خلف الظلام ..
و لا زلت أتعثر فأقع ثم انهض ثم أتعثر فأقع ثم أنهض حتى وهنت ،ُ فقررت أن لا أنهض ثانية حتى أجد حلا ،
نعم وجدتها سوف أحبو ، و ظللت أحبو على مهل إلى أن لامست يدي جدارا ، خلعت ساعة اليد و وضعتها على الأرض و عاودت الحبو حذاء الجدار فتلمست في طريقي زوايا أربع و عدت فتلمست ساعتي و عرفت أنني خلف الظلام
ماذا بعد ؟
حاولت أن أفتش عن شيئ ما فلم تصل يداي إليه
ضممت ساقي بذراعي و اسندت رأسي عليها ، ثم طفت على سطح أفكاري فكرة !
بدأت أستخدم ساعتي لأفتح ثقبا في الجدار الأصم ، و المدهش في الأمر أن الجدار لم يكن قويا كما توقعت ، و شيئا فشيئا بدأ الثقب يعمق ، و لكن ساعتي كانت تتحطم قطعة تلو الأخرى و عندما تحولت أجزاءا مبعثرة لا تنفع للحفر، بدأ اليأس يتسرب إلى قلبي
فتذكرت سواريّ الثمينين فخلعت أحدهما و كسرته و استخدمت طرفيه في إتمام العمل الذي بدأته ، و بعد جهد أضناني وجدت أنني على مشارف بلوغ بغيتي و أسرعت و أسرعت حتى تمت الغاية ..يا الله ..يا الله ..إنه النور ..رأيت الناس يمشون و يضحكون و لا أحد منهم يشعر بي ..

وضعت فمي في الفتحة التي أحدثتها و رحت أصرخ فسمعني أحدهم ثم نادى على الأخر ثم لم أدر ماذا حصل ..فقط طلبوا مني الابتعاد عن الجدار فرحت أدفع نفسي بكفي و كعبي إلى الخلف ، فوقعت يدي على جسد ما ..هالني رعب و فزع عظيم ربما صرخت و ربما لا ..كل ما أعرفه أنني رأيت نفسي على سرير أبيض و أجهزة طبية من حولي و رقابة شديدة علي و طاقم طبي يزورني
كانوا يضعون على افواههم كمامات و يلبسون ثيابا غريبة ..
يفحصونني ثم يغادرون . لم أكن قادرة على الجلوس او الحركة فأنا موصدة تماما ..و بعد مدة أحسبها ليست قصيرة..دخل علي طبيب مسن مبتسما ليبشرني بأنني أصبحت بخير و لا خوف مني أو علي فعرفت منه أنني تعرضت لبعض الكسور في جسدي جراء هدم الجدار حيث كانوا ينادونني للتأكد من ابتعادي عنه فلم أجبهم ..
أسوأ ما في كلام ذلك الطبيب ما قاله لي في آخر كلامه :
لقد كنت بجوار الكثير من الجثث البشرية المتعفنة التي انحصرت وسط أسوار الظلام .