التغطية الاعلامية الفلسطينية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة
بقلم:عماد موسى

المقدمة
بعد ان وضع العدوان الاسرائيلي أوزاره، وبعد أن خبى الإعلام ناره ، وبعد واحد وخمسين يوما من العدوان، لا بد من البحث في التغطية الاعلامية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ؛ بقصد التعرف على الكيفية التي تمت بها هذه التغطية الاعلامية، بهدف التعرف على أبرز المجالات لهذه التغطية، ومضامينها،وكذلك أبرز البرامج التي استحدثت لتغطية العدوان وتداعياته على جميع الصعد.
فاصطدمنا بعقبات بحثية، اولها:انه ليس بمقدور اي باحث بنفسه، ان يواكب على مدار الساعة اية فضائية ، أو إذاعة، أوما ينقله ويعلق عليه المراسلون، أومتابعة البرامج، والنشرات الاخبارية، بل يحتاج الى فريق عمل للرصد والمراقبة،والمتابعة، وتدوين الملاحظات، أوتسجيل الفقرات او البرامج التي ينبغي دراستها،كميا ونوعيا.
في غياب صدور اي دراسة فردية او مؤسسية للتغطية الاعلامية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، تحمل اسم التغطية الاعلامية الفلسطينية بعد اسبوع للعدوان،مثلا، لتقييم الاداء.
وفي غياب رصد التغطية الاعلامية المؤسسي، وغياب أي تحليل للخطاب الاعلامي في وسائل الاعلام الفلسطينية المختلفة، الرسمية، والخاصة، والحزبية،وفي غياب صدور اي دراسات للغة في الخطاب الاعلامية وكذلك اي دراسات للصورة في الاعلام المرئي الفلسطيني جاءت هذه المحاولة البحثية.
وبرصد لأراء المتخصصين في الميديا حول التغطية الاعلامية الفلسطينية فنجد ها مبتسرة، وغير معتمدة على منهج تحليلي علمي يؤيد رأيهم سواء كان كميا او مضمونيا.
وقد انصب التعليق والحوار والشرح والتفسير على أساس كمي للضحايا وللدمار اي المعاجة الرقمية، وليست معالجات انسانية، لما خلفه العدوان ،ربما يرجع ذلك الى كثافة القصف لكل جسم متحرك فلم ينج الصحافيون ولا رجال الدفاع المدني ولا سيارات الاسعاف بما في ذلك المستشفيات والاعيان الدينية،ولم تطرح اسئلة من المختصين في الاعلام هل تواكب التغطية الاعلامية العدوان بشكل متكامل ام هناك عثرات وثغرات ام أن هناك نقائص لو قيلت لتم تجاوزها بعيدا عن جلد الذات.لكن هذا هو الحال والواقع .
ومع هذا وذاك، قررنا خوض التجربة ،مع الاقرار بان البحث لايجيب عن جميع الاسئلة التي تشكلت في اذهان المختصين و الباحثين والمراقبين للاعلام الفلسطيني والعربي والدولي، بل تبقى هناك اسئلة المتبقي ، والتي تمكن باحثين آخرين من معالجتها في دراساتهم.
من هنا نستطيع القول: ان البحث محاولة على طريق المعالجات الدراسية التي تجمع جزازات الاراء والمواقف، ومحاولة لرصد التطور في التغطية الاعلامية، و لمعرفة اسباب النجاح والاخفاق اثناء التغطية للعدوان الاسرائيلي على غزة.
لذا، ارتأينا معالجة مصطلح التغطية الاعلامية في المستويين: اللغوي و الاصطلاحي، ومن ثم نستعرض اقسام التغطية،
التغطية coverage الإعلامية في المعنيين اللغوي الاصطلاحي:
انه مما لا شك فيه، أن هناك عدد كبير من المفردات انتقلت من مجالها الدلالي الذي وضعت له اول مرة، بمعى اخر ان يختفي المعنى الاصلي ويبقى معنى قاموسيا لغويا او ان يبقى المعنى الأصلي متبطنا ماكثا على جدر الكلمات من الداخل بحيث بمقدور المفردة ان تسترد المعنى الذي وضعت له بالاستعمال،بالاضافة الى التمتع بخصلة الانتقال الى مجال دلالي اخر، فتصبح منتمية له، مع التوسع في الاستعمال، والتوسع في اضافة عدد المعاني.ونقدم مثالا معاصرا لاستعمال كلمة "التغطية" وفقا لمعناها الاصلي:" نُقلت أشجار الصنوبر للتغطية على التطهير العرقي في فلسطين الذي حدث في 1947-1948 وأنتج النكبة الفلسطينية..."(1 )
جاء الاستعمال هنا بمعنى التستر على جريمة ما او فعل ما.
وهناك مفردات اخذت تتحول تدريجيا الى مفهوم، ومن ثم يطرا عليها تغيير، على مستوى فكر اللغة في مرحلة ما، لدرجة ان هذا التطور و التحول يصل بالمفردة الى أن تصبح مصطلحا قائما بذاته، كما هو الحال بالنسبة الى مصطلح "التغطية".
وفي سياق البحث عن معنى مصطلح "التغطية"، يحاول الباحث محمد عبد الجبار الشبوط إعادة مفردة التغطية التي تحمل من المعاني الجديدة المنتمية الى حقل دلالي جديد، وهو الاعلام إلى المعنى الاصلي الذي وضعت له ، فيقول:"لم اجد في اللغة العربية ما يعطي المعنى الذي نقصده، نحن معشر الاعلاميين، من عبارة «التغطية الاعلامية»، او ما يشبهها ويتعلق بها. بل وجدت فيما راجعته من قواميس اللغة ان الفعل «غَطَى، وغَطّى» والاسم «غطاء وتغطية» تعطي معاني مغايرة بالكامل لما نقصده."(2 )
ويقول: إننا "اذا ما طبقنا القاموس المحيط ولسان العرب والصحاح في اللغة، ومقاييس اللغة، والعباب الزاخر، على القول:" بان هذه الكلمات تعطي معنى الستر، فغطى على الشيء تعني ستره وعلاه. حتى الكفر فقد فسروه بالتغطية، وقالوا: التغطية الكفر، واصل الكفر تغطية الشيء تغطيةً تستهلكه كله. وكل ما غطى شيئا فقد كفره."(3 )
وفيما يتعلق الامر بالعلاقة بين الكلمة ومعناها الاصلي ومعناها التداولي، يقر الشبوط بعدم وجود علاقة بين المعنى الاصلي للكلمة وبين المعنى الجديد للكلمة فيقول:" وليس لهذه المعاني علاقة بما نقصده اليوم حين نقول: في عالم الاعلام «غطى الحدث» ونحن نقصد كتب عن الحدث، او صوره، او اذاع خبره، ونشره في اية وسيلة إعلامية، من اجل اشهار الحدث، وجعله معلوما عند الناس."(4 )
ولتحليل الحقل الدلالي الجديد للتغطية، نأخذ مفردة "غطى" كمفردة مفتاحية : فنصل إلى الحقل الدلالي التالي:
كتب عن الحدث: خبرا، تعليقا، مقالا ،تحقيقا،قصة، ، تقريرا.
صور الحدث: صور الحدث فتوغرافيا، تلفزيونيا
سجل الحدث: اذاعيا، سجل بالة تسجيل،وبثه في الاعلام الالكتروني
ونقل: الخبر، اي الحدث نقلا مباشرا ،او غير مباشر
او كشف او ابان او افتضح ... او غيرها من الدلالات .
او قدم عن الحدث:معلومات ،حقائق،وارقام،بيانات.
واخبر واعلم عبر وسيلة اعلامية.
وهذه الدلالات لها اشتراطات أيضا، حتى تكتمل معاني التغطية الاعلامية، وهي النشر للوقائع في وسيلة اعلامية إما تلفزيون محلي، او فضائية،أو اذاعة أو مواقع الكترونية، أو صحافة مكتوبة ،أو في الاعلام الاجتماعي، أوفي الاعلام الجديد والالكتروني.
في حين ان الدكتور علي درويش يقول: إن "المصطلح في الإنجليزية لا مشكل فيه (media coverage)، فهو لا يحتوي على تناقض بين لفظيه. فاللفظ (media) هو من المفردة المعروف (medium)، أي الوسط.
واصطلح أهل اللغة الإنجليزية معنى (media) بما يفيد التواصل العام في وسائل الإعلام. أمّا اللفظ (coverage)، فهو من (cover)[1]، ولا يختلف كثيرًا في معانيه عن اللفظ العربي (غطا). واجتماعه مع اللفظ (media) لا يتسبب في خلل منطقي أو اعوجاج لغوي أو لغط فكري، لأن لفظ (media) في الأساس، كما قلنا لا يعني ما يعنيه نظيره العربي المحدث على أيدي صناديد الصحافة والترجمة في العالم العربي."
(5 )
واما الشبوط فيحاول إحداث مقاربة بين الكلمة العربية "غطى" والمعنى الاصلي الذي وضع لها، والكلمة الانجليزية cover فيقول:"

"يقابل الفعل «غطى» العربي الفعل cover باللغة الانكليزية، الذي ظهر منذ القرن الثالث عشر. وهذا الفعل ثري بالمعاني واشتقاقاتها. وتقدم الموسوعة البريطانية معاني هذا الفعل على وجبات. ففي الوجبة الاولى يكون الفعل متعديا، وهنا نعثر على 14 معنى له، وفي الوجبة الثانية حين يكون الفعل لازما، يكون له معنيان. وبحلول القرن الرابع عشر، يكون الاسم cover قد اكتسب 6 معان. وكل هذه المعاني تدور ايضا حول فكرة الستر."(6 )
ويرى الباحث محمد عبدالجبار الشبوط أنه:" في القرن العشرين ظهرت اشتقاقات جديدة للفعل" cover". ففي سنة 1912 ظهرت الكلمة coverage التي سوف تعني تغطية، والمقصود منها التغطية الاعلامية. وفي عام 1915 ظهرت كلمة cover girl اي فتاة الغلاف، وهي تطلق على الشابة الجميلة الجذابة التي توضع صورتها على غلاف مجلة. وفي عام 1948 ظهرت كلمة cover story ونعني بها موضوع الغلاف، وهي المادة التي ترتبط عادة بصورة غلاف المجلة. عادة لا نستخدم الاشتقاقين الاخيرين مع الصحف او الجرائد، فهما من مختصات المجلات ذوات الاغلفة." ولكن الدكتور علي درويش والشبوط يتفقان حول مصطلح (تغطية إعلامية) فيقول: هي ترجمة حرفية للمصطلح الإنجليزي (media coverage). فكعادة العرب والمستعربين والناطقين بالعربية ...، فقد تلقف الإعلام العربي هذا المصطلح وترجمه المترجمون المهرة في وسائله بتغطية إعلامية دون تردد أو تأن أو حرج."(7)

من هنا يحاول ان يرصد الدكتور علي درويش موطن الخلل فيقول أن:" وجه الخلل في هذه الترجمة يكمن في التناقض البيّن (وإن لم يظهر لهم) بين (تغطية) و(إعلامية). فالتغطية هي ستر الشيء، من "غطى الشيءَ غَطْواً وغَطَّاه تَغْطِيةً وأَغْطاه، أي واراهُ وسَتَرَه". والغِطاءُ (بكسر الغين لا فتحها كما يشيع بين المثقفين) هو ما تَغَطَّى به أَو غَطَّى به غيرَه. وغَطا الليلُ يَغْطو ويَغْطي، أي أظلم.
أمّا لفظ (الإعلام)، وإن كان معروفًا في معناه الأصلي، فهو من: أعلم بمعنى عرّف. والعلم بالشيء معرفته وإدراك وجوده والكشفُ عنه. فكيف تكون التغطية إعلاميةً؟ هو ذا إعلامنا الرائع الذي يقدم لنا المعلومات والأخبار بحياد ومهنية لا شك فيهما، يغطّي ويُعلِم ويستُرُ ويكشِفُ في آن معًا."( 8)
و يصل الشبوط الى استنتاج مفاده فيقول أن :" التغطية الاعلامية " .. لا علاقة لها بالمعاني القاموسية العربية لكلمة “تغطية” او الفعل “غطى”. فاذا كان المعنى اللغوي لهذه الكلمات يدور حول مفهوم الستر، فان المفهوم الاعلامي الحديث لهما يدور حول الكشف والاشهار والاذاعة. بل ان اكاديميا اعلاميا بريطانيا عرف الخبر بانه المعلومة التي لا يريد الاخرون نشرها، فيقوم الاعلام برفع الستار عنها."(9 )
وفي محاولة لحل المشكلة يقول الدكتور علي درويش:" ولعلنا نبحث جاهدين عن مخرج مشرف لهم في تجوز اللفظ (تغطية) إلى ما يفيد الكشف والإفصاح في معنى الكسوة والتلبيس والاشتمال كوجه من وجوه التغطية. ولكن ذلك لا يستقيم لا حقيقة ولا مجازًا لمخالفته شروط المجاز ولبقاء التناقض والتضاد بين اللفظين في المصطلح الواحد."( 10 )



مما يؤكد أن "هذه هي وظيفة الاعلام. وهي ان يكشف عن الاخبار والمعلومات التي تقع بحوزته، ويحصل عليها. وحين تقع هذه المعلومات تحت يد الاعلامي فانه يبادر الى تحقيقها، ومن ثم نشرها، اذا ثبت لديه انها موثوقة وصحيحة. يفتخر الصحافي حين يحقق “سبقا” صحافيا، والسبق يعني ان المحرر المعني هو اول من “كشف” معلومة عن امر ما. اقول “كشف” وليس “ستر”. "( 11)

وهكذا نرى كيف انتقل معنى المفردة"التغطية" من حقل دلالي الى حقل دلالي متضاد مع المعنى الاصلي الذي وضع للمفردة،وهي الستر اي ستر المكشوف، الا أنه يأخذ المصطلح دلالة اخرى بعد تفريغ المفردة من المعنى الاصلي الذي وضعت له، فتصبح ذات دلالات متعلقة بنقل الاخبار والاحداث وبتصويرها تلفزيونيا وفتوغرافيا واذاعيا،ومن دلالتها الضدية تحمل معنى الكشف اي نقل الحدث كما هو كشف الحقيقية دون تزييف.اي عكس الستر ،ستر المكشوف وتغطيته.
من هنا تتضح لنا أهمية الوعي اللغوي والفكر اللغوي " في صياغة المصطلحات المبنية على الترجمة من مصطلحات قائمة، وثابتة في اللغة المترجمة،بحيث يمكننا ان نختار منها ما يتناسب المعنى الاصطلاحي الجديد، عبر اقصاء او عزل المعنى اللغوي عند نقله إلى اللغة العربية،وذلك؛" تجنبًا لمثل هذه السفسفات والترهات اللغوية والانفصام الناجم عن فصل الكلام عن منطقه والكلمات عن معانيها ومغازيها، كما يفعل المحدثون في اللغة الإنجليزية."( 12)

- تعريف التغطية الاعلامية
وبعد هذه التوطئة المعرفية حول مصطلح االتغطية الاعلامية، نحاول ان نجمل الدلالات التي تشكل تعريفا للتغطية الاعلامية بالمعاني والدلالات المعبرة التي يحتقبها المصطلح والمستعملة ، في الحقل الاعلامي.
لهذا فإن تعريف التغطية الاعلامية او الصحفية:" هي عملية الحصول على بيانات وتفاصيل عن حدث معين، والمعلومات المتعلقة به، والإحاطة بأسبابه، ومكان وقوعه وأسماء المشتركين فيه، وكيف وقع ومتى وقع، وغير ذلك من المعلومات التي تجعل الحدث مالكًا للمقومات والعناصر التي تجعله صالحًا للنشر."( 13)

والتغطية الاعلامية: "هي التي تحول الحدث إلى خبر يستحق النشر، حيث يقصد بها أيضًا: تتبع الأخبار من مصادرها وعرضها على صفحات الصحف. ويرى أساتذة الإعلام أن مفهوم التغطية الإخبارية يشتمل أيضا على تقويم المادة الإخبارية وتحريرها بأسلوب صحفى مناسب وشكل صحفى إخبارى مناسب". (14)
وتعني ايضا ،" الانتقال إلى مكان الحدث حيث من المفترض أن يحصل الصحافي على المعلومات المتعلقة بالحدث من مكان حدوثه، ليرى بنفسه، ويتحدث مع أشخاص مرتبطين به، هذا بالإضافة إلى أن مكان الحدث قد يحتوي على مفاجآت غير متوقعة قد يكتشفها الصحفي بحاسته الإخبارية، كما أن ذكاءه وفطنته تسهمان بدور كبير في وضع يده على مفتاح الخبر، وفي تحديد أهم المصادر والأشخاص الذين سوف يتحدث معهم."(15)

فالتغطية الإخبارية إذن؛" هى العملية التى يقوم من خلالها المحرر الصحفى بالحصول على المعلومات عن التفاصيل والتطورات والجوانب المختلفة لحدث أو واقعة أو تصريح ما، إنها إجابة على كل الأسئلة التى قد تتبادر إلى ذهن القارئ بشأن هذه الواقعة أو الحدث أو التصريح أو تقييم لهذه المعلومات ثم كتابتها بأسلوب صحفى مناسب.(16 ) h

ونحاول ان نقدم تصورا قد يساعد على فهم مصطلح التغطية الاعلامية انطلاقا من المعنى الاصلي الذي وضع له وهو الستر،فعندما نغطي شيئا نحرص على اخفائه عن الاعين،وبعميلية تخييل للتغطية ،ندرك ان هناك شيئا مستورا،واذا لم يدر حول الشئ المغطى يراه من زاويته،مغطى جزئيا او شموليا وفقا للرؤية وزاوية ابصارها،وهنا نحاول الاستفادة من معنى متبطن لكلمة التغطية وهو الستر الكلي او الجزئي للشئ،ولهذا حمل مصطلح التغطية صفة الشمولية او الجزئية او الانتقائية في نقل الخبر او تصويره
- اقسام التغطية الاعلامية:
وتنقسم التغطية الإخبارية من حيث توقيت حدوثها إلى ثلاثة أنواع هى: "
أولاً: التغطية الإخبارية التمهيدية وهى التى تهتم بالحصول على التفاصيل والمعلومات المتعلقة بحدث متوقع، أى حدث لم يتم بعد ولكن هناك مؤشرات تشير إلى احتمال وقوعه.
ثانياً: التغطية الإخبارية التقريرية (التسجيلية) وهى التغطية التى تتم بعد وقوع الحدث فعلاً، وهى تتم للأحداث المتوقعة حيث يظهر فيها مدى الاتفاق بين ما كان متوقعاً حدوثه وما حدث فعلاً.
ثالثاً: تغطية المتابعة، وهى التغطية التى تعالج نتائج أو تطورات جديدة فى أحداث أو وقائع سابقة"( 17)

وتنقسم التغطية الإخبارية من حيث "اتجاه المضمون إلى الأنواع التالية:
1-التغطية المحايدة ويقدم الصحفى فيها الحقائق فقط بدون تعميق أبعاد جديدة.
- 2التغطية التفسيرية ويقوم الصحفى فيها بجمع المعلومات التفسيرية إلى جانب الحقائق الأساسية للقصص الإخبارية.
- 3 التغطية المتحيزة أو الملونة ويركز الصحفى فيها على جانب معين من الخبر، وقد يحذف بعض الوقائع، أو يبالغ فى بعضها أو يشوه بعضها وقد يخلط وقائع الخبر برأيه الشخصى." (18)
التغطية الاعلامية الفلسطينية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة
إننا نلاحظ، مع العديد من المراقبين للاعلام الفلسطيني الرسمي، والخاص والحزبي، ان هناك تقدم عند وسائل الاعلام الفلسطينية؛ من حيث السبق الصحفي، والتغطية الشاملة للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وتوثيقه، و لوحظ أيضا عدم وجود تحليل عميق لأسباب العدوان، واهدافه، وتداعياته، على الوضع الفلسطيني الغارق في الانقسام.وأنه لم يتطرق الى توفير أي فرصة لرأب الصدع وتجسيد الوحدة الوطنية.
وهذه الاراء على تبايناتها تقر ضمنا او بشكل مباشر بالتطور الحاصل للتجربة الاعلامية الجديدة، ،و ساعدت بعض العوامل على نجاحه ، مثل:
ضخامة العدوان وتنوعه وشموليته، الذي اوجد وفرة كبيرة من الشهداء والجرحى، وخلف الحجم الهائل من الدمار مما اوجد وفرة هائلة من المواد الاعلامية القابلة للتغطية الفورية والمباشرة، طوال اليوم على طول قطاع غزة وعرضه، فأينما ولى الصحفي عدسة الكاميرا تلتقط صورا للشهداء للدمار للجرحى لسيارات الاسعاف لاصوات الاستغاثة، ولالة الدمار والقتل الاسرائيلية، وان العدوان المتواصل، وفر فرصة للتغطية المباشرة والمستمرة،وتخصيص برامج لتغطية العدوان، وصولا الى الموجات المفتوحة، لفتح نافذة على الحدث وتطوره وعلى مدار الساعة، مما اوجد تفاعلا غير مسبوق بين المشاهدين والمستمعين والقراء مع وسائل الاعلام وتمكن الاعلام عبر التغطية من تجنيد العام الفلسطيني في الضفة والشتات وفي الداخل(فلسطينيو عام 1948)
للوقوف مع جزء من شعبهم الذي يذبح.
و كشف العدوان عن جهوزية الاعلام الفلسطيني، و العربي ، ومدى استعدادهما للتغطية، ويظهر ذلك في عدد كبير المراسلين الذين جندتهم وسائل الاعلام للتغطية، وعدد المكاتب المجهزة بتكنولوجيا الاتصال، فانتشرالمراسلون في ارجاء قطاع غزة، وكذلك توفير المكاتب والتجهيزات الاعلامية والسيارت التي ساعدت في نجاح التغطية الاعلامية.
وترصد ضحى سعيد التباين في وجهات النظر حول التغطية الاعلامية الفلسطينية للعدوان الاسرائيلي على غزة فتقول:"
أثارت تغطية العديد من وسائل الإعلام المحلية للحرب الأخيرة على قطاع غزة تباينا في وجهات النظر، إذ رأى البعض أنه كان هناك مستوى جيد من المتابعة والسرعة والدقة في نقل الخبر، في حين رأى آخرون مشهدا إعلاميا عكس غياب الجاهزية والتحضير والاطلاع الكافي.( 19 )
فالصحافية ضحى سعيد، ارتكبت خطأين الاول: متعلق باللغة الاعلامية إذ أطلقت على العدوان الاسرائيلي اسم الحرب ،ولم تذكر، مع من واكتفت بذكر المكان، ولم تأت على ذكر الجهة التي بدأت بالعدوان ( الحرب) مع ان توصيفها او تسميتها غير دقيقة،فغيبت اطراف الحرب عند استعمالها كلمة "الحرب" مما يعني أنها ساوت بين المعتدي والضحية،واما الخطأ الثاني: فهو عدم توثيق وجهات النظر ،فلم تقل "من هم اصحابها سواء اكانوا أفرادا ام مراكز متخصصة في الاعلام،أو في السياسية أو من قادة الاحزاب، ، بالاضافة انها تقر بالعجز الاعلامي الفلسطيني،ولكننا نستطيع الادعاء ان هذا الاسلوب،والذي ما اتبعته الصحافية بقولها نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيتباينا في وجهات النظر، إذ رأى البعض أنه كان هناك مستوى جيد من المتابعة والسرعة والدقة في نقل الخبر، في حين رأى آخرون مشهدا إعلاميا...) هو أحد الاساليب الصحفية المعتمدة والمتبعة والتي عادة ما يستعملها الصحافيون المبتدئون او ما يستعمله الخبراء منهم على حد سواء، لانهم لايريد ان يتجشموا عناء البحث بالاتصال أو باجرا ء المقابلات، فيحاولون بهذه الطريقة ان يظهروا موضوعيتهم على اعتبار ان كل حدث يختلف الناس والمختصون وتختلف الاراء و المواقف حوله ،وهم باسلوبهم هذا يستخدمون سلطلتهم الاعلامية.

الاعلام المرئي والمسموع(الاعلام الحكومي )

يرى عبدالكريم سمارة ان الاعلام الرسمي (هيئة الاذاعة والتلفزيون الفلسطينية) في البداية قد تميزت التغطية بالحذر فاهتمت بالتركيز على الضحايا والخسائر، مع اشارة الى المقاومة. لكن وبعد التوافق الوطني على الموقف من العدوان، تميز الاعلام الرسمي بالتغطية الشاملة والجيدة" (20)


الا ان الاستاذ سمارة لم يحدد مساحة هذه البداية، ولم يحدد زمن التحول من فترة الحذر الى التغطية الشاملة. ولم يوضح ما المقصود بالحذر، وما هي اسبابه.
في حين يقر الاستاذ محمد ابو الرب بأنه "كان هناك تقدم ملموس في التغطية الاعلامية للعدوان الاسرائيلي في عام 2014يختلف عن التغطية في العام 2012م، من حيث التغطية المباشرة والآنية بنقل الخبر وانتشار المراسلين لتوثيق جرائم الاحتلال، مشيرا إلى ان "الفضائيات" الفلسطينية، تميزت بالابتعاد عن الخطاب الحزبي والتحريض الداخلي، وساهمت بتعزيز الجبهة الداخلية، كما ان المواقع الاخبارية الفلسطينية عملت على نقل الاحداث اول بأول من خلال الاخبار العاجلة والتقارير المتنوعة حول العدوان والمقاومة، سوى ان ما غيب عن الاعلام الفلسطيني كان "عدم وجود وسيلة اعلامية ناطقة باللغة الانجليزية ويتحدث منتوجها الاعلامي بشكل مستمر."( 21)
ولكن ابوالرب لم يشر الى امور هامة؛ وهي ان الصحافيين في عام 2012م،لم تكن لديهم الخبرة الكافية للتغطية الاعلامية في الحروب او النزاعات المسلحة، فكانوا حديثي التجربة،ناهيك عن العدون كان قصيرا وغير ممتد ليشمل القطاع باكمله،ناهيك ان المواقف العربية والدولية كانت مختلفة.
وأما د. أشرف المبيض يتحدث بحصوصية اكثر عن فضائية وتلفزيون فلسطين فيرى: "لحظة بدء العدوان على غزة، أوقفنا البث المباشر، وعلى الصعيد التحريري، ألغينا نشرات الأخبار وتوجهنا إلى موجة مفتوحة"، مؤكدا أن المصدر الأول للمعلومة كان المراسلون الذين بدورهم تحملوا مسؤولية المعلومات التي كانوا ينقلونها. و أن الإعلام الفلسطيني قدم شيئًا جديدًا، فكان مصدر الخبر فلسطينيًّا."( 22)
ويحاول سليمان بشارات ان يرد تباطؤ الإعلام الفلسطيني في التغطية إلى : "طبيعة الإعلام في الضفة من حيث إدارته وتركيبته وعمله تنطلق من توجهات سياسية، يمكن تسميتها "مقاربات سياسية" وذلك كنتيجة طبيعة لشكل الطيف السياسي الفلسطيني"(23 )

قال الدكتور فريد ابو ضهير استاذ الصحافة في جامعة النجاح "من الواضح كذلك أن الفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية تتابع الأحداث عن كثب، وتقدم المعلومات أولا بأول. ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد ثغرات في هذا الإعلام،"( 24)

وحول تغطية الاعلام الحكومي للعدوان على غزة يقول محمد ابو الرب ان مركز الاعلام الحكومي حاول ان يغطي النقص الموجود في الاعلام الفلسطيني، لكنه واجه قصورا في الاداء حيث كانوا يمتلكوا عناوين بريد الكترونية لجهات متعددة ويرسلوا اليها القصص الانسانية وبيانات حكومية رسمية، لكن هذا لا يكفي، وانما يجب تقديم اضاءات على مواضيع مختلفة عند مخاطبة الاعلام الاجنبي، وعدم الالتزام بالخطاب البروتوكولي، والاستفادة من تقارير الامم المتحدة والمؤسسات الانسانية الاسرائيلية مثل بيت سيلم وغيرها، حيث انه عادة ما تواجه البيانات الرسمية الفلسطينية اتهام "الانحياز"(25 ) :
وحول تلكؤ الإعلام يقول سليمان بشارات : "طبيعة الإعلام في الضفة من حيث إدارته وتركيبته وعمله تنطلق من توجهات سياسية، يمكن تسميتها "مقاربات سياسية" وذلك كنتيجة طبيعة لشكل الطيف السياسي الفلسطيني." ( 26)
يقول سليمان بشارات :انه ومن خلال المتابعة اليومية للإعلام نجد أن الإعلام المجتمعي
وبعض المحطات الإذاعية المحلية، كان لها دور كبير في تحشيد الشارع... ."( 27)

الاعلام الخاص:
وحول تجربة الاعلام الخاص للتغطية الاعلامية للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، يقول عبدالكريم سمارة: "اما الاعلام الخاص، فقد تراوحت نسبة التجنيد فيه من محطة الى اخرى، الا ان معظم المحطات، الى جانب يومية القدس، افردت مساحات واسعة من الهواء والصفحات واعطت الاولوية لتغطية مجريات الحرب والعدوان، على صعيد التغطية الخبرية ونقل الاحداث."( 28)
وعلى صعيد التحليل، والنقاش العميق يرى سمارة ان هناك" نقص حاد شاب تغطية وسائل الإعلام العربية والمحلية."(29)


إن الإذاعات المحلية الفلسطينية ،في غزة والضفة لعبت دورا مهماً في التغطية الإخبارية المباشرة وتغطية مناشدات المواطنين بالإضافة إلى الجانب التوعوي من خلال تقديم النصائح بعد التجمهر واخذ الحيطة والحذر وما شابه.
"لعب المصوريون الصحافيون الفوتوغرافيون ومصورو الفيديو والتلفزيزن دورا أساسيا ضمن هذه الماكينة الإعلامية من خلال ابراز الصورة حيث كانوا في موقع الحدث مباشرة وتغطيه كافة جرائم الاحتلال الاسرائيلي المستمر أولا بأول ونشره مباشرة عبر الفضائيات والقنوات الإخبارية والمواقع الصحفية." ( 30(







الاعلام الحزبي:
اما الاعلامي والمحلل السياسي عبدالباري عطوان فيرى ان :"فصائل المقاومة لم تعد تعتمد على القنوات والصحف والاذاعات العربية، واسست قنواتها الخاصة بها، مثل الاقصى والقدس (حماس) وفلسطين اليوم (الجهاد الاسلامي)، مثلما اطلقت العديد من المواقع الاخبارية على الانترنت ووظفت “الفيسبوك” بشكل حديث، وانشأت جيشا الكترونيا استطاع اختراق المواقع الاسرائيلية الامنية مثل موقع القبة الحديدية على سبيل المثال لا الحصر."( (31)
وعلى من الرغم التفوق الذي حققه الإعلام الفلسطيني، وفي أغلبه "إعلام فصائل"، يلتفت متخصصون إلى مآخذ على الإعلام الرسمي من ناحية ضعف الأداء، وجنوح "وسائل إعلام الفصائل" الى بث المواقف والبيانات الرسمية للفصائل .
وكان توحيد بث فضائيتي "فلسطين اليوم" المحسوبة على الجهاد الاسلامي ،
و"الأقصى" المحسوبة على حركة المقاومة الإسلامي حماس، قد قوبل بارتياح كبير
حيث وحدت الفضائيتان بثهما في اللحظة التي دخل فيها وقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال حيز التنفيذ في 26 أغسطس/آب الماضي"(32)




ويعتبر يونس أبو جراد من فضائية الأقصى أنه: "كانت هناك انطلاقة جديدة للتغطية الإعلامية، فلأول مرة يصمد الإعلام الفلسطيني أمام الإعلام الإسرائيلي، بل أصبح هو مصدر الخبر، ولأول مرة يضطر الإعلام الإسرائيلي لمحاورة الإعلام الفلسطيني ."( 33) وهو يشير بذلك الى ظهور هذا الاتجاه في أعقاب اتفاق أوسلو "فهناك الإعلام المحسوب على لون سياسي أو رسمي أو حتى يستند إلى دعم دولي، وهذا كله يضع محددات في طبيعة وشكل التغطية أو حتى القائمين عليها" ( 34)
لكن سما ملحيس ترى:" أن استنهاض الضفة الغربية من عدمها تعود أسبابه أحد إلى عدم ثقة الناس ببعض وسائل الإعلام، والتي عادة ما تكون تابعة للحكومة أو السلطة وتكون مسيسة)"35)
ويرى سليمان بشارات أن تغطية الفضائيات مثل "الأقصى" و"القدس" و"فلسطين اليوم"، وعملها على إعادة إحياء الوعي التحرري لدى الجمهور...
ويرى بشارات دور إعلام المقاومة والتصريحات الإعلامية لها وإنجازاتها، حفز الحراك الشعبي الفلسطيني بالضفة، رغم أن هذا الحراك لا يزال ضمن حدود معينه نتيجة ظروف وعوامل كثيرة ميدانية سواء ممارسات الاحتلال أو غيرها من العبء الاقتصادي وغير."( 36 )
ونسجل على الاعلام الحزبي انه"شنت التابع لحماس شن حملة تخوين اعلامية ضخمة في بداية العدوان ضد فتح ورئيس السلطة الفلسطينية ابومازن في محاولة منها لنزع الشرعية الشعبية التي جاءات بالرئيس وبحركة فتح لقيادة الشعب الفلسطيني"
"غطى الاعلام الفلسطيني هذه الحرب كانها حرب على كل الفلسطينيين من دون استثناء
"كما غطى اعلام حماس الحرب وكانها عليها وحدها ولا يوجد من يقاتل سوى عناصرها"
استخدمت حماس اساليب اعلامية نفسية"وحسب الباحث عليان الهندي "لم تترك اثرا نفسيا كبيرا في المجتمع الاسرائيلي والجيش نظرا لحالة التجييش والعسرة التي تمر بها اسرائيل منذ نشاتها الى اليوم".( 37).
ونرى أن الاعلام الحمساوي بقي خاضعا للنزعة الفئوية الفصائلية.وهذا يعد عيبا فاضحا في تشيد الوحدة الوطنية وفي تمتين النسيج الاجتماعي الذي اعتراه الاهتراء والتمزق
اما الاعلام الحزبي" الفصائلي"، مثل فضائية "فلسطين اليوم"، وفضائية "الاقصى"، فهو: " اعلام تعبوي وفي حالة الحرب من الطبيعي ان يتجند هذا الاعلام كاعلام حربي، ومن الانصاف الاقرار بان هذه الفضائيات لم تكن فصائلية محض ، وان كانت تمجد الاجنحة العسكرية وهذا طبيعي، الا انها فتحت الهواء لكل الفصائل والتيارات0"(38)







الاعلام الالكتروني :الاجتماعي والجديد
ان وسائل الإعلام الجديد دخلت إلى ميدان المواجهة خصوصا وسائل التواصل الاجتماعي

يقول عبدالكريم سمارة: يجب ان نميز بين ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يلعب دورا في التاثير على الوعي الجماهيري والافراد، وبين وسيلة اعلام رسمية ناطقة باللغة الانجليزية لان وكالات الانباء العالمية تهتم ان تحصل على اخبارها من جهة رسمية."( 39 w
فلسطين أ. د. حسين أبو شنب، وأشار خلالها إلى أن وسائل الإعلام المجتمعية باتت الأكثر أهمية في العصر الحالي، وأن الإعلام الإلكتروني لم يعد اليوم يكتفي بالنص وحسب، بل بالنص متعدد الوسائط"( 39)
أ. خلود عساف مديرة المراسلين في وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” "إلى أن الإعلام الإلكتروني حديث العهد، منوهة إلى أن التغطية الإعلامية الفلسطينية للحرب الأخيرة على قطاع غزة شهدت نجاحات لافتة مقارنة مع التغطية الإعلامية لمواجهات
سابقة مع إسرائيل"( 40)

وقد بينت نيبال ثوابتة "أن الإعلام الإلكتروني لم يعد اليوم يكتفي بالنص وحسب، بل بالنص متعدد الوسائط" ( 41)

إلى أن الإعلام الإلكتروني شكل مرجعية حقيقية للراغبين في الاطلاع على أخبار الحرب وتفاصيلها ومن ثم نشرها للعالم الخارجي، مؤكدة أن الصحف الفلسطينية قللت من اعتمادها في الحرب الأخيرة على وكالات الأنباء الأجنبية لصالح وكالات الأنباء المحلية، ما يؤكد وجود تطور لافت حصل مقارنة مع السابق"(42 )
عوامل نجاح الإعلام الفلسطيني
نستطيع القول: إن الاعلام الفلسطيني تطور بسرعة، ونجح في التعامل مع التكنولوجيا والاستفادة منها في أصعب الظروف واحلكها، وتسنى له الانطلاق من بين الركام وتحت قذائف صواريخ الدبابات والطائرات، لينجح بالتالي في تحويل المعركة من جانب، ومأساة المواطن الأعزل من جانب أخر، الى كلمة وصورة تسمع، وترى بالبث الحي. المباشر" (43)
وهذا يعني ان الاعلام الفلسطيني "إعلام ينجح بامتياز مقابل اعلام اسرائيلي يرسب في امتحان الحقيقة،... ويمكن ارجاع عوامل النجاح الإعلامي الفلسطيني الى تحرر وسائل الإعلام بخاصة الفضائية من القيود المفروضة على الاعلام الرسمي، وقبل ذلك الاستناد الى قضية عادلة، و بروز فريق من الاعلاميين الشبان، الى جانب اعلاميين مخضرمين عايشوا الانتقاضة الاولى والثانية وصولا الى هذه المرحلة، تعلموا وتتلمذوا واصلب عودهم في الميدان، فيما دور كليات الاعلام في الجامعات الفلسطينية هو شديد الأهمية في التأسيس لتجربة اعلامية مهنية صاغت أروع علاقة جدلية بين المهني والوطني، في إطار التناغم والتلاحمفيما بينه"( 44)
والى جانب الرواية الفلسطينية الصادقة، انغرس اعلاميونا في الميدان، بعد ان تعلموا
وتطوروا في ازقة المخيمات وفي شوارع المدن المستهدفة في الانتفاضة الثانية.
اعلاميون شهدت لشجاعتهم ومهنيتهم شاشات محطات التلفزة الفلسطينية والعربية وميكروفونات الاذاعات وصفحات الصحف المحلية والمواقع الالكترونية التي تصدر في الوطن وخارجه."(45 )

وفي هذا السياق يقول حسن عبدالله:" لقد ابدى مراسلو فضائيات فلسطينية وعربية شجاعة منقطعة النظير في نقل الحقيقة، وتجشم الصعاب، ومواجهة الموت
بالتماهي مع المهنة". (46).
وعوامل النجاح هي:
أولاً: المصداقية, فالإعلامي الفلسطيني لم يكن بحاجة إلى الكذب او التهويل
ثانيًا: التغطية الإعلامية المباشرة ، وهذا تطلب إقداما وصمودا منقطع النظير في الميدان،
ثالثًا: المهنية في التعامل مع الأخبار العاجلة، وفي إنتاج التقارير الميدانية السريعة، وفي تقديم البرامج التوعوية والتعبوية والتحليلية، وفي استقطاب إمكانات المحللين والأكاديميين الفلسطينيين، للمساهمة في هذا العمل الإعلامي بالرأي والتحليل والاستقراء والاستنباط, ما شكل دعماً للسياسيين الفلسطينيين في اتخاذ القرار.
رابعًا: اعتماد الإعلام الفلسطيني على نفسه بالكامل رغم بساطة إمكاناته الفنية, وجهوزية كوادره والتدريب المضني الذي خصص مسبقاً لخوض هذه المرحلة.
خامسًا: توحد المصطلحات الإعلامية الفلسطينية،
وغياب المصطلحات الفئوية التي أنتجها الانقسام السياسي والتحزب الفصائلي وهو ما انعكس على وحدة الشارع الفلسطيني في الميدان لمواجهة جبروت الاحتلال.هذا غير دقيق ويمكننا تسجيل اراء مغايرة حول ذلك،بدءا باللغة ومرورا بالمضامين،
النتائج والاستخلاصات
هناك اسباب وقفت وراء ضعف الاداء في التغطية الاعلامي:
مع كل هذا وذاك، نجد ان هناك ضعف في الاعلام الفلسطيني تجلى بعدم القدرة على مخاطبة وكالات الانباء العالمية لايصال رسالتهم للرأي العام الدولي ، لذا بقي الاعلام الفلسطيني مصبوغا بالصبغة المحلية، والخطاب الاعلامي بقي غارقا في المحلية ايضا.ومرد ذلك لا يعود الى الافتقار الى امتلاك التقنيات الاعلامية او الافتقار الى مهارات تشغيلها؛ وانما يرجع الى عوامل متعددة ابرزها:
اولا: ان معظم العاملين في الحقل الاعلامي ، المراسلين، والصحافيين ،خريجون جدد، ويفتقروا الى التجربة الاعلامية في كيفيات التغطية ميدانيا مع انهم ابدوا شجاعة فائقة وسقط عدد منهم شهداء على درب كشف الحقيقة
ثانيا: غياب الكادر الاعلامي اللغوي الذي يجيد اكثر من لغة غير اللغة الام لمخاطبة الراي العام الدولي.
ثالثا: طغيان الرغبة الذاتية للتحول في العمل من مراسل صحافي الى محلل سياسي بدلا من التركيز على التغطية الاعلامية والاحتفاظ بمهنيته،فيخلط بين دوره كناقل للحدث وللحقيقة ويتحول فجأة الى محلل سياسي واحيانا الى طرف اساسي في الحوار بينه وبين المذيع/ة في القناة التي يعمل معها كمراسل.
رابعا:اقتصار الاعلام الاجتماعي على موقع الفيس بوك،وبالتالي على المستخدمين الفلسطين وقلة قليلة من العرب،نظرا لافتقارهم الى اللغة الثانية المستخدمة في تويتر وجوجل بلس وفليكر
خامسا: الكادر الاعلامي الفلسطيني غير مؤهل للنغطية الاعلامية في الحروب والنزاعات المسلحة وفي الكوارث،
لذا اعتمد الصحافيون على الارتجال، المعتمد على الجرأة والشجاعة وعلى الانتماء الوطني، وعلى الايمان باكتساب التجربة لتحقيق النجاح والتي تتطلب المجازفة والمخاطرة.
سادسا: بروز ظاهرة الخبراء والمحللين السياسين

سابعا: قصور التغطية في الوصول الى الغلاف العالمي ومرد القصور الضعف اللغوي كشرط اساسي في الوصول الى الراي العام العالمي
ثامنا: تقديم اراء عابرة للاجناس االصحافية وعابرة للوسائل الاعلامية في قوالب لغوية جاهزة للتعميم وتكا ان تكون واحدة عند اصحاب الراي مع فروق لغوي في التقديم والتاخير للمفردات .
تاسعا: بروز ظاهرة الخبراء والمحللين السياسيين، والعسكريين، ولجوء بعض وسائل الاعلام الى منح البعض درجة الدكتوراة ولقب منخصص في الشؤون العلانية والفلانية...
عاشرا: تعاملت وسائل الاعلام مع الضحايا"الشهداء" كارقام وليس على اساس انساني
توصيات الدراسة
• التركيز على التغطية الاعلامية باستعمال لغات اخرى للوصول إلى مرحلة العالمية وغياب وسيلة إعلامية فلسطينية ناطقة باللغة الإنجليزية تخاطب العالم وتعمل على إقناعه بالرواية الفلسطينية يشكل عاملاً سلبياً يعوق الترويج للرواية الفلسطينية.
. التركيز على الدقة والموضوعية والمهنية للعمل الإعلامي الفلسطيني بشكل اكبر حتى لو كان ذلك على حساب السرعة في نقل الحدث أو الحصول على السبق الصحفي.
• تطوير الكادر الإعلامي الفلسطيني، والإسراع في ترتيب الحقل الإعلامي النقابي وإيجاد ناظم لهذا العمل، وإكساب الصحفيين مختلف المهارات الإعلامية, مع أهمية دعم المؤسسات الإعلامية لتحصل على مختلف الوسائل والأجهزة الحديثة التي تمكنها من مواكبة التطور الهائل الذي يشهده عولمة الإعلام في العالم.
المراجع
مراجع الدراسة
1- فضيلة يوسف السلام الإسرائيلي (تطهير عرقي بكل معنى الكلمة) الحوار المتمدن-العدد: 4611 - 2014 / 10 / 22 المحور: القضية الفلسطينية
2- ) محمد عبد الجبار الشبوط التغطية الاعلامية www.alsabaah.iq/ArticleShow.aspx?ID=8410
3-المرجع نفسه الشبوط

4المرجع نفسه،الشبوط
5- الدكتورعلي درويش،التغطية الاعلامية، www.atida.org/forums/showthread.php?t=10702
6- مرجع سبق ذكره ،الشبوط

7- مرجع سبق ذكره، درويش،
8 – مرجع سبق ذكره،درويش. ww

9- مرجع سبق ذكره، الشبوط
10- مرجع سبق ذكره،درويش
11-مرجع سبق ذكره،الشبوط
12- مرجع سبق ذكره،درويش
http://www.atida.org/forums/showthread.php?t=10702
13- uqu.edu.sa/page/ar/181741





14 - www.startimes.com/?t=19689276
15- mashreqnews.com/ar/index.php?act=post&id=33175
16- www.startimes.com/?t=19689276
17- mashreqnews.com/ar/index.php?act=post&id=33175
18- e3lamna.alafdal.net/t579-topic
19- http://www.wafa.pna.net/arabic/index...tail&id=144009
20- www.alquds.com/news/article/view/id/518383
21- www.alquds.com/news/article/view/id/518383
22- www.alquds.com/news/article/view/id/518383
23- احمد الزيتونة،الماكينة الإعلامية وإنتصار غزة، fajer.ps/ar/index.php?act=post&id=881 الاثنين 1 سبتمبر 2014
24- كيف تعاطى الاعلام الرسمي بالضفة والحزبي مع حرب غزة فلسطينيو 48- نابلس27/08/2014
25- www.alquds.com/news/article/view/id/518383
26- مرجع سبق ذكره،احمد الزيتونة
27- مرجع سبق ذكره احمد الزيتونة،
28- www.alquds.com/news/article/view/id/518383
29- www.alquds.com/news/article/view/id/518383
30- www.raialyoum.com/?p=129920
31- http://www.aljazeera.net/news/report...iews/2014/9/2/)
32- يونس أبو جراد، دور الإعلام في الحرب الأخيرة على غزة www.alquds.com/news/article/view/id/518383
33- ) مرجع سبق ذكره احمد الزيتونة،
34- ) مرجع سبق ذكره،احمد الزيتونة،
35- )مرجع سبق ذكره، احمد الزيتونة،
36- عليان الهندي ،دراسة لم تنشر، بعنوان قراءة اولية في العدوان الإسرائيلي على غزة،أسباب ومعطيات،جامعة الاستقلال، المركز الفلسطيني لدراسة القطاع الامني، 2014م.
37- www.alquds.com/news/article/view/id/518383
38- www.alquds.com/news/article/view/id/518383
39- دور الإعلام في الحرب الأخيرة على غزة www.pnn.ps/index.php/local
40- اكاديميون واعلاميون يدعون لاْنسنة قصص العدوان الاسرائيلي على غزة pal-news.net/1991
41- اكاديميون واعلاميون يدعون لاْنسنة قصص العدوان الاسرائيلي على غزة
pal-news.net/19917

42- المرجع نفسه اكاديميون واعلاميون
43-www.wattan.tv/ar/news/100094.html#sthash.Ny6lUOPB.dpu
44- :http://www.wattan.tv/ar/news/100094....h.Ny6lUOPB.dpu
45- www.alquds.com/news/article/view/id/518383
46- www.alquds.com/news/article/view/id/518383