أنت المنار

أنت المنار وهـــاديٌ بحــــــــــار
من هديه تستنطق الأقــــــــمار

أرشدت أسفار الزمــــان وأبحرت
عطشى بسفرك هذه الأسفــــار

أنطقتَ أحجار الثـرى وتفـــــجرت
عن صمتها الكلمــــات والأفـــكار

وكتبت في جلد الزمــــان كتابـــة
تبقى ويرسم حــــرفها المسمار

أجريتَ في جرد العروق دماءهـا
فتكلمت في صمتها الأحــــــجار

وحملتَ في جنبيك كــــل كريمة
بخصالها يسترشتد الأخــــــــيار

ترنو وعينك في مــــدار زمانـــنا
فـــــــــلك يشدُّ بريــــــقه سيَّار

بين الكواكب ساطـــعاً بمـساره
في موكب أعراسـه الأنـــــــوار

وشبكتَ أحـــداق العيون محبةً
وتقلَّبتْ من غيـظها أبصــــــــار

أنت العراق بمجـــده يحدو فما
يكبو وفي الوادي جــرت انهار

عِلْمٌ وماءٌ واخضــــرار خميــلةٍ
وبحيرةٍ حسادها أشــــــــــرار

لمَّا زرعنا الكيد صبرًا، شــــدَّنا
عــــزمٌ بأنَّ طريقـــــنا مشوار

ساحت بطاح وارتوت ،وتمايلت
رقصاً على أغصانـــــها الأثمار

أرض حملنا مهــــــدها وتربعتْ
بين القلوب تحــــفها الأعمـــار

ارض السواد من العيون سوادها
ومن القلوب ربيعـــها أنــــــوار

لبست ثياب العزِّ ترفل هيبـــة
وبخطى الحضارة أقبلت عشتار

يروي أحاديث السنين بخـدها
ورد، وتـُنشر بالشـذى الأخــبار

يتبسم الصمت الجميل بثغرها
وبعينها تتكحَّــــــــل الأسـحار

حسناء غنت للحياة بحسنــها
وتزيـَّنت في لحنها الأوتـــــــار

تتهامس الكلمات بين شفاهها
وتفوح من همساتها الأزهـــار

سمراء حيَّاها العراق بدجــلة ٍ
وسرى الفرات بشوقه تيَّــــار

كرم الحنان يضمُّها وبصــــدره
قلب تـــــدقُّ بنبضه أســـــرار

بسطت أسارير الزمان ومزَّقوا
ثوب الجفاء بظلِّها السمـــــار

وتكاتفت تبني الديار سواعتتد
وجنت ثمار بنائــــــــها الأحرار

حتى علا صرح العراق معمرا
والنور يكشف لو عمت أنظار

وبليلة سوداء تعصر بالأسى
فيها الحشود من الجنود كثار

والطائرات تهافتت برعونـــــة
لا ترعوي بجنونها استهــــــتار

نفضت من الحمم اللئيمة سمها
ناراً وتـُصهر بالسمـــوم ديــــار

وتلوَّنت ارض العراق بحمــــرة
فيها السواد من الحروق دمار

فيها خنازير الحديد بلا هـــدى
تجري وتفتك دونــــما أعــذار

جهل اللئيم يسوقها بدرايـــة
ويهيل من أحقادها غـــــــدَّار

ظنُّوا يميتون العراق بشرهم
حسب العراق لشرهم بتَّـــار

شمس لها شرق يطول نهاره
ما فيه لـــيل أو يغيب نهـــــار

يتسلح الأحرار فيه محبــــــة
أيموت من يحيى به أحـــــرار