الأردن : الأطباء والعلماء اختلفوا حول الموت الرحيم والإجهاض وختان الإناث


اختلف علماء وأطباء شرعيون في المؤتمر الأردني الدولي الأول لعلوم الطب الشرعي حول الموت الرحيم والإجهاض وختان الإناث بخصوصية المجتمع الإسلامي . اختلف علماء وأطباء شرعيون في المؤتمر الأردني الدولي الأول لعلوم الطب الشرعي الذي اختتم أعماله في العاصمة الأردنية عمان حول الموت الرحيم والإجهاض وختان الإناث باعتبارها قضايا جدلية وتصطدم بخصوصية المجتمع الإسلامي . ويري مدير المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور مؤمن الحديدي انه من الصعب الاتفاق علي رأي واحد بين العلماء الشرعيين حول تلك القضايا، بيد ان الاتفاق عليها يساعد المشرعين بسن القوانين لتوحيد المجتمع الإسلامي بمختلف تياراته واتجاهاته.
ومن القضايا التي لا تزال محور نقاش العلماء بحسب الحديدي، إجهاض الفتاة التي حملت بعد ان تعرضت لحادثة اغتصاب، الا ان فريقا آخر يري عدم قتل نفس بريئة في احشاء والدته بغير ذنب اقترفه. واستند الحديدي الي القاعدة الشرعية التي تشير الي دفع الضرر الأكبر (تدمير المجتمع) بالضرر الأصغر (عملية الإجهاض). لا سيما ان قرار الاجهاض يجب ان ينفذ في الاسابيع الاولي للحمل قبل ولوج الروح الي جسد الجنين بعد اربعين يوما من الحمل، وفقا للمفهوم الديني السائد .
وبقيت قضية الموت الرحيم عالقة بحسب الحديدي بين الأطباء الشرعيين، ففيما يري فريق ضرورة مساعده المريض الذي مات دماغيا وسريريا، الا ان فريقا آخر يطالب بإنهاء معاناته عن طريق رفع الأجهزة الاصطناعية. وقال الحديدي: لا بد من النظر بشمولية إلي القضايا المرتبطة بالإجهاض، من حيث عدم استمرار الحمل في حالة الاغتصاب او التشوهات الخلقية التي تصيب الجنين الناتجة عن أمراض معينة كالحصبة الألمانية، موضحا أن الشرع يسمح بالإجهاض فقط في حالة تشكيل خطورة علي حياة الأم وصحتها وليس علي الطفل .
ودعا لمزيد من الحوار بين العلماء الشرعيين والفقهاء في الوطن العربي لتقريب وجهات النظر بينهم، بما فيه من مصلحة المجتمع الإسلامي وأفراده من حيث دراسة الأبعاد الدينية والثقافية والعلمية معا. واحتل موضوع انتشار ختان الأطفال لفئة الإناث في السودان وبعض المناطق في إفريقيا نقاشا مطولا في المؤتمر، إلا إن خبراء في الطب الشرعي اتفقوا علي توجيه دعوة لتجريم هذه الأفعال من خلال الحد منها وتغيير اتجاهات المجتمع في المناطق التي تمارس هذه العادات.
ويقول الطبيب الشرعي الدكتور عقيل سوار الذهب من السودان ان جميع الجهود التي بذلت لتغيير عادات الشعب السوداني للحيلولة دون اجراء ختان الاطفال من الاناث باءت بالفشل.
لافتا الي ان 89 بالمائة من الاناث من فئة الاطفال يتعرضن الي بتر اعضائهن التناسلية بطرق تقليدية مثل موس الحلاقة غير المعقم. واستهجن سوار الذهب استمرار هذه العادة رغم ارتفاع الوفيات من الاطفال بسبب هذه العادة القبيحة التي يستند مستخدموها الي انها سنة حميدة ، نافيا ان يكون لها ارتباط بالدين الاسلامي بل هي بحسب قوله معتقد او موروث شائع لا بد من محاربته
. واستنجد بالأطباء الشرعيين في الوطن العربي والعالم الإسلامي بأن تتوحد جهودهم لمحاربة هذة العادة التي تحدث في دولة عربية افريقية الموقع تطبق الشريعة الإسلامية التي تدحض الأقاويل بأن الختان من سنن الدين. ومن الطرق التي يمكن استخدامها بحسب سوار الذهب هي مخاطبة المرأة السودانية من الناحية العاطفية والعقلية حتي نجنب الفتيات شر البلاء. ويستشهد بالتجربة المصرية التي نجحت في سن القوانين والتشريعات التي حدت من هذه الظاهرة. ويعقد في السودان مؤتمر الطب الشرعي الأول بمدينة الخرطوم خلال شهر نوفمبر المقبل بهدف مخاطبة الاتحادات النسائية والمراكز الشبابية والمدارس ووزارة الصحة السودانية والتنمية الاجتماعية ؛ متأملا الخروج بتوصيات ترفع للمسؤولين لسن التشريعات الرادعة.
من جهته، كشف ممثل دولة فسطين في المؤتمر الدكتور صابر العالول ان اسرائيل لا تسمح اطلاقا للاطباء الشرعيين بالكشف علي الشهداء (ليس تشريحهم) لمعرفة نوعية وطبيعة الاصابة من خلال البينة الطبية .
واضاف العالول ان التقارير الطبية لو وجدت ستكشف الجرائم الإسرائيلية وتدينهم لاستخدامهم اسلحة محظورة دوليا.
ومن أهم المشاكل والصعوبات التي تعترض الطب الشرعي في فلسطين بحسب العالول، افتقارهم للمختبرات الطبية الشرعية ما يستدعي إرسال العينات إلي الأردن. وأشار إلي أهمية تحقيق العدالة في المجتمع الفلسطيني وسط الظروف السياسية الصعبة. وطالب الدولة الفلسطينية تقديم الدعم المالي والمعنوي للأطباء الشرعيين لتحقيق العدالة والمساوة وتدريب كوادر بشرية في هذا المجال. وعلي صعيد التوصيات ؛ فقد أقر المؤتمر النظام الداخلي لمنظمة الاطباء الشرعيين في الدول الاسلامية.
وتولي الاردن ممثلا برئيس المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور مؤمن الحديدي مركز الامين العام للمنظمة لمدة عامين بموجب النظام الذي نص علي ان يكون الامين العام من الدولة التي يعقد فيها المؤتمر دوريا مرة كل عامين. ووافق المؤتمر علي تولي كبير الاطباء الشرعيين في ايران الدكتور شهاب الدين صدر رئاسة المنظمة ومقرها الدائم في طهران. وذكر الدكتور الحديدي في مؤتمر صحفي انه تم علي مدار ايام المؤتمر الاربعة مناقشة أوراق علمية علي درجة عالية من الاهمية العلمية، من بينها ورقة مقدمة من الدكتور هيرمن فوجل من المانيا حول استخدامات الاشعة السينية في الكشف عن الجرائم والتهريب.
وقال ان هناك حاجة الي ادخال الاشعة السينية ذات العلاقة بالرنين المغناطيسي وذلك من اجل المساعدة في الكشف عن الجثث دون الحاجة الي التشريح، واظهار الأدلة الجنائية التي لا تري بالعين المجردة والتقاطها من مسرح الجريمة. واشار الي ان المؤتمر تبني ادانة ختان البنات في بعض الدول العربية كالسودان، واكد علي ان الوسيلة الاهم بمكافحة الجريمة هي بالارتقاء بوسائل الكشف عنها، كما اوصي بتعزيز دور المرأة في اختصاص الطب الشرعي وتشجيعها علي دخول هذا الاختصاص. واشار الي انه لا يوجد في الاردن سوي اخصائية واحدة في هذا المجال وهي الدكتورة اسراء الطوالبة، مؤكدا بأن المرأة هي الأقرب والأقدر للوصول الي اكتساب الطمأنينة في نفس الضحية. وقدم مدير ادارة حماية الاسرة في الأردن العقيد فاضل الحمود ورقة حول دور الطب الشرعي في حماية الاسرة والشراكة القائمة مع المركز الوطني للطب الشرعي في فحص ضحايا العنف من الاطفال والاعتداءات الجنسية، والتطور الذي حدث في اعطاء الأولوية الفضلي لمصلحة الطفل
. واشار الي ان الزيادة في ارقام الاعتداءات تعكس مدي الوعي والثقة بالإجراءات التي تقوم بها المؤسسات المعنية ولا تدل علي زيادة في الحالات بقدر دلالتها علي زيادة في الكشف. وذكر الحديدي انه تم تقديم ورقة عن الاسلام وحماية المرأة قدمها استاذ الشريعة بالجامعة الاردنية الدكتور عبدالمجيد صلاحين وتحدث فيها عن ضرورة إدانة الجرائم التي ترتكب باسم الشرف من وجهة نظر الدين. وقدم الدكتور هاني جهشان ورقة عن دور الطب الشرعي في الرعاية الصحية الأولية، في حين قدم الدكتور محمود الشريدة نماذج عن تعرض الاطفال لحوادث السير نتيجة الاهمال مستعرضا دراسة قام بها في احدي مناطق الشمال.
واشار الدكتور الحديدي الي ان جميع اوراق المؤتمر تشير بوضوح الي ان الطب الشرعي تجاوز مرحلة تشريح الجثث الي البحث عن الاسباب المؤدية الي العنف والجريمة.
واكد علي ضرورة الارتقاء بمستوي المعاينة الطبية، والنهج التشاركي، وتغيير النهج السلبي الذي يؤدي الي بعض الاشكاليات الاجتماعية، مشيرا الي ان المؤتمر شكل فرصة هامة للعاملين في مجال الكشف عن الجريمة. من جانبه، اعتبر الناطق الاعلامي للمؤتمر الدكتور باسم الكسواني ان المؤتمر يعد الأنجح خلال الفترة الاخيرة، مشيرا الي انه تميز بعدد الحضور ونوعية الاوراق المطروحة والقضايا التي تناولتها تلك الاوراق وتؤكد الحاجة الي تشريعات تحترم خصوصية المجتمعات العربية والإسلامية
منقول