سيدتي أم فراس المحترمة
سأناقش النص من زاوية صوفية عقدية
فالموضوع اللغوي أشار إليه أخي عادل العاني
ولكن هناك قضيتان :
الأولى : الصياغة ، وهنا أشير لنهايات صدر
بعض الأبيات التي أراها ضعيفة الموسيقا لعدم
انتقاء اللفظ المناسب .
والثانية : الزاوية العقدية ، وسأناقشها معك مطولا :
- تقولين :
دموع ٌُالعين ِلاتكفي لخشيته ِ=وقلب ٌتاه َمحزوناً بكربتهِ
سيدتي القلب الذي تغسله دموع الخشية لن يعود تائها
بعد وستنجلي عنه كرباته بدمعة صادقة واحدة .
- تقولين :
دروب الود ِ لاتكفي لإعمار=تشتت جل َّأوقاتي بطلعتهِ
وأنا أقول لك درب ود واحد في الله يكفي لإعمار الدنيا
والآخرة ، ثم سيدتي كيف تستعملين تشتت وأنت في حضرة
طلعته ، ربما الكلمة المناسبة : فناء كل أشيائي بطلعته ، فإن
تجلى فني المتجلى عليهم .
- تقولين :
فعطر ضاع بالهفوات قاطبة= وبات َالطُعُم يدنيه لضيعتهِ
ربما الكلمة المناسبة فعمر ضاع ، ولو قصدت انتشار الرائحة
لا يكون للهفوات عطر ، وأما الشطر الثاني ففيه حدوث عكس
ما ينتظر ، فمن تذوق عرف ، ومن عرف طعم اللقاء بربه
لا يضيع ولا يدنو من الضياع ، يبدو هنا أنك تسيرين بدرب
التصوف بلا مرشد فحذار ، من سار بدرب المعرفة بلا دليل
وصل إلى الشيطان .
- تقولين :
فلاطَعم يلذ ّلطالبِ الشكوى=ولا أنس ٌيضاهي كنه َصدمتهِ
ترفق ْجرحنا قد صارَ مشربُه=بكسر ِالقلب ِمقداما ًبصنعتهِ
صدمته كلمة غير مناسبة بتاتا ، وربما يشير ذلك لحاجتك لتوسيع
قاموس مفرداتك ، فمن وصل ذهل ولم يصدم فاللقاء بكامل الجلال
يفني ، واللقاء بكامل الجمال يذهل ويذيب بحلاوة تستقر في القلب
لا تكسره ولكن تكسر النفس ولا تجعل لها سلطة على القلب الذائب
في أسرار الأنوار وأنوار الأسرار .
- تقولين :
أناني ٌبخطف ِالنور ِمن غدهِ=ولفظ ُالسعد ِ قتالا ًلفرصتهِ
النور لا يخطف سيدتي ففي الحقيقة النور يلغي كثافة الطين
ويخطف هو لا يـُخطف ، ولفظ قتالا لا أعرف لم نصبت
قتال وموضعها الرفع ، والللام في فرصته لا مكان لها ،
لفظ السعد يحيي ولو قلت ولفظ السعد يححي نور فرحته
لكان أجمل .
- تقولين :
فلا أرض ٌتنازعني ولاحرف ٌ=إذا ماصنت ُأحوالي بحرفتهِ
العجز فيه مشكلة كبيرة ، فكلمة حرفته تعود على أي ؟
فلو قلت على الله لما جاز ، ولو قلت على غيره تناقض المعنى
ولو قلت : إذا ما دام لي وجد بحضرته ربما استقام المبنى والمعنى !
- تقولين :
أنا من باع َراحتَه ُلأنواع ٍ=تبيعُ الود ّكي تحيا بكسرتهِ
الحقيقة أنا لم أفهم بهذه الكلمات سوى أنك تريدين التعبير فتخونك
الكلمات ، ولا تجدين بقاموسك الشعري قافية مناسبة فتأتين بكلمة
لتكميل القافية على حساب الصياغة ومتانة الجملة والمعنى ، كيف
بعت راحتك لأنواع ؟
ولو : قلت أنا من باع راحته لرؤيته مثلا لكنت كفيت ووفيت
ولو أكملت : قليل الود يحييني بكسرته / ربما أقول ربما أفضل .
- تقولين : إليك َألوذ ُ ياربي لبارقة ٍ=تزيل ُاللبس َعن دربي وغدرتهِ
فإن تحمي ثنايا الوجد ِقد أغفو= فأنسى كل َّمافيه ِوغربته
لو قلت فإن تقبل صفاء الوجد يغفيني // فأنسى طيني الفاني وغربته
ربما كان التعبير أقوى وأوضح .
- تقولين :
دموعُ العين لن تكفي لخشيته=فغفران ٌطلبُت ُلَبعد توبته
سيدتي هنا كلام لا يقال بحضرة الله ، وهو الذي يقول :
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة
الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم .
لا تقنطي من رحمة الله والرحمة هي أن ينظر للمسيء بعين
كمال المحسن ، فكيف تستبعدين التوبة على الله وهو من شرعها ؟
تحيتي وأرجو أن تقع كلماتي موقعها عندك فأنت تعرفين كم
أنا حريص على أن تكون مفاهيم تصوفك صحيحة ، إياك أن
تنسبي لله إلا الكرم والجود والمن والفضل واطمعي بكرمه وجميل
عطاءاته / تحيتي .