من بركة أخي بدر وقصيدته:
كان حوار في الفصيح أنصح بتتبعه وفي سياقه كانت هذه المشاركة :
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?59102-سؤال-حول-الرمل&p=445222#post445222
أخي أخي وأستاذي الكريم
ما أجمل ما ورد في ذلك الرابط.
ما أخطر أن يتحكم المظهر في الجوهر والوسيلة في الغاية. ونلمس آثار ذلك في كل جانب والذي يهمنا هنا ويمكننا الكلام عنه هوما خص العروض.
إذا قادتك مجموعة معطيات تبدو منطقية إلى استنتاج يخالف المحسوس فأنت أمام أحد أمرين إما أن تتبع النتيجة وتكذب إحساسك أو تصدق إحساسك وتكذب النتيجة. وتكذيب النتيجة يتبعه تعليل سبب الخطإ فيها ومرده واحد من ثلاثة :
1- خطأ المعطيات أو بعضها
2- خطأ الربط بين المعطيات والواقع
3- خطأ طريقة الربط بينها
أقول هذا وأمامي النص الأصلي وتحريفات له والتركيز في التحريفات على الوزن :
أ - ليس كل من أراد حاجة...... ثم جد في طلابها قضاها
2 3 3 3 3 3 .......................2 3 3 3 3 3 2
*
ب- ليس كلٌّ إذ يناجي حاجةً ......ثم يمضي في طلاب قد قضاها
2 3 4 3 4 3 ........2 3 4 3 4 3 2
كلا الوزنين سائغ
*
جـ - ليس كلٌّ إذ يريد حاجة...... ثم جد في طلابٍ قد قضاها
2 3 4 3 3 3 ......... 2 3 3 3 4 3 2
ليس هذا الوزن سائغا بذات القدر على الأقل.
وينطبق ما يرد هنا على البيت :" الجلال والجمالُ ... والسناء والبهاءُ ...) وهو هنا أوضح.
*
هذا يطرح تساؤلين :
أولا – بالنسبة للنص أ فإن أذننا تستسيغه وهذا حق
وكذلك إن كف مفعولاتُ ثقيل في الرمل وهو حق
ففيم التناقض ؟
ثانيا: لماذا كان كل من أ، ب سائغين وجاء جـ دونهما في ذلك؟
*
والجواب متصل هنا باعتبارات يتركز مضمون الرقمي حولها.
وربما أفادت بعض الأمثلة من خارج العروض
1- إن شارع البطحاء يتقاطع مع شارع الخزان، وإن نقطة على التقاطع تقع في كلا الشارعين، ولكن ذلك لا يجعلهما شارعا واحدا. مثل ذلك في العروض فعلن التي تنتمي للخبب والمتدارك والتي منها انطلق القائلون بأنهما (بحر) واحد.
أ ، ب وزنان مختلفان يتقاطعان في مشترك موضعي عندما تكف كل تفعيلة من فاعلاتن عدا الأولى. وجمعهما معا في جـ كمن يقول إن شارعي البطحا والخزان شارع واحد لتقاطعهما في ميدان واحد.
والأمر نفسه في تقاطع شارعي الخبب والمتدارك :
ولكن الأمر في جـ اختلف ففيه وُضِع شارعان متعامدان على استقامة وهذا تناقض.
وسأضيف بإذن الله شارعا ( 2 3 2 و 2 1 ) إلى ذلك الرابط لوصف الحال في نص
ليس كل من أراد حاجة
شارع الرمل = 2 3 1 – 2 3 1 – 2 3
شارع 2 1 = 2 1 – 2 1 – 2 1 – 2 1 – 2 1 – 2
2- ثمة من يصاب بفقر دم فيبدو أصفر اللون. ولكن هذا لا يجعل من المنطق أن يسأل طبيب مريضا أنت أصفر اللون فلماذا لا تعاني من فقر الدم . الأصل أن ندرك اللحن بسمعنا فإذا استسغناه بحثنا عن وزنه أو تفاعيله إن شئت، ولكننا في بعض الحالات الإشكالية نبدأ بقياس الوزن بحسب التفاعيل وحدودها ونحكم على سلامته أو خطئه مع الشك في سمعنا وربما دون اعتبار له أحيانا.
3- سئل الشيخ الطنطاوي مرة عن حكم الشرع في التهريب فأجاب :" الحدود حرام "
4- ربما يتسائل بعض النشء الذي تشرب ثقافة الحدود والجنسيات عن جنسية معاذ بن جبل رضي الله عنه
5- وربما قال أحدهم إن التدخل الكردي في الشؤون الداخلية الفلسطينية على يدي صلاح الدين رحمه الله عندما جاهد ضد الصليبيين كان تدخلا في الشأن الداخلي لفلسطين. أضحك من نفسي الآن فعن أية تسميات أتحدث ؟
6- كانت عمتي في زيارة لدينا منذ سنوات وظهرت على التلفاز مجموعة ترتدي السراويل السوداء فسألت من هؤلاء ؟ فقلنا لها إنهم من سوريا، فقالت بل هؤلاء من باكستان، وعندما بدؤوا بالدبكة والغناء قال :" يُه الباكستانيون هؤلاء يتكلمون ويدبكون مثلنا"
إن ما أحاق ويحيق بوجدان شعراء وعروضيين مما تصنعه التفاعيل وحدودها ومصطلحاتها إذ تتحول من وسائل للفهم إلى غايات من غشاوة لأمر خطير يحجب عنهم وضوح الرؤية ويحول دون إدراكهم كلية الحقيقة ما يقلل كفاءتهم وربما يقودهم إلى فتاوى عروضية موقعها من نهج الخليل موقع السور من الشرع .
إن اتساع دائرة إدراكي لمظاهر هذا الخلل تجعلني أفكر في تأليف كتاب يتناول مظاهره قديما وحديثا.
وأكتفي الآن بالأمثلة التالية
1- يرى الجوهري في عروض الورقة ما مفاده أن مفعو(لات) = مستف ( عن لُ) = 2 2 (2 1)
فإذا أعدناها لأصلها مستفعلن = 2 2 ( 1 2) اتضحت نسبة المنسرح للرجز. فلم يذكر المنسرح كبحر مستقل. ولم يتجاوز المنسرح إلى سواه من البحور ليرى نسبة دائرة (المشتبه – د) إلى (دائرة المجتلب- جـ) .
لماذا لم يدرك ذلك ؟
لأن حدود التفاعيل صاغت تفكيره فلم يدرك من أمر رد الوتد المفروق إلى الوتد المجموع في الخفيف ما رآه في المنسرح لأن حدود 2 2 2 1 في المنسرح تطابقت مع حدود مفعولاتُ بينما 2 2 2 1 في الخفيف شأنها كشأن الكلمة الممتدة بين شطري البيت المدور، تمتد داخل الحدود القطرية لتفعيليتن. وسيطرت هذه الحدود على تفكيره للأسف ولم تعد مجرد وسائل للوصف الجغرافي ولو أعدنا التفاعيل لمهمتها التوصيفية ولم نقدس حدودها لوضح له الأمر فمثلا :
لو اعتبرنا وزن الخفيف على النحو الذي يتطابق ووجود ( 2 2 2 1 ) كوحدة توصيفية مستقلة كالتالي :
2 3 – 2 2 2 1 – 2 2 3 2 = فاعلن – مفعولاتُ – مستفعلاتن
لاستتبع ذلك اطراد حكمه في حالة المنسرح على الخفيف ولقال إن إعادة مفعولاتُ إلى مستفعلن في الخفيف تنجم عنها نسبة الخفيف للرمل
إذ يصبح وزنه = فاعلن مستفعلن مستفعلا – تن
وهذا بدوره سيطرح علينا حدود فاعلاتن في الرمل ذاته. وقل مثل ذلك عن علاقة المضارع بالهزج. مفا- عي لن فا ع – لا تن إذ تتحول إلى مفاعيلن عفالاتن ، وهكذا فاطراد منطقه يلغي دائرة المشتبه، ومن الممتع بمنطقه متابعة حال السريع.
وليست هذه المقاربة الوحيدة في هذا الشأن بل تجد مقاربة أخرى في الرابط:
http://sites.google.com/site/alarhttp://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/shareanood/r3/Home/105-alwaraqah
2- الدكتور إبراهيم أنيس استثقل في حشو البسيط متفعلن واستثقل في حشو الطويل متفعلن ولم يربطهما معا
البسيط = مستفعلن فا ( علن متف علن ) فعلن =4 3 2 ( 3 3 3 ) 1 3
الطويل = فعولن (مفا علن فعو) لن مفاعلن = 3 2 ( 3 3 3 ) 2 3 3
لماذ لم يربط بينهما ؟
لأن حدود التفاعيل استحالت جدرانا في تفكيره يصعب اختراقها
إن هذا القتام الذي يمنع وضوح وشمول الرؤية لدى الأعلام لا وجود له عند دارس الرقمي لمقاربته التي تعتمد جوهر عروض الخليل ولا تقيم كبير وزن للحدود.
3 – بالله أنظر إلى هذاالحوار حول الخبب والمتدارك وانظر كيف أنه مضمونه هو الدفاع عن حدود ما يحسبه صاحبه تفاعيل خببية وما هي إلا أسباب خفيفة وثقيلة
4- يقول الأخ محمود مرعي إن فعْلن تأتي مع فاعلن في المتدارك ونسيت بيت الشعر الذي يشبع فيه حركة ضمير الهاء ليجعل 2 11 تصبح 2 1 1 ه = 2 3، بل ويمضي أبعد من ذلك حين يشيد بـ (بحرين جديدين ) وزن أحدهما ( مفاعلاتن متفاعلن ) ووزن الآخر (متفاعلن مفاعلتن)
5- يعرض د. أحمد كشك في كتابه ( القافية تاج الإيقاع الشعري – ص24) في جدول أنواع القافية ذات المقطعين المتوسطين حسب حروف الصيغة الذهنية لحروف التفعيلة ، فهو يرى أن تفعيلة نهاية الوافر مفاعلْ = فاعل = ص ح ح – ص ح ص = 2 2*،. وتخصيصه هذه القافية دون سواها متأثر بحروف التفعيلة الأخيرة
سلام من صبا بردى أرقّ ودمع لا يكفكف يا دمشق
مشْ قو = 2* 2 = ص ح ص – ص ح ح
ويصف قافية الهزج كذلك بأنها = عيلن = ص ح ح – ص ح ص = 2 2*
وتخصيصه هذه القافية دون سواها متأثر بحروف التفعيلة الأخيرة
أخذناكم على غرّةْ ...... غلبتم هذه المرّهْ
مرْ رةْ = 2* 2* = ص ح ص – ص ح ص
6- لعلك تذكر كيف أقام الأستاذ غالب الغول نظريته على نبر ( مد ) فااااااااااا اعتمادا على متفاااااااااااااعلن = 1 3 3 ، ولم يحتط لـ متفعّلن = 1 3* 3
إن من شأن التتبع الصارم لآراء العروضيين أن يظهر أن حدود التفاعيل قد أثرت على جلهم إن لم يكن كلهم فحدت من شمول الرؤية أحيانا وربما شوهتها حينا.
إن في ما أورده د. محمد العلمي في اقتصار كف فاعلاتن على أربعة أبيات في الشعر العربي كله مدخلان:
1- مدخل نظري عملي كلي يعتبر هذا من باب الشذوذ الذي لا يقاس عليه كما في النحو
2- مدخل نظري يعمم حكمهذه الأبيات الأربعة.
أسهبت ؟ نعم .
لماذا؟ لوضوح تفاقم الأمر من جهة، ولمكانة أبي إيهاب في نفسي وأمنية أن يتيح من نفسه المجال كاملا لمضمون الرقمي من جهة أخرى لا سيما وأن نهجه يلامسه بل ويتداخل معه كثيرا.
يرعاك الله.
يمكن متابعة الموضوع على الرابط:
http://www.arood.com/vb/newreply.php...wreply&p=30611