فلسفة إعرابية:
تبدو لنا الهمزة وكأنها أم الحروف,وأم الحركات معا,فهي حرف من جهة وحركة من جهة أخرى,وفي حين تكون في صورة حركة حيادية لاتكاد تخضع للجاذبية إلا قليلا وكانها تحاول
التحرر منها,فهي الفتحة او الألف معا.
إنه يستحيل وجود مادة لاتخضع للجذب ,مادامت مادة او كالمادة ,لذا استحال وجود الألف التي هي أم الأحرف الهجائية ,فهي موجودة ومعدومة معا,(لافرق مابين الفتحة والألف ,فالفتحة
إذا امتدت قليلا صارت ألفا,والألف إذا تقاصرت قليلا ارتدت فتحة).
أنت تنطق الألف في اول الكلمة همزة ,وتنطق بها في وسط وىخر الكلمة منقلبة عن واو او عن ياء,ووجودها غير منقلبة قليل,والفتحة هي أم الألف ,لاوجود لها إلا في الاصطلاح,والعرب كانها
عرفت هذا حين رات ان اجتماع الكسر والضم في القصيدة الواحدة أقرب إلى مألوفهم من اجتماع الفتح معهما.
وقد جمع النابغة الذبياني بين الكسر والضم في آخر البيتين فجاء الأول مكسور والآخر ,وجاء الثاني مضموما!!:
من آل مية رائح او مغتدي=عجلانَ ذا زاد وغير مزودِ
زعمَ البوارح ان رحلتنا غد=وبذاك خبرنا الغراب الاسودُ
فلم ينفروا من اجتماع الكسر مع الضم في آخر أبيات شعرهم نفورهم من اجتماع الفتح معهما.
وكأنها لاوجود لها إلا إذا مالت نحو الكسر او نحو الضم ,والدليل على ذلك انها لاوجودَ وسط بين الكسرة والضمة .
والمكان الوسط الذي ليس مع الجذب ولاضد الجذب لاوجود له أيضا.والفتحة على هذا إما ان تكون أقرب للكسرة وهذا هو الأقل وهو مايسمى بالإمالة ووإما ان تكون
شبه شبه مستقيمة ولكنها إلى الضم أميل وبصورة تكاد تكون غير محسوسة وكانها شيئ مستقل عن الكسر والضم,مفتوح فتحا,واهل نجد وتميم وأسد يميلون في حدود معينة ,وأهل الحجاز يأتون بها وكأنها
مستقلة عن صراع الجذب,غير انها إلى الصراع أميل ,والنبرة هي شيئ من حرف في شيئ من حركة ,او شيئ من حركة في شيئ من حرف هي الأصل في الحلكة والحرف ,او أقل هي الأصل في الشيئ المتحرك
بل في المتحرك,وهي متحولة متقلبة لاتستقر على حال,وقد استأثرت بأكمبر قسط من البحث بين الحروف وكانها الأصل,والدليل لاتضعف في اول اللفظ لأن أول المضعف ساكن لايبدأ به (نّ=نْ+نَ)ولافي ىخرهووكأن خطوتي البدء والنهاية لاتتكرران.
فالبدء إن تكرر بطل ان يكون بدءا ولزم أن يكون البدء للسابق ,فلا يمكن ان يجتمع البدء والتكرار ,وإن كانت نهاية فهي لاتتكرر لانها إن تكررت فالنهاية للتي تليها وليس لها.
من كتاب جدلية الحرف العربي للدكتور محمد عنبر ص 217-128