بمناسبة عيد الجلاء هذا اليوم العظيم
سنتحدث عن شاعر خلّد هذه المناسبة :
بدر الدين بن محمود الحامد. 1317 - 1381 هـ) ( 1899 - 1961 م)
ولد في مدينة حماة (سورية)
تخرج في دار المعلمين بدمشق، وقضى عمره الوظيفي في حقل التربية.
دخل إلى عالم الشعر وتكشفت مواهبه في عمر مبكر، وتنقل بين التدريس في ثانويات حماة ووظائف إدارية وإشرافية في مجال التعليم في مدينته حماة، كان آخرها «مدير المعارف».
أدى به شعره الوطني وحماسته القومية ضد المستعمر الفرنسي إلى السجن والاضطهاد.
****** قصيدة الجلاء*****
بلَغتِ ثأرَكِ لا بغيٌ ولا ذام
ُيا دارُ ثغرُكِ منذ اليومِ بسَّامُ
ولّت مصيبَتُكِ الكبرى مُمَزّقةً
وأقلعتْ عن حِمى مروانَ آلامُ
لقد طويتِ سجوفَ الدّهرِ صابرةً
السّيفُ منصلتٌ والظّلمُ قوّامُ
على روابيكِ أنفاسٌ مطهَّرةٌ
وفي محانيكِ أشلاءٌ وأجسامُ
هذا الترابُ دمٌ بالدّمعِ ممتزجٌ
تهبُّ منه على الأجيالِ أنسامُ
لو تنطق الأرضُ قالت : إنني جدَثٌ
فيَّ الميامينُ آسادُ الحمى ناموا
ستٌّ وعشرونَ مرّت كلما فرغتْ
جامٌ من اليأسِ صِرفاً أترعَتْ جامُ
لولا اليقينُ ولولا اللهُ ما صبرتْ
على النّوائبِ في أحداثها الشّامُ
يومُ الجلاءِ هو الدنيا وزينتُها
لنا ابتهاجٌ وللباغين إرغامُ
وجهُ الغرابِ توارى وانطوى علَمٌ
للشّؤمِ مذْ خفقَتْ للعينِ أعلامُ
ياراقداً في روابي (ميسلونَ) أفِقْ
جلتْ فرنسا فما في الدّارِ هضَّامُ
لقدْ ثأرنا وألقينا السّوادَ وإنْ
مرَّتْ على الليثِ أيّامٌ وأعوامُ
لو (فيصلٌ) عادَ حيّاً بيننا فيرى
أنَّ العلوجَ هنا في الشّامِ ما داموا
إنْ أخرجوه فقد نالوا جزاءَهُمُ
هذي (دمشقُ) لديها تُخفَضُ الهامُ
( غورو ) يجيءُ (صلاحَ الدين) منتقماً
مهلاً فدنياكَ أقدارٌ وأيَّامُ
هذي الديارُ قبورُ الفاتحينَ فلا
يغرُرْكَ ما فتكوا فيها وما ضاموا
مهدُ الكرامةِ عينُ اللهِ تكلؤها
كم في ثراها انطوى ناسٌ وأقوامُ
تجرُّ ذيلَ التّعالي في مرابعِها
المجدُ طوعٌ لنا والدهرُ خدّامُ
فيا فرنسا ارجعي بالخزيِ صاغرةً
ذكراكِ في صفحةِ التّاريخِ آثام
دارُ النّيابةِ في التّمجيدِ كعبتُنا
يأتي حطيمَ علاها منكِ هدّامُ
يا ويحَ مَن يدّعي التّمدينَ عن كذبٍ
وحشٌ له من ثيابِ النّاسِ هندامُ
ألقى السِّلاح أمامَ الأقوياءِ ولم
يخجلْ ، ولكنّهُ في الشّامِ مقدامُ
تمرُّ بي صورٌ لو رحْتُ أرسِمُها
لما شفتنيَ أوراقٌ وأقلامُ
شتّى مآثرُ من نبلٍ ومن شرفٍ
الحقُّ يجمعُها والدّهرُ رسّامُ
لو يذكرونَ على (العاصي) هزيمتَهم
وللمذاويدِ في الميدانِ إقدامُ
الطّائراتُ رميناها وجيشُهُمُ
من رعشةِ الخوفِ أشتاتٌ وأقسامُ
يومٌ بيومٍ قضينا وِترَنا وكفى
اليأسُ في الخلفِ والآمالُ قُدّامُ
ذكراهُمُ كرسيسِ الداءِ إنْ خَطَرتْ
في القلبِ ثارتْ جراحاتٌ وأسقامُ
الحمدُ لله ولَّوا وانقضى زمنُ
شؤمٌ مطالِعُه في الدّهرِ إظلامُ
اليومَ في ملكنا هذا على أسسٍ
يبني القواعدَ إتقانٌ وإحكامُ
هنا التقينا – بلادَ العربِ قاطبةً
في دارةِ المجد أخوالٌ وأعمامُ
يا طالعينَ على الدّنيا بنصرِهِمُ
في كلّ قطرٍ لهم نقضٌ وإبرامُ
وفاؤنا البِكرُ لاتأتيهِ منقصَةٌ
في عرفنا العهدُ تقديسٌ وإعظامُ
العُرْبُ في كلّ دارٍ أمّةٌ ثبتت
ْلها بساحِ العلى والفضلِ أقدامُ
موحَّدونَ كبيتٍ واحدٍ جمعت
شتّى لُباناتِهِ في العيشِ أرحامُ
ناموا طويلاً فلمّا صاحَ صائحُهم
أصغوا إليه ومن مهدِ الكرى قاموا
مشارفُ الشّامِ تهتزّ العراقُ لها
وتنتشي طرباً في مصرَ أهرامُ
وفي الرّياضِ وبطحاءِ الحجازِ وما
تضُمّ صنعاءُ آمالٌ وأحلامُ
أمّا فلسطينُ فالأقدارُ ترمقها
فهل يكونُ لها للعيدِ إتمامُ
وفي حمى المغربِ الأقصى لنا وطنٌ
أهلوه يرجونَ والمُرجَوْنَ ظلاّمُ
عاثَ الفرنسيسُ في أمجادهم وبغَوا
فهم على الرَّغم ساداتٌ وحكّامُ
ويح الزّمان ! أمغلوبٌ الوغى ملكٌ
مسلَّطُ الذّئبِ والأبطالُ أغنامُ
لابدّ للعمرِ من يومٍ نخلّده
أغرُّ يبلغُ فيه العُربُ ماراموا
هي العروبةُ – والأيّام شاهدةٌ-
يحمي حماها من الأفذاذ أفهامُ
أمنيَّةٌ قالَ فيها كلّ ذي غرضٍ
آمالُكم هذه في الدّهرِ أوهامُ
يا منكرَ الشّمسِ هذي الشّمسُ قد طلعت
دنيا الهناءةِ عامٌ بعده عامُ
(شكري) زعيمُ البلادِ الفردُ (معتصمٌ)
بربّهِ وأنا في الشّعر (تمّام)
مولايَ يا علمَ الصّدقِ الذي لمعت
لنبلهِ في سماءِ المجدِ أنجامُ
على يديك فرنسا زُلزلتْ وهوتْ
فاعمل لقومِكَ ولتهنأ بكَ الشّامُ
See Translation