الوجه الآخر للاعلام الغربي والأمريكي
الاستعداد للفرار
بقلم: دافني ليدل
عن جريدة «نيو ووركر» البريطانية
ترجمة: ميشيل منيّر
ينهار الائتلاف الكبير لغزاة العراق، ويتهم «الحليفان» البريطاني والامريكي كل منهما الآخر بفقدان السيطرة، ويستعدان للانسحاب في الوقت الذي يتظاهران فيه بتسليم الأمر إلى نظام حسن التنظيم ومستقر.
حذّر رئيس الجيش البريطاني السير ريتشارد دانات قبل ثلاثة أسابيع من أن بريطانيا تنفد من الجنود، وقد يفسر هذا الانسحاب المتأخر للقوات من ايرلندا الشمالية.
ليست هذه المرة الأولى التي ينتقد فيها الجنرال حرب العراق، لكن ملاحظاته في هذه المناسبة أعقبها بوقت قصير إعطاء رئيس الوزراء غوردون براون إشارات واضحة، بأنه ينوي سحب قوات بريطانية من العراق.
وبعد ذلك زار براون بوش في منتجع الرئيس في كامب ديفيد, وبعد أربع ساعات من المحادثات، أخبر براون مؤتمراً صحفياً مشتركاً أنه سيقدم بياناً في مجلس العموم في تشرين الأول حول مستقبل الجنود البريطانيين الـ 5.500 في منطقة البصرة.
بكلمة أخرى، يؤخر براون دبلوماسياً إعلانه الانسحاب, كي يسمح لحكومة الولايات المتحدة أن تتقدم الأولى وتعلن خططها للانسحاب.
ويختلف هذا المناخ كثيراً عن بيانات «سنبقى بمقدار ما يتطلب الأمر» الصادرة عن بوش وبلير قبل أشهر قليلة.
يبدو أن واقع الوضع مفهوم فهماً جيداً أخيراً في أعلى المستويات ويوضح العسكريون رسالتهم فضلاً عن ذلك، عندما يقول كبار الجنرالات: «كلا إلى الجحيم، لانريد الذهاب» - من ترسل لاعتقالهم؟ نظرة خاطفة أخرى، إلى الواقع... وأين تكمن القوة حقاً في دولة رأسمالية.
ومع ذلك... لايزال بوش مغتاظاً جداً بسبب التأثير السياسي الذي سيمارسه الانسحاب السريع للقوات البريطانية: قال كين بولاك، خبير الشؤون الخارجية في معهد بروكينغنر في واشنطن, والذي يزعم أن الموجة تنجح, إن بوش يفضل بقاء البريطانيين.. «ما يحتاجه بوش هو أن تكون راية موحدة ترفرف في مكان ما من العراق... كي يعلن ذلك بصوت عالٍ مشاركة بريطانية كاملة، ولكن تلك المشاركة كانت بلا معنى لبعض الوقت».
وعلى الأرض في العراق تتهم القوات الأمريكية القوات البريطانية في البصرة بأنها هُزمت فعلاً، وبأنها تسلم سلطتها الإدارية لجماعات الميليشيات، وزعم أحد كبار ضباط الاستخبارات الأمريكية: «في الأساس هُزم البريطانيون في الجنوب».
قال كين بولاك: «أفترض أن البريطانيين لن يبقوا هناك، وهم ليسوا هناك الآن ، لدينا مجموعة قتالية بريطانية مستكينة في مطار البصرة... البصرة خارجة عن السيطرة، ويمكن قول الشيء نفسه تقريباً عن الوجود الأمريكي في بغداد، ويستعد دكاترة النسج الأمريكيون والبريطانيون كي يلوم كل منهم الآخر عن الانهيار المقبل والانسحاب .
يجب أن نرحب بالطبع بالانسحاب، مع أن الشعب العراقي سيظل يعاني لفترة طويلة من عقابيل الغزو ودمار بلده.
وعندما تذهب القوات الغازية لن تبقى الحكومة الموالية لها طويلاً، يواجه المتعاونون مع الغزاة مستقبلاً تعيساً جداً، ولذلك يحاول الكثيرون منهم الخروج الآن بأسرع ما يستطيعون .
وليس مفاجئاً أن السلطات المهجرية البريطانية تمانع كثيراً في منح صفة لاجىء لأولئك الذين عملوا مترجمين لدى الجيش البريطاني... كما أن الاحتمال بعيد في أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لأخذ دفعة كبيرة من المتعاونين اللاجئين .
سيحتاج العراق إلى وقت طويل للتعافي ولكن دور الولايات المتحدة كمهيمن عسكري وسياسي في العالم كله قد لا يتعافى أبداً.