضب ، شدة الحساسية ، النكوص والاعتمادية والسلوك الطفلى عند مواجهة ألازمات والشدائد .. الخ.......و من التغيرات الايجابية الأخرى التي تحدث في شخصية الفرد نتيجة تعديل الجوانب المعرفية والانفعالية والسلوكية .. قبول النفس ، وقبول الآخرين ، والتسامح وازدياد القدرة على عقد صداقات وعلاقات اجتماعية تتسم بالقوة ، والدفء ، والفهم ، و التسامح.فالعلاج الذاتي يعتمد على رغبة الفرد في تعديل سلوكه وبلوغ درجة ارقي الصحة النفسية. من النمو ونلاحظ أن هذه العملية بأكملها .. طبيعية .. حية .. وان التغيير الحادث لا يتم بصورة تمثيلية أو تجريبية مفتعلة .. داخل الغرف المغلقة في العيادات النفسية . وان مسئولية النمو النفسي والتغير متروكة بدرجة كبيرة للفرد ..

سيكون لنا في المقال القادم حديث عن
مظاهر النمو النفسي
المميزات السلوكية للشخصية السوية
ثم ندخل إلى الصحة النفسية والتكيف
وسوف نستفيد من ما كنا قد قدمناه سابقا من علوم الحركات والإشارات
وكيف نبني عليها طريقة العلاج

كونوا معنا
دمتم بخير
عن خبير الاعشاب:
عيسى أبو الراغب