بعدما كثرت قلة الأدب بحق أنبياء الله والرسل باسم الحرية وحرية الفكر...خرج الأمر عن حده الى الاسفاف بكل القيم الانسانية وعدم مراعاة الحرمات وحريات المخالفين لهؤلاء الأدعياء...ومن طبع الانسان السوي أخلاقيا وتربويا أن لايرد على هؤلاء بالشتائم والكلام الغير مهذب ...ومن هذا القبيل سأذكر بعضا من شهادات الغربيين المنصفين الذين درسوا الأديان عموما والاسلام بشكل خاص كما تمعنوا بقراءتهم لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ....فخرجوا بهذه الشهادات التي لم يجبرهم أحد عليها بل ولم يغرهم أحد على قولها والادلاء بها ...........................................
لقد أنصف كثير من الغربيين محمدًا ، وكان هذا الإنصاف ناتجًا عن دراسة موضوعية مستفيضة لسيرة وحياة رسول الله ، وقد اكتملتْ في هذه الدراسة عناصر المنهج العلمي الحديث القائم على الملاحظة والتجربة والاستقصاء، فخرجت نتائجهم إيجابية تجاه رسول الله ، وأصبحت شهاداتهم نورًا يهتدي به الباحثون عن الحقيقة في الغرب.
الشاعر الفرنسي لامارتين
فممن أنصف رسول الله الشاعر الفرنسي لامارتين[1]؛ حيث يقول: "أترون أن محمدًا كان صاحب خداع وتدليس، وصاحب باطل وكذب؟! كلا، بعدما وعينا تاريخه، ودرسنا حياته، فإنَّ الخداع والتدليس والباطل والإفك.. كل تلك الصفات هي ألصق بمن وصف محمدًا بها"[2].
المؤرخ والكاتب توماس كارليل
يقول توماس كارليل[3]:
"لسنا نعدُّ محمدًا قطُّ رجلاً كاذبًا متصنِّعًا، يتذرَّع بالحيل والوسائل إلى بُغيةٍ، أو يطمع إلى درجة مُلك، أو سلطان، أو غير ذلك من الحقائر والصغائر، وما الرسالة التي أدَّاها إلاَّ حقٌّ صراح، وما كلمته إلاَّ صوت صادق صادر من العالم المجهول، كلا، ما محمد بالكاذب ولا الملفِّقُ، وإنما هو قطعة من الحياة قد تَفَطَّر عنها قلب الطبيعة، فإذا هي شهاب قد أضاء العالم أجمع"[4].
عالم الاجتماع غوستاف لوبون
يقول عالم الاجتماع غوستاف لوبون[5]:
"إنني لا أدعو إلى بدعة مُحْدَثة، ولا إلى ضلالة مستهجَنَة، بل إلى دين عربي قد أوحاه الله إلى نَبِيِّه محمد، فكان أمينًا على بثِّ دعوته بين قبائل تلهَّتْ بعبادة الأحجار والأصنام، وتلذَّذَتْ بتُرَّهَات الجاهلية، فجمع صفوفهم بعد أن كانت مبعثرة، ووحَّدَ كلمتهم بعد أن كانت متفرِّقَة، وَوَجَّهَ أنظارهم لعبادة الخالق، فكان خير البرية على الإطلاق حُبًّا ونسبًا وزعامة وَنُبُوَّة، هذا هو محمد الذي اعتنق شريعته أربعمائة مليون مسلم، منتشرين في أنحاء المعمورة، يُرَتِّلُونَ قرآنًا عربيًّا مبينًا"[6].
ويقول غوستاف لوبون في موضع آخر: "فرسول كهذا جدير باتِّبَاع رسالته، والمبادرة إلى اعتناق دعوته؛ إذ إنها دعوة شريفة، قِوَامُهَا معرفة الخالق، والحضُّ على الخير، والردع عن المنكر، بل كل ما جاء فيها يرمي إلى الصلاح والإصلاح، والصلاح أنشودة المؤمن، وهو الذي أدعو إليه جميع النصارى"[7].
المفكِّر البريطاني لين بول
ولا يُخفي المفكِّر البريطاني لين بول[8] تَأَثُّرَه بمحمد ، فيقول:
"إن محمدًا كان يَتَّصِفُ بكثير من الصفات؛ كاللطف والشجاعة وكرم الأخلاق، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يحكم عليه دون أن يتأثَّر بما تَطْبَعُه هذه الصفات في نفسه، ودون أن يكون هذا الحكم صادرًا عن غير ميل أو هوًى، كيف لا؟! وقد احتمل محمد عداء أهله وعشيرته سنوات بصبر وجَلَد عظيمين، ومع ذلك فقد بَلَغ من نُبْلِه أنه لم يكن يسحب يده من يد مصافحه حتى لو كان يصافح طفلاً! وأنه لم يمرَّ بجماعة يومًا من الأيام -رجالاً كانوا أم أطفالاً- دون أن يُسَلِّم عليهم، وعلى شفتيه ابتسامة حُلوة، وبنغمة جميلة كانت تكفي وحدها لتسحر سامعيها، وتجذب القلوب إلى صاحبها جذبًا!"[9].
الأديب الإنجليزي جورج برنارد شو
ويتحدث الأديب الإنجليزي جورج برنارد شو[10] قائلاً:
"لقد درست محمدًا باعتباره رجلاً مدهشًا، فرأيته بعيدًا عن مخاصمة المسيح، بل يجب أن يُدْعَى منقذ الإنسانية، وأوربا في العصر الراهن بدأت تعشق عقيدة التوحيد، وربما ذهبت إلى أبعد من ذلك؛ فتعرف بقدرة هذه العقيدة على حلِّ مشكلاتها، فبهذه الروح يجب أن تفهموا نبوءتي"[11].
المستشرق الإنجليزي الكبير وليم موير
ويقول المستشرق الإنجليزي الكبير وليم موير[12]:
"امتاز محمد بوضوح كلامه، ويسر دينه، وأنه أتم من الأعمال ما أدهش الألباب، لم يشهد التاريخ مصلحًا أيقظ النفوس، وأحيا الأخلاق الحسنة، ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل محمد"[13].
"ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدًا أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، وخبيرٌ به مَنْ أمعن النظر في تاريخه المجيد، وذلك التاريخ الذي ترك محمدًا في طليعة الرسل ومفكري العالم"[14].
المستشرق الأمريكي واشنجتون إرفنج
ويقول المستشرق الأمريكي الكبير واشنجتون إرفنج[15]:
"كانت تصرفات الرسول في أعقاب فتح مكة تدلُّ على أنه نبي مرسل، لا على أنه قائد مظفَّر؛ فقد أبدى رحمةً وشفقةً على مواطنيه، برغم أنه أصبح في مركز قوي، ولكنه تَوَّج نجاحه وانتصاره بالرحمة والعفو"[16].
رئيس الوزراء الهندي الأسبق جواهر لال نهرو
ويقول رئيس الوزراء الهندي الأسبق جواهر لال نهرو[17]:
"كان محمد كمؤسسي الأديان الأخرى ناقمًا على كثير من العادات والتقاليد التي كانت سائدة في عصره، وكان للدين الذي بَشَّر به -بما فيه من سهولة وصراحة وإخاء ومساواة- تجاوبٌ لدى الناس في البلدان المجاورة؛ لأنهم ذاقوا الظلم على يد الملوك الأوتوقراطيين والقساوسة المستبدين، لقد تعب الناس من النظام القديم، وتاقوا إلى نظام جديد، فكان الإسلام فرصتهم الذهبية؛ لأنه أصلح الكثير من أحوالهم، ورفع عنهم كابوس الضيم والظلم"[18].
المؤرخ البلجيكي جورج سـارتون
ويقول المؤرخ البلجيكي جورج سـارتون[19]:
"وخلاصة القول... إنه لم يُتَحْ لنبي من قبلُ ولا من بعدُ أن ينتصر انتصارًا تامًّا كانتصار محمد"[20].
لقد أبرزت هذه الشهادات بعض من جوانب عظمة الرسول محمد ، التي يُقِرُّ بها كل من يعايشه، أو يقرأ قسطًا من حياته، تكمن هذه العظمة في أنه كان حامل رسالة سماوية شمولية، تهدف أساسًا إلى إصلاح حياة البشرية عامة.
________________________________________
[1] ألفونس دو لامارتين Alphonse de Lamartine (1790- 1869م): كاتب وشاعر وسياسي فرنسي، كان كثير السفر، أقام مدة في أزمير بتركيا. من كتبه: رحلة إلى الشرق، وتأملات شعرية.
[2] لامارتين: السفر إلى الشرق ص84.
[3] توماس كارليل Thomas Carlyle (1795- 1881م): كاتب إسكتلندي، ناقد ساخر، ومؤرخ، من مؤلفاته: الأبطال، (وقد عقد فيه فصلاً رائعًا عن النبي فنقله إلى العربية الأستاذ على أدهم)، والثورة الفرنسية. انظر: نجيب العقيقي: المستشرقون 2/53.
[4] توماس كارليل: الأبطال ص58-60.
[5] غوستاف لوبون Gustav Lobone (1841- 1931م): مستشرق فرنسي، قام بدراسات متخصصة في علم النفس والاجتماع، من أشهر كتبه: حضارة العرب، الذي يعدّ من أمهات الكتب التي صدرت في العصر الحديث في أوربا لإنصاف الحضارة العربية الإسلامية. انظر: أحمد حامد: الإسلام ورسوله في فكر هؤلاء ص59-61.
[6] هذا التعداد الذي ذكره غوستاف لوبون كان وقت إصداره لكتابه (حضارة العرب)، أما الآن عام 2008م فقد تجاوز عدد المسلمين في العالم 1.3 مليار نسمة. انظر: جريدة الشرق الأوسط، على الرابط http://www.asharqalawsat.com.
[7] غوستاف لوبون: حضارة العرب ص67.
[8] لين بول Lane Poole (1853-1917): مفكر إنجليزي، وهو واضع فهرست المسكوكات المحفوظة في دار الكتب المصرية عام 1897م، من مؤلفاته: (رسالة في تاريخ العرب).
[9] لين بول: رسالة في تاريخ العرب، نقلاً عن: عفيف عبد الفتاح طبارة: روح الدين الإسلامي ص438.
[10] جورج برنارد شو George Bernard Show (1856-1950م): مؤلف إنجليزي مشهور، حاز على جائزة نوبل في الأدب عام 1925م. وطُلِبَ منه أن يكتب مسرحية عن حياة محمد فرفض، وكان ذلك ضربة قاضية لمن أرادوا تشويه الإسلام. انظر: أحمد حامد: الإسلام ورسوله في فكر هؤلاء ص13-15.
[11] الحسيني الحسيني معدي: الرسول في عيون غربية منصفة ص70.
[12] وليم موير William Muir (1819-1905م): مؤرِّخ ومستشرق إنجليزي، وكان يبحث في الإسلام ويدرس أخلاق نبي الإسلام منذ بداية وجوده في الهند عام 1837م، ودرس الحقوق في جامعتي أدنبره وجلاسجو، ووصل إلى منصب رئيس جامعة أدنبره، انظر: عبد الرحمن بدوي: موسوعة المستشرقين ص578، 579، وأحمد حامد: الإسلام ورسوله في فكر هؤلاء ص22، 23.
[13] وليم موير: حياة محمد ص31.
[14] المصدر السابق ص20.
[15] واشنجتون إرفنج Washington Irving (1783- 1859م): مستشرق ومؤرخ أمريكي، أولى اهتمامًا كبيرًا بالدراسات الإسلامية، من مؤلفاته: (حياة محمد)، (فتح غرناطة). انظر: نجيب العقيقي: المستشرقون 3/131.
[16] واشنجتون إيرفنج: حياة محمد ص72.
[17] جواهر لال نهرو (J.Lal. Nahro) (1889- 1964م): يعدُّ نهرو أحد زعماء حركة الاستقلال في الهند، وأول رئيس وزراء للهند بعد الاستقلال. تميز بالاشتراكية والعدالة، ولم يكن متعصبًا للهندوسية.
[18] جواهر لال نهرو: لمحات من تاريخ العالم ص27.
[19] جورج سارتون George Sarton (1884- 1956م): بلجيكي الأصل، متخصص في العلوم الطبيعية والرياضية، درس العربية في الجامعة الأمريكية في بيروت 1931- 1932م، وألقى محاضرات حول فضل العرب على الفكر الإنساني. أبرز إنتاجه (المدخل إلى تاريخ العلم). انظر: نجيب العقيقي: المستشرقون 3/147، 148.
[20] سارتون: الثقافة الغربية في رعاية الشرق الأوسط ص28-30.

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي