حدثني أبو أنس المكني بعدما سألته عن الخلاف العائلي فقال مفتتحا باسم الرب العلي السر في الإختيار يا بني , قلت له هل هذا السر سنجد له حكيماً به يُقِر فقال : استنبط مما أريد ما تريد لتعرف كيف الطريق إلى ما يزيل الضيق فقلت له وما تريد .. فقال لي ؟
أريد زوجةً حباها الله بالعلم وحلاها بنور الفهم وجملها بودائع الحلم , تكون لي مطيعة ومع الطاعة تكون الراضيةُ الوديعة , لا تكن ثرثارة ولا تعرف التسلط والغارة , أريد زوجةً تصبر على ألم الجوع كما تصبر على السجود والركوع , كلماتها محسوبة وعباراتها محبوبة لا تعرف الأفكار المقلوبة , أريدها معطرةُ الأنفاس مرهفة الإحساس حسنةُ القياس تعرف الشئ من التماس ومع ذلك فهي صلبةٌ في مواجهة الأحداث جديرة بإدارة الأزمات فريدة في تخطي العقبات , أريدها أنثى إذا ما طلب الفحل وإذا ما غاب الرجل ترك في بيته رجل , يكون عملها بيتها وشغلها بعلها , كريمةٌ في العطية عاليةُ المطية تتصف بالعفاف وتكتفي بالكفاف قوية القلب صلبة لا تخاف , صاحبةُ صوتٍ شجيٌ رنان محفوفٌ بالسكينة والحنان , تفهم في الأصول وتبذر ليوم المحصول , إشاراتها دقيقه سماتها رقيقة فهي الأم الشفيقة والأخت كذات الحقيقة , لا تهاب النكبات ولا تعرف لؤم الصمت ولا عبوس السكات , أريدها حاملة ! حاملةً لسيف الحق طريقها مجملٌ بالصدق تجيد العبودية وتعيش في أنس الرق , حرةٌ أبيه تقبل الهدية وتحسن التحية , طبيعتها الحياء وسبيلها الوفاء , كتومةٌ للسر لا يزعجها هِرْ قليلة الكرُ والفرْ , معتدلةٌ في الغيرة لا تبدي سريرة , قليلةُ المكيدة مآلاتها حميده , طيبة الوصال حكيمة في المنال , لطيفة اللمسات منخفضةُ الأصوات , طيبة الريح لا يعرف منها فحيح ... أريدها فصيحة باذلةٌ للنصيحة لا تعرفُ الإلتفاته ولا تنظر بشماته , باسمةُ الثغر فاهها بلا فغر , تتغنج بلا انحراف وتتمايل بلا انجراف , مجدةٌ بالنهار منتصبةٌ في الإسحار , تصمت إذا تكلَمت وتفهمني إن أشرت , خفيفة الظل أنيقةُ الطل , عادلة في القسمة دائمةُ البسمة , صبوحةٌ بُحبوحة , منطلقةُ اللسان واضحة البيان , طبيعيةٌ كما هي , لا تعرف الملاهي تثير انتباهي بلا دواهي .
اعتلى وجهي الإستغراب كأني سمعت شيئاً من سباب ما هذا الخطاب أظنك تقصد بكلامك بنت الحارث جويرية وإن شئت أخذت من النساء حورية ... فقال انتبه .. ما أشير إليهن في خطابي وما يحويه من أوصاف لامرأة موجودة ولازالت تعيش بيننا رضيت بربها واقتفت خطى نساء نبيها بالله لو وجدتها كن لها عبداً مطيعاً , لا تغير فيها سلوكاً وعاشرها بمعروف تجد من الخير أنواعٌ وصنوف فهي حقاً تستحق التقدير والواجد أمثالهن بهن جدير وكما وصفتها فسيكون قريباً لي وصف بعلها ... انتظرت حتى يملي عليّ المزيد لملم أوراقه وأقفل الدفتر وقال بما وصفت لك اختر ... فهذه حقاً وصفةٌ حقيقية لمن أراد السعادة الزوجية .