التعامل مع الطفل المتوحد - خبرة أم
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. في الحقيقة أنا لا أريد أن أطرح مشكلة هنا، حيث إنني أعرف مشكلتي وأعرف حلها، رغم أن معرفة الحل لا تعني سهولة التطبيق، ولكني أحببت أن أشارك هنا ببعض الاقتراحات حول كثير من المقالات التي نشرتموها بخصوص أطفال التوحد.
أنا لا أريد أن أتكلم عن الأعراض والمشاكل النفسية التي يعاني منها الطفل ووالداه، خاصة أن الأطباء في "إسلام أون لاين.نت" قد تكلموا في هذا المجال سابقًا، ولكني أريد هنا أن أضيف بعضًا، وهو ما وجدته مساعدًا لي على تعليم ابنتي ومحاولة تعليمها الكلام بشكل أفضل، أرجو أن يتسع صدر من يقرأ كلامي، فلا أريد من الكلام إلا أن أساعد من يمر بنفس محنتي.
أولاً: الاستعانة بالله تعالى في كل شيء، وأن الأمر بيده يفعل ما يشاء واستذكار مقولة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- المشهورة من قوله: إن لي بكل مصيبة أصابني الله بها ثلاثة أمور، ومنها: أن الله خفَّفها، وهو قادر على أن تكون أسوأ مما هي عليه، والثانية: أن الله جعلها في دنياه ولم يجعلها في دينه، والثالثة: أن الله سيأجره عليها يوم القيامة.
ثانيًا: محاولة الوالدين والأم خاصة أن تقرأ كل ما تستطيعه عن التوحد، وبكل أسف فإن معظم المصادر في هذا المجال بالإنجليزية، ولكن لا مفرّ من هذا الأمر، ولمن لا تعرف الإنجليزية، فعليها بأن تستعين بمن يعينها في الترجمة.
ثالثًا: محاولة تطوير علاقة الوالدين بالطفل، والتأكيد بأن محبتهما له لن تفتر؛ بسبب أنه متأخر عن أقرانه، وهذه المحبة أشياء يحسها الأطفال من نظرة، أو لمسة، أو ربتة على الرأس، وفي مجال الاستعانة بتطوير المهارات اللغوية فقد نفع معي الآتي، وإن شاء الله يعين الأهل الذين يعاني أولادهم من التوحد:
1 - تعليم الطفل أجزاء الجسم عن طريق لعبة اسمها : body part
فأنت تعين الطفل على تعلم أجزاء الجسم عن طريق اللعب، ولكن لا بد لك أن تكون رقيقًا في اللعب لأن الطفل المتوحد لا يحب الخشونة.
2 – لعبة " treasure hunt "(البحث عن الكنز)، وهي لعبة تقوم على أساس أنك تطلب من الطفل أن يريك المذياع مثلاً أو الكرسي، ومن ثَم تقول أنت وهو معه اسم الغرض، وهذا ما يساعد على تنمية المفردات.
3 - لعبة الألوان، وهي مهمة من أجل تعليمه الألوان الرئيسية عن طريق الملابس والألعاب.
4 - تعليمه أسماء الفواكه والخضراوات، وبعدها تعليمه الألوان، وبعد أن يتقنها تسأل الطفل عن لون الفاكهة الفلانية؛ لأن هذا ينمِّي الصورة الذهنية في ذهن الطفل، وهو ما يزيد من قضية الذاكرة.
5 - لعبة الفزورة "الأحجية"، وهي أن تذكر اسم حيوان، وتطلب من الطفل أن يقلد صوته.
6 - الأغنية السهلة والقصيرة، ليس أكثر من جملتين.
7 - القراءة وتعزيز حب الكتاب في مفهوم الطفل، فهو ما سيساعده على تجاوز الأزمة أو على الأقل الخروج منها بأقل الأضرار، وعند القراءة اطلُب من الطفل أن يكرر بعض الجمل معك.
8 - وأكثر طريقة وجدتها نافعة معي، هي طريقة التعليم عن طريق الـ flash cards ، حيث يمكن للوالدين أن يشتروها أو أن يصنعوها بالبيت، وهي عبارة عن بطاقات صغيرة تحتوي كل بطاقة على صورة أو أحد حروف اللغة العربية أو الإنجليزية أو الأرقام، ويمكن للوالدين أن يعرضوا البطاقات واحدة فأخرى على الطفل، مع القراءة والطلب من الطفل أن يردد معك، وهذه من أنجح الطرق التي نفعت والتي يوصي بها الأطباء اليوم في تعليم الأطفال، وليس فقط المعاقين منهم.
9 - جعل الطفل على اختلاط بالمجتمع على أكبر قدر ممكن، سواء عن طريق الروضة، أو المدرسة، أو عن طريق زيارة الأقرباء، أو الذهاب إلى مكان لعب الأطفال في الأماكن المفتوحة، المهم هو جعل الطفل في محيط اجتماعي، لعلّ هذا يزيد من رغبته في الاختلاط، ويزيد من حصيلته اللغوية أثناء الاحتكاك بآخرين غير أمه وأبيه.
10 - الكلام وباستمرار مع الطفل حتى وإن كان لا يريد التجاوب، فلا تعرف متى تنفك عقدة لسانه، والله كريم رحيم.
وأخيرًا.. أؤكد على أهمية أن يتوكل الوالدان على الله تعالى، وأن يرتاحوا فإن هذا له أثره على الطفل، وأيضًا أن يدعوا، ويدعوا، ويدعوا، فلن يمل الله تعالى حتى تملوا، وتذكَّروا أنكم لستم وحدكم، وإنما كثير يمرون بنفس الأزمة، والله يتولى الصابرين.. هذا ما أردت أن أقوله، وأنصح به كل أم وأب، وشكرًا لشبكة "إسلام أون لاين.نت" من أجل توفيرها هذه الخدمات لأبناء الإسلام، فجزاهم الله عنا كل خير، والسلام.
.................................................. .
الاجابه
بل أنت من أسأل الله أن يجزيها كل خير بإذن الله تعالى، وأدعو الله عز وجل أن يجزيك بكل حرف كتبته ناصحة غيرك -مما كتب عليهم قدر كهذا- أن يجعله الله لك شكرًا منك على نعماه حين لطف بك، وثبَّتك عند البلاء، وألقى عليك الصبر والسلوان من عنده، وحين سخَّر لك الأسباب المعينة على التعامل مع الأمر، وحين فتح عليك من فيض رحمته حين هداك إلى الأساليب التي أشرت إليها، حقًّا لا يوجد من هو ألطف، ولا أرحم، ولا أحن من الله تعالى.
وحين سئل -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، أي الناس أشدُّ بلاء؟ قال: "الأنبياء ثمَّ الأمثل فالأمثل، يُبتلَى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتدَّ بلاؤه، وإن كان في دينه رِقَّة ابتُلِي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة" رواه الترمذيّ، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيح.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما يصيب المسلم، من نَصَبٍ ولا وَصَب، ولا همٍّ ولا حَزَنٍ ولا أذىً ولا غَمّ، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
وتضيف الدكتورة "سلوى أبو السعود"، الخبيرة بالصفحة على كلماتك:
إن لكل طفل من الأطفال المتوحدين مفتاحًا خاصًّا بشخصيته، ومعرفة هذا المفتاح هو جواز الدخول لعالم هذا الطفل؛ لنتمكن من تعليمه بشكل أفضل، ويمكن معرفة مفتاح الطفل عن طريق الاختصاصي المتعامل مع الطفل، وملاحظة أكثر الأشياء التي يستجيب لها الطفل ويحبها، فلكل طفل متوحد عالم خاص به يعيش فيه، وكأنه قوقعة مغلقة عليه، ومفتاح شخصيته هو ما يفتح لنا الباب الذي يمكن أن ننفذ منه إلى شخصيته أو عالمه الخاص.
وتؤكد الدكتورة سلوى على ما أشرت إليه من ضرورة استمرار كل أب وأم في تعليم طفلهم المتوحد، حتى وإن لم يجدوا منه استجابة أو تفاعلاً قريبًا، فلا شيء يضيع، فهؤلاء الأطفال يقومون بتخزين كل شيء يتلقونه أو يتعلمونه في ذاكرتهم، ويحدث عندهم ما يسمَّى بالتعلم التراكمي أو المعرفة التراكمية.."وإذا بنا نجده يخرج ما تعلمه في وقت لا نعلمه على نحو قد يثير فينا العجب أو على حد قولك سيدتي "لا يعلم سوى الله متى تنفك عقدة لسانه". وينتهي كلام الدكتورة سلوى.
ولا ينتهي التواصل الذي طالما نادينا به عبر صفحتنا مبثوثًا في ثنايا ردودنا، خصوصًا على بعض الاستشارات المتعلقة بموضوعات حية تمثل أحيانًا همًّا مشتركًا لدى كثير من الآباء، مثل الحفاظ على الهوية وخاصة في الغربة، ويأتي هذا الموضوع "التعامل مع الأطفال المتوحدين" ليس لينضم إلى هذه القضايا الحية، وإنما ليفتح بهذه المشاركة الكريمة ضرورة أن يكون هناك تواصل بين الجميع على مستوى تسجيل الخبرات الناجحة في التعامل، وحتى الإحباطات التي قد يواجهها البعض؛ لنبحث معًا عن حلول لها، ونتبادل الخبرات بشأنها وبشأن كل جديد في هذا المجال قد يصل لأحد منا (كتب – دوريات – ندوات – مؤتمرات – أوراق عمل – أبحاث منشورة – مواقع.."؛ ليكتب كل منا متذكرين مستحضرين حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: ".. من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته..".