منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 8 من 8
  1. #1

    السلطان عبد الحميد وبيع فلسطين

    السلطان عبد الحميد وبيع فلسطين

    ا.د. محمد اسحق الريفي

    كتبت الباحثة د. فدوى نصيرات مقالة قبل أسبوعين بعنوان "حقيقة موقف السلطان عبد الحميد الثاني من فلسطين"، زعمت فيها أنه سهل لليهود والصهاينة غزو فلسطين مالياً وبشرياً، وأنه كان ينوي بيعها لهم، معتمدة على تأويلات وتفسيرات خاطئة لمؤرخين غربيين، ومناقضة لحقائق تاريخية معروفة حول موقف السلطان عبد الحميد الثاني من بيع فلسطين.

    جاء في المقالة المنشورة في "العرب اليوم" في 24 أبريل 2010 أن السلطان عبد الحميد الثاني فتح الباب على مصراعيه للنشاط الاقتصادي والسياسي والاستيطاني اليهودي في فلسطين، ما ساعدهم على غزو فلسطين مالياً وبشرياً. واعتمدت الباحثة في هذا الزعم على أقوال "وولتر لين" عن الصندوق القومي اليهودي. وجاء في المقالة أن السلطان عبد الحميد الثاني تفاوض مع "تيودور هرتزل" على بيع فلسطين لليهود، لسداد الديون العثمانية، وأن المفاوضات انتهت بالفشل، ليس بسبب مواقف السلطان الرافضة لبيع فلسطين، بل بسبب فشل "هرتزل" في جمع الأموال اللازمة من اليهود. وهذا يناقض ما عرف عن السلطان عبد الحميد الثاني من رفض قاطع للابتزاز اليهودي، ومن تمسك شديد بحق أمتنا في فلسطين.

    اعتمدت الباحثة في تحليلها على تفسيرات وتأويلات لمؤرخين غربيين، يهود وصهاينة، خاصة ما ذكره "جفريز" في "فلسطين إليكم الحقيقة" على لسان هرتزل: "كان السلطان يقول لهم ادخلوا هذه البلاد كرجال مال، واكسبوا أصدقاء لكن بعد ذلك تستطيعون أن تفعلوا ما تشاءون." والمتتبع لتاريخ النشاط اليهودي الاقتصادي والاستيطاني، يدرك أن يهود فلسطين كانت لهم أنشطة اقتصادية، مثلهم في ذلك مثل يهود الدول العربية ودول العالم، وأن اليهود قد أقاموا مستوطنات في فلسطين في عهد الدولة العثمانية، حتى قبل صدور كتاب "الدولة اليهودية" 1896، وقبل انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول وتأسيس المنظمة الصهيونية العالمية 1897، وأن موجتين من الهجرة اليهودية حدثتا في 1882-1914 وأدتا إلى زيادة اليهود في فلسطين إلى نحو 6%. ويرجع ذلك إلى ضعف الدولة العثمانية، التي كانت تعد أيامها الأخيرة. ولا تعبر تلك الأنشطة اليهودية والصهيونية عن موقف السلطان عبد الحميد الثاني، الذي رفض بيع فلسطين لليهود، وإنما تعبر عن ضعف أمة وعن أزمة عربية وفلسطينية.

    وما يؤكد موقف السلطان من بيع فلسطين أن تدفق الهجرة اليهودية قد بدأ فعلياً بعد انهيار الدولة العثمانية، وخلال الانتداب البريطاني. ومن غير المعقول أن تعجز الحركة الصهيونية العالمية عن توفير الأموال، خاصة أن مشروع إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين حظي منذ البداية بدعم الغربيين، وعلى رأسهم البريطانيين والأمريكيين. فقد عبرت الدولة العثمانية عن رفضها لبيع فلسطين عبر تصريح لسفيرها "علي فروح بيك" في 24/4/1899 في أحدى الصحف الأمريكية، جاء فيه: "ليس في نية حكومتنا أن تبيع أي جزء من البلاد العربية، حتى ولو ملأوا جيوبنا بملايين القطع الذهبية، وقضية فلسطين ليست قضية اقتصادية، بل هي قضية سياسية."

    ومن المعلوم أن الحركة الصهيونية حاولت عبثاً إغراء الدولة العثمانية بالمال لبيع فلسطين لليهود، رغم حاجتها الماسة للمال في ذلك الوقت، وتراكم الديون عليها. وقد رفض السلطان عبد الحميد الثاني ذلك الإغراء الصهيوني في رسالة تهديد أرسلها للصهيوني "هرتزل"، قائلاً فيها: "أنا لن أبيع ولو شبراً واحداً من الأرض، لأن هذا الوطن ليس ملكاً لي بل هو ملك لأمتي، لقد حصلت أمتي على هذا الوطن بدمائها، وقبل أن يؤخذ منَّا هذا الوطن ويذهب بعيداً، سوف نغرقه بدمائنا مرة ثانية." وهذا القول يفند الزعم بأن عدم تمكن "هرتزل" من جمع المال اللازم هو الذي حال دون بيع فلسطين لليهود.

    كما أكد السلطان عبد الحميد في الرسالة رفضه لبيع فلسطين حين كتب: "وأنا لن أقدم أي جزء منها إلى أي أحد، دع اليهود يحتفظون بذهبهم فإذا ما تمزقت إمبراطوريتي، يمكنهم عندها الاستيلاء على فلسطين دون مقابل، ولكن تقسيم هذه البلاد لن يكون ممكناً إلا على أشلائنا، وأنا لن أسمح أبداً بإجراء عملية جراحية على جسد الأمة الحي."

    كما اعتمدت الباحثة على قول منسوب للقنصل البريطاني في القدس في ذلك الوقت "ألبرت هايمسون"، الذي زعم بأن فرمانات الدولة العثمانية لمنع هجرة اليهود إلى فلسطيني استثنت يهود أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا. وفي هذا الزعم تضليل كبير، وهو يحتاج إلى دليل. وقد يكون اليهود الغربيون قد استغلوا جنسياتهم الغربية للقدوم إلى فلسطين، مستغلين سياسة الانفتاح الاقتصادي للدولة العثمانية، ربما بذريعة تخفيف الضائقة الاقتصادية الكبيرة!

    7/5/2010

  2. #2

    رد: السلطان عبد الحميد وبيع فلسطين

    السلام عليكم
    المقال يقول قد يكون السلطان باع دون ان يعرف سر هذا الامر احد, او هناك مالانعرف,وقد يكون فعلا اصر على عدم البيع ...
    ادعك مع هذا الموضوع ربما قدم شيئا ما
    http://www.omferas.com/vb/showthread.php?t=22237
    كل التقدير
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: السلطان عبد الحميد وبيع فلسطين

    شكرا لك دكتور وتلك إضافة منقولة:
    عزيزي الشمس لا تغطى بغربال

    بيت القصيد ليس المراسلات والمحادثات والمذكرات

    بل الوقائع على الأرض

    والوقائع على الأرض من الأرشيف الصهيوني تثبت أن ثلاث هجرات يهودية وقعت في عهد عبد الحميد

    وأن عشرات المستعمرات اليهودية تأسسست في ظل عبد الحميد

    وأن آلاف الدونمات من الأرض العربية الفلسطينية بيعت في عهد عبد الحميد

    فقل لي بربك كيف يصبح بعد ذلك بطلا هصورا ومدافعا عن فلسطين؟!!!!!!!!!!!! هذا ما لا افهمه أبدا

    فهو في أحسن الأحوال ضعيف وعاجز إذا افترضنا حسن النوايا

    وكما تفضلت: ولا تعبر تلك الأنشطة اليهودية والصهيونية (في فلسطين في ظل عبد الحميد - إ. ع) عن موقف السلطان عبد الحميد الثاني، الذي رفض بيع فلسطين لليهود، وإنما تعبر عن ضعف أمة وعن أزمة عربية وفلسطينية.

    تلميع عبد الحميد لم يكن مطروحاً في النصف الأول من القرن العشرين لأن الناس كانوا لا يزالون متذكرين لفظائع حكمه

    كما يمكن أن تجدها في كتاب طبائع الاستبداد للمفكر الشهيد عبد الرحمن الكواكبي الذي اغتاله عبد الحميد في القاهرة

    فتلميع عبد الحميد جاء في سياق الترويج الدعائي لتيار سياسي محدد في الساحة العربية هو التيار الإسلامي

    وإذا كان من حق كل تيار ان يروج لنفسه، وأرى أن تبني التيار الإسلامي لنهج المقاومة في فلسطين مثلا هو أمر يستحق الثناء فعلا والتقدير، ولا نزايد عليه أو على غيره في هذا المجال، فإن ذلك لا يعني أن من المسموح لأحد أن يقلب الوقائع التاريخية على الأرض وأن يحول التفريط بفلسطين في عهد عبد الحميد إلى بطولة لا نظير لها

    فهذا ببساطة غير صحيح

    وإليك التمرين التالي لو رغبت:

    اذهب إلى الأرشيف الصهيوني وانظر تاريخ تأسيس المستعمرات الأولى والهجرات الأولى، ثم انظر فترة حكم عبد الحميد، واستخرج الاستنتاجات المناسبة بنفسك

    مع مودتي وتقديري

    إبراهيم علوش


    The Free Arab Voice
    www.freearabvoice.org

  4. #4

    رد: السلطان عبد الحميد وبيع فلسطين

    دراسات بوهيميا
    السلطان العثماني عبد الحميد
    ودوره في مقاومة
    الاستيطان الصهيوني في فلسطين.
    (1)
    إعداد: أ. بسام عيسى القحط .

    1 ـ مقدمة:
    ـ " ... انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جديدة في هذا الموضوع , إني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض , فهي ليست ملك يميني بل ملك للأمة الإسلامية : التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها فليحتفظ اليهود بأموالهم وملايينهم , وإذا مزقت يوماً دولة الخلافة فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن ؟ أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية , وهذا أمر لا يكون ، إنني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة " ـ . *1
    ـ السلطان عبد الحميد الثاني ـ عام 1901م
    إن العبارات السابقة وجهها السلطان عبد الحميد الثاني إلى رئيس كتّابه في الباب العالي تحسين باشا وذلك في معرض شرحه السبب في عدم استقباله الوفد اليهودي الذي جاء لمقابلته وعرض مساعدات مادية ومعنوية كبيرة على السلطنة العثمانية في حال قبولها بيع أراضٍ في فلسطين لليهود . *2
    فمن هو السلطان عبد الحميد الذي رفض العرض الأخير لليهود وقد سبقته عروض وعروض أخرى تعود على الأقل إلى العام 1840 ؟
    إن شخصية السلطان عبد الحميد الثاني هي شخصية يحلو للباحث أن يتوقف عندها طويلاً ، لكونها تتمتع بكل المواصفات التاريخية ، فلقد أمضى طفولة عجيبة ، ثم تسلم مقادير السلطنة في دولة مترامية الأطراف ، لكأنها أشبه بمركب كبير تتقاذفه الأمواج وسط بحر السياسة الدولية ، المضطربة آنذاك ، وحينما تربع على عرشه في قصر" يلدز" لم ينزل عنه حتى أمضى ثلاثة وثلاثين عاما ، ملأى بالإحداث والمؤامرات وزاخرة بقصص الحروب والثورات والحركات . ثم سقط عبد الحميد عن عرشه بعد طول صمود، ليمضي البقية الباقية من حياته وهو يكتب مذكراته ويرد على خصومه ونقاده.
    وقبل أن يوارى السلطان عبد الحميد في الثرى , كانت الأقلام مشرعة لتكتب عنه فإما متعاطفةً معه حتى الاستشهاد أو متصدية له حتى الموت ـ *3 .
    ولا حل وسط بينها.
    ولست بمعرض الحديث عن عهد عبد الحميد في الناحية الداخلية منه ، لذلك فإن مناقشتي "للعهد الحميدي" سوف تقتصر فقط على موقف السلطان عبد الحميد من محاولات الاستيطان اليهودي في فلسطين ؟ وما سبق هذا الموقف من تغلغل ـ لليهود ـ في جسم الدولة العثمانية وأسباب هذا التغلغل وظروفه ، وقصة نجاح اليهود مع بعض السلاطين [من أسلاف عبد الحميد] , وحكاية فشلهم مع القسم الأكبر من السلاطين العثمانيين، وخصوصاً قصة فشلهم مع السلطان عبد الحميد نفسه ؟
    وأيضاً ماتلا موقف السلطان عبد الحميد / ضد الاستيطان الصهيوني / من ردود فعل للصهيونية ومعها أذرعها ـ على منع عبد الحميد على اليهود البقاء بفلسطين ورفضه بيعهم الأراضي فيها , وممانعته المطلقة لاستيطانهم بفلسطين .
    وبالطبع فإن هذا يستلزم منا التساؤل ثم الإجابة وباختصار شديد ـ حول كل طرف من أطراف هذه القضية ـ وهم :
    ـ العثمانيون: أسلاف عبد الحميد وأسباب نجاحهم في إقامة دولة استمرت حوالي سبعة قرون ؟
    وماهية عداء أوروبا لهم ؟
    مما أدى في نهاية المطاف إلى تفكيك سلطنتهم ودوال دولتهم ؟
    وقصة العثمانيين مع اليهود : بأنواعهم ومذاهبهم وبالأخص وبتوسع , كيف ولماذا قام هؤلاء اليهود بتدمير حكم عبد الحميد وخلعه من السلطنة في العام 1909م ؟
    ومن ثم ـ قيام اليهود بإبراز جمعية سرية تعتبر من أخطر الجمعيات في نهاية عهد الدولة العثمانية وهي ـ " جمعية الإتحاد والترقي ": ودور هذه المنظمة و أعضاؤها في خلع السلطان ، ومن ثم موافقة هذه المنظمة بصفتها الهيئة الحاكمة الفعلية في السلطنة العثمانية على بيع الأراضي في فلسطين لليهود.

    2 ـ من هم العثمانيون ؟
    ومن هو السلطان العثماني عبد الحميد الثاني ؟
    العثمانيون : هم قبيلة تركمانية محاربة تسمى [ القبيلة الذهبية ] تنتمي إلى التجمع الحربي القبلي التركماني [النشابات الثلاثة] وقد انتقلت هذه القبيلة الذهبية مع الغزوات المغولية المتتالية ـ منذ أيام هولاكو, وصولاً إلى الغزو الكبير الذي قام به تيمورلنك في عام 1401م ـ هاربة من أمام وجه المغول من بلادها الأصلية الموجودة في تركستان الصين حالياً، وحتى توصلت في القرن الرابع عشر 1326 إلى إنشاء سلطنة صغيرة لها في أراضي آسيا الصغرى / تركيا حالياً. *4
    ومن ثم استغل [ العثمانيون ] ـ وهذا ما صار عليه اسمهم منذ بداية القرن الرابع عشر تقريبا ـ ضعف [ الدولة البيزنطية ] التي كانت ماتزال تحكم مدينة القسطنطينية وقسماً من الأناضول في ذلك الزمان ، حتى تمكنوا أخيراً في العام 1453 وبقيادة سلطانهم محمد "الفاتح" من انتزاع القسطنطينية من أيدي "البيزنطيين" , وأنهوا بذلك عهد الإمبراطورية البيزنطية الطويل الذي استمر إحدى عشر قرناً .*5
    وإن سيطرة العثمانيين على القسطنطينية وبعض المناطق الواقعة غربي تلك المدينة في قارة أوروبا [التي تعرف اليوم بادرنه ] منذ العام 1453 م قد تسببت في جعل أوروبا المسيحية تخشى وتخطط وتحسب عشرات الحسابات الإستراتيجية ضد العثمانيين , وقد بلغت خشية أوروبا وخوفها من الأتراك العثمانيين ذروتها خصوصاً حين ظهر السلطان سليمان "القانوني" على أبواب فيينا " النمسا" في عامي 1529 و1539 م , وكان ذلك بعد احتلاله لأوروبا الشرقية بأكملها تقريباً ومعها هنغاريا " المجر" وقسماً كبيراً من مملكة النمسا. *6
    وتلا عهد السلطان سليمان العديد من السلاطين الذين انتصروا على الأوربيين في الحروب , وحتى ـ مثلاً ـ في زمن انحدار العثمانيين أي خلال القرن التاسع عشر تمكن العثمانيون من الانتصار في حرب القرم 1854 ـ 1856م وذلك على دولة روسيا القيصرية بالذات . *7
    ـ حسب الدراسات التاريخية وخصوصاً الجامعية الأكاديمية الأحدث والتي تتمحور حول إعادة قراءة التاريخ العثماني بالاستناد إلى وثائق الأرشيف العثماني , وخصوصا تلك الموجودة منها في عاصمة السلطنة استانبول, لم يشكل عهد السلطنة العثمانية {خلال فترة وجودها الطويلة وقد قاربت على القرون الستة 1326ـ 1918 م , والتي لم يزد عليها في الزمان من الإمبراطوريات التي حكمت المشرق سوى الإمبراطورية البيزنطية ـ التي زادت عليها بخمسة قرون ـ } العبء الأعظم فهذه الدراسات التاريخية الحديثة، وهي على العكس من الدراسات القديمة التي كتبت في السابق حول العثمانيين والتي كان أغلبها ذا طابع أيديولوجي غير علمي حيناً أو طابع غربي إستشراقي محض أحياناً أخرى ، ولاسيما حينما حاول بعض من المستشرقين وأيضاً جماعة أخرى من الباحثين التقليديين أن يصوروا العثمانيين بمظهر الهمجيين المتوحشين ، مسقطين عليهم صورة المغول الذين سبق لهم أن أنقضوا على عاصمة الخلافة بغداد وصبغوا مياه الدجلة بالدم , ويقال أيضاً أنهم صبغوها بالحبر.
    والحبر: هو دم المخطوطات والكتب العربية والشرقية تلك الكتب والمخطوطات التي كانت تملأ مكتبات بغداد . *8
    إن الصورة الحقيقية للمرحلة العثمانية هي بخلاف ذلك ، وما يصح قوله عن العثمانيين في بعضٍ من سنواتٍ من مرحلةٍ تاريخيةٍ معينةٍ , وهذه المرحلة هي :

    [الفترة الأخيرة للعثمانيين [ 1800ـ 1918م ] ، لا ينطبق ولا يمكن له أن ينطبق على الفترة العثمانية بأكملها [ 1326 _ 1918م].

    ويوجد الكثير من الأدلة العلمية والتاريخية على صحة ما أوردته أعلاه ـ وقد كنت من الباحثين السباقين في التاريخ العثماني ـ في إيضاح وجهة النظر هذه أي من مدرسة : إعادة النظر في البحث وكتابة تاريخ العثمانيين ، وذلك من خلال الوثائق والشواهد وكان ذلك في أطروحتي الجامعية [مقاطعة صافيتا ـ التاريخ الاجتماعي والاقتصادي 1790ـ 1832] التي ناقشتها في الجامعة اللبنانية عام 1997 , ونلت عنها درجة الماجستير في التاريخ , ثم في كتابي المنشور بنفس العنوان عام 2002 م , وفيه توسعت ـ وبالوثائق ـ بصورة أكثر بكثير من الأطروحة الجامعية . *9
    وفي هذه البحث سوف أركز على عهد السلطان عبد الحميد الثاني , وعلى موقفه من المشروع الصهيوني وردود الفعل الصهيونية على هذا الموقف.
    من هو السلطان عبد الحميد الثاني ؟
    ولد عبد الحميد الثاني يوم الأربعاء 21/أيلول عام 1842م وهو ابن السلطان عبد المجيد من زوجته الثانية [وهي أرمنية الأصل] *10 .
    وحينما توفي والده عبد المجيد في عام 1861 خلفه عمه السلطان عبد العزيز , الذي اغتالته " جمعية تركيا الفتاة " عام 1876 م ، ومن ثم خلفه السلطان "مراد الخامس" أخو عبد الحميد الذي حكم 93 يوما ً فقط وتم خلعه بسبب ظهور أعراض الاضطراب النفسي عليه ، مما أدى إلى تولي أخوه السلطان عبد " الحميد الثاني " مقاليد الحكم مكانه في 31/ آب / 1876 وكان في الرابعة والثلاثين من العمر . *11
    كانت فترة حكم السلطان عبد الحميد من أصعب الفترات في القرون السبعة التي حكم بها العثمانيون على الإطلاق.
    وباختصار شديد للظروف الدولية :
    إن القوى الأوربية منذ العام 1800م وعلى رأسها أوروبا "المسيحية" وخصوصاً بريطانيا ـ ولم تكن خليفتها الولايات المتحدة قد برزت على الساحة الدولية بعد ـ كان يهمها من السلطنة العثمانية أكثر مايهمها , أمر وحيد جغرافيا وهو أمر إستراتيجي فريد وغير موجود إلا عند العثمانيين في تلك الفترة ألا وهو أن السلطنة العثمانية كانت تشكل جغرافياً مايسمى [ دولة حاجزة ] بين روسيا بحكامها القياصرة الأرثوذكس الذين كان سيفهم مسلطاً على " طريق الهند " , والهند هي المستعمرة والدجاجة التي تبيض ذهباً بالنسبة إلى بريطانيا في تلك الأيام , "مثلها مثل النفط في هذه الأيام" ـ من جهة ـ , وبين طريق الهند من جهة ثانية . *12
    ولذلك كانت بريطانيا ورغم كرهها الشديد " لرجل أوروبا المريض " وهو التعبير الشائع والمستعمل عندهم للكناية عن "العثمانيين" , كانت مضطرة ومرغمة على حقن ذلك الرجل المريض بالأدوية ومداواته بالمراهم بل وأحياناً دهنه بالطيب حتى ـ وكل ذلك وفقط ـ من أجل إبقائه حيا وواقفا على رجليه في وجه روسيا القيصرية ؟
    أما فرنسا والدول اللاتينية الأخرى التي تدور في فلكها " خصوصاً إيطاليا " , والتي كان موقفها من الدولة العثمانية قد بدأ يسوء منذ أيام حملة إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا على بلاد الشام في العام 1832م وبلغت العلاقات الفرنسية العثمانية ذروة توترها مع فشل تلك الحملة 1841م. *13
    يبقى لدينا ألمانيا التي كانت في عهد قيصرها "غليوم/وليام الثاني" معاصر السلطان عبد الحميد , والذي كان يدعم العثمانيين نكاية بفرنسا ومنافسةً لبريطانيا ولذلك كافأه عبد الحميد بإعطائه ألمانيا امتيازات أكبر من باقي الدول الأوروبية وكذلك بمنحها إمتياز تعهد سكة حديد بغداد . *14
    ـ أهم وأبرز مراحل العهد الحميدي :
    أ ـ المشروطية الأولى : كان الصدر الأعظم , رئيس الوزراء العثماني هو مدحت باشا الشهير , قد أعلن ـ المشروطية الأولى ـ في أيلول عام 1876 م بعد تسلم السلطان عبد الحميد الحكم مباشرة , وتعني المشروطية الأولى , القانون الأساسي للدولة العثمانية أي ـ الدستور العثماني ـ وقد تضمن إنشاء الدستور الحصانة النيابية والتشريع والميزانية والمحكمة العليا ونظام اللامركزية الإدارية .
    لم يتم تنفيذ المشروطية الأولى فعلياً بل كانت وليداً "مات قبل ولادته" كما يقال ، فقد أقيل أبو المشروطية مدحت باشا من منصبه في 5 شباط 1877م أي بعد خمسة أشهر من إعلان المشروطية وقد لعبت الأصابع "اليهودية والماسونية" دورها الخطير في التفريق بين الرجلين الكبيرين , أي بين السلطان عبد الحميد وبين مدحت باشا .
    ب ـ المشروطية الثانية : قامت ثورة "جمعية الاتحاد والترقي" على عبد الحميد عام 1908 م واتهمته بقتل مدحت باشا ، وسيطرت هذه الجمعية على مقاليد الحكم بالتدريج فأعلنت قيام المشروطية الثانية _الدستور الثاني _ في 24/ حزيران 1908 وكانت المشروطية الأولى مجمدة منذ العام 1877م .
    ولم يكن الدستور الثاني إلا تحقيقاً لمآرب الدول الغربية في السلطنة العثمانية وتمهيداً لإنهاء عهد السلطنة حيث تم خلع السلطان عبد الحميد في 24 نيسان عام 1909 وكان خلع عبد الحميد فعلياً هو بداية النهاية للسلطنة العثمانية.
    وتم تنصيب محمد رشاد الخامس سلطاناً مكان عبد الحميد ، وقد غدا السلطان محمد رشاد هذا ألعوبة في يد جمعية الاتحاد والترقي ومن ورائها القوى الغربية ولاسيما المحفل الماسوني الايطالي . وبقي رشاد سلطاناً "صورياً "حتى العام 1918 م ، وتلاه السلطان محمد وحيد الدين السادس [ 1918 ـ 1922م ] ، ثم جيء بآخر سلطان عثماني وهو عبد المجيد الثاني الذي قام بخلعه مصطفى كمال وإعلان الجمهورية التركية في عام 1924 .
    ملاحظة : تلقب السلاطين العثمانيين منذ بداية عهد عبد الحميد 1876 حتى خلع السلطان محمد وحيد الدين السادس وإعلان الجمهورية التركية عام 1924م بلقب "الخليفة" , وكانوا قد تلقبوا سابقا بلقب "حامي الحرمين الشريفين" .
    _ المحاولات الغربية / الصهيونية للاستيطان في فلسطين منذ 1840م , وخصوصاً في عهد عبد الحميد , وردة فعل عبد الحميد عليها:
    لم تكن محاولة اليهود " الكبرى" للاستيطان في فلسطين في العام 1901 هي الأولى من نوعها فقد سبقتها محاولات كثيرة أهمها :
    1ـ عام 1840 : وجه اللورد بالمر ستون وكان وزير خارجية بريطانيا رسالة إلى سفيره في إستانبول يطالبه فيها ببحث مسألة توطين اليهود في فلسطين مع السلطان العثماني وهو يحرضه على إغراء العثمانيين بالأموال الكثيرة التي سيجلبها هؤلاء اليهود .
    وبعد مرور عام أي في العام 1841 أرسل بالمر ستون رسالة أخرى إلى سفيره في الأستانة طالبه فيها بإقناع السلطان بإباحة هجرة اليهود وقال:
    " سيكون مفيداً جداً للسلطان إذا ما أغرى اليهود المبعثرين في أوروبا وأفريقيا بالذهاب والتوطن في فلسطين..." .
    2 ـ في عام 1882 م [وكان عبد الحميد قد صار سلطاناً ] أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قراراً بتحديد هجرة يهود أوروبا إلى أمريكا الشمالية وحاولت بالمقابل "دفش" هؤلاء اليهود باتجاه الهجرة إلى السلطنة العثمانية وخاصة إلى فلسطين .
    ولكن السفير الأمريكي في إستانبول أخفق في إقناع وزير خارجية عبد الحميد في عرض الفكرة عليه .
    3 ـ محاولة أخرى قامت بها بريطانيا في عام 1887م لدى السلطان عبد الحميد بالذات , بذلت فيها بريطانيا كل جهودها وإغراءاتها المالية ووعودها العلنية والسرية بالوقوف إلى جانب الدولة العثمانية , و لكن عبد الحميد ثبت على رفضه القاطع .
    4 ـ عام 1896م حاول ثيودور هرتزل عن طريق صلاته مع دوق بادن الأكبر الحصول على إذن لمقابلة القيصر الألماني غليوم وهو صديق عبد الحميد وشرح فوائد المشروع الصهيوني للقيصر علّه يساعد اليهود في إقناع السلطان ولكن القيصر الألماني تهرب لعلمه بموقف عبد الحميد الرافض.
    كما حاول "هرتزل" محاولة أخرى مع القيصر وكانت عند زيارة القيصر غليوم الثاني للسلطنة عام 1901 وذلك لغرض تمرير المشروع مع عبد الحميد , عن طريق الإغراء بالمال والإغراءات السياسية الأخرى , ولكن طلب هرتزل قوبل بالرفض القاطع.
    وكان هرتزل قد رسم سابقاً سياسات الاستيطان اليهودي المبرمج فقال في "يومياته" عام 1895عن بعض هذه السياسات ـ ما يلي :
    ( يتوجب علينا أن ننتزع الملكية الخاصة لأراضي فلسطين من أيدي ملاكها ، وينبغي أن يكون ذلك في لطف وفي منتهى السرية والتكتم والحذر الشديد ، وعلينا أن نقوم بتهجير السكان المعدمين ـ الفلسطينيين ـ عبر الحدود ، بعد أن نسد أمامهم كل مجال للعمل في بلادنا ـ فلسطين ـ بينما نحاول تأمين استخدامهم وتشغيلهم في بلدان العبور) .
    عندما سئل هرتزل عن الحدود الشمالية المقترحة للدولة اليهودية في مؤتمر بال عام 1897م وما إذا كانت " ستقف في حدودها عند مدينة بيروت أم ستتعداها شمالاً " ؟
    قال: " عندما نصل إلى بيروت سوف يكون من المهم أن نسأل أنفسنا هذا السؤال، إن حدود دولتنا سوف تتوقف على عدد المهاجرين إليها, كلما كان هناك مهاجرون أكثر كلما احتجنا إلى مساحات أكبر ومن الأرض أوسع ".
    بعد رفض عبد الحميد للاتصالات "غير المباشرة" , أتبعت الحركة الصهيونية المبدأ المباشر القائل " ماحك جلدك مثل ظفرك " ولذلك قرر زعمائها طلب المقابلة وجهاً لوجه مع السلطان عبد الحميد شخصياً لعرض المشروع عليه وكانت هذه هي :
    5 ـ المحاولة الكبرى التي بذلها الصهاينة لدى عبد الحميد وقد جرت في عام 1901م , {نقلا عن [شهادة شاهد عيان] , هو الشيخ علي شيخ العرب منقولة بحرفيتها عن كتاب الدكتور موفق بني المرجة , "صحوة الرجل المريض" } , وكانت هذه الشهادة على الشكل التالي :
    قام عدد من كبار زعماء اليهود وخصوصا الدونمه من الصهاينة وهم :
    1ـ المحامي "عمانوئيل مزراحي "قره صو / الماء الأسود / black water" : وهو يهودي من سالونيك ورئيس "محفل مقدونيا ريزورتا الماسوني" ومقر ذلك المحفل . وكان يجتمع فيه أيضاً أعضاء جمعية " تركيا الفتاة / الإتحاد والترقي" , هو في مدينة سالونيك .
    2ـ جاك قمحي : وهو رجل بنوك تركي وهام جداً ويعرف بلقب " روتشيلد إستانبول " .
    3 ـ ثيودور هرتزل : أمين عام المؤتمر الصهيوني الأول .
    4 ـ ليون كوهين : وهو شقيق موسيه كوهين من كبار رجالات الدونمه [ وقد غير "موسيه" اسمه على عادة الدونمه من "موسيه كوهين " إلى "مُنيس تكين آلب" : وهو اسم تركي ] . راجع هادي علي حسن , (13) ص 169.
    وذهب هؤلاء إلى قصر يلدز , وهو مقر حكومة عبد الحميد في إستانبول طالبين مقابلة السلطان العثماني فأستقبلهم تحسين باشا رئيس الكتاب , وأصر تحسين باشا على معرفة مايريدونه لينقله للسلطان حرفياً فأبدوا استعدادهم لـ :
    ـ الوفاء بجميع الديون المستحقة على الدولة العثمانية .
    ـ بناء أسطول لحماية الدولة .
    ـ تقديم قروض بخمسة وثلاثين مليون ليرة ذهبية, دون فائدة, لإنعاش مالية الدولة وإنماء مواردها.
    وكل ذلك مبدئياً هو مقابل :
    ـ إباحة دخول اليهود إلى فلسطين في أي يوم من السنة للزيارة .
    ـ السماح لليهود بإنشاء مستوطنات وخصوصا قرب القدس ينزل فيها أبنائهم بحجة الزيارة !
    وحينما نقل تحسين باشا ما سمعه إلى السلطان عبد الحميد , أجابه قائلا : قل لهؤلاء اليهود الوقحين [ أنصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جديدة في هذا الموضوع ، إنني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من هذه الأرض فهي ليست ملكي بل ملك للأمة الإسلامية التي جاهدت في سبيلها وروتها بدمائها فليحتفظ اليهود بأموالهم وملايينهم , وإذا ما مزقت يوماً دولة الخلافة فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن ؟
    أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من الدولة الإسلامية ، وهذا أمر لا يكون ، أنني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة [ .

    وقد أرسل عبد الحميد بعد ذلك إلى ممدوح باشا ناظر الداخلية مكلفا إياه بالاتصال برءوف باشا وهو متصرف القدس لكي يقوم فوراً بالتحري عن اليهود في فلسطين ولاسيما في القدس وحولها بحيث لا يبقى منهم إلا الزائرين للحج ولفترة محدودة.
    يتبع ....
    ـ الهوامش المرجعية والمصادر:
    1ـ بني المرجة [ د.موفق ] : صحوة الرجل المريض ـ مؤسسة الريان ـ دار البيارق ، بيروت ، 1984 ، ط1 ، ص 225

    2ـ المرجع نفسه : ص 213 ـ 214


    3ـ قلعجي [ قدري ]: مدحت باشا ، كتاب في جريدة ، جريدة السفير : " وهو مرجع يهاجم عبد الحميد لصالح ـ مدحت باشا " .
    4 ـ [محمد رفيق بك ، محمد بهجت بك ] : ولاية بيروت ـ القسم الشمالي ـ ، دار لحد خاطر ، بيروت ، 1987 ، ط3 ، من ص 25 إلى32.

    5 ـ صليبي [د. كمال سليمان] : بيت بمنازل كثيرة ، دار نوفل ، بيروت ، ط3 , ص 23 _ 24.
    6 ـ بني المرجة : صحوة الرجل المريض ، المرجع السابق ، من ص 467 حتى 503.
    7 ـ المرجع نفسه : من ص 467 حتى 503 .
    --
    ا.د. محمد إسحاق الريفي
    الجامعة الإسلامية بغزة
    غزة، فلسطين
    --
    http://freearabvoice.org/?p=366
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5

    رد: السلطان عبد الحميد وبيع فلسطين

    معقول فلسطين بيعت ---- اول مره اسمع

  6. #6

    رد: السلطان عبد الحميد وبيع فلسطين

    نكبتنا سبقت هجرتنا: نُكبنا يوم عُزل السلطان عبد الحميد الثاني (1ـ2)
    مصطفى إنشاصي
    خلال الأسبوعين الماضيين وصلني عبر البريد الالكتروني عدة مقالات عن
    السلطان عبد الحميد الثاني، بعضها يهاجمه ويتهمه ويحاول إعادة تشويه
    صورته وحقيقته كما فعل السابقون من أعدائه، والبعض يدافع عنه ويحاول أن
    ينصفه ويقول كلمة حق فيه. وللحق أني في عام 2003 قد صُدمت عندما تفاجأت
    بأنه مازال هناك البعض من الاتجاهات القومية مازال لم يغير موقفه أو
    يعترف بخطأه عندما ذم الرجل وشوه صورته في مناهجه الدراسية أو أدبياته
    الفكرية الحزبية، وما زال يحمل تلك العقلية الحجرية بعد مرور ما يقارب
    المائة عام على عزل السلطان عبد الحميد الثاني وتخليه عن العرش، وتَكَشُف
    كثير من الحقائق التي غابت عن أنصار ذلك الاتجاه وغيره حول الرجل، وحجم
    الظلم والافتراء الذي تعرض له منهم حياًَ وميتاً!.
    فقد كنت في تلك الفترة أكتب مقالة أسبوعية لإحدى الصحف ذات الاتجاه
    القومي، وفي أسبوع الإعلان عن توقيع اتفاقية جينف، تلك الاتفاقية التي
    وقعها ياسر عبد ربه مع شريكه يوسي بيلين، ومجموعة لا بأس بها ممن يزعمون
    أنفسهم مثقفين ومفكرين فلسطينيين ويهود، وفرطوا فيها بالكثير من حقوقنا
    وثوابتنا وعلى رأسها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الديار التي هجروا
    منها، وقد ناقشت في مقالتي بعض ما جاء في الاتفاقية، وفي آخرها ترحمت على
    السلطان عبد الحميد الثاني الذي تنازل عن عرشه، وقبل بحياة مهينة في
    منفاه في سالونيك، على أن يقبل بالموافقة على منح اليهود وطناً قومياً في
    فلسطين، ويكن سيد سلاطين وحكام زمانه بعدها، وأين هو موقف حكامنا العرب
    من ذلك الموقف؟!.
    وقد أرسلت المقالة عبر الفاكس واتصلت أسأل إن كانت وصلت أم لا؟ فجاءني
    الرد من رئيس التحرير: نعم وصلت ولكن فيها بعض الأسطر غير واضحة.
    وأرسلتها ثانية وثالثة وخامسة وكل مرة أتلقى نفس الرد! وفي المرة الأخيرة
    قلت له: دعني أكمل لك الأسطر الناقصة على الهاتف. فقال: طيب شوي وأنا
    أتصل بك لأني مشغول. قلت بانتظار اتصالك. وللأسف لم يتصل وقد شعرت أن في
    الأمر شيء ما ولم يخطر ببالي أن السبب هو مجرد سطر ذكرته عن فضل وموقف
    السلطان عبد الحميد.
    وفي اليوم التالي التقيت صديق عزيز لي مدير تحرير صحيفة أخرى كنت أكتب
    أيضاً فيها مقال أسبوعي، وأخبرته بما حدث من رئيس تحرير تلك الصحيفة وأنا
    مندهش فهذه أول مرة يحدث منهم ذلك؟! فسألني: إيش موضوع المقالة؟ وما أن
    أخبرته أن عنوانها "رحم الله السلطان عبد الحميد الثاني"، حتى ثار ضاحكاً
    وهو صاحب نكتة وخفيف الظل ومزوح جداً، وبدأ التعليق علي ممازحاً أني بعد
    هذا العمر والخبرة والثقافة ولم أعرف السبب؟! وأخيراً قال: يا رجل أنسيت
    أنهم (كذأ) أي تجاه قومي؟! لحظتها أفقت وصُدمت على أنه مازال يعيش بين
    ظهرانينا أناس بهذا الجهل والتخلف والحقد والجمود الصخري وليس الحجري!!.
    فقد تكون بعض تلك المقالات التي وصلتني وتهاجم السلطان عبد الحميد الثاني
    ونحن في عام 2010 من أنصار تلك الاتجاهات التي مازال يثقل صدرها حقد لا
    مبرر له! علماً أن أشد أعدائه من الذين شاركوا في المؤامرة عليه بعد
    سنوات فقط من عزله اعترفوا أنهم أخطئوا وأن السلطان عبد الحميد كان على
    الصواب وأنهم تم استغلالهم من قبل الماسونية، كما سيأتي في هذه الدراسة
    التي سأكتبها مختصرة لإنصاف الرجل الذي ضاعت فلسطين فعلياً يوم تم عزله.
    أو قد تكون بعض تلك المقالات من أولئك النفر المخدوعين أو المفتونين
    بالعصرنة ومتأثرين بالدعاية اليهودية ـ الغربية، وتأتي كتاباتهم سواء
    بوعي أو بدون وعي لتخدم صالح أعداء الأمة من الغرب واليهود، وذلك في معرض
    محاولاتهم تشويه صورة الحكومة التركية ذات الخلفية الإسلامية، من خلال
    إعادة نشر ما سبق أن كُتب ظلماً عن السلطان عبد الحميد، خاصة وأن الغرب
    يخشى من عودة تركيا بالكلية إلى جذورها الدينية، وعمقها الإسلامي الأصيل،
    وإلى جوارها التاريخي الذي يشترك معها في حمل نفس الهموم، بعد أن منع
    إسلام شعبها وتاريخا العريق في مواجهة الغرب دفاعاً عن الإسلام والأمة
    حصولها على عضوية الاتحاد الأوروبي، الذي هو في حقيقته تجمع دول نصرانية
    ديناً وغربية حضارة وثقافة وتاريخ، لا ترى في تركيا المسلمة إلا عدوها
    التاريخي مهما بلغت علمانيتها وتخلي حكوماتها عن الإسلام ومعاداته.
    فكيف والحكومة الحالية تعتز بانتمائها الإسلامي وتاريخ الإمبراطورية
    التركية (الخلافة الإسلامية)، وتسير باتجاه التخلي عن علاقاتها التاريخية
    مع كيان العدو الصهيوني لصالح نصرة فلسطين والقضايا العربية والإسلامية؟
    وذلك ما يقلق الغرب وكيان العدو الصهيوني، ويخشى من عودة تركيا إلى
    أصولها، وتشكيل نوع من الوحدة السياسية والاقتصادية وغيرها مع دول الجوار
    والعمق، تخل بالتوازنات والمعادلة التي وضعها العدو الصهيوني والغرب
    لتحكم علاقات أقطار وطننا ببعضها، والتي تخدم مصالحه ومصالح كيان العدو
    الصهيوني. فإلى جانب المواقف المتشدد التي اتخذه الساسة الأتراك ضد كيان
    العدو الصهيوني في المحافل الدولية وعلى صعيد العلاقات الثنائية، هناك
    تحرك لإقامة تحالفات سياسية حقيقة مع بعض دول الجوار، وهناك مساعٍ لإزالة
    كل الحواجز والموانع للتنقل بينها وبين بعض دول الجوار، كخطوة على طريق
    تسهيل عودة الدمج والاندماج الجماهيري والشعبي بين شعوب وطننا. إضافة إلى
    وقف تركيا للمناورات العسكرية المشتركة التي كانت تُجرى كل عام بالاشتراك
    مع كيان العدو الصهيوني، وكذلك التدريبات التي تجرى لبعض قوات العدو
    الصهيوني في تركيا ...إلخ في مقابل إجرائها مع سوريا. وغير ذلك ليس
    موضوعنا الرئيس.
    قد يكون ذلك التقارب التركي ـ العربي ما دفع البعض متأثراً بالدعاية
    الصهيونية ـ والغربية للكتابة بنفس التوجه القديم لزرع الفتنة في النفوس
    الضعيفة والمريضة والتحذير من عودة الأطماع التركية الإمبراطورية إلى
    مناطق نفوذها السابقة مستغلة الدين والتاريخ المشترك كما استغله أسلافها!
    من الإنصاف أن نقف بعض الشيء مع سيرة هذا الرجل الذي نذر أمثاله في هذا
    العصر، ونحن نعلم بداية أننا مهما تكلمنا عنه فلن نوفيه جزء من حقه، ولكن
    محاولة نرد له فيها بعض فضله، وكلمة حق نقدمها كما قدمها غيرنا لنرفع بها
    بعض الظلم الذي لحق به من أعداء الأمة، ومن بعض المسلمين، وذلك من خلال
    طرح بعض المخططات الغربية ـ اليهودية ضد الأمة والوطن، لأن مخطط تشويه
    سمعة الرجل والافتراء عليه وعزله لم يكن إلا جزءً من مخطط أكبر، وهو مخطط
    القضاء على الكيان السياسي والوحدة السياسية للمسلمين، وتفتيت الأمة
    والوطن الإسلامي، وزرع كيان العدو الصهيوني في فلسطيننا، ليكون "أداة"
    الحفاظ على "أنظمة التجزئة"، أنظمة سايكس ـ بيكو، التي أعلنت كونداليزا
    رايس أثناء العدوان الهمجي الصهيوني على لبنان عام 2006: "أنها لم تعد
    تؤدي الدور الذي أنشئت من أجله"! ذلك الدور هو حفظ أمن العدو الصهيوني،
    لذلك: "لا بد من إعادة تشكيل الخارطة السياسية لـ(الشرق الأوسط)". أي
    مزيد من التفتيت والتشطير لتلك الأنظمة، ما يعني أن الغرب مازال يخطط
    ونحن نيام.
    وسوف أركز حديثي عن السلطان عبد الحميد على أربعة محاور رئيسة، ألقي من
    خلالها الضوء على فكر الرجل ورؤيته الثاقبة للخطر الذي كان يحدق بالأمة
    وقتها، ومحاولته منع وقوعه ولكنه للأسف لم يفهمه إلا القليل. وتلك
    المحاور هي:
    1ـ محاولته الحفاظ على الوحدة السياسية للأمة واستعادة نهضتها التي تمثلت
    في دعوته لتشكيل الجامعة الإسلامية، في وجه مخططات الغرب واليهود القضاء
    على الخلافة الإسلامية.
    2ـ إدراكه للبعد الإسلامي في القضية المركزية للأمة ـ فلسطين ـ قبل أن
    تصبح قضية، ومحاولته إفشال المخطط اليهودي ـ الغربي ضد الأمة والوطن.
    3ـ وعيه بالأبعاد الحقيقة للمشروع الصهيوني ضد الأمة والوطن، لذلك رفض
    الموافقة على استجلاب اليهود من أصقاع العالم إلى فلسطين.
    4ـ تضحيته بالعرش والسلطان مقابل ألا يتنازل عن فلسطين.
    أولاً: مخططات الغرب للقضاء على الخلافة الإسلامية
    لقد كان من ضمن الدروس الكثيرة التي تعلمها الغرب الصليبي من هزيمته في
    الحروب الصليبية واندحار جيوشه أمام المسلمين، أن مصدر قوة الأمة
    الإسلامية لا يكمن في عددها ولا عدتها أو ثرواتها وموقعها الاستراتيجي،
    ولكن يكمن في قوة عقيدتها ووحدتها السياسية التي هي مصدر وجودها
    ومكوناته. وقد كان من أشهر الوثائق التي وضعت في ذلك أيام الحروب
    الصليبية، وثيقة خطيرة وضعها (لويس التاسع) بعد خروجه من الأسر في دار
    ابن لقمان بالمنصورة، لازالت محفوظة في دار الوثائق القومية في باريس،
    وضع فيها خلاصة تجارب الغرب في حروبه الصليبية مع المسلمين، في نقاط
    دقيقة وخطيرة طبقها الغرب بعد قرون طويلة من وضعها، بعد أن أصبحت له
    الكرة والغلبة في وطننا الإسلامي، مما مكن له من استمرار وجوده في وطننا
    حتى بعد اندحار جيوشه العسكرية وآلته الحربية وخروجها من وطننا، وقد جاء
    في تلك الوثيقة:
    "إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال حرب، وإنما يمكن الانتصار
    عليهم بواسطة السياسة وبإتباع ما يلي:
    أ‌) إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين وإذا حدثت فليعمل على توسيع شقتها ما
    أمكن حتى يكون هذا الخلاف عاملاً في إضعاف المسلمين.
    ب‌) عدم تمكين البلاد الإسلامية والعربية أن يقوم فيها حكم صالح.
    ت‌) إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء حتى
    تنفصل القاعدة عن القمة.
    ث‌) الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه ويضحي في سبيل مبادئه.
    ج‌) العمل على الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة.
    ح‌) العمل على قيام دولة غربية في المنطقة العربية في المنطقة العربية
    تمتد حتى تصل إلى الغرب.
    فقد كان مما تعلمه الغرب الصليبي من هزيمته في الحروب الصليبية أثر
    الخلافة الإسلامية في وحدة المسلمين السياسية، وأنها تمثل الرابطة
    السياسية التي تربط بين المسلمين على اختلاف أجناسهم وأعراقهم ولسانهم،
    وتجعل منهم كياناً سياسياً واحداً على رأسه الخليفة الذي له الكلمة
    المسموعة في كل شئون الحياة السياسية وغيرها، والخلافة هي الإطار الذي
    يحافظ على وحدة المسلمين وترابط الجسد الإسلامي مهما كانت عوامل ضعفه،
    ولقد ظلت الخلافة الإسلامية مع ضغطها القوة التي يخشاها الغرب الصليبي في
    وطننا والتي تعيق تحقيق أهدافه وغاياته في بلاد المسلمين. وذلك ما عبر
    عنه (جوستاف لوبون) وهو يحذر وينذر الغرب الصليبي في العصر الحديث من خطر
    قدرة الإسلام على إعادة توحيد شعوب الأمة، رغم ما بينها من اختلافات،
    قائلاً: "رغم ما بين الشعوب الإسلامية من فروق عنصرية، فانك ترى بينها من
    التضامن الكبير ما يمكن أن يشدها ويجمعها تحت راية واحدة في أحد
    الأيام".
    ولم ينفك قادة الغرب من السياسيين والمفكرين والمنصرين والمستشرقين
    وغيرهم من التذكير بخطر الخلافة الإسلامية عليهم طوال قرون، وأن عليهم
    القضاء على الوحدة والكيان السياسي الإسلامي إن هم أرادوا السيطرة على
    المسلمين. فهذا القسيس المنصر (ليبسوس) في أحد تقاريره لمرؤسيه ينصح لهم
    كيف عليهم أن يوجهوا كل قواهم للقضاء على الخلافة الإسلامية، بقوله: "إن
    نار الكفاح بين الصليب والهلال لا تتأجج في البلاد النائية في مستعمراتها
    في آسيا وأفريقيا بل ستكون في المراكز التي يستمد منها الإسلام قوته،
    عاصمة الخلافة، فإن كل الجهود التي نبذلها لا تأتي بفائدة إذا لم يتم
    التوصل إلى القضاء عليها...". لذلك كان يتوجب على الغرب القضاء على
    الخلافة الإسلامية لينفرط العقد وتتناثر حباته كلٌ في اتجاه مختلف.
    وذلك كان هدف الحروب التي شنتها الدول الغربية في القرنين التاسع عشر
    والعشرين على دول الدولة العثمانية، تلك الحروب التي كانت متميزة بطابع
    ديني، يقول (لورنس براون): "وكذلك شنت الدول الأوروبية في القرن التاسع
    عشر والعشرين حرباً عدوانية على الحكومات المسلمة ثم انتزعت منها أرض
    ضمتها إلى سلطانها هي، ولقد كانت النتائج في أحوال كثيرة غير سارة لبعض
    الشعوب التي استعبدت وخصوصاً من المسلمين ولكن هذه الشعوب لم تصل بعد إلى
    درجة تشعر أنها مضطهدة أو أنها تعيش في حابورات "أحياء اليهود الجيتو"
    أما غاية الدول الأجنبية من محاربة الدولة العثمانية فكانت كما يراها
    المبشرون لعل الله الرحيم يضرب الأتراك بسيف قدرته الجبار".
    أما (لورانس العرب) فقد كان أكثر وضحاً وتصريحاً في طرح مخططاته للقضاء
    على الكيان السياسي الإسلامي (الخلافة العثمانية)، فقد كتب في أحد
    تقاريره: "علينا أن ندفع بالغرب لانتزاع حقوقه من تركيا بطريق العنف..
    لأننا بهذا نقضي على خطر الإسلام وندفع به (أي الإسلام) لإعلان الحرب على
    نفسه وبذلك نمزقه من القلب. إذ ينهض في مثل هذا الصراع خليفة في تركيا
    وخليفة في العالم العربي. ويخوض الخليفتان حرباً دينية وبذلك يقضي على
    خطر الخلافة الإسلامية بصورة نهائية..". والخليفة العربي الذي صنعه لورنس
    ودفعه لقتال الخليفة العثماني والتمكين للمستعمرين الصليبيين في وطننا هو
    الشريف: الشريف حسين بن علي الذي تسببت في وقوع الدول العربية كلها تحت
    الاحتلال الغربي.
    إن الرغبة الشديدة عند الغرب الصليبي للقضاء على الخلافة الإسلامية من
    أجل تفتيت الوطن الإسلامي، هي التي اضطرته لتوحيد جهود وجمع كلمته ـ كما
    يقول (وديع تلحوق) في كتابه "الصليبية الجديدة في فلسطين": "إن الدول
    الأوربية اجتمعت كلها على هدف واحد برغم ما بينهما من تباين آراء وتضارب
    مصالح وهو القضاء على الإمبراطور العثمانية، وأذاعوا أن الأتراك المسلمين
    يضطهدون المسيحيين، وأن هذه الدولة تقوم على عنصر ديني، وتستهدف استئصال
    المسيحيين من سائر القارة الأوربية إذا تسنى لها ذلك، وعلى هذه الصورة
    امتدت أصابع الغرب الصليبي إلى صميم الشرق العربي رويداً رويداً. وقد
    رأينا جيوش الصليبية تغمر سواحل البلاد العربية، وقد حاولت أن تستغل حركة
    التحرر العربي حتى إذا تم لها الفتح وساعدها سكان البلاد كشرت عن
    أنيابها، ووقفت تقول للشعوب العربية أنتم جزء من الغنائم والأسلاب، لا
    شركاء في الظفر والفتح).
    ذلك كان موقف الغرب من الوحدة السياسية الإسلامية المتمثلة في دولة
    الخلافة العثمانية، وذلك كان مخططه للقضاء على الكيان السياسي الإسلامي
    وتفتيت وحدة المسلمين.
    الجامعة الإسلامية في فكر السلطان عبد الحميد
    يعتبر السلطان عبد الحميد الثاني هو آخر السلاطين العثمانيين الفعليين،
    وقد حكم في الفترة من (1876-1909)، في ظل ظروف صعبة كانت تحيط بدولة
    الخلافة، ومؤامرات شرسة في الداخل والخارج كانت تُحاك ضد الدولة
    العثمانية، ومشروع صهيوني ناشئ يريد قلب الأمة والوطن ـ فلسطين ـ وطناً
    قومياً لليهود (دولة يهودية)، وتساقط أقطار الوطن الإسلامي الواحدة تلو
    الأخرى تحت الاحتلالات الغربية، الاحتلال الفرنسي للجزائر عام 1830، تلاه
    الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839، وفي عهده الاحتلال الفرنسي لتونس عام
    1881، والاحتلال البريطاني لمصر 1882. ومن أجل وقف ذلك التراجع في قوة
    المسلمين والحفاظ على الوحدة السياسية للمسلمين، واستعادة نهضة الأمة،
    والحفاظ على تماسك ووحدة ما تبقَ من أقطارهم ومنع وقوعها تحت الاحتلال
    الغربي، أطلق فكرته (الجامعة الإسلامية)، التي كانت الصرخة الأخيرة
    للحفاظ على وحدة المسلمين سياسياً وجغرافياً، ولتحرير ما احتل من بلادهم.
    فقد كان السلطان عبد الحميد مؤمناً بفكرة (الجامعة الإسلامية)، كما كان
    متميزاً بتقواه وغلبة الوازع الديني عنده، واعتزازه بالإسلام وتاريخه
    الإسلامي، وكان طموحه كبيراً ويتركز على إعادة وحدة المسلمين ونهضتهم،
    وإعادة بناء قوتهم تحت راية الخلافة الإسلامية، ليستطيع الإسلام ممارسة
    دوره الحضاري، وليعود المسلمين لعطائهم الحضاري للحضارة الإنسانية كما
    كان أسلافهم. وليتمكنوا من مواجهة غزو الحضارة الغربية لهم ووقف أطماع
    الغرب الصليبي في وطننا. فقد كان السلطان عبد الحميد يرى "أن الإسلام هو
    القوة الوحيدة التي تجعلنا أقوياء ونحن أمة حية قوية ولكن شرط أن نصدق في
    ديننا العظيم". وقد كان يشاركه الرأي نفسه جمال الدين الأفغاني وكثير من
    المفكرين في ذلك الوقت.
    وفي المقابل كان الغرب الصليبي في ظل تلك الظروف الصعبة التي كانت تمر
    بها دولة الخلافة الإسلامية العثمانية في نهاية القرن التاسع عشر، يشعر
    ويمني نفسه باقتراب زمن اقتسامه لممتلكات دولة الخلافة، وانتزاع فلسطين
    من السيادة الإسلامية، ويعمل جهده منع أي حدث ممكن أن يؤخر تحقيقه
    لأطماعه في وطننا، وتنفيذ مخططاته لمخططاته ضد الأمة والوطن. وقد كان
    السعي الحثيث من آخر الخلفاء العثمانيين الفعليين ـ السلطان عبد الحميد
    الثاني ـ لإعادة توحيد الأمة الإسلامية، واستعادة قوتها ومجدها، وبعث
    الروح القوية في نظامها السياسي، من خلال الدعوة إلى فكرة "الجامعة
    الإسلامية" التي لو قدّر لها النجاح لانحصر الغرب داخل حدوده مرة أخرى،
    كما حدث أيام مجد الإسلام السياسي، وما كان أفلح اليهود في اغتصاب
    فلسطين، هو ما أثار الغرب ضد السلطان عبد الحميد وأرعبه كثيراً منه، وخشي
    من نجاح فكرة الجامعة الإسلامية ومن عودة الروح والتماسك للأمة من جديد.
    فالغرب يدرك جيداً وأكثر من كثير من المسلمين؛ أن الإسلام في المفهوم
    السياسي الصحيح يمثل الوطن للمسلم، وذلك ما عبر عنه المستشرق الفرنسي
    (هانوتو) مستشار وزارة (الاستعمار) الفرنسية بقوله: "إن شعور المسلمين
    مبهم من حيث الجامعة السياسية أو الرابطة الوطنية فالوطن عندهم هو
    الإسلام، وهم يقولون: إن السلطة مستمدة من الإلوهية فلا يجوز أن يتولاها
    إلا المسلمين". إن هذا المفهوم الغربي للإسلام هو الذي دفع الغرب للثورة
    ضد دعوة السلطان عبد الحميد الثاني وجمال الدين الأفغاني وغيرهما للجامعة
    الإسلامية في القرن التاسع عشر وعمل على تشويهها. فقد كتب أحد المستشرقين
    الفرنسيين في ذلك قائلاً: "كانت حركة الجامعة الإسلامية، هي الغول المرعب
    في ذلك العصر، على نفس الطريقة وفي نفس الزمن الذي انتشر الرعب فيهما من
    الخطر الأصفر وكانت هذه الكلمة ـ حركة الجامعة الإسلامية ـ نفسها توحي
    بالتطلع الإسلامي للسيطرة وبأيديولوجيا عدوانية، وبمؤامرة على نطاق
    عالمي".
    كما يقول (لوثروب): كانت دعوة السلطان عبد الحميد للجامعة الإسلامية
    بمثابة "استصراخ الأمم الإسلامية في كل رقعة من رقاع العالم الإسلامي
    لتمد يد العون إليه وشد أزره بالالتفاف حوله، قاصداً قذف الرعب في روع
    الدول الغربية التي خالها تأتمر فيما بينها وتتخذ الوسائل للقضاء على
    المملكة العثمانية"، وقد بلغ أمر هذه الدعوة غايته؛ وهي تكتيل المسلمين
    وجمع كلمتهم وتهيؤهم للجهاد، حتى كان السلطان يفاوض الدول الكبرى
    ويساومها، بل ويهددها أحياناً، مُلوّحا بسلاح الجهاد".
    ثانيا: البعـد الإسـلامـي فـي الـصراع
    على الرغم من ضعف المعلومات والتوثيق عن الحضور الإسلامي في الكتابات
    القومية والوطنية العربية والفلسطينية، مقارنة بما حشدوه من كم هائل عن
    الحركة القومية والوطنية ودورهما في قيادة الصراع ضد الهجمة، إلا أن
    الباحث يجد في طيات تلك الكتابات كماً لا بأس به عن دور الإسلام والحركة
    الإسلامية وفاعليته في التصدي للهجمة، بل وقيادتها في الوقت نفسه للثورات
    والمقاومة المسلحة للاحتلال الغربي لوطننا وأن كان الحضور الإسلامي
    للصراع ومواجهة الهجمة جماهيرياً وشعبياً لم يغيب عن ميدان المعركة. ونحن
    هنا لسنا في معرض التوثيق أو التأريخ لدور القيادات الإسلامية في قيادة
    الجماهير والشعوب العربية والإسلامية، أو لدور الإسلام في تحريك الشعوب
    للتفاعل مع قضية الأمة المركزية بأشكال وصور مختلفة، ولكننا نريد التذكير
    فقط في عناوين قصيرة بالحضور الإسلامي في مراحل الصراع الأولى، ونركز على
    حضور هذا البعد في عقل وفكر ومخططات العدو الصهيوني، وكم هو الرعب
    اليهودي من حضور هذا البعد، فكيف إذا قاد هو المعركة؟!!، لذلك عملوا
    جهدهم منذ البداية على تغييبه.
    ولقد كان أول من أدراك من أصحاب القرار البعد الإسلامي في الصراع وفي
    الهجمة اليهودية ـ الغربية على الأمة والوطن، هو السلطان عبد الحميد، فقد
    كان يتمتع بحس ووعي إسلامي جعله يدرك النوايا الشريرة التي يضمرها اليهود
    ضد الأمة والوطن من وراء أطماعهم في فلسطين، ما جعله يرفض الموافقة على
    تحقيق الأماني اليهودية في فلسطين، ما دفع الحلفاء اليهود والصليبيين إلى
    التآمر عليه والإطاحة به عن العرش. ونود التأكيد من البداية أن السلطان
    عبد الحميد كان يتابع تحركات اليهود ومخططاتهم من قبل توليه السلطنة،
    أيام كان مقيماً في ألمانيا قبل توليه الخلافة، وكانت الفكرة الصهيونية
    أيامها في بداياتها، وكان يكتب عنها بعض المفكرين الصهاينة في الصحف
    الألمانية وقد كان متابعاً لتلك الكتابات، ما جعله يدرك أكثر من غيره
    أبعاد مخطط اليهود في فلسطين وخطره على الأمة والوطن، لذلك فإن موقفه من
    الصهيونية لم يكن طارئاً، ولكن كان موقفاً نابعاً من عقيدة صلبة عنده،
    وغيرة على دينه مقدساته. "ونستطيع القول باطمئنان بأن عبد الحميد الثاني
    بنفسه هو الذي وضع الجحر الزاوية لسياسة مواجهة الحركة الصهيونية حيث كان
    مُصراً على منع الهجرة اليهودية إلى فلسطين بأي ثمن، بالإضافة إلى أنه
    طلب من وزرائه أن يدرسوا ويحيطوا بعناية بكافة جوانب المسألة في
    اجتماعاتهم، وأن يخرجوا بسياسات محددة ومتكاملة في الوقت نفسه لكي
    يواجهوا بها الظاهرة الصهيونية على الصعيد المحلي والعالمي".
    فقد كتب في مذكراته ما يؤكد حقيقة إدراكه لأبعاد المشروع الصهيوني في
    فلسطين، وأن ذلك الإدراك هو الذي منعه من الموافقة عليه، وأن المسلمين
    أحق من اليهود بفلسطين: "إن الزعيم الصهيوني هرتزل لم يقنعني بأفكاره،
    وقد يكون قوله ـ هرتزل ـ: (ستحل المشكلة اليهودية يوم يقوى فيه اليهودي
    على قيادة "محراثه" صحيحاً في رأيه، إنه يسعى لتأمين أرض لإخوانه اليهود،
    لكنه ينسى أن الذكاء ليس كافياً لحل جميع المشاكل ... لن يكتفي الصهاينة
    بممارسة الأعمال الزراعية في فلسطين بل يريدون أموراً أخرى مثل تشكيل
    حكومة وانتخاب ممثلين، إنني أدرك أطماعهم جيداً لكن اليهود سطحيين في
    ظنهم أنني سأقبل بمحاولاتهم. وكما أنني أقدر في رعايانا من اليهود
    خدماتهم لدى الباب العالي فإني أعادي أمانيهم وأطماعهم في فلسطين". وذلك
    لأنه كان يعلم أهداف الحركة الصهيونية ومقاصدها منذ نشأتها وبدأ يعارض
    مخططاتها، وكثيراً ما كان يردد: "إن عليهم أن يستبعدوا فكرة إنشاء دولة
    في فلسطين لأنني لازلت أكبر أعدائهم". ذلك الإدراك المبكر من السلطان عبد
    الحميد الثاني كان يشاركه فيه كثير من العلماء والمفكرين والزعماء
    والقيادات العربية والإسلامية، وكذلك الجماهير الفلسطينية بفطرتها، على
    بساطتها وتواضع تعليمها وثقافتها.
    وكما كان السلطان عبد الحميد مدركاً لخطر المشروع الصهيوني على فلسطين
    والأمة، فإنه كان مدركاً أيضاً لأهمية أن يبقى العنصر العربي في فلسطين
    متفوقاً على اليهود، فقد كتب في مذكراته يقول: "... ولكن لدينا عدد كافٍ
    من اليهود، فإذا كنا نريد أن يبقى العنصر العربي متفوقاً، علينا أن نصرف
    النظر عن فكرة توطين المهاجرين في فلسطين وإلا فإن اليهود إذا استوطنوا
    أرضاً تملكوا كافة قدراتها خلال وقت قصير، وبهذا نكون قد حكمنا على
    إخواننا في الدين بالموت المحتم". وهذا الموقف عند السلطان عبد الحميد
    موقف ثابت ونابع عن وعي وإدراك للأهداف اليهودية، فنحن نجده أيضاً يكتب
    في مذكراته: "من المناسب أن نقوم باستغلال الأراضي الخالية في
    الإمبراطورية، وهذا يعني من جانب آخر، أنه كان علينا أن ننهج إتباع سياسة
    تهجير خاصة، ولكننا لا نجد أن هجرة اليهود مناسبة لأن غايتنا هي استيطان
    عناصر تنتمي إلى دين أسلافنا وتقاليدنا، حتى لا يستطيعوا الهيمنة على
    زمام الأمور في الدولة".
    ويتجلى موقفه الإسلامي في رفضه ذلك مع شدة الإغراءات، عندما يقول في
    مذكراته ص11-12: "لماذا نترك القدس... إنها أرضنا في كل وقت وفي كل زمان
    وستبقى كذلك. فهي من مدننا المقدسة، وتقع في أرض إسلامية، لابد أن تظل
    القدس لنا".
    كما أن رسالته التي أرسلها من سجنه ومنفاه في سالونيك مع أحد حراسه إلى
    شيخه في الطريقة الشاذلية في حلب (الشيخ محمود أبو الشامات)، تشهد له على
    ثبات موقفه الإسلامي، حيث يقول فيها: "(إن هؤلاء الاتحاديين قد أصروا علي
    بأن أصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الأرض المقدسة (فلسطين) ورغم
    إصرارهم، لم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف، وأخيراً وعدوا بتقديم مائة
    وخمسين مليون ليرة إنجليزية ذهباً، فرفضت هذا التكليف بصورة قطعية أيضاً،
    وأجبتهم بهذا الجواب القطعي: إنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهباً، فلن أقبل
    بتكليفكم هذا بوجه قطعي، لقد خدمت الملة الإسلامية والأمة المحمدية ما
    يزيد على ثلاثين سنة فلم أسود صحائف المسلمين). وبعد جوابي هذا اتفقوا
    على خلعي، وأبلغوني أنهم سيعيدونني إلى سالونيك، فقبلت بهذا التكليف
    الأخير. هذا وحمدت المولى وأحمده أنني لم أقبل بأن ألطخ العالم الإسلامي
    بهذا العار الأبدي الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في الأراضي
    المقدسة: فلسطين".
    وعندما ازداد النشاط الصهيوني في فلسطين وخارجها إعلامياً، وشعر السلطان
    عبد الحميد بخطورة أهداف الحركة الصهيونية في فلسطين، التي بدأت تتمتع
    إلى حد ما بحماية دولية، وبدأت تمارس الدول الغربية على تركيا شبه ضغط
    لصالح اليهود، "أصدر السلطان عبد الحميد قوانين جديدة في حزيران/يونية
    1898م منع فيها اليهود الأجانب من دخول القدس على أن هذه القوانين لقيت
    معارضة من القنصليات الأجنبية. فابرق متصرف القدس إلى الباب العالي (يطلب
    منه تعليمات دقيقة ومحددة حول القوانين الجديدة) وجاء الرد بعد شهرين
    وبالذات في 25 آب/أغسطس عام 1898م ـ أي قبل انعقاد المؤتمر الصهيوني
    الثاني بثلاثة أيام ـ يطلب الصدر الأعظم تنفيذ قوانين الهجرة الخاصة
    باليهود". وقد أكد ذلك القنصل البريطاني في القدس (ديكسون) وقد بلغ من
    تشدد السلطات العثمانية في تنفيذ هذه القوانين أنها منعت نائب القنصل
    البريطاني في أنطاكية من الدخول ما لم يقدم التعهد المطلوب باعتباره
    يهودياً. ومما جاء في بنود القوانين الجديدة:
    أ‌- لا يسمح لليهودي الأجنبي زيارة الأراضي المقدسة إلا بداعي الزيارة
    الدينية.
    ب‌- يتوجب عليهم دفع تامين مالي أثناء دخوله البلاد.
    ت‌- يتعهد بمغادرة البلاد خلال ثلاثين يوماً.
    ولم يكن التشدد في منع هجرة اليهود مقتصراً على منطقة القدس فحسب: "بل
    حدث أن منع قائمقام يافا بعض اليهود الإنجليز من دخول البلاد وأعادهم إلى
    السفينة، كما قام بطرد عائلتين يهوديتين لانتهاء زيارتهما، وكانت مثل هذه
    القوانين تطبق في مختلف أنحاء فلسطين إلا أن المرتشين من الحكام كثيراً
    ما كانوا يعطلون من فعاليتها".
    ولكن اليهود في المقابل حاولوا أن "يستغلوا كل فقرة وجدوها في الحكم
    العثماني المحلي، فبعد نقل متصرف القدس "توفيق بك" المشهور بتشدده حيال
    الهجرة اليهودية في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1900م تبين أن اليهود وجهوا
    أنظارهم مرة ثانية إلى المتصرفية لأن المتصرفين الثلاثة الذين خلفوه في
    المنصب لم يكونوا مثله من حيث الأمانة والإخلاص. ولكن الحكومة العثمانية
    أصدرت في تشرين الثاني/نوفمبر 1900م (القوانين المتعلقة بالزوار اليهود
    للأراضي المقدسة) حيث ألغت قانون تامين الخمسين ليرة تركية وتحديد
    الإقامة بـ(31 يوماً) الصادر عام 1887م وما يليه، وسمح لكل يهودي أجنبي
    يزور فلسطين بالإقامة فيها ثلاثة أشهر مقابل تسليم جوازه، وإعطائه بدلاً
    منه جوازاً أحمر خاصاً مقابل تعرفة رسمية هي قرش واحد". وفي كانون الثاني/
    يناير عام 1901م وضعت السلطات العثمانية أوامر الباب العالي موضع
    التنفيذ، ورفضت السماح لليهود بدخول القدس ما لم يقبلوا بالفترة الجديدة
    المحددة لإقامتهم، والتي تمتد إلى (91) يوماً فحسب". وعلى الرغم من
    احتجاج قناصل الدول الأجنبية على ذلك إلا أنه لم تتغير هذه القوانين.
    10/5/2010

  7. #7

    رد: السلطان عبد الحميد وبيع فلسطين

    كيف تغلغل يهود الدونمة في شرايين العثمانيين عهد السلطان عبد الحميد
    مقال اقتنصته ربما اماط اللثام على الكثير من الحقائق:

    السلام على الشعب التركي المسلم,السلام عليكم ياأحفاد محمد الفاتح الذي مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال إخباراً عن ربه
    ( لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش)
    رواه البخاري وأحمد في مسنده والحاكم عن عبد الله بن بشر الغنوي عن أبيه
    السلام عليكم يا أحفاد السلاطين والقادة الفاتحين العظام(الغازي عثمان ارطغرل, وسليم الاول,وسليمان بن سليم,وعثمان الاول,واورخان,وبايزيد,وعبدالحميد الثاني).
    ما كان للمشروع اليهودي في فلسطين أن تقوم له قائمة ودولتكم العثمانية قائمة على الوجود,فهي كانت السد المنيع في وجه أصحاب هذا المشروع,وقصة مقابلة صاحب فكرةهذا المشروع اليهودي(هرتسل)للخليفةالعثماني الأخير(السلطان عبد الحميد) رضوان الله عليه ومُساومته على القبول بتفيذ هذا المشروع على أرض فلسطين مقابل إغراءات مالية كبيرة جداً ورفض السلطان عبد الحميد رحمه الله هذا العرض بعُنف وطرده (لهرتزل)ومن معه من اليهود شر طردة قد سجلها التاريخ بأحرف من نورحيث طردهم قائلاً لهم:
    (إن هذه أرض الاسلام فتحها عمر وحررها صلاح الدين وهي مُلك للمسلمين وأنا لا أملك أن أتصرف بما لا أملك فأنا أمين عليها وان جسدي يتقطع إربا إربا أهون علي من أن أفرط بهذه بأمانة الارض المقدسة المباركة)فما كان من هذا اليهودي الخبيث(هرتزل)إلا أن قال وهو خارج من الباب مذموماً مدحوراً لتحسين باشا رئيس وزراء السلطان عبد الحميد قل للسلطان عبد الحميد(ان رفضك هذا سيُكلفك مُلكك وسلطانك)
    وعندما قال هرتزل هذا القول لم يقله من فراغ وإنما قاله وهو يعرف أن اليهود المعروفين ب(يهود الدونمة)الذين كانوا يُظهرون الاسلام ويُبطنون اليهودية قد أصبحوا يُسيطرون على كثير من مفاصل الدولة العثمانية ومتغلغلين في شراينها وعروقها كالسم الفتاك,وبالفعل لم تمض بضعة سنوات على هذه المقابلة حتى إستطاع (يهود الدونمة)عزل السلطان عبد الحميد اخر الخلفاء العثمانيين بواسطة (جمعية الإتحاد والترقي الماسونية)التي كان يُسيطر عليها يهود الدونمة,وكان هذا العزل هو الخطوة الأولى نحوإقامة المشروع اليهودي والمُقدمة الخطيرة لهدم الدولة العثمانية على أيدي اليهود الذين لجؤوا إليها هرباً من إضطهاد أوروبا لهم وخصوصا من إسبانيا إبان محاكم التفتيش فحمتهم من باب أنهم أهل ذمة,ولكن اليهود قابلوا الإحسان بالإساءة والمعروف بالمنكر فهم لا يرقبون في مؤمن إل ولا ذمة,فغدروا بالدولة العثمانية فطعنوها بالظهروالصدروهذا هو(ديدن اليهود)فهم لايعرفون إلاالغدروالخيانة وإنكارالجميل,فهُم قوم بُهت,وما أن إنهارت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى بفعل مؤامرات اليهود الداخلية والصليبية العالمية الخارجية حتى دخل أحفاد بني عثمان في غيبوبة وغطوا في سُبات عميق,وغط معهم العالم الإسلامي في نوم عميق وأصبح كالجثة الهامدة, فتنحواعن قيادة العالم الإسلامي الذي قادوه مدة خمسة قرون تقريباً,الذي حموه خلال تلك القرون الطويلة من جميع الأطماع الصليبية وخصوصا فلسطين بل وإنهم نشروا الإسلام في أعماق أوروبا التي كانت تطلب رضاهم وودهم,وبعد هذا الإنهيارالمُدوي للدولة العثمانية والنوم العميق لأحفاد بني عثمان أصبح (يهود الدونمة)هُم المسيطرون على أحفاد بني عثمان الذين يعيشون في هضبة الاناضول التي صارت الجمهورية التركية التي إختزلت فيها الإمبراطورية العثمانية التي كانت تفرد جناح الإسلام على القارات الثلاث,فأخذ يهود الدونمة يعملون على نزع الشعب التركي المُسلم من الإسلام ويسلخونه عن أمته بشتى الوسائل ويمسحون ذاكرته التاريخية المفعمة بالإنتصارات والفتوحات التي تولد فيه طاقة معنوية هائلة من أجل إخماد هذه الطاقة حتى لا تكون سببا في نهوضه من جديد,فألغيت الأحرف العربية المكتوب فيهاهذا التاريخ وألغيت الخلافة (وللعلم ان الآتراك كالعرب ليس لهم تاريخ الا تاريخ الإسلام),وكانت الجمهورية التركية العلمانية أول دولة شعبها مسلم تعترف بالكيان اليهودي الغاصب,بل تحولت إلى عُمق إستراتيجي للمشروع اليهودي ورديف عسكري وسياسي وإقتصادي له,وبما ان اليهود قوم بُهت وغادرون,فها هم بعد تاريخ طويل من العلاقة المميزة بين المشروع اليهودي والدولة التركية الاتاتوركية صاروا يتطاولون على الشعب التركي,ويعملون على إهانته فيستدعون السفير التركي في كيانهم ويقومون بإهانته وإذلاله قاصدين إهانة الحكومة التركية والشعب التركي متناسين ومتجاهلين كل مساعدة ومساندة لهم من الحكومة التركية منذ تأسيس المشروع اليهودي في فلسطين,ولكن الحكومة التركية الحالية بزعامة رجب طيب أردوغان لم تحتمل الآهانة وهذه الحكومة يبدو أنها مختلفة عن الحكومات التركية السابقة كما أثبتت الاحداث فهناك كما يبدو إنقلاب في السياسة التركية والله أعلم ,فوجهت إنذاراً شديد اللهجة لزعماء عصابة المشروع اليهودي بأنهم إذا لم يعتذروا للشعب التركي خلال أربعة وعشرين ساعة فإنهم سيتخذون إجراءات لها تبعات خطيرة على العلاقة التاريخية مع هذا المشروع اليهودي,وقبل أن تمضي عدة ساعات على هذا الإنذار حتى دب الذعر والرعب في نفوس زعماء هذه العصابات وبادروا فوراً إلى الإعتذاروبالصيغة التي طلبتها الحكومة التركية وكان هذا الإعتذار هو عبارة عن هزيمة سياسية للمشروع اليهودي غير مسبوقة ولم تمضي على هذه الحادثة عدة أشهرحتى جاءت قضية(أسطول الحرية) لكسرالحصارالمفروض على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والمُحمل بالأدوية والغذاء لأطفال غزة الذين يموتون بسبب إنعدام الدواء والغذاء والتي كانت وراء فكرته ومشروعه الحكومة التركيةوكان تحت حمايتها ,حيث قامت عصابات المشروع اليهودي وبمُنتهى الإستخفاف والإستهتاربمُهاجمة هذا الإسطول في عرض البحروقتل وجرح العشرات من الموجودين على متن سفنه ,فكان هذا العدوان يدل على الحمق والغباء والغدر,فالله سبحانه وتعالى وصفهم بأنهم قوم لا يعقلون
    (( ذلك بأنهم قوم لا يعقلون))} الحشر:14 {
    حيث إستفز العملاق العثماني النائم من أجل أن ينهض وليدخل في المواجهة المباشرة مع المشروع اليهودي
    (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)} الأنفال:8 {
    وبالفعل ونتيجة لهذا الإستفزاز إنفجرغضب الشعب التركي كالبركان وقام بمهاجمة سفارة المشروع اليهودي وقنصلياته الموجودة في المدن التركية وها هم اليهود يخلون دبلوماسيهم وعائلتهم من تركيا,وصار الشعب التركي أحفاد بني عثمان يهتفون بهتافات إسلامية تستنهض العملاق العثماني النائم,ففي ليلة 2/6 /2010 شاهدت وتابعت مسيرة غضب للشعب التركي المسلم في إستنبول عاصمة الخلافة كانت تنقلها قناة الجزيرة مباشر تضم مئات الألوف,وكم إنشرح صدري وأنا أسمع الشعب التركي وهويهتف(الموت لإسرائيل الموت لامريكا)ويُطالب بالجهاد وتحريرفلسطين,وهم يصفون أنفسهم بأحفاد العثمانين ويُنادون بالثأرمن(إسرائيل) فحقا ان العملاق العثماني بدأ يستيقظ وبدأ يعود له وعيه وتعود له ذاكرته وبدأ يتعرف على ذاته ومن هو,وبدأ يتململ و ينفض عنه غبارالتاريخ وهويكاد يتميزمن الغيظ ولسان حاله يقول كيف لهؤلاء الحثالات من اليهود أن يتطاولواعلى أحفاد بني عثمان الذين أحسنوا لهم فحموهم من إضطهاد الأوروبيين,وها هُم المسلمون وخصوصا الشعب الفلسطيني يُلوحون بالعلم التركي الذي كان علم الخلافة العثمانية وأعناقهم مشرئبة إلى تركيا وما يجري فيها مُنادين بأن ينهض أحفاد العثمانيين ليتقدموا الصفوف وليعودوا لقيادة المسلمين وحمايتهم من جديد كما حموهم من كل الطامعين لأكثرمن خمسة قرون وليكونوا في طليعة المحررين لفلسطين وليملؤوا الفراغ السياسي الهائل والخطير الذي يشعرون بوجوده بقوة والذي نتج عن غياب الدولة العثمانية,حيث أصبح المسلمون أول مرة في تاريخهم بدون راعي يرعاهم ويحميهم ويدافع عنهم ويُوحدهم تحت رايةالإسلام,وأصبح المسلون يعيشون في فراغ فكري وسياسيي وفراغ في القيادة خطيروعميق وبسبب هذا الفراغ الهائل أصبحت الأمة تعيش في مهب الريح ومطمعا لكل طامع من النهابين واللصوص الدوليين وفي ذل وهوان وأوضاع مزرية على أيدي حكامها , حيث قامت الصليبية العالمية المتمثلة بفرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى بملء هذا الفراغ بدُول وأنظمة وأحزاب وأيدلوجيات وزعامات وأفكارمن أقصى اليمين إلى أقصى اليساروبجميع ألوان الطيف جلبت للامة الخزي والعاروهزائم أغرب من الخيال وعملت بها هتكاً وفتكاً وخراباً ودماراً وكان هذا في جميع انحاء العالم الإسلامي عربا وأتراكا,فكان لاهم لهذه الأحزاب والأيدولوجيات والزعامات إلاتعميق الفراغ الفكري والسياسي في الأمة بمحاربة الإسلام تحت شعارات التقدمية والثورية ومحاربة الرجعية والإتخاذ من مهاجمة الدولة العثمانية وتاريخهاالذي يُثيرفي نفوسهم الحقد والغيظ غطاءا وذريعة لمهاجمة الإسلام,فالشعور بالكراهية للدولة العثمانية هوشعور بكُره الإسلام عند الصليبين واليهود وصنائعهم, حيث كان من الملفت أن معظم قادة هذه الأحزاب والزعامات التي صنعتها الصليبية العالمية كانوامن غيرالمسلمين ويحملون الروح الصليبية الحاقدة حتى أن بعضهم يدّعي بأن الذي أقام المشروع اليهودي في فلسطين ليس الصليبية العالمية وإنما السلطان عبد الحميد,إنه منتهى الحقد الصليبي على موقف السلطان عبد الحميد من هذا المشروع والذي أشرنا إليه أنفا وهؤلاء هم اشد الناس غيظا من نهوض أحفاد بني عثمان وهم يهاجمون هذا النهوض بشراسة وحقد صليبي واضح .
    ولكن عليكم أن تعلموا يا أحفاد بني عثمان أن هذه القيادة لن تكون لكم من جديد إلا بالإسلام كما كانت من قبل,وأن هذا الفراغ لن يملؤه إلا الإسلام, فلن يُملأ الفراغ بالفراغ,فكل فكرأوأيدولوجيا غيرالإسلام وعقيدته تعتبرفراغا وزيادة في الفراغ,فمن أجل ذلك عليكم أن تسندوا وتدعموا وتدفعوا بقوة ودون تردد بكل خطوة تقربكم من إعادة تركيا الى الإسلام وإياكم والعودة إلى الوراء,فكل من يحاول أن يُعيدكم إلى الخلف تصدوا له بقوة,وكل من يريد أن يُعيدكم إلى الإسلام دافعواعنه بقوة وإياكم وأن يتكررفي تركيا ما حصل ل(عدنان مندريس)رحمه الله في عام 1960الذي أعدمه(يهود الدونمة) بتهمة تهديده للنظام العلماني رغم أن الأوضاع في تركيا الأن تختلف عن الأوضاع في عهد(عدنان مندريس) .
    فيا احفاد بني عثمان عندما نمتم نام المسلمون معكم,وعندما تستيقظون سيستيقظ المسلمون من جديد,فاليهود بحمقهم وغبائهم وبجريمتهم الغادرة إستنهضوا بني عثمان وجلبوهم إلى ميدان الصراع مع المشروع اليهودي وبشكل مباشر,فهاهُم حوالي مائة مليون من أحفاد بني عثمان كانوا مُغيبين ومُبعدين عن هذا الميدان بتخطيط جهنمي يتخلون عن حيادهم فيعتبرون قضية فلسطين والقدس والأقصى قضيتهم الأولى,وهذا ما يُبشرنا بأن المشروع اليهودي في فلسطين قد قرب زواله من أرضنا المباركة فلسطين بإذن الله,وبأن ما جرى ويجري يندرج في تهيئة الأجواء لذلك اليوم الموعود,وهاهُم المجاهدون في سبيل الله في العراق وافغانستان يُمزقون أحشاء الحلف الصليبي(الناتو) بزعامة رأس الكفرأمريكا,فجعلوه يترنح وأيل للسقوط. فاليهود قوم بُهت وغادرون,فكل من يعتقد بأنه ممكن أن يكون في يوم من الأيام مع هذا المشروع سلام فهوواهم وجاهل أومتأمر,فاليهود لايفهمون إلالغة القوة فهم يستكبرون على الضعفاءويستخفون ويستهزؤون بكل من يُبدي أمامهم ضعفاًأوتذللاً, أما من يُجابههم بالقوة فإنهم يبدون له كل ذلة وضعف ومسكنة,فأنظروا كيف إعتذروا للحكومة التركية عن إهانتهم للسفيرالتركي وأنظروا كيف الأن يطلبون من الرئيس الأمريكي أن يتدخل لتهدئة النفوس في تركيا وكيف أن حكومة العصابات اليهودية أصدرت أوامرها لأعضائها بعدم الرد على الهجمات العنيفة التي تتعرض لها من الحكومة التركية والإعلام والشعب التركي,وهاهم يستجيبون فوراً لتهديد رئيس الحكومة التركية بضرورة سرعة الإفراج عن جميع ركاب أسطول الحرية ودون إبطاء وخلال أربعة وعشرين ساعة,فالذين جعلواهؤلاء الجبناء يستأسدون علينا هُم حكام المسلمين الذين إستمرؤا إذلال اليهود لهم وتطاولهم عليهم دون أن يُبدوا أي إعتراض على ذلك,فأنظروا إلى موقفهم من الجريمة والعدوان الذي تعرض له أسطول الحرية من موقف الحكومة التركية,فحقا ان الجريمة الغادرة والعدوان المُستهترالذي قامت به عصابات يهود ضد أسطول الحرية كان نقطة تحول تاريخية وإنقلاب في المعادلة السياسية السائدة في المنطقة منذ هدم الدولة العثمانيةوينطبق عليها بالنسبة لليهود يُخربون بيوتهم بأيديهم وبأيدي المؤمنين فإعتبروا يا أولي الألباب .
    ,ومما يؤكد على هذا التحول تصريح الرئيس التركي(عبدالله غول)بالأمس أثناء تشييع جنازات الشهداء الاتراك الذين سقطوا وقتلوا برصاص اليهود( أن العلاقات بين أنقرة وتل أبيب بعدالهجوم على أسطول الحرية لن تعود كما كانت عليه من قبل أبداً).
    وأخيرا فأنني اتوجه إلى(رجب طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية)بالنداء التالي
    (إن المسلمين اليوم في مشارق الأرض ومغاربها وخصوصا في فلسطين ونتيجة لمواقفكم من الكيان اليهودي الغاصب وإحتقاركم له ولزعمائه يجدون فيكم القائد والزعيم المُنبعث من رحم بني عثمان الذين حملوا رايةالإسلام والدفاع عنه مدة خمسة قرون أويزيد كانت مفعمة بالعزة والكرامة والمجد والفتوحات والذين كانوا خلالها بُعبع أوروبا,فإذا أردت أن تدخل التاريخ من أعظم ابوابه كما دخله القادة العظام من بني عثمان فإمضي بخطى ثابتة وعلى بركة الله لإعادة تركيا وشعبها المسلم إلى حاضنة الإسلام,فلن تكونوا زعيما للمسلمين إلا بالإسلام,وأنتم أدرى كيف تديرون معركتكم مع العلمانيين الأتاتوركيين المتغلغلين في جسد الدولة التركية,فأنتم أدرى بواقع تركيا فكما يبدوا واضحا أن الله وهبكم شخصية قيادية مؤهلة لتقود الأمة وإعلموا أن الذين يُغيرون التاريخ هم القادة الأفذاذ القادرون على تحريك سواد الأمة بإقتدار بصدق وإخلاص نحوالهدف المنشود, وإعلموا أن الأمة ترقب خطواتكم بإهتمام,وإعلموا أنه لا يمكن أن يكون هناك نصر من الله إلا بالعقيدة الصحيحة القائمة على التوحيد الخالص لله رب العالمين الخالية من البدع والضلالات والشركيات,هذه العقيدة التي إنتصرنا فيها في بدر واليرموك والقادسية وحطين وفتحنا فيها القسطنطينية وبغيرها صرنا غثاء كغثاء السيل, وان المسلمين في مشارق الارض ومغاربها ينتظرون موقفاً لا تخشى فيه إلا الله وهو قطع العلاقات مع الكيان اليهودي الغاصب لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم,وهذا الموقف سيجعل اليهود الجبناء يركعون تحت أقدامكم فهم والله ما إستقووا على الامة إلابتخاذل حكامها وتواطئهم وتأمرهم معهم,فاليهود أخس وأجبن من أن يفعلوا شيء لمن يريهم العين الحمراء وخصوصا لزعيم دولة أبناؤها هم أحفاد بني عثمان وإلا فإعلموا أن الله غني عن العالمين).
    والسلام على أحفاد بني عثمان والسلام على المجاهدين في كل مكان الذين يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة اليهود والمشركين وجميع الكفارهي السفلى,فلامستقبل لهذه الأمة إلا بالجهاد,فالحمدلله أن هناك مجاهدون يقاتلون نيابة عن الأمة في كثيرمن ساحات الجهاد,فوالله إننا شبعنا ذلاً وهواناً على أيدي حكامها الذين يسمونها سوء العذاب
    (ياأيها الذين أمنوا إن تنصرواالله ينصركم ويثبت أقدامكم)} محمد : 7 {
    محمد أسعد بيوض التميمي
    مدير مركز دراسات وأبحاث الحقيقة الإسلامية
    bauodtamimi@hotmail.com
    bauodtamimi@yahoo.com
    bauodtamimi85@yahoo.com
    مدونة محمد اسعد بيوض التميمي
    الموقع الرسمي للإمام المجاهد الشيخ
    اسعد بيوض التميمي رحمه الله
    www.assadtamimi.com
    للإطلاع على مقالات الكاتب
    www.assadtamimi.com/mohammad/

    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  8. #8

    رد: السلطان عبد الحميد وبيع فلسطين

    الأخوات والأخوة اللإاضل ..

    تابعت كل ماطرح من حضراتكم حول الموضوع .. إضافة إلى رصيد متابعة تاريخة ، وسياسية لهذا الموضوع ..

    وإستقر في ذهني.. وقد أكون مخطئآ .. أو مصيبآ .. عدة مرتكزات :

    1- لايمكن محاكمة " الماضي " بزمانيته ومعطاته المحيطة .. من خلال ( أنماط تفكيرنا الحالية ) ومعطياتها .

    2- إختلف كثر من الباحثون والكتاب : العرب والأجانب حول تلك " الحادثة / الموضوع .

    3- ونحن نستقرئ التاريخ بعموم ماكتب .. وبعموم معرفتنا : الأكثر نسبية .. أو أقلها ..
    اتوصل إلى ( إجتهاد شخصي ) يقول :
    * أنه في تلك الفترة ، كان هناك خلطآ في المفاهيم بين : اليهود " كديانة " .. وبين اليهود "كمنظمة صهبونية" .
    أن السلطان / عبد الحميد / قد رفض بشكل قاطع رغم ما قدم له من إغراءات مادية " والسلطنة بحاجة لها ..من أن يوافق على تأسيس ( كيان يهودي ) - دولة سياسية - في قلسطين .
    * أنه فعلآ .. فقد عجز / هيرتزل / عن تأمين ما عرضه من أموال لاعلى السلطان عبد الحميد .
    * لم يكن هناك " قيود " على التنقل والهجرة والحضور " إلى الأراضي العثمانية " / ومنها فلسطين ..
    ومهما كانت نسبة من وفدوا من اليهود - الصهاينة أو حملة الفكر الديني اليهودي ، إلى فلسطين .ز فإنه كان عددآ ضئيل مقارنة بما بعده ..

    4- لايمكن المقارنة " التاريخية " بين السلطان / عبد الحميد / .. وبين / عبد العزيز آل سعود / بعده بزمن ..
    فآل سعود .. قد قدم إعترافآ موثقآ في زمن الوجود البريطاني رفي بلاد نجد والعسير .. بأنه : [ يرحب باليهود المساكين من العودة إلى فلسطين كوطن لهم ] .. مقابل دعم إنكلترا له : سياسيآ ضد الشريف حسين ، وضد القبائل العربية التي كانت تناهض سيطرته .. إضافة إلى ( الجنيهات الذهبية ) التي قدمت له وكانت تحمل رسم الملكة البريطانية ..

    5- وكل ماسبق .. هو مرحلة تراكمية شكلت " تخطيطآ " صهيوسيكسونيآ لإنشاء الكيان الصهيوني لعدد من الأسباب المتنوعة التي إلتقى عليها الطرفين .. بتوافق " مصالح " ..
    6- كانت الثورات الفلسطينية منذ عام 1930 .. وحتى حرب ر1946 المهزلة .. إضافة تراكمية لما حدث سابقآ تاريخيآ ..
    7- وكانت نهاية المطاف .. بالشكل والمضمون الغير منكر بكل وضوحه وتوجهاته : ( معاهدة كامب ديفيد ) الساداتية / الصهيونية ..

    احداث التاريخ .. ضمن ( الجدل ألإنساني ) مع شخصياته ومعطباته المحيطة .. هي ( تراكم ) غير منزوع الصلة .

المواضيع المتشابهه

  1. السلطان عبد الحميد الثاني في الميزان
    بواسطة منال المغربي في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 11-08-2019, 05:53 PM
  2. السلطان عبد الحميد الثاني يشرب القهوة العربية.
    بواسطة عبد الله راتب نفاخ في المنتدى من روائع الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-11-2015, 10:49 AM
  3. نكبنا يوم خلع السلطان عبد الحميد
    بواسطة مصطفى إنشاصي في المنتدى فرسان الأبحاث التاريخية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 12-17-2014, 04:30 AM
  4. فترة السلطان عبد الحميد الثاني
    بواسطة راما في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-17-2014, 04:09 AM
  5. دمشق فترة السلطان عبد الحميد الثاني
    بواسطة أسامه الحموي في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-13-2014, 11:41 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •