منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    سوريا ومعاول الهدم

    سوريا ومعاول الهدم الجزء الأول
    الشرطة وقوى الامن الداخلي...بقلم آرا سوفاليان
    ربما حان الوقت للتعرية خاصة وانه لا توجد نهاية معروفة للحرب في سوريا، والتعرية هي الحل النهائي لكشف العورات أو معاول الهدم، الحل النهائي لكشف الهدّامين واستخدام الكيّ وهو آخر العلاج عند العرب، أما موضع الهدم فهو معروف وفي غنى عن التعريف وهو سوريا.
    نصحني الصديق الاستاذ عارف الشعّال ان لا أكتب الاسماء الصريحة لأن هذا سيوقعني في مهاترات ودعاوى قضائية بحجة التشهير دون ان يعبأ أحد بأن التشهير قد طال سوريا الحبيبة من ألفها الى يائها قبل ان يطالني...قيل لي بأنني غير مغطّى ولا أحظى بتغطية ولو جزئية، والجواب من قال ذلك...يكفيني تغطية امي لي في ليالي سوريا الباردة...كانت تدخل غرفتي فجراً وتقول لي: في كل مرة اراك تبعد اللحاف عن جسدك وفي مرات كثيرة ألتقطه من الارض وأغطيك...حبيبي آرا ...لست بنظر أمك إلاّ طفل صغير... كانت جدتك تقول لي انتبهي لأولادك فالبرد سبب كل علّة...كنت أضحك واقول لها...ماما أنا خال من العلل...لأكتشف اليوم وبعد ضياع سوريا بأنني جبل من العلل...كان عليّ أن أحمل السلاح وألبس قبعة الاخفاء واطلق النار على كل من اوصل سوريا الى هنا...ولطالما أني غير مغطّى وأمي بعيدة عني آلاف الكيلومترات فهي في كندا وأنا في الخليج العربي...فسأنشر أمنياتي وأفضح شياطين الشرّ و اللصوص ولن استثني أحداً بدءاً بأساتذة جامعتي وأكثرهم أشراف ولكن بعضهم أقذر من نهايات نهر بردى عندما يغادر دمشق وهو يحمل ما يحمل على الرغم من الملايين التي انفقها اليابانيين الغرباء على ترميم مجراه وتصويب الانابيب التي تطرح فيه ما تطرح..." فالج لا تعالج " ... ما في فائدة.
    اليوم سنتحدث عن موسيقيي الشرطة ورجال سيمفونيتها قلم قائم " معنى عبارة قلم قائم هي تشميل هذا التسييب المناصب من باشبوزوقجي الداخلية " باش عازفي بزق الداخلية " وحتى آخر شرطي يعمل كحارس ليلي في آخر كولبة خشب إحترقت بسبب الاعتماد على مدفأة بدائية " تنكة مثقبة من الجوانب " تعمل على الحطب...هذا التسييب المروّع الذي اوصل سوريا الى ما وصلت اليه.
    على الرغم من اني كنت أضع سماعات الرأس على رأسي وانا أنفذ بعض الاعمال الموسيقية في بيتي في الشام والحرب في بداياتها، وانا جالس خلف برجي العاجي الذي يحوي بضعة كومبيوترات واربعة آلات أورغ وأجهزة صوت متقدمة، افعل ذلك لحجب الأصوات الخارجية، وفي احدى الايام لم ينفع هذا الحجب فوصل الى اذنيّ زعيق امرأة كانت تصرخ في الشارع بصوت شدته توازي 16000 هرتز أو ما يزيد ... وركض اهل النجدة والحمية وجاؤوا ليس لنجدة المرأة بل ربما للإستمتاع بالموقف وللتندر والصبابة...وتبين ان المرأة تسكن في حارتنا وبالتالي فهي جارتنا ولكن لا أعرف أسمها ولم أعرف ما حدث لها ولأن المصائب كثيرة فلقد توقعت انه قد حدثت مصيبة في بيتها مثلاً زوجها ومن شدة البسط حدثت له نوبة قلبية وخرجت لتصرخ وتطلب النجدة او ان ابنها ابتلع سائل فتح البلاليع فركضت وهي تولّول...والخبر الذي اليوم بمصاري تعرفه عند السمّان في الغد ببلاش...ونزلت في المساء وليس في الغد لشراء بعض الحاجيات وسمعت قصة جارتنا عند السمّان ...ببساطة كانت المرأة عائدة الى البيت وليست خارجة منه وفي محفظتها ربع مليون ليرة سورية " بسعر صرف كل 1 دولار أميركي استعماري يساوي 50 ليرة سورية " وجاء هذا المبلغ من جمعية نسوان يدّخرون المال من بعضهم بدون فوائد ولا تشغيل يضعون متحصلات الاسبوع في المصرف...وعند انتهاء امد الجمعية تذهب رئيسة الجمعية وتسحب المبلغ من البنك وتنتظر عضوات الجمعية " على شوية فطاير بجبنة ولحمة وزعتر ومحمرة وصندويش تلياني وقشقوان وجاط تبّولة عرمرمي وكم لتر كوكا وسفن ودولة قهوة حسيب هيل زيادة ولا أطيب من هيك " ليتم بعد ذلك تقاسم المبلغ المستلم من البنك بمعية الخبيرة أم هاني الموظفة في الصحة المدرسية فرع اللقاحات الممرضة.
    والذي حدث ان جارتنا وصلت الى المنعطف وعلى بعد عدة امتار من مدخل بنايتها، وصل رجلان يمتطيان صهوة دراجة نارية، اقدم السائق على المرور بملاصقتها واقدم الراكب على انتزاع حقيبتها النسائية وأولت الدرّاجة النارية ساقيها للريح...ووصل رجال الحارة للبصبصة على المنكوبة وللضحك لا أكثر لأن هناك من قضى على الشهامة عن طريق إخصاء أصحابها...ادركت المنكوبة انه عليها الدخول الى بيتها لتنقذ نفسها من السخرية والتندّر ومن الواصلين الجدد من المخصيين الذين رأوا الحادثة وتركوا الدراجة لتهرب مع حمولتها...ادركت الجارة ان عوضها على الله مع العلم بأنها ليس لها الا راتبها وراتب زوجها الذي لا يزيد منه في نهاية الشهر شيء وسوريا أغنى دولة في الوطن العربي من محيطه الى خليجه...وبالتالي فلقد عرفنا الآن سر الصرخة التي صدرت من حلق تلك المرأة المنكوبة والتي تمزّق نياط القلوب.
    اللصوص لن يفتحوا الحقيبة إلا بحضور حامي الحمى...ولو فعلوا فسيتم إخصاؤهم ومن ثم نفيهم الى جهنم وهم يعرفون ذلك.
    سألت نفسي...هل وصلت أخلاق بعض السوريين الى هذه القباحة !!! نحن نعرف ان هذه القباحة كانت موجودة ولكن الذي لا نعرفه انها وصلت الى هذا الحد.
    عدت وسألت نفسي سؤال آخر وهو لو أنني في منصب باش بوزوقجية الداخلية فما هو الحل الذي عليّ اتباعه لتصويب هذه المآسي التي ارهقت السوريين أكثر من الحرب ؟؟؟!!! الحلّ بسيط وهو الآتي:
    لدينا شرطيات متطوعات ككل دول العالم...يطلب منهم الكفّ عن التهرب من الدوام وحضور دورية تدريبية عاجلة مدتها ساعة لا غير.
    يطلب من كل شرطية ان تحضر في اليوم التالي بلباس مدني وتستقل سيارة تكسي يقودها شرطي بلباس مدني فتجلس في الخلف ويذهب بها الى نقطة معينة متفق عليها والمئات مثلها، وتنزل وعلى كتفها حقيبة نسائية محشوة فتكون هذه الشرطية هي الطعم...ولن يطول الأمر حتى يأتي راكب الدراجة النارية ومرافقه " وهم كثر وأكثر من الذباب اليوم بفضل الوضع البارز المبرّز الذي وصلنا اليه " ويتم سحب الحقيبة من كتف الشرطية التي لن تصرخ ولن تستغيث بل ستراقب الدرّاج حتى يبتعد لمسافة آمنة قد تكون عشرة امتار لا غير فتمد يدها الى الريموت كونترول الذي أخفته في ملابسها وتضغط فيطير راكب الدراجة والمرافق والدرّاجة معهم...ربما سينهض محتجّ ويقول وماذا لو انه تمت اصابة ابرياء...الجواب ان المفجّر هو شرطية وستختار المكان المناسب للتفجير حتماً...وهذا أولاً والثانياً هو امر سهل وبسيط فهناك متفجرات تقتل راكب واحد على دراجة آلية او تقتل اربعة في سيارة ومن الجوّ وبدون شظايا متطايرة نهائياً...او تقتل شخص واحد يقف في مكان ما وفي دائرة قطرها متر واحد وبدقة مذهلة...واذا كنا لا نعرف هذه التقنية فممكن ان نسأل الذين لم يعودوا يستخدمون شرطية معها تصريح بالقتل بل يستخدمون طائرة قريبة من ألعاب الأطفال لا يطالها أحد ولا يحاسبها أحد...وبعد ذلك تعالوا وحاسبوني ان لم ينقرض هؤلاء المجرمين ويصبحون ويمسون في كتب التاريخ...الحل اذاً لا يكمن في منع الدراجات النارية ...فهذا حلّ مجانين.
    نعم اقتلوهم جميعاً واقتلوا معهم من يحميهم فما الفائدة من مجرمين باعوا وطنهم ومواطنيهم بأبخث الأثمان ؟؟؟ !!! ...ما الفائدة من سجن هؤلاء واطعامهم وخسارة المال عليهم وهم لا يستحقون غير القتل لأنهم سيخرجون من السجن " وتعود حليمة الى عادتها القديمة " ...اقتلوهم فوراً واتركوا الشرطة النسائية تحمي النساء في بلد قلّ فيه عدد الرجال اليوم الى نحوّ خطر جداً.
    آرا سوفاليان
    كاتب انساني وباحث في الشأن الارمني
    28/12/2017

  2. #2

    رد: سوريا ومعاول الهدم

    سوريا ومعاول الهدم الجزء الثاني بقلم آرا سوفاليان
    اكثم بقرة
    سنتحدث اليوم عن استاذ جامعي يظن نفسه انه مرموق ويحلو لي ان اسميه أكثم بقرة وكان يعطينا مادة إدارة المونتاج، وكنت قد اشتريت كتاب هذه المادة واضطلعت عليه فعرفت انه بسيط وسهل وقلت سأترك هذه المادة ولن أحضرمحاضراتها وهي مادة نظرية تحتاج لبعض الحفظ.
    وكنت في نفس الفترة اعمل في فندق الانتركونتيننتال في عمّان مع فرقتي الغربية كعازف اورغ، وكان دخلي جيد وكنت من فترة لأخرى اتصل ببعض الاصدقاء لأعرف ما يحدث في الجامعة ...هل صدر برنامج الفحص وما هي الاجزاء المطلوبة من كل كتاب، وكانت الكتب تنتقل معي من دمشق الى عمان وبالعكس وكنت في السنة الاولى عندما تناهى الى مسامعي خبر مقتل الدكتور محمد الفاضل ( اغتيل الشهيد محمد الفاضل رميا بالرصاص في حرم جامعة دمشق صبيحة يوم الثلاثاء في 22 شباط 1977، على يد الإخوان المسلمين في سلسلة استهدافاتهم للكفاءات العلمية السورية.
    وورد ذكر الدكتور الشهيد في مذكرات "الشربجي" قائد "الطليعة الإسلامية المقاتلة للاخوان المسلمين" في دمشق على ان اختياره للاغتيال جاء لأنه كان "أهمّ مُشرِّع قانوني في الشرق الأوسط")
    الكارثة الكبرى أن يغيّب رجل كهذا ويبقى أكثم بقرة وأمثاله يصولون ويجولون ليوصلوا سوريا الى ما وصلت اليه.
    اتصلت بصديق لي كنا قد تواعدنا ان ينقل برنامج الامتحان ويعطيني اياه على الهاتف ووصلنا الى مادة ادارة المونتاج وكتبت موعد التقدم للإمتحان فيها، وتوقف صديقي وقال لي: آرا علمت ان أكثم بقرة وفي آخر محاضرة له في هذه المادة سيعطي كعادته مسألتين وتأتي واحدة منهما في الامتحان وعليها 50 علامة وهذا سيعطيك دفع خاصة وانك لم تحضر محاضرة واحدة في هذه المادة...قلت له: مادة نظرية تافهة لا تساوي قيمة الورق الذي استخدم في طباعتها...والمسائل فيها تماثل وهي اسهل من تلك المسائل التي كنّا نأخذها في الصف السادس الابتدائي وأكثم بقرة هذا يتحزلق ويتحاذق في محاولة منه للتشبه بأعمدة الكليّة، وهم بلا منازع الدكتور حمدي السقّا والدكتور محمد العمادي ... ويظن انه بإضافة هذه المسائل التافهة في نهاية كتابه او في المحاضرة الاخيرة، يظن أنه يصنع لنفسه بعض الأهمية وانا درست كل هذه المسائل تلك التي وردت في الكتاب او التي وردت في اسئلة الدورات السابقة ولم أجد ما هو أتفه منها...قال لي صديقي...صحيح انه يضمّن ورقة الامتحان مسألة قديمة ولكن يضع طلب جديد فيها يحوي نكشة لن يعرفها إلّا من حضر آخر محاضرة...قلت له: حسناً سأحضر آخر محاضرة على الرغم من ان الاوضاع السياسية بين سوريا والاردن اليوم ليست في احسن احوالها.
    وتم من قبل السوريين كافة وانا منهم استغلال ضعف التنسيق بين الحدود البرّية والحدود الجوية للأردن فكنا نغادر الاردن جواً ونعود لندخل براً وفي كل مرة يقولون لنا هذه آخر مرة تدخلون الاردن فندخلها ونخرج عن طريق المطار جواً فيقولون لنا لا تعودوا لدخول الاردن بعد اليوم...وهكذا الى ان ساءت العلاقات تماماً وتم إلغاء عقد العمل خاصتنا وحزن السير هانز كيل مدير الفندق ولم نعد نستطيع السفر الى عمّان...
    حزمت امري وقلت سأكون صباح الثلاثاء في مطار الملكة علياء لأصل بعد اقل من ساعة الى مطار دمشق الدولي وأذهب مباشرة الى الجامعة لأحضر محاضرة الشمقمق واعود بعدها لزيارة اهلي وتناول طعام الغذاء معهم ان كان الوقت يسمح ثم الى كراج الاردن باستخدام الحدود البرية والخوف يأخذ مني كل مأخذ بأن يتم طردي من هناك فأخسر عملي في الاردن.
    نزلت من التكسي امام مدخل كلية الحقوق القديمة ( كانت الجامعة الجديدة قيد البناء ) واشتريت دفتر وقلم لأبدو كالطلاب النجباء واستقبلني صديقي على باب القاعة وكان قد استطاع ان يحجز لي مكان في الصف الامامي.
    ودخل الشمقمق اكثم بقرة وكنت اراه لأول مرة في حياتي وضحكت في قرارة نفسي لأن الشباب كانوا يطلقون عليه لقب " أبو لمبة " لأنه اجرودي لا ذقن ولا لحية ولا سكسوكة ولا شوارب " وادركت ان هذا التشبيه قريب للواقع وكانت هناك زيادات ربما لم يلحظها الشباب فلقد كان يلبس حذاء بني متسخ بسحاب جانبي ويبدو ان هذا الحذاء قد كفر بكل شيء في هذا الكون بسبب الوزن الزائد للشمقمق فلقد كان هذا الحذاء يلعن الساعة ويلعن القدر كونه وقع عليه الاختيار ليمثل تحت هذه الجثة ولأصحاب هذه الجثث اوزان تؤدي الى فشكلة كل الاحذية التي يلبسونها حتى ولو كانت مصنوعة من الفولاذ، أما كرشه فكان ثنائياً كسنمي الجمل السنم الأول ويقع فوق الحزام والسنم الثاني تحت الحزام يشبه كرة السلة المتمددة بشكل أخرق... وفي الاسفل دكانة مفتوحة يظهر فيها تبّانه الابيض المصفر...ولمن لا يعرف مسمّى الدكانة المفتوحة فهو مصطلح سوري بإمتياز المقصود فيه ...نزول السحّاب الأمامي للبنطال وكشف المستور، أما التبّان فهو مصطلح معناه السروال الداخلي ولهذا المصطلح قصة تعود لفترة الطفولة فلقد كانت السيدة فريدة ملّوح جدّة والدتي لأمها تأتي لقضاء اسبوع او اكثر في ضيافتنا فتتدخل في كل شيء تتدخل في الطبخ فيمتنع والدي عن تناول الطعام في البيت وتتدخل في الاشراف على تنظيف البيت وتعليق الملابس وغسلها، ومرة تدخلت في نشر الغسيل فاستبدلت قطع الغسيل التي كانت على الحبل الامامي ببشاكير وشراشف أسرّة ونقلت قطع الغسيل التي كانت على الحبل الامامي الى حبل خلفي وعندما سألتها أمي عن السبب قالت لها بلهجتها الماردينية المحببة:
    وح ؟؟؟!!! وركي بنتي مو تعرفين شانايش نقلتو الغسيل من الحبل يللي قدّام لورا ؟؟؟ قالت لها أمي: والله يا تيتا ما بعرف.
    قالت لها: بنتي أش تيقولو عليكي الجرانين ؟؟؟ تيقولوا هاي المرا مو مرتبة...اجابتها أمي: والله يا تيتا الجيران بيسألوني شو الصابون يللي بتستعمليه حتى غسيلك بيطلع هيك ابيض متل التلج؟؟؟ فأجابتها جدتها فريدة: بنتي أنا مو احكي عن نظافة الغسيل...انا نقلتو الغسيل من الحبل الاول لأنو كلو تبابين...والتبابين مو تننشر قدام، ...عيب...التبابين تننشر مخباية ورا.
    وكنت اسمع المحادثة فوقعت على الارض مغشياً عليَّ من كثرة الضحك... فأنا أعرف كلمة كلاسين وكيلوتات وسراويل أما تبابين فهذه جديدة تماماً ولا أعرفها...ويبدوا ان كل اهل ماردين لا يستعملون غيرها...وكذلك أهل المغرب العربي فلقد سمعت الكلمة في مسرحية كوميدية مغربية لم افهم منها شيء غير كلمة تبّان بفضل السيدة فريدة ملّوح طيب الله ثراها.
    وتوفت فريدة ملّوح جدة والدتي التي كانت في كل تستمع فيها الى اغنية بيتك يا ستي الختيارة للسيدة فيروز تبكي بحرقة ولوعة.
    بالعودة الى المقالة الرئيسية وللتذكير فلقد وصلنا الى عبارة (وفي الاسفل دكانة مفتوحة يظهر فيها تبّانه الابيض المصفر)
    وفجأة نظر الشمقمق باتجاهي نظرة مرعبة مع انني جلست متأدباً كتلميذ حضانة خصّه الله بمعلمة لا تخاف الله...قال لي أنت أنت...وقف على حيلك ...فوقفت ...قال لي هل أنت من الكلية ؟؟؟ قلت له لا...قال: شرّف انقلع لبرّا نحن لا نحب الضيوف...وخرجت ونسيت قلمي ودفتري على قلة العادة وغادرت القاعة " مطسس " وهناك ألف عوايني زوّده باسمي وربما بمقاسات ملابسي ومكان عملي.
    ذهبت الى بيت اهلي في العباسيين واذكر انني انتظرت اخوتي وتناولت الغذاء معهم وودعت امي واختي والى عمّان...وكنت جاهزاً خلف الاورغ ولكن لست على طبيعتي واضطررت ان اقول ما حدث لي في دمشق بعد الحاح الشباب الذين لاحظوا تدني عزفي والاستغناء عن القيادة...وصعدت الى غرفتي ونمت بدون عشاء.
    واذكر ان الامتحان في مادة ادارة المونتاج كان بعد ثلاثة ايام وكنت في مطار الملكة علياء الدولي قبل الفجر ووصلت الى مطار دمشق الدولي ومنه الى الجامعة ...وخرجت من قاعة الامتحان وسعادتي لا توصف فلقد جاءت في الامتحان ورقة اسئلة من اسئلة الدورات السابقة والمسألة مسألة قديمة ولكن فيها نكشة لا تصعب على عصفور ...وتوازنت المسألة وقلت في نفسي هذه اول مئة على ورقة امتحان في كلّية التجارة...وخرجت سعيداً والدنيا لا تتسع لفرحتي.
    صدرت النتيجة بعد شهر ووقفت امام لوحة الاعلانات والدموع في عيناي...لقد وضع لي علامة الصفر وهي المرة الاولى التي امتحن فيها بهذه المادة...دخلت مكتب الدكتور حمدي السقا وشكوت له فقال لي...يا ابني الله بعوّضك...قلت له: سأطلب اعادة تصحيح الورقة قال لي: اياك ان تفعل ... نظرت الى جهة اليسار فكانت اوراق امتحان المحاسبة الضريبية على الطاولة ونصفها الآخر على الكرسي والبقية على طربيزات متلاصقة ...اقتربت من الطاولة الخالية لا ارادياً ونظرت الى الاوراق فعرفت انه لم يتم تصحيح ولا ورقة واحدة بسبب عدم وجود اللون الاحمر على الورقة والكارثة ان المربع الاسود الموجود في اعلى يسار الصفحة والذي يشكّل مثلث متساوي الاضلاع مفتوح بالمقص من جهة القاعدة قبل التصحيح وبالتالي فالاسماء كلها مكشوفة وقبل التصحيح...نظر الدكتور حمدي السقا في عيناي وفهم انني اصطدت صيداً ثميناً فقال لي : أنت جئت تزورني ولم ترى شيئاً صحيح؟؟؟ قلت: نعم صحيح.
    ولم اسمع نصيحة أعظم الاساتذة الذين درّسوا في كلية التجارة وتقدمت بطلب الى العمادة لإعادة تصحيح الورقة وانتظرت وانتظرت ولم يناديني أحد ولم يتم تبليغي بالنتيجة...ثم علمت متأخراً أن مجلس امانة الجامعة اجتمعوا وتدارسوا وتباحثوا واعادوا النظر والنظر اعادهم وتقرر ان التصحيح لا غبار عليه وان كل الغبار على صاحب الورقة وان النتيجة صحيحة وانا راسب في مادة ادارة المونتاج.
    في الفصل الثاني اكتشفت اثناء اعادة دراسة المادة انني لم انسى منها شيئاً، كانت الضبابية التي تلفّ ذهن أكثم بقرة تودي بالكثير من الطلاب وامام نسبة النجاح المضحكة لم يتحرك أحد لمواجهة هذا الذئب الذي اختار ان يربي اولاده بغير الطريقة التي قسمها الله له...كان لديه سؤال وهو توقيت المونتاج في فترة الخطّة ....مرة يضع امامه على ورقة الاسئلة 50 علامة ...بمعنى هذا السؤال خصص له 50 علامة في سلم التصحيح ومرة ثانية وامامه 5 علامات بمعنى هذا السؤال خصص له 5 علامات في سلّم التصحيح، وفهمنا من المحاربين القدماء ( وهم هؤلاء الذين رسبوا بالمادة اكثر من 8 مرات) انه عندما يتم تخصيص 50 علامة لهذا السؤال فالمطلوب هو ايراد التعدادات كلها والعناوين ومن ثم شرح كل فقرة بإسهاب وإطالة لأن أكثم بقرة تهمه الورقة المليئة وهو بالطبع لا يقرأها ولكنها ترضي غروره...وعندما يتم تخصيص 5 علامات لهذا لسؤال فالمطلوب هو ايراد العناويين كتعدادات دون اي شرح والويل والثبور لمن لا يراعي التسلسل الوارد في الكتاب لهذه التعدادات وعلى الرغم من ان هذه التعدادات مفككة ومواضيعها غير مترابطة وهذا ما كنا نسمّيه فقرة من الهند وفقرة من السند فان ايرادها بغير التسلسل الوارد في الكتاب رغم عدم منطقيته يؤدي ليس الى فقد الخمسة علامات بل الى الرسوب وعلى مبدأ " يا فرعون مين فرعنك ؟؟؟!!! الجواب ما حدا بيسترجي يردّني ...واضطررنا الى حفظ تسلسل التعدادات كما وردت في الكتاب وكما كنا نفعل في جدول الضرب " بصم " ومع ذلك وضع لي علامة الـ 3 في امتحانات الفصل الثاني وصار هذا الرجل خطراً جداً لأن النظام في الحامعة تغيير من دورات الى فصلي وبالتالي لا يحق للطالب ان يرسب بأكثر من مادتين تحت طائلة ضياع السنة وكان لا بد ان اضع في اعتباري ان اكثم بقرة قد استحوذ على فرصة الرسوب بمادة واحدة على طول الخط وبالتالي فهذا يرفع من احتمالات ضياع السنة ويقلل من فرصة حمل مادتين الى حمل مادة واحدة لأن المادة الثانية أخذها أكثم بقرة على طول الخط.
    كان لدي الصيف للتعويض عن ما اصابني من البقرة ولم احسب حساب انني سأحمل وزر سيمتد لسنين قادمة...واتصل بي زهير الخطيب وسألني هل انت متفرغ في الصيف قلت نعم...قال: هل يمكنك العمل بطرطوس؟ قلت نعم ولكن مع من وأين في طرطوس ؟ قال : انا وانت وفريد قردوح وبسام أيوب ... سألني هل تعرف فريد قردوح ؟ قلت له لا ومنذ بضع سنين كنا سنعزف معاً في ديك الجن في حمص ولكن تم الغاء الفكرة في آخر لحظة ... قال لي: سيعجبك هو درامر رائع وهل تعرف بسام أيوب ؟ قلت لا ...قال بيته في ساحة العباسيين قريب من بيت اهلك اكتب رقمه واتصل به وعليكم الاتفاق على البروغرام ...واتصلت ببسام وكان شاب لطيف ودمث ومحترم ومهووس بالكيتار وفي مستوى يقارب مستوى ايمن فحام لولا الاختلاف في المدارس...واتفقنا على البروغرام وسافرنا في اليوم التالي الى حمص الى بيت خاص بالتمرين يملكه أهل فريد قردوح ...وكان البرنامج جديد وجميل وعرفت ان بسام يخدم في الشرطة العسكرية في حمص وان ما سيقبضه سيذهب الى معلمه وهو عقيد في الشرطة العسكرية وقائد فرقة وبيده ارسال بسام الى طرطوس او منعه بحسب الواردات الاضافية بعد الراتب الضئيل الذي لا يكفي عازب مع العلم بأن الضابط عينه يقبض رواتب معظم المجندين في القطعة ودخلهم الاضافي الذي لا يتعلق برواتبهم كدخل بسام ايوب ومن هو في حكم بسام ايوب.
    انتهينا من التدريب وأخذنا الآلات الى طرطوس وكنت قد صممت أول جهاز ليزلي صناعة سورية محلية ونفذته في معمل اخوتي ونجح نجاحاً مذهلاً وحملته معي الى طرطوس...وعلى الرغم من ان مستوى الفرقة كان جيداً ولكننا لم ننجح بالشكل الكافي فلقد كان الوضع مكهرباً والمشاكل لا تنتهي مع بسام ايوب المهدد بالسجن ان هو قصّر في المدد وكان كرم عرنوق صاحب شاطئ الاحلام يقصرّ في المدد ولا يدفع اجورنا بحجة ان عدد الزبائن قليل والموسم لا يشبه الموسم في العام الماضي وكان كرم عرنوق يتهرب من تقديم وجبة الغذاء المتفق عليها والمنصوص عليها في العقد...وهناك اجتمعنا بفارتان قازانجيان وهو وكيل ماركات لآلات وعدد موسيقية وكان بصدد تخليص بضائع وصلت الى ميناء طرطوس وجاء معه طوني ايغو وهو عازف ساكسوفون ...جرّب ان يعمل معنا وتحدث مع الشباب... فأرسلوه إليّ تهرباً ... فرفضت مع انه موسيقي رائع والسبب ان الذي نأخذه لم يعد يكفي لندفعه الى العقيد آمر القطعة التي يخدم فيها بسام ايوب وفي حال موافقتنا فيجب ان ندفع لطوني ايغو من جيوبنا ولا بد ان طوني ايغو امتعض من جوابي فهو لا يعرف ما يحدث وليس بصورة الموضوع ...كان بسام ايوب يضيع الوقت لا غير يريد ان تمرّ الايام ويجد نفسه انه أدى خدمة العلم وبالأصح خدمة النخبة...قال لي: والله لن ابقى بعد التسريح في هذه البلد دقيقة واحدة ...ولمعت عيناه...وبالفعل نفذ تهديده وهو يملك اليوم في المانيا محل لبيع الآلات الموسيقية وقد رأيت له فيلم فيديو يروّج فيه لآلة اورغ فيها اصوات وايقاعات شرقية ...مرة ذهب الشباب في قارب يريدون زيارة جزيرة تدعى جزيرة المرجان ولم اذهب معهم لأن لي اهتمامات أخرى، وهناك وقع بسام الايوب من حافة صخرية على مستعمرة كائنات بحرية ابرية تدعى التوتياء ودخلت ابرها في جسده وتمت الاستعانة بصيادين من المنطقة جلبوا لنا زيت خاص دهنا به جسد بسام واشتغلنا في سحب مئات الاشواك الابرية من جسمه...وعلمنا من ضباط طيارين ومن قيادة الموقع ان بعض الطيارين ينفذون رمايات تدريبية جوية من طائراتهم على هذه الجزيرة المهجورة ولا يعرف بهذا الامر احداً، فاحس الجميع برعب شديد وكنت بالفراسة من اصحاب مبدأ أبعد عن الشر وغننيلو فلم اشعر بما شعر به الآخرين ولكن فكرت بالموضوع فارتعدت اوصالي.
    في شاطئ الاحلام كانت تسهر عندنا الفنانة أنطوانيت نجيب وابنتها سماح فلقد كانت بصدد تصوير فلم في طرطوس ... قالت لنا نحن من دين واحد وانا أضطر للذهاب ال التصوير وأعود متأخرة ... اشعر انني في حمايتكم وابنتي الصغيرة كذلك...وكنّا نعدّ الايام ونتمنى ان ينتهي هذا العقد.
    في احدى الامسيات دخلت قبل الماتينيه لتفقد الآلات ودوزنتها فوجدت عدة طاولات متصلة ببعضها على شكل مربع ناقص ضلع وتتوسط كل طاولة حاملة ورق من الستانلس مكتوب عليها محجوزة – الخوري...وسألت القراصنة عن سر هذه الطاولة فقالوا تقام حفلة اليوم على شرف آل الخوري من صافيتا ولا نعرف ما سبب الحفلة ربما مناسبة عائلية. وانتهينا من دوزنة الآلات وتفقدها وذهبنا للجلوس على طاولتنا وكانت جنى الخوري وهي زميلتنا في الجامعة ولكن من دورات سابقة قد جاءت مع والدها ووالدتها لتفقد الاستعدادات... فرأتني ورفعت يدها بالتحية ثم طلبت مني ان اوافيها...وجئت والقيت التحية على ابوها وامها وتولت هي اجراء التعريف...قلت لها كل هذه الطاولات محجوزة لكم؟؟؟ ... قالت متأففة نعم يا سيدي ...قلت هل لديكم عرس أم حفلة خطبة أم عمادة...قالت لي ولا واحدة من كل ذلك ولكن لدينا شخص محتفى به... نعم ... محتفى به وهو انسان... انسان ولكن على شكل دب... قلت لها من هذا الدب الذي يستحق كل هذه الطاولات ؟؟؟!!! قالت لي تعرفه حق المعرفة قلت لها: أعرفه ؟؟؟ !!! من هذا ؟؟؟!!! ... ليست عندي فكرة ...قالت أبو لمبة فوقعت مغشياً عليَّ هههههههههههههههه فأيقظوني بعد ان سفحوا ماء الزهر على وجهي...قالت لأبوها : بابا آرا واحد من ضحايا ابو لمبة ولكنه ليس مثلي فهو في اول الطريق...نظر الرجل إليّ وقال لي الله يعينك يا ابني، التفتت جنى الى ناحيتي وقالت لي 15 يوم آكل شارب نايم في أفخم شاليهات شاطئ الاحلام هو وقبيلته على حساب ابي وكانت الصفقة على اساس هو وزوجته واولاده ولكنه احضر بنات حماه واولادهم وازواجهم واليوم "عاملينلو توديعة عندكم بدو يرجع علشام " قلت لها: اذا هو موجود عندنا اليوم قالت نعم...قلت وكل هذه الطاولات توديعة؟؟؟ قالت نعم...قلت لها لا يستحق غير صحن السجائر القريب من هنا ليدخل في راسه الفارغ ...قالت قل هذا الكلام لأبي...قلت لا يبدوا ابوكي سعيداً بهذا...قالت: تعرف يا ارا انني مخطوبة وخطيبي في اميركا كما سبق ان قلت لك والبابا وضع شرط وهو تخرّجي وبعد ذلك تذهبين حيث تريدين وهو لا يعلم ان الشهادة التي سأحصل عليها من هنا سأنقعها في اميركا واشرب ماؤها.
    قلت من سيحضر حفلة اليوم من عائلتك؟؟؟ فنظرت الى ثم ضحكت وقالت كل الطاولات بإسم عائلة الخوري ولا يوجب من عائلة الخوري إلاّ جنى وابوها وأمها.
    وذهبت جنى واهلها وقالت سنعود في حفلة السواريه، في أي ساعة ستبدأ حفلة السواريه ؟؟؟ قلت : في العاشرة قالت لأمها يجب ان نكون هنا قبل بنصف ساعة فنحن اصحاب الدعوة...ليتها كانت دعوة ال جهنم.
    انتهت حفلة الماتينيه واشتكى بعض الاصدقاء وهم جروبات تأتي يوم الخميس أو يوم الاحد اشتكوا من رفع الاسعار ففهمت المعادلة وكان الحق مع انطوانيت نجيب في ما قالته ...كان كرم عرنوق يريد تعويض خسائرة ... وهذه هي النظرة التجارية المفشكلة للأمور في سوريا ...في الغرب يخفضون الاسعار ان نقص عدد الزبائن وفي بلادنا نرفعها.
    في التاسعة والنصف عادت جنى مع ابوها وامها ورفعت يدها من بعيد بالتحية وجلسوا على طاولتهم وانتظروا وبدأت حفلة السواريه وصارت الساعة 10:30 ولم يأتي ابو لمبة وبطانته، نهضت جنى ورقصت مع ابوها على معزوفة هادئة لكارلوس سانتانا اذكر انها مون فلاور ...وردة القمر...اما جنى فهي طالبة في كلية التجارة كانت في الكلية قبل دفعتنا بثلاثة سنوات فرسبت ثم علقت في مصيدة أكثم بقرة...ومرة حدثتني بأنها جدها كان اقطاعياً في زمن الاحتلال الفرنسي وان اراضي كثيرة كانت لهم سرقها الاصلاح الزراعي فتحولت الى ارض بور ثم بيعت بأبخث الاثمان الى الرفاق الحزبيين الذين نظّموها فتحولت الى محاضر سكنية وبيعت بأفدح الأثمان وان والد جنى واعمامها عادوا واشتروا بعضها ... اما خطيب جنى فهو قريبها هاجر مع اهله الى اميركا وهو مهندس مدنى واحواله جيدة.
    ووصل ابو لمبة وبطانته وكان يمشي مباعداً بين فخذيه من كثرة البدانة واللمبة التي على جبهته مضوية تماماً وكان يضحك فتظهر انيابه كخنزير سمين مدلل ...ووقفت جنى لترحب به ولحقتها امها وفي الأخير ابوها ووصلت تباشير الضحك والمرح والسعادة الى الستيج حيث نقف نحن...ولأن الضبع يأخذ ضبعة فلقد وصلت الضبعة ورأيناها عن كثب وتحايا وسحايا وقُبل وجلست مكائن الحشّ الموئتمتة المؤلفة من الضبع والضبعة والجراء وشقيقات الضبعة والجراء الأخر وازواج شقيقات الضبعة...وعملت المكائن على الفرم والتقطيع وكل شي ببلاش كتتر منو...وصحون تأتي مليئة وتذهب خاوية وضبعنا يضحك وهو متأكد من النتائج فلقد لعب اللعبة بالقواعد الصحيحة، ووالد جنى ينظر ويعرف ويفهم هو الآخر قواعد اللعبة ويعرف ان الخروج عن الجديّة وعدم الحصول على النتائج المطلوبة سيؤدي الى حفلة طبش رؤوس ...ولكن اي شيء يريده ضبعنا المؤتمن أبو لمبة على تعليم ابناء الوطن أفضل من ذلك.
    كانت هناك عائلة من اثرياء طرطوس هم عائلة هيكل يأتون للسهر عندنا قلم قائم بمعنى يحضرون ومعهم حتى الخادمات، اشقاء وشقيقات واولاد وبنات خال وعمّ واولاد وبنات خالة...رقي وتحضّر وجمال خارق حارق، ...بوجود هؤلاء ترقص الناس على الطولات...وكان بسام ايوب قد اشترى جهاز كوروس وهو جهاز يستطيع تحويل الكيتار العادي ذو الستة اوتار الى 12 وتر وكان بسام يحاول نسيان الظروف التي تمرّ عليه في النهار في الثكنة...فيعزف بطريقة ساحرة وفي حوالى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل كانت الفرقة تتحول الى الدبكات والاغاني اللبنانية الخفيفة ولأولاد آل الهيكل جمال يضاف الى جمال تلك الدبكات ويسود الرقص وهزّ الخصر والملامح الرئعة التكوين...وجائت جنى الى قربي ولم تستطع ان تصعد الى الستيج لأنه مرتفع فأشرت الى المكان المخصص للصعود وهو 3 درجات مخفية وفي الجانب الآخر ولكن جنى رفضت ان تمتثل واشارت بيدها ان "تعال أنت " وذهبت وسلّمتها أذني اليمين فقالت : سنغادر في حوالى الثانية وأبي طلب القهوة وابو لمبة في احسن احواله...واريد ان اسألك هل تحب ان اطرح موضوعك عليه...فلقد دفعنا ما دفعنا ولعله ينجحك بالمعية...قلت لها : اياك ان تفعلي ذلك يا جنى فلا بد انه قد نسيني الآن وان طلبتي منه هذا الطلب فسيعود ليتذكرني ...لا تفعلي ذلك ارجوكي.
    وذهبت ثم عادت بعد قليل وقالت لي ... حدثت ابي فطلب ابي منه ان تنجح في المادة بالمعيّة ولعلها لفتة تتذكرني بها وانا في اميركا....فلقد قال لوالدي كلهم اولادنا....مبروك نجاحك في المادة يا آرا هذا شعوري.
    وتقدمت للإمتحان للمرة الثالثة في مادة ادارة المونتاج واكتشفت شيء جديد هذه المرّة وهو انني صرت اعرف الدرس التالي للمكان الذي اقف عنده...ودخلت الامتحان بلا رجاء ومع ان اجاباتي كانت كلها صحيحة فلقد وضع لي علامة الـ 1 من 100 وصار الشباب يتندرون ويضحكون ويقولون لي الله واحد، ونجحت جنى ووضع لها 50 ولا بد انها شكرت ربها الف مرة وحزنت بسبب ما آل اليه مصيري، وهناك اناس لا يعرفون الرب في حضرة المال أما الله فهو منشغل دوماً ولا يشفق على أحد.
    وكان لوالدي صديق هو الدكتور سالم شيّا أمين فرع الحزب في جامعة دمشق...وللرجل مكانة هائلة في الجامعة ويخافه الجميع ويطلبون ودّه وكنت اراه في الجامعة ينزل من سيارته فيطلب مني الصعود الى مكتبه ويطلب لي القهوة فأرى من أرى في مكتبه وهو يؤدي فروض الطاعة، وقررت ان ازوره في امانة الفرع وان اشكو له قصتي مع أكثم بقرة...وعلى الدرج المفضي الى مكتبه تم منعي من مقابلته لأن اسمي غير موجود لدى المرافقة وقالوا لي لم يأتي بعد...قلت سأنتظره في اسفل الدرج ووقفت انتظره فنهروني وطلبوا مني الابتعاد فذهبت الى المكان حيث يركن سيارته ولم تكن سيارته موجودة فعرفت انه لم يصل بعد...وجاء من جديد من يسألني لماذا تقف هنا ؟؟؟ وفجأة اصابني الملل فقررت الذهاب الى البيت مع ان المحاضرة التالية كانت للدكتور حمدي السقّا وهي امتع ما يمكن ان يحدث في كليّة الاقتصاد والتجارة، وخرجت من الباب الحديدي الاسود الذي كان قريباً من المقصف...ومشيت بمحاذاة النهر ووصلت الى آخر الطريق اريد الذهاب الى اليسار للولوج في معمعة البحث عن ميكرو يأخذني الى بيت اهلي في العباسيين وكنت شارداً والدنيا الرحبة لا تتسع لي واشعر بالاختناق ... سمعت صوت زمور سيارة فنظرت الى اليمين فكان الدكتور سالم شيّا في سيارته المرسيدس السوداء...وأنزل البللور وقال لي أصعد يا آرا...وفتحت باب السيارة وجلست امامه وكدت ان ادوس على شيء موضوع في الارض...كان بارودة روسية بمخزنين...نظرت اليها ملياً فكانت جاهزة وزر الامان فيها مفتوح...قلت له هذه بوضعية نار !!! قال لي: هذه هي التعليمات لتوفير الوقت...ومن بعيد وقبل وصولنا فتحوا الباب الاسود ودخلنا وترك الدكتور سالم السيارة حيث هي ووضع يده اليمين على كتفي وصعدنا الى مكتبه ...وكنت انظر الى مرافقته على الدرج وفي مدخل البناء وعلى باب مكتبه واقول لهم ولكن في قلبي " هل رأيتم ايها الكلاب "
    واجلسني امامه وطلب لي القهوة ...وسألني 3 مرات هل احضروا لك القهوة وانا في الواقع شربت القهوة وجاؤوا واخذوا الفنجان الفارغ...كانت كل اجهزة الهاتف ترن من حوله ويردّ عليها كلها ويعود ليسألني هل احضروا لك القهوة ؟؟؟ والداخل داخل والخارج خارج والكل يريد التماس او واسطة وفلان له شغلة بالمكان الفلاني متعثرة وعلتان له شغلة بالمكان العلتاني ومتعثرة وفلان يريد نقل زوجته الى المحافظة التي تم نقله اليها، وفلان يريد اعادة زوجته الى الشام لأن هناك من نقلها الى حمص بشكل كيدي وكل الامور يجري حلها بالهاتف وانا عندي قضيتي واريد ان اقولها له ولكن اقول في نفسي بعد ان يخرج هذا فيخرج هذا ويدخل عشرة مكانه...ليعود الدكتور سالم ويسألني هل شربت القهوة فأقول له شربت ... فيقول أحضروا له قهوة...
    سألني : مين عندكون هلق ؟؟؟ قلت له الدكتور حمدي السقا ...قال لي قل له ان يحضر الى امانة الفرع ليستلم المسدس
    ورن هاتف غريب على مكتب الدكتور سالم ولم ينطق الدكتور سالم إلاّ بكلمة حاضر وطلب سيارته وخرج...قال لي لا تنسى مشان الدكتور السقا.
    مضى الدكتور سالم ومضيت لأنه لم يعد هناك مبرر لوجودي...واضطررت لحضور محاضرة الدكتور حمدي السقا لنقل رسالة الدكتور سالم مع انني كنت مضطراً للذهاب الى البيت.
    حضرت محاضرة الدكتور حمدي السقا وفي نهاية المحاضرة وقفت قربه فسألني هل لديك سؤال؟ فأشرت بيدي الى خارج القاعة وانتظرته على الباب فأحتشد من احتشد من الطلاب وهو بطبعه لا يردّ أحد ولم تتح لي الفرصة للحديث معه فانتظرته ثم مشيت معه الى حيث كان يضع سيارته الاودي البرتقالية الصغيرة في الموقف ما بين كلية الحقوق وكلية الصيدلة...سألني لماذا لم تقل لي ما تريده؟ قلت: لا استطيع ان اقوله أمام الطلاب...قال: لم يعد هناك طلاّب ...قلت له: يقول لك الدكتور سالم شيّا اذهب واستلم مسدسك من أمانة فرع الحزب...قال لي: لماذا ؟؟؟ قلت له: حملات اغتيال اساتذة الجامعة على اشدها ... وستكون معنوياتك مرتفعة ان كنت تحمل مسدساً معك....قال لي: وهل تعتقد ان هذا المسدس سينجيني من الاغتيال...قلت له لا ولكن ربما يساعد...قال لي: الله فقط هو الذي يساعد قلت له: لو سألنا الدكتور محمد الفاضل فحتماً سيكون رأيه مختلف...قال لي: من يريد اغتيال حمدي السقا فلن يوقفه عشر مسدسات وبالامكان ان يفعل ذلك عن بعد او من الخلف ولن يكون لدي الوقت لإستخدام المسدس...وبالاصل انا لا أعرف استخدامه...اذهب وقل للدكتور سالم شيّا حمدي السقا لا يريد استلام المسدس.
    عدت ... اريد الخروج من الجامعة والعودة الى البيت وكان طريقي يقودني الى الساحة حيث قاعة المكتبة وهي اكبر قاعة في كلية التجارة تستخدم ان كان المحاضر في مستوى حمدي السقا او محمد العمادي ليتم توفير امكنة للطلاب...هناك استوقفني شاب بملابس رسمية ...ملابس مرافقة او تشريفات وسألني هل هذه القاعة الاولى ؟ قلت نعم قال: وهل كان فيها محاضرة لسيادة الوزير؟ قلت له أي وزير ؟ قال وزير المالية...قلت له لا لا المحاضرة كانت للدكتور حمدي السقا...قال لي: نعم الدكتور حمدي السقا هو وزير المالية ألا تعرفون؟؟؟ قلت له منذ متى ؟؟؟ قال منذ أول أمس...قلت: والله لم يقل لنا ولن يقول...قال: وهل انتهت المحاضرة؟؟؟ قلت منذ ربع ساعة ...قال: واين سيادة الوزير الآن ؟ قلت له: صار في بيته ...ان الدكتور حمدي السقا يملك سيارة اودي برتقالية صغيرة يضعها في الممر الاسفلتي بين كلية الحقوق وكلية الصيدلة وللوصول اليها ينبغي المرور من امام المشرحة واستنشاق الفورمول...واعتقد ان الدكتور حمدي السقا لا يحب المارسيديسات السوداء ولا يحبذ دخولها ومن فيها الى حرم الجامعة.
    وكان توقعي في محله لأن الوفد لم يعد يدخل الجامعة ولم نعد نراه وظلت السيارة الاودي البرتقالية حيث هي وظل صاحبها يركنها في نفس المكان وذاع الخبر وباركوا للوزير وبعضهم قال له دكتور والله ما بدك ياها...وآخرون قالوا له والله لن تبقى في المنصب سنة ...ولكن الذي حدث هو اقالته بعد 8 اشهر ولا شك ان خبر اقالته هو اجمل خبر تلقاه في عمره لأنه كان قبل الوزارة في احسن حال وبعد الوزارة صار حاله حال.
    في المرة الرابعة " المرة الرابعة لإعادة امتحان مادة ادارة المونتاج " برز لي شاب في الاتحاد الوطني لطلبة سوريا كانت لي به معرفة سابقة فلقد طلب مني ان تحيي فرقتي حفلة في مقصف الجامعة مرة بمناسبة عيد ميلاد الحزب ومرة في عيد ميلاد الثورة ومرة في معسكر الشريف الادريسي وكانت حفلات رائعة اتولى فيها نقل الآلات الموسيقية وعدد الصوت على حسابي واتحمل منّية الشباب وكلو ببلاش فقررت ان اقطع فيشة للشاب وللذي ارسله...ولكنه عاد وبرز لي من جديد وقال لي: هل تريد النجاح في مادة ادارة المونتاج؟؟؟ قلت له : لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء ء.
    قال لي فكر بالموضوع إن اردت النجاح في مادة ادارة المونتاج اعطني 6000 ليرة سورية " في تلك الفترة كانت المعادلة الآتية كل 1 دولار استعماري يعادل 7 ليرات سورية ...قلت له لا قدرة لي على دفع مبلغ كهذا.
    قال لي: ان انتسابك للحزب أو للاتحاد الوطني لطلبة سوريا سيعينك في هذه القضية على الأقل...قلت له: كل فعل يقوم به المرء يجب ان يكون بالاعتماد على قدوة اليس كذلك ...؟؟؟
    قال لي: ما هو القصد لم أفهم ؟؟؟ قلت له : إن فعلت ما تطلبه مني وانتسبت فمن سيكون قدوتي ؟؟؟ هل سيكون أنت ؟؟؟ بمعنى هل تصلح أنت لتكون قدوة لأحد؟؟؟
    فغضب صاحبنا وتركني وذهب وعلى جبهته تلك الخطوط التي يرسمها الهارون على جبهته وهو يحاول التغوّط ولا يقدر.
    شكرت ربي لأن الظروف لم تساعدني للتحدث الى الدكتور سالم شيّا لأن الرجل صديق للمرحوم أبي وكذلك أخوه وهو الآن صديق لإخوتي فماذا لو رفض مساعدتي أو أطبق فمه ولم يعلق... هذه تساوي حياتي...والمسألة كلها تتعلق بمادة نكرة يدرّسها انسان نكرة وهي غير مستاهلة...ولا بد ان اكثم بقرة سيملّ بعد التجاهل.
    وخرج أكثم بقرة من بين الغرفتين اللتين يتوسطهما ممر ودرج من مخلفات فرنسا الحقيرة التي أهدت سوريا من جملة ما أهدتها جامعة عظيمة فيها كليات الطب والحقوق والصيدلة والى آخره...خرج من هذا الممر المرتفع حولى 4 درجات حيث مكتب وكيل الجامعة، يبصبص بعين شامته وهو يرمقني بنظرة خبيثة من قدميّ الى رأسي ثم ينظر الى لوحة الاعلانات حيث اسمي وأمامه علامة الصفر.
    تمنيت لو ان مسدس حمدي السقا من نصيبي لجعلت من أمة لا إله إلا الله المحتشدة امام لوحة الاعلانات تتشفع فيه...خرجت عائداً الى البيت ودموعي تسبقني وجلست في الميكرو شارد ووصل الميكرو الى ساحة العباسيين فلم انزل وانطلق الى كورنيش التجارة فلم انزل ووصل الى حديقة التجارة فلم انزل وذهب في طريق القصور وسألت نفسي أين أنا وانا مشتت وضائع ...ونزلت في ساحة القصور وعدت سيراً على الاقدام الى البيت...قالت لي أمي: قمحة أم شعيرة ؟؟؟ قلت شعيرة مسوّسة صفر.
    نحن الآن في السنة الرابعة تخرّج وسأتقدم لفحص ادارة المونتاج للمرة الخامسة في منتصف هذه السنة واعتقد انه سيحلّ عن ربي ويطلق سراحي ...ولعله ادرك لوحدة انه لا طاقة لي بتأمين هذا المبلغ فهو في حدود الـ 857 دولار في حين كان متوسط الرواتب في ذلك الزمان لخريجي كلية التجارة لا يزيد عن 70 دولار استعماري...صحيح انني كنت أعمل ولكن حدث لي أمر مع والدي وهو اضطراره لشراء آلة كبيرة لتنفيذ تعهد صندقة 100 ميكرو باص ماركة فيات وصلت الى القطر على شكل شاسيه وموتور ودواليب، واحتال عليه الرفاق واغلبهم جمعيات حرفية وصاروا يتهربون من الدفع وبعضهم يريد ان يكتب له اسهم، ووصلت هذه الآلة الى مرفأ طرطوس أو ان وكيلها كذب عندما قال سيتم شحنها بالبحر وتصل بعد 4 أشهر ولكن لا بد ان الآلة كانت في مستودعاته فاتصل بعد 4 ايام يريد ثمنها تحت طائلة بيعها لزبون آخر، وكان والدي لا يملك ثمنها مما اضطرني الى دفع ثمنها بالكامل فخسرت كل ما وفرته خلال ثلاثة اعوام من التعب والسهر الليلي الذي يقصف الاعمار ولم يعد معي اجرة تكسي.
    وانتهى النصف الاول من العام الدراسي وانا منشغل في مواد ثقيلة فلقد اخترت فرع المحاسبة كاختصاص وهو من اصعب الفروع لأنه يضمن لي البقاء مع الدكتور حمدي السقا ومن معه من النخبة، وجاء أكثم بقرة كالعلقة يريد مص دمي وانا لا طاقة لي بهذا ... وبالنتيجة صدرت النتيجة وكانت 4 على 100 وتأقلمت وقلت الفصل الثاني هو الفصل الأخير وهو فصل التخرج ولا يمكن لأبن زانية ان يتجرد من كل انسانيته فحتى ابن الحرام لا يفعلها...لقد جرّب هذا النكرة ان يؤذيني خلال الثلاثة سنين حتى ابعد مدى ولا يمكن الا ان يدرك بأنني لا أملك المبلغ الذي يريده وإلا لكنت دفعت وكانت النتيجة في الفصل الثاني 5 على 100 وعلقت بمادة ثانية فتوقف تخرجي على مادتين.
    قصة المادة الثانية بسيطة ومشكلتي اني احترم صاحبها وكان صاحبها ضحية مسألة ليست له يد فيها ولكن انتقامه كان فيه غلط فلقد وجد ضحية اخرى تلبس القصة وهي أنا فألبسني إياها والقصة كما يلي:
    كان الرجل يتصبب عرقاً على السبّورة وحوله مجموعة من الدبابير أقلّهم الطالب سمير الحمصي الملقّب بحسني الزعيم هو وجماعته اختصاص مضايقة الدكاترة خريجي الاتحاد السوفياتي ...وتعثر الحلّ مع الرجل وظهرت الاجابة غير متوازنة فأعادها فكان الخطأ أكبر...وهمس الحمصي " حضروا ببيوتكم " ... وكانت هناك فتاة تحكي لفتاة أخرى لا يجرؤ أحد على التحدث معها نكتة اباحية سمعت بعض جزئياتها ولم اسمع النهاية...وفجأة انفجرت الفتاة المستمعة بضحكة كاباريهات والتفت الدكتور وطلب من الفتاة التي تجلس في وسط الراحلة التي اجلس أنا عليها ان تنهض ...فنهضت واسمعها من الكلام ما لا يقال ... وأقلّه ( وقت يللي بكون عم اشتغل على اللوح فحطّي بثوممتش زبل واقعدي ساكته...) ودافعت الفتاة عن نفسها بعبارة واحدة كررتها عدة مرات...دكتور مو أنا ...دكتور مو أنا ...وكانت الفتاة من عائلة مرموقة من حمص وصارت تبكي وهي لا تجرؤ أن تقول من هي الفتاة التي ضحكت ولا انا أجرؤ ولا أحد يجرؤ ... فمرافقة هذه الفتاة تنتظر في الخارج ورهن الاشارة لخلع أكبر رقبة من مكانها...ولا بد أن الدكتور عرف صاحبة الضحكة وخاف وتعبّى بفتاة أخرى فهو ايضاً لم يجرؤ ان يكون رجلاً ... ولم يجرؤ عن أن يتحول عن الضحية والاستمرار في شتمها...ولتلافي الشرور نهضت من مكاني وخرجت من المقعد وتبعتني صديقة لي ففرغ الجزء اليساري من المقعد وهو يتسع لستة طلاب ثلاثة على اليمين وثلاثة على اليسار....فخرجت الفتاة خارج القاعة ولم يعد هناك شمّاعة يعلق عليها الدكتور ثيابه فتوقف عن كيّل الكلام الذي كان يكيله وادرك انني السبب في منعه من الاسترسال...فقال لي شرّف اطلع معها... وحمدت الله انه قال لي شرّف اطلع معها ولم يقل لي انقلع كما قال لي أكثم البقرة ... فصار لي مصيبتين بدلاً من واحدة ومادة هذا الدكتور التي لم تكن على البال وضع لي فيها علامة الصفر في السنة الرابعة الفصل الثاني.
    عدت لأبحث عن صديقي " صديق المصلحة " العضو في الاتحاد الوطني لطلبة سوريا وقلت له لم اتوقع ان يقطع أكثم بقرة عنقي فوالله هذه الفعلة قطع اعناق انا اريد ان اتخرج اريد ان اذهب الى الجيش وانهي خدمة العلم وارى مستقبلي سواء بالبقاء او السفر هذا الرجل يكبّل يداي الاثنتين ...قال لي ...عرضنا عليك الحلّ ولكنك كنت مصراً على أن تلعب دور شريف مكة...قلت له: خبّره الآن أنني سأدفع...قال لي: ستدفع ماذا ؟؟؟ قلت له: سأدفع الـ 6000 التي طلبتها ...قال لي 6000 ماذا يا حبيبي ؟؟؟ زمان أوّل تحوّل تسعيرة اليوم هي 30000 ولا اعرف ان كان سيقبل فأنت انسان متعب ولنا معك تجارب سابقة ... قلت له يا رفيق غسان، انا اعرفك منذ دخولي الجامعة والشباب يقولون لي الرفيق غسان سنة رابعة...وأنا الآن وبعد اربع سنين لا زلت سنة رابعة فهل يعقل انك في الكلية منذ 8 سنوات ولم تتخرج...انت يا رفيق غسان مفتاح لهؤلاء الكلاب وانت قاسم النصف وهذه القسمة افضل من رواتب 20 محاسب مجتمعين...هل فكرت بالامر ملياً هل فكرت بأنك في المستقبل ستطعم اولادك من المال الحرام هذا...وهل فكرت انه لو وقعت ستكون وقعتك سوداء...قال لي: وعلى يد من سأقع؟؟؟ قلت: على يدي انا ...قال: احمض ما عندك طبخو...قلت له أو على يد سالم شيّا...وتركني وذهب وعلى جبهته تلك الخطوط التي يرسمها الهارون على جبهته وهو يحاول التغوط ولا يقدر.
    وفي اليوم التالي وقفت انتظر سيارة الدكتور سالم شيّا ...ووصلت سيارته ولكن فيها أمين فرع حزب آخر لأنه تم نقل الدكتور سالم شيّا فصار سفيرنا في الجزائر.
    كانت الموسيقى هي ملاذي الوحيد واهلي قالوا لي لديك على الاقل سنتين خدمة علم فما حاجتك لشهادتك الآن؟؟؟ وبعد سنتين يخلق الله ما لا تعلمون... فربما يتم الاستغناء عنه في الجامعة او يريحك الله منه.
    انهيت اربع سنين في جامعة دمشق ولم اتخرج...لديّ مادتين الأولى لأكثم بقرة الذي لم تعرف جامعات الكون من هو أكثر منه ندالة...والثانية لدكتور آخر كان ضحية لفتاة لا يمكن القاء التحية عليها فلقد كانت مدعومة ومنفوخة الى درجة ما قبل الانفجار، ووجد ضحية يقتصّ منها فأبعدتُها عن طريقه ووقعت أنا ولا يسعني الا ان احترمه فأنا لا أكرهه وهو بالاساس ضحية لمجتمعنا القذر الذي لم نختاره للعيش فيه .
    لا استطيع وصف شعور طالب جامعي قضّى اربع سنين من العناء في الكلّية ولم يتخرج ومصيره غير معروف... وذهبت بناء على رغبة الاصدقاء في الجامعة في رحلة ترفيهية للساحل وخططنا ان تكون الرحلة على مرحلتين ... دمشق دير ما جريس الحميراء ثم من الدير الى طرطوس لقضاء يوم كامل والعودة الى دمشق...وبعد ذلك سيتم التفرغ لعقد الميريديان في دمشق.
    كنا 5 انا زعيم الشلة ومعنا فؤاد حلياني صاحب نصيحة حضور آخر محاضرة لأكثم بقرة هذا الحضور الذي جلب المصيبة على رأسي، وجورج لطف الله وسامر بشور وبسام اليازجي وشقيقه جورج ودخلنا دير مار جريس الحميرا وكان لبسام اليازجي أخ نعرف انه يدرس اللاهوت وقد تم فرزه ككاهن الى دير مار جريس الحميراء وكان الهدف الرئيسي من الرحلة زيارة الاب يازجي فلقد كانت الزيارات ممنوعة قبل الرسامة، ووصلنا الظهيرة وذهبنا الى مطعم الفوّار وتناولنا طعام الغذاء ومعنا الأب يازجي شقيق بسام تناولنا طعام الغداء وعدنا للدير وافردت لنا غرف في الدير ونمنا فترة الظهيرة واستيقظنا في المساء...وكان رئيس الدير كاهن يحمل اسم عربي وكنيته ارمنية بدون يان وهي بيدروس على ما اذكر ... قال لنا...خمسة محاسبين ؟؟؟ هذا يوم السعد ... سألناه لماذا تعتقد انه يوم السعد؟؟؟ قال: احبتي نحن في هذا الدير ايراداتنا معروفة ...1 التبرعات في مكتب الؤياسة 2 سلل الفقراء 3 واردات صندوق المزار 4 ايرادات ايجار المحلات وهي محلات تابعة للدير يتم تأجيرها لأهل المنطقة ليباشروا فيها اعمالهم البسيطة من بقالة ومحل لبيع الفروج ومحل لبيع اسطوانات الغاز وللدير حصة في منتزه نبع الفوار وهكذا ....ونفقاتنا معروفة وبسيطة وهي تأمين حاجيات المطبخ ولدينا سيارة واحدة وهي سيارة نقل متطلباتها بسيطة ...قلت له: اين المشكلة اذاً ؟؟؟ قال: نجمع ايراداتنا ونطرح منها نفقاتنا والناتج لا يتطابق مع المبلغ المتبقي في الصندوق ويأتي يوم الأحد الذي بعده فتتراكم الاخطاء بعد وصول ايرادات جديدة...سألته ما طبيعة الرصيد المتبقي في الصندوق...قال: ماذا تقصد ؟؟؟ ونظرت الى عينا بسام اليازجي ورأيت وميض من نوع خاص يخرج منهما.
    قلت هل هو نقص أم زيادة ؟؟؟ قال : زيادة ...قلت له يجب ان تنام ايها الريس على فراش من ريش النعام لأن الزيادة هي اخطاء في الجمع أو التسجيل ...قال: والنقص ؟؟؟ قلت له...هذا لا يحدث هنا فأنتم مؤتمنون على بيوت الله ... وحملنا الصندوق الخشبي الكبير الذي في رأسه فتحة تكفي لإدخال ظرف مليء بالمال على سبيل النذور وذهبنا به الى الصالون الكبير وجلسنا حفاة على قطع السجاد وفتحنا الصندوق من قاعدته فسقطت التبرعات كلها على السجاد واقتسّمنا العمل فيما بيننا وتعمّدت ان اخصص نفسي بجمع الورقيات من فئة الـ 500 ليرة سورية وطلبت من فؤاد جمع الورقيات من فئة الـ 100 ليرة سوية والـ 50 ليرة وقلت له كل كومة على حدا وطلبت من جورج لطف الله جمع الورقيات من فئة الـ 25 ليرة سورية وبسام اليازجي الورقيات من فئة الـ 10 والـ 5 والـ 1 ليرة الورق البنية التي عليها صورة نجّار يعمل خلف شلّة النجارة والتمعت عينا بسام اليازجي من جديد فلقد فهم انني اخترت لنفسي فئة الـ 500 وهي فئة متحصلاتها قليلة ولا يتبرع بها إلاّ الأغنياء وتركت للبقية الفئات الصغيرة وخصصته بعمل متعب يوازي ضعف عملنا جميعاً ولكنه لم يتنفس لأن العمل لصالح شقيقه المفروز الى هذا الدير بعد الرسامة ...قلت له بسام ....شو لمعوا عيونك ليكون ما عجبك ...فأجابني لا لا ... ماشي الحال.
    الطريف في الأمر انه وجدنا ظروف بيضاء او بريدية ملونة فيها عملة ورقية ورسالة وتم الصاقها بعناية ...وكنا نعمد الى تمزيق الظرف واخراج المال منه وضمه بحسب الفئات ليتولى احدنا قراءة الرسالة فكانت بعض الرسائل تحوي ما يلي: انا جورجيت ابنة فلان وزوجة فلان من قرية كذا محافظة كذا اتقدم بهذا النذر وهو 500 ليرة سورية على نية ان تحبل ابنتي التي مضى على زواجها 4 سنوات دون ان ترى الخلفة واطلب من مار جريس ان يشملنا بعطفه واندر انها لو حبلت وولدت بالسلامة فسأحضر الى هنا ومعي المولود لأعمده في دير مار جريس الحميرة وسنضع يللي فيه النصيب مع تنكتي زيت زيتون بكر من ارضنا.
    كنا نصنف هذه الرسائل على انها محتوى غير مهم ونضعها في الجانك ميل ... ويللي بعدو ... رسالة اخرى يقول صاحبها دخيلك يا مار جريس هدا الظرف بعتتو مع اختي وحطيت فيه يللي بئدر عليه وئلتلها امانة يا اختي وصّليه علدير وحطيه بالصندوق انت بتعرف الحال يا مار جريس لهلق مو قادر اتحرك بدون العكازات بتمنى تساعدني لأرجع متل ما كنت واجي زورك واتبارك بشفاعاتك...انا بحاجة لعجيبة يا مار جريس بعدون ولادي صغار وبدهون فت خبز كتير.
    فجأة تغيرت الصورة ...وتغيرت ملامحي...وطلبت من الجميع التوقف عن الضحك ومسحت دموعي لقد اكتشفت ان هناك اناس بسطاء وقعوا في ازمات صحية حرمتهم ليس فقط من امكانية العمل بل من امكانية السير او الوقوف على القدمين، ولا بد انني تجردت من انسانيتي حتى سمحت لنفسي بأن اضحك في موقف كهذا.
    فأين مشكلتي مع اكثم بقرة من مشاكل هؤلاء.... مشكلتي مع البقرة لا تقاس مع آلام الناس ومصائبهم وبعضها مصائب كارثية وكبيرة ولا يمكن احتمالها.
    فتحت محفظتي الحلدية السوداء واخرجت ورقة وقلم والالة الحاسبة الكاسيو التي اشتريتها في السنة الاولى من الكلية والتي لا زالت معي حتى اليوم ولا استغني عنها لحظة...وكتب في عمود رسمته على فئات العملة بدءً بالـ 500 وانتهاءً بالليرة الواحدة وكتبت العدد كما اخذته من الشباب، وضربت مفردات عمود مفردات الفئة بالعدد وحصلت على عمود النواتج الجزئية وجمعت هذه النواتج وكتبت المبلغ...والتمعت عينا رئيس الدير هذه المرة وقال لي بهذه البساطة تظهر النتيجة بدقائق ونحن نعد ونعيد ونزيد فيضيع الليل ونحن نعد محتويات الصندوق ... عليك يا آرا ان تعلمني الطريقة ... فلت له بسيطة ايها الريس والآن دعنا نرى دفاترك لنحل لك مشكلة الحسابات ... قال لي دفاتر ؟؟؟ هو دفتر واحد...ونظرت ملياً وقلت للريس والله يا ابونا ما في جمع واحد صح، مشان هيك خلوكون علتيسير... قال لي الريس : هذه الحسابات يجب ان تكون صحيحة ويتم ارسال هذا المال بشكل اسبوعيي الى المريمية مع كشف ملحق وبمجرد وصول المبلغ الى الشام تحدث مشكلة مع محاسب المريمية الذي يسارع ال الاتصال بنا على الهاتف ... ودار هذا الدفتر ومعه آلتي الحاسبة على الجميع وتم التصحيح وحدث التطابق فطار عقل الريّس...وذهبنا للنوم وفي الصباح تمت دعوتنا لتناول طعام الافطار وكان مدّ من الخبز الصمّون المدور وقدرين من الفخار تم وضعهما بعناية في وسط الطاولة المستطيلة القدر الاول ويحوي الزعتر المشبع بالسمسم المحمص من الحبة ذات القياس الكبير والقدر الثاني وهو مصنوع من الفخار ايضاً ويحوي زيت لم اذق اطيب منه في عمري...وكان هناك ابريق ضخم من الشينكو الصيني فيه شاي محلّى والى جانبه صينية كبيرة تحوي دزينة من كاسات الشاي وكان اطيب فطور تناولته في عمري.
    حملنا اغراضنا وودعنا الرهبان وقلت للريس ابحث عن اليان التي سقطت سهواً من كنيتك الارمنية... فالتمعمت عينا الريس من جديد وابتسم لي وودعته وقبّلته من لحيته...وتوجهنا الى طرطوس ورحلة سباحة بحرية لم نرجع منها إلا عندما بدا لنا الشاطئ كخط سراب فخفنا ورجعنا ... واوصلنا سامر بشور الى صافيتا وعدنا ادراجنا الى الشام.
    في الشام كانت هناك مفاجأة جميلة في انتظاري فلقد تمكن مسلم شطي من ابرام عقد مع الميريديان للعزف في قاعة السنين المجنونة في الطابق التاسع وكان المطلوب تريو يعزف برنامج موسيقي تم اختياره سلفاً من قبل المستر بويجينسي مدير الفندق وكانت كل القطع الموسيقية فرنسية وأغلبها موسيقى أفلام واقترحت درامر هو رياض صالومة يمتاز بالعزف الهادئ ويستعمل فراشي الدرامز وبدأنا التمارين في منزل يقع في ساحة النجمة وبالقرب من بيت اهل ايمن فحّام وتم تحضير البرنامج المطلوب كاملاً وكان في الميريديان كيتاريست يعمل لوحده ويحمل كيتار " آكوستيك سبينيش كيتار " ويدور بين الطاولات واسمه زياد عابدين... وعلمت من مسلمّ الشطي ان زياد هذا ممكن ان يصعد الى الطابق التاسع ليغني معنا اغنيتان او ثلاثة كل يوم لا غير وكان زياد لطيفاً جداً يستعمل الطحين الابيض وراسب في امتحان الاخلاص الزوجي مع ان زوجته أميرة بكل معنى الكلمة ...فحضّرنا المطلوب وزيادة...ونقلنا الآلات الى الميريديان وهناك عرفنا ان فرقة الشو باريز 2000 وعطورهم الباريزية سيكونون شركائنا في العمل وكانت اجمل شراكة...وطلبت منا رئيسة فرقة الشو ان تغني معنا بضعة اغنيات لا غير كل يوم واحدة... وكانت الأغاني لأديث بياف وميراي ماتيو وفرانس غال وحوّل الشباب الفتاة الى عندي...قالت لي هل تعرف فرانس غال؟؟؟ وتقصد أغانيها فقلت لها نعم كانت زوجتي بعد ان طلقت ميراي ماتيو... قالت كانت ؟؟؟!!! قلت نعم قالت: وتزوجت غيرها الآن...قلت: نعم...قالت: ليكن الله في عونك.
    واتفقنا على الأغاني وعلى الطبقات وكان عملاً رائعاً وصداقة امتدت الى ما بعد انقضاء العقد.
    في سنة الرسوب الأولى وسنطلق عليها السنة الخامسة تقدمت الى امتحان الفصل الاول وانا احمل المادتان المشار اليهما لا غير وكنت غارقاً في الموسيقى وما يصحبها عدا الطحين الابيض واجهّز اموري للإلتحاق في خدمة العلم، ولم اكترث بالامتحان لا في مادة البقرة ولا في المادة الثانية ... ولم أكلف نفسي معرفة النتيجة فلقد نقلها لي صديق يشاركني نفس الهمّ وكانت النتيجة صفر في مادة البقرة و48 في المادة الثانية ولعلامة الـ 48 شجون في الجامعة وتكون غالباً مقصودة ومخصصة لحرق قلوب العشاق.
    فلو كانت العلامة 49 فإنها تجبر الى الـ 50 وينجح المتقدم أما الـ 48 فلا تجبر وتعتبر علامة رسوب وترفعت اوتوماتيكياً في الرسوب الى الفصل الثاني من السنة الخامسة أما السبب في تكرّم البقرة بمنحي علامة الصفر من جديد فهو لأن مرارة أكرم بقرة قد فقعت وهو ينتظرني لأطلب مقابلته ليقدم لي عرضه وأقدم له موافقتي وان طلبي لمقابلته قد تأخر كثيراً فلقد احب تنشيط ذاكرتي بمنحي علامة الصفر، أما الـ 48 فهي مقصودة 100% ولحرق قلوب العشاق كما اسلفت ولو كانت 49 لكانت منطقية اكثر واقبلها راضياً وانا مقتنع بأنني استحقها.
    في الفصل الثاني من السنة الثانية حدثت معجزة فلقد استلم الدكتور الذي احترمه منصباً وزارياً وأرسله حافظ الاسد في مهمة عمل تستدعي مرات سفرٍ عديدة مع وفد كبير الى الاتحاد السوفياتي واوكلت قضية متابعة تدريس المادة وتصحيح الاوراق الى الدكتور حمدي السقا وكانت علامتي 77 أما في ادارة المونتاج فطرأ تحسن طفيف على مستواي فكانت علامتي 2 / 100 ...شكرت الله على نعمه وترفعت بالرسوب الى السنة السادسة الفصل الاول وانا أحمل البقرة ومادة البقرة على ظهري.
    في الفصل الاول من السنة السادسة انتهى عقد الميريديان، بمشكلة كبيرة حدثت في الميريديان وحدثت في قاعتنا عندما كنا نعزف حيث أصرّ مدير الميريديان السيد بويجنسي أن ننهي البرنامج في وقت كنا لا نستطيع فيه تنفيذ أوامره بسبب وجود شخصية مرموقة تنازلت مصطحبة جوّها وجوّها فتاة بعمر الـ 14 سنة وسهرت عندنا ... ورفضت طاعة الاوامر فتم قطع الكهرباء وامتعضت الشخصية المرموقة وانتقمت في اليوم التالي بحيث تم اغلاق المدخل من ناحية جريدة الفرسان ومن قبل الفرسان تحديداً فتم وضع حاجز هناك وتم منع الناس من الدخول بسياراتهم الى الميريديان او الاقتراب منه...وكذلك تم وضع حاجز ثاني من جهة نادي الضباط وتم منع دخول السيارات الى الميريديان بشكل قطعي...وكانت سيارات المؤن تقف على الرصيف امام حديقة المنشية ويتولى السادة القراصنة تفريغ المؤن وصناديق المنكر بعد حملها عبر الدرابزين ولم يكن للميريديان إلاّ باب واحد هو الباب الشمالي اما الباب الثاني المطلّ على نهر بردى فلم يكن موجوداً وقتها، وصدف انه كان لدينا عرس في قاعة المتنبي في يوم انشاء الحواجز ومنع اصحاب الحواجز دخول سيارة العريس والعروس وسيارات المعازيم فاضطر سائق السيارة الى ان يذهب بها الى الطرف اليساري من حديقة المنشية حيث تمثال الفلاح الذي في يده معول يغرسه بقدمه في الارض قرب الدرابزين المعدني وتم حمل العروس ورفعها الى مستوى السور وانزالها من الطرف الآخر مما ادى الى تمزق فستانها ... وقفز المعازيم جميعاً بعد العروس وقفزنا نحن للعزف في حفلة العرس...وقدّم السير بويجنسي استقالته الى الادارة في باريز وتم نقله الى ميريديان البحرين وعرض الرجل علينا ان نذهب معه الى البحرين فلم نسمع الكلمة وقررنا جميعاً انه ليس لدينا إلاّ بحر واحد هو الابيض المتوسط وهو يكفينا بالتأكيد.... في حين صدرت الاوامر بخلع جزء من ارضيات وأسقف المطبخ والاستغناء عنها لتكون ردهة الباب الجديد للميريديان المطل على النهر... فحدثت تشققات في قاعة المتنبي التي اصبحت مهددة بالانهيار ومعها كل طوابق الفندق فوصلت لجنة مهندسين من فرنسا نصحت بدعم سقف القاعة بالاعمدة فتشوهت قاعة المتنبي التي لم تكن تحوي عمود واحد، وخسرت قاعة المتنبي اهم مزاياها كونها اكبر صالة حفلات في كل فنادق سوريا بدون اعمدة تحجب الرؤية وتكبدت ادارة الميريديان نفقات فادحة لآن السيد بويجنسي لم يستمع لنصيحة آرا سوفاليان.
    في الفصل الاول من السنة السادسة كنت قد استنفذت فرص التأجيل الجامعي بالطبع وتقدمت للإمتحان المضحك فلقد كنت قد جمعت المجد من اطرافه وانا أحمل مادة البقرة من السنة الثانية واتقدم بها للمرة التاسعة وانا غير مهتم بالنتيجة فلدي سنتان سأقضيهما في خدمة العلم ولا بد ان هذا يعطيني الفرصة لتقديم الامتحان في هذه المادة 4 مرات أخر... بحيث يرد اسمي في كتاب غينيس للأرقام القياسية في جملة موجزة تقول: تقدم الطالب آرا سوفاليان 9 مرات لإمتحان مادة البقرة ورسب فيها كلها وذهب الى الجيش ومن هناك ستتاح له 4 فرص لتقديم الامتحان في مادة البقرة من جديد، وفي الحالتين النجاح او الرسوب في المحاولة رقم 13 فإنه يستحق وعن جدارة ان يدوّن اسمه في كتاب غينيس للأرقام القياسية كونه اقدم على عمل قياسي واظهر صبراً قياسياً أيضاً.
    دخلت الجامعة ولم اعثر على القاعة التي سيتم امتحاني فيها في مادة البقرة وكان الوقت يضيع والفحص سيبدأ ولم اعثر على القاعة دخلت القاعات كلها وسألت، والكل لا يملك جواب وفي القاعة الاولى التي تسمى المكتبة لمحت الرؤوس التي تنتظر توزيع الاوراق...وسألت المراقبين في القاعة الاولى وكان الجواب لا نعرف...وركضت الى مكتب الدكتور حمدي السقا ولم اجده ولكن كان هناك اساتذه ومراقبين لا أعرفهم وسألت عن مكان ورقم القاعة التي سأتقدم فيها فقال لي مراقب لا اعرفه...انتم 32 طالب راسب من العام الماضي...قلت له نعم يا سيدي وبعضنا ما قبل العام الماضي وبكثير، فأنا أعيد المادة للمرة التاسعة مثلاً...قال لي ادخل الى كلية الحقوق واذهب باتجاه كلية الصيدلة واترك المشرحة وانعطف الى اليسار تجد هناك بناء قرميدي حشوة يقع على اليسار اصعد الى الطابق الثالث هناك قاعة قديمة وصغيرة تم تخصيصها لكم.
    ووصلت ولم اجد سيارة الدكتور حمدي السقا الاودي البرتقالية الصغيرة وبعد لحظات كنت في القاعة وجلست في اول مقعد في الوسط ونصف القاعة فارغ...شرحت لرئيس القاعة السبب ...قلت له لا يوجد في لوحة الاعلانات ما يشير الى تخصيص هذه القاعة للراسبين ولا أحد يعرف عنها شيئاً ... ولم يردّ...قلت له: دكتور ارسل الآذن ليضع ورقة في لوحة الاعلانات ترشد الناس الى القاعة...فأشار بيده أن " حلّ عن ربنا " وبدأ توزيع اوراق الاجابة ووصل عدد من الطلاب وقلوبهم تكاد تخرج من صدورهم بسبب القفز على الدرج للوصول الى القاعة المفقودة، أحدهم قال " والله بالصومال ما صارت على الأقل حطولنا ورقة بلوحة الاعلانات توصلنا الى هنا !!!" فهمهم طالب آخر" "كيف بدنا نثبت انو نحنا اولاد حرام" ونظرت بعيني مدير القاعة الذي اشار لي سابقاً بأن " حل عن ربنا " فحوّل نظره باتجاه النافذة وقلب شفتيه.
    وصلت مجموعة اخرى من الطلاب والكل يشتم ويتذمر...وتم توزيع اوراق الاجوبة وبعدها الأسئلة وبدأت كالرجل الآلي في كتابة الاجوبة ووصلت الى المسألة وانتهيت منها واعدت قراءة الورقة واكتشفت ان هناك نصف ساعة متبقية واقترب رئيس القاعة مني وقال لي: يبدوا انك انتهيت ؟؟؟ قلت: لا لم انتهي...قال: ولكنك متوقف عن الكتابة منذ مدة...قلت له: عندي شك في حل المسألة وقد أعيدها...قال: واين ستكتبها ان ورقتك 4 صفحات وكلها مليئة...قلت له : قد أطلب ورقة جديدة ؟؟؟ قال لي: لماذا لم تطلبها ؟؟؟ قلت له : سأعيد الحل على المسودة للتأكد وبعد ذلك سأطلبها...قال لي: انت مراوغ وداهية...قلت له: آمل ذلك ولكن لو كان كلامك صحيح لما كنت اتقدم للإمتحان في هذه المادة للمرة التاسعة على التوالي: قال لي أخفض صوتك فأنت تزعج الطلاب قلت له: انا اجيبك عن اسئلتك يا دكتور وهذا عين الادب...قال: عين الادب ان تسلمنا ورقتك لكي نرتاح منك...قلت له: في الثانية الاخيرة من الدقيقة الاخيرة وبعد انطلاق الجرس...ودخلت اللجنة لتفقد القاعة وكان الدكتور حمدي السقا من اللجنة فنظرت في عينيه ولسان حالي يقول ارجو ان تتدخل ...فقال ما الأمر...قلت: دكتور عندي شك في المسألة وانا اراجعها على المسودة والدكتور رئيس القاعة يريد مني تسليم الورقة والوقت لم ينتهي بعد...وانا والله العظيم اجلس منذ بداية الامتحان في المقعد الاول هنا ولم اتكلم مع احد ولم التفت الى الخلف ولم أغشّ...وبالاساس بدي سلّتي بلا عنب وهذه المرة التاسعة التي اعيد فيها هذه المادة.
    وضع الدكتور حمدي السقا سبابته على شفتيه فسكتت...ونظر الى رئيس القاعة وقال له: ليس من حقك...وحاول رئيس القاعة ان يعترض ولكن الدكتور حمدي السقا نظر في عينا رئيس القاعة تلك النظرة القاسية وقال له من جديد ليس من حقك.
    وخرجت اللجنة وكنت قد فهمت المسألة لا بد ان البقرة كان قد ذكّاني قبل الامتحان...أو انه امر صراحة بمضايقتي...وكنت اشغل نفسي باللعب في الآلة الحاسبة وكتابة ارقام وهمية عندما سمعت صوت الجرس...فحملت ورقة الاجابة مع ورقة الاسئلة وورقة المسودة وطيران الى خارج القاعة وقفزت الدرج كل 4 درجات في قفزة واحدة ومررت من امام سيارة الدكتور حمدي السقا وتابعت فدخل الفورمول في انفي ودخلت فناء كلية الحقوق وخرجت من بابها مسرعاً ودخلت الى قاعة المكتبة واتخذت المسار في اقصى اليمين وباتجاه معاكس للخارجين من القاعة وضعت ورقة الاجابة بين الاوراق ووضعت المسودة بين المسودات والكل منشغل في هستيريا تسليم الأوراق...ومضيت الى البيت وانا أشعر بسعادة ما بعدها سعادة.
    وبالطبع كنت استعد للالتحاق بخدمة العلم ... واشتريت بكل ثقة كافة اللوازم وانهيت التزاماتي مع فرقتي الموسيقية وسهرت مع اخوتي في سكرة غير عادية وتولى أخي ايصالي الى الكراجات واخذت الهوبهوب ليهبهب بي صوب حمص ومن حمص أخذت ميكرو هبهب بي صوب مصياف ...وبدأت دورة الأغرار ...وبعد شهر علمت انني تخرجت وكانت علامتي في ادارة المونتاج 86 والتحليل المنطقي لهذه النتيجة ان البقرة بحث عن ورقتي في القاعة التي فيها 32 طالب فلم يعثر عليها فظنّ انني تخليت عن الكلية او انتحرت ...
    ووصل عدد القتلى في سوريا اليوم الى مليون شهيد ولم يبق فيها حجر على حجر وتركت الناس بيوتها ومزارعها واسواقها ودكاكينها وهربت وهي تقبل بالتسول على ابواب اوروبا ...وكل ذلك بفضل اكثم بقرة وأمثاله من " معاول الهدم"
    واذا قررنا معرفة ما حدث للشلة اليوم ... فلقد حدث للشلة ما يلي:
    1 ـ جورج لطف الله صار احد ضباط اللواء 85 في لبنان ورأى الموت بعينيه مرات لا تحصى في الحرب اللبنانية ولم ينال منه القصف الاسرائيلي وبقي على قيد الحياة وتم تطويق اللواء ووقع جورج في الاسر وبعد ذلك تم تحريره ورفاقه باتفاق سياسي ... وانقطعت أخباره عن الشلة الى ان قرأت ورقة نعوته ...ومات في عزّ شبابه بنوبة قلبية.
    2 – سامر بشور علمت انه كان يعمل في اواسط الثمانينات في شاطئ الاحلام وعند كرم عرنوق كمحاسب وبالطبع لا يحسد على عمل كهذا.
    3 ـ بسام اليازجي كان حزبي وذهب بمنحة الى الاتحاد السوفياتي وعاد يحمل شهادة دكتوراه في المحاسبة وعمل في الجامعة وكان مدخّن شره جداً وسمعت انه توفى بنوبة قلبية حادة ربما في السنين الاخيرة قبل نهاية القرن الماضي.
    4 ـ فؤاد حلياني ترك الصاغة وعمل كمحاسب في مطعم جنة صيدنايا وعندما ساءت الاوضاع في صيدنايا عمل كمحاسب في مصنع ينتج الماكياجات كما بلغني في آخر مرة رأيته فيها من شرفة منزلي في جرمانا وعزمت عليه ورفض الصعود وقال انه مشغول جداً...عائلته كلها في المانيا وهم الآن بصدد اتمام معاملة لمّ الشمل " الجدير بالذكر ان جدة فؤاد لأمه ألمانية " والدير بالذكر أكثر ان فؤاد حلياني هو صاحب اقتراح حضوري لآخر محاضرة للبقرة.
    5 ـ الداعي ترك سوريا في العام 2013 الى لبنان ثم الى ارمينيا ثم الى لبنان من جديد واخيراً الى قطر واحضر عائلته بعد سنة ويعمل كمحاسب وهو في عمر الـ 63
    6 ـ زهير الخطيب هاجر الى اميركا وعاد لزيارة اهله في العام 1986 وهي آخر مرة رأيته فيها ولا زال في اميركا.
    7 ـ فريد قردوح ...عمل في السعودية وسافر العام الماضي 2017 مع ابنه الى سوريا لتجديد جوازات السفر أصيب بنوبة قلبية في الطائرة وفارق الحياة في مطار دمشق الدولي.
    8 ـ جنى الخوري تزوجت من قريبها وسافرت الى الولايات المتحدة الاميركية ولم اعد اسمع عنها أي شيء.
    9 ـ الأب يازجي شقيق بسام سألت عنه بعد خطف المطران يازجي فتبين ان المطران يازجي المخطوف هو مطران آخر أما الطاقم الذي كان يخدم في دير مار جريس الحميرا فلم اعد اعرف عنهم شيئاً وخصوصاً الريس بيدروس الذي التمعت عيناه في مقابلتنا ولا اعرف ان كان قد أعاد اليان الى نهاية كنيته.
    10 ـ أكثم بقرة ... يفترض ان يكون في عداد الاموات اليوم فلقد كان بديناً ويملك آلة حشّ مؤتمته لا يوجد مثلها ولا في اليابان بين مصارعي السومو...واذا كان لا يزال حياً يرزق فإن لله في خلقه شؤون.
    والى اللقاء في الجزء الثالث من سوريا ومعاول الهدم...لقد أخفيت هذا الامر في قلبي لسنين طويلة وانا اعرف ان قدر سوريا في ظل هذه المعطيات هو ما رأيناه منذ 7 سنوات وحتى اليوم بالذات... صحيح انها حرب كونية وأنا مع هذه المقولة ولكن على من ؟؟؟؟ على دولة ممزقة نزفت ونزفت ونزفت لسنين طويلة، وهناك عوامل أدت لهذا النزف والتمزق، استمر النزف والتمزق والحقد وصنوف الكراهية حتى ماتت المواطنة في قلوب الناس وحوّل الاعداء الحرب الى حرب كونية مضمونة النتائج بسبب حالة الضعف التي وصلت اليه سوريا واهلها ، ووصل عدد الشهداء حتى الآن الى المليون ولن تتوقف دوامة القتل ابداً لأن في الموت مصلحة للبعض من امثال البقرة ومن لف لفّه واهيب بكل شريف " رحمة بسوريا " ان ينشر قصته اذا كانت لديه قصة مماثلة وفي حال الخوف من النتائج ارجوا ارسال القصة لنشرها على مسؤوليتي arasouvalian@gmail.com وفي اللحظة التي سأشعر فيها بالندم على نشر هذه المقالة أو غيرها فسأعرف ان الحرب السورية ستمتد لمئة سنة قادمة ولن تتوقف الا بعد موت آخر سوري لتستولي اسرائيل على كل الاراضي السورية اللبنانية الفلسطينية الاردنية المصرية ليتحقق حلم أرضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل.
    آرا سوفاليان
    كاتب انساني وباحث في الشأن الارمني
    11/01/2018سوريا ومعاول الهدم الجزء الثاني بقلم آرا سوفاليان
    اكثم بقرة
    سنتحدث اليوم عن استاذ جامعي يظن نفسه انه مرموق ويحلو لي ان اسميه أكثم بقرة وكان يعطينا مادة إدارة المونتاج، وكنت قد اشتريت كتاب هذه المادة واضطلعت عليه فعرفت انه بسيط وسهل وقلت سأترك هذه المادة ولن أحضرمحاضراتها وهي مادة نظرية تحتاج لبعض الحفظ.
    وكنت في نفس الفترة اعمل في فندق الانتركونتيننتال في عمّان مع فرقتي الغربية كعازف اورغ، وكان دخلي جيد وكنت من فترة لأخرى اتصل ببعض الاصدقاء لأعرف ما يحدث في الجامعة ...هل صدر برنامج الفحص وما هي الاجزاء المطلوبة من كل كتاب، وكانت الكتب تنتقل معي من دمشق الى عمان وبالعكس وكنت في السنة الاولى عندما تناهى الى مسامعي خبر مقتل الدكتور محمد الفاضل ( اغتيل الشهيد محمد الفاضل رميا بالرصاص في حرم جامعة دمشق صبيحة يوم الثلاثاء في 22 شباط 1977، على يد الإخوان المسلمين في سلسلة استهدافاتهم للكفاءات العلمية السورية.
    وورد ذكر الدكتور الشهيد في مذكرات "الشربجي" قائد "الطليعة الإسلامية المقاتلة للاخوان المسلمين" في دمشق على ان اختياره للاغتيال جاء لأنه كان "أهمّ مُشرِّع قانوني في الشرق الأوسط")
    الكارثة الكبرى أن يغيّب رجل كهذا ويبقى أكثم بقرة وأمثاله يصولون ويجولون ليوصلوا سوريا الى ما وصلت اليه.
    اتصلت بصديق لي كنا قد تواعدنا ان ينقل برنامج الامتحان ويعطيني اياه على الهاتف ووصلنا الى مادة ادارة المونتاج وكتبت موعد التقدم للإمتحان فيها، وتوقف صديقي وقال لي: آرا علمت ان أكثم بقرة وفي آخر محاضرة له في هذه المادة سيعطي كعادته مسألتين وتأتي واحدة منهما في الامتحان وعليها 50 علامة وهذا سيعطيك دفع خاصة وانك لم تحضر محاضرة واحدة في هذه المادة...قلت له: مادة نظرية تافهة لا تساوي قيمة الورق الذي استخدم في طباعتها...والمسائل فيها تماثل وهي اسهل من تلك المسائل التي كنّا نأخذها في الصف السادس الابتدائي وأكثم بقرة هذا يتحزلق ويتحاذق في محاولة منه للتشبه بأعمدة الكليّة، وهم بلا منازع الدكتور حمدي السقّا والدكتور محمد العمادي ... ويظن انه بإضافة هذه المسائل التافهة في نهاية كتابه او في المحاضرة الاخيرة، يظن أنه يصنع لنفسه بعض الأهمية وانا درست كل هذه المسائل تلك التي وردت في الكتاب او التي وردت في اسئلة الدورات السابقة ولم أجد ما هو أتفه منها...قال لي صديقي...صحيح انه يضمّن ورقة الامتحان مسألة قديمة ولكن يضع طلب جديد فيها يحوي نكشة لن يعرفها إلّا من حضر آخر محاضرة...قلت له: حسناً سأحضر آخر محاضرة على الرغم من ان الاوضاع السياسية بين سوريا والاردن اليوم ليست في احسن احوالها.
    وتم من قبل السوريين كافة وانا منهم استغلال ضعف التنسيق بين الحدود البرّية والحدود الجوية للأردن فكنا نغادر الاردن جواً ونعود لندخل براً وفي كل مرة يقولون لنا هذه آخر مرة تدخلون الاردن فندخلها ونخرج عن طريق المطار جواً فيقولون لنا لا تعودوا لدخول الاردن بعد اليوم...وهكذا الى ان ساءت العلاقات تماماً وتم إلغاء عقد العمل خاصتنا وحزن السير هانز كيل مدير الفندق ولم نعد نستطيع السفر الى عمّان...
    حزمت امري وقلت سأكون صباح الثلاثاء في مطار الملكة علياء لأصل بعد اقل من ساعة الى مطار دمشق الدولي وأذهب مباشرة الى الجامعة لأحضر محاضرة الشمقمق واعود بعدها لزيارة اهلي وتناول طعام الغذاء معهم ان كان الوقت يسمح ثم الى كراج الاردن باستخدام الحدود البرية والخوف يأخذ مني كل مأخذ بأن يتم طردي من هناك فأخسر عملي في الاردن.
    نزلت من التكسي امام مدخل كلية الحقوق القديمة ( كانت الجامعة الجديدة قيد البناء ) واشتريت دفتر وقلم لأبدو كالطلاب النجباء واستقبلني صديقي على باب القاعة وكان قد استطاع ان يحجز لي مكان في الصف الامامي.
    ودخل الشمقمق اكثم بقرة وكنت اراه لأول مرة في حياتي وضحكت في قرارة نفسي لأن الشباب كانوا يطلقون عليه لقب " أبو لمبة " لأنه اجرودي لا ذقن ولا لحية ولا سكسوكة ولا شوارب " وادركت ان هذا التشبيه قريب للواقع وكانت هناك زيادات ربما لم يلحظها الشباب فلقد كان يلبس حذاء بني متسخ بسحاب جانبي ويبدو ان هذا الحذاء قد كفر بكل شيء في هذا الكون بسبب الوزن الزائد للشمقمق فلقد كان هذا الحذاء يلعن الساعة ويلعن القدر كونه وقع عليه الاختيار ليمثل تحت هذه الجثة ولأصحاب هذه الجثث اوزان تؤدي الى فشكلة كل الاحذية التي يلبسونها حتى ولو كانت مصنوعة من الفولاذ، أما كرشه فكان ثنائياً كسنمي الجمل السنم الأول ويقع فوق الحزام والسنم الثاني تحت الحزام يشبه كرة السلة المتمددة بشكل أخرق... وفي الاسفل دكانة مفتوحة يظهر فيها تبّانه الابيض المصفر...ولمن لا يعرف مسمّى الدكانة المفتوحة فهو مصطلح سوري بإمتياز المقصود فيه ...نزول السحّاب الأمامي للبنطال وكشف المستور، أما التبّان فهو مصطلح معناه السروال الداخلي ولهذا المصطلح قصة تعود لفترة الطفولة فلقد كانت السيدة فريدة ملّوح جدّة والدتي لأمها تأتي لقضاء اسبوع او اكثر في ضيافتنا فتتدخل في كل شيء تتدخل في الطبخ فيمتنع والدي عن تناول الطعام في البيت وتتدخل في الاشراف على تنظيف البيت وتعليق الملابس وغسلها، ومرة تدخلت في نشر الغسيل فاستبدلت قطع الغسيل التي كانت على الحبل الامامي ببشاكير وشراشف أسرّة ونقلت قطع الغسيل التي كانت على الحبل الامامي الى حبل خلفي وعندما سألتها أمي عن السبب قالت لها بلهجتها الماردينية المحببة:
    وح ؟؟؟!!! وركي بنتي مو تعرفين شانايش نقلتو الغسيل من الحبل يللي قدّام لورا ؟؟؟ قالت لها أمي: والله يا تيتا ما بعرف.
    قالت لها: بنتي أش تيقولو عليكي الجرانين ؟؟؟ تيقولوا هاي المرا مو مرتبة...اجابتها أمي: والله يا تيتا الجيران بيسألوني شو الصابون يللي بتستعمليه حتى غسيلك بيطلع هيك ابيض متل التلج؟؟؟ فأجابتها جدتها فريدة: بنتي أنا مو احكي عن نظافة الغسيل...انا نقلتو الغسيل من الحبل الاول لأنو كلو تبابين...والتبابين مو تننشر قدام، ...عيب...التبابين تننشر مخباية ورا.
    وكنت اسمع المحادثة فوقعت على الارض مغشياً عليَّ من كثرة الضحك... فأنا أعرف كلمة كلاسين وكيلوتات وسراويل أما تبابين فهذه جديدة تماماً ولا أعرفها...ويبدوا ان كل اهل ماردين لا يستعملون غيرها...وكذلك أهل المغرب العربي فلقد سمعت الكلمة في مسرحية كوميدية مغربية لم افهم منها شيء غير كلمة تبّان بفضل السيدة فريدة ملّوح طيب الله ثراها.
    وتوفت فريدة ملّوح جدة والدتي التي كانت في كل تستمع فيها الى اغنية بيتك يا ستي الختيارة للسيدة فيروز تبكي بحرقة ولوعة.
    بالعودة الى المقالة الرئيسية وللتذكير فلقد وصلنا الى عبارة (وفي الاسفل دكانة مفتوحة يظهر فيها تبّانه الابيض المصفر)
    وفجأة نظر الشمقمق باتجاهي نظرة مرعبة مع انني جلست متأدباً كتلميذ حضانة خصّه الله بمعلمة لا تخاف الله...قال لي أنت أنت...وقف على حيلك ...فوقفت ...قال لي هل أنت من الكلية ؟؟؟ قلت له لا...قال: شرّف انقلع لبرّا نحن لا نحب الضيوف...وخرجت ونسيت قلمي ودفتري على قلة العادة وغادرت القاعة " مطسس " وهناك ألف عوايني زوّده باسمي وربما بمقاسات ملابسي ومكان عملي.
    ذهبت الى بيت اهلي في العباسيين واذكر انني انتظرت اخوتي وتناولت الغذاء معهم وودعت امي واختي والى عمّان...وكنت جاهزاً خلف الاورغ ولكن لست على طبيعتي واضطررت ان اقول ما حدث لي في دمشق بعد الحاح الشباب الذين لاحظوا تدني عزفي والاستغناء عن القيادة...وصعدت الى غرفتي ونمت بدون عشاء.
    واذكر ان الامتحان في مادة ادارة المونتاج كان بعد ثلاثة ايام وكنت في مطار الملكة علياء الدولي قبل الفجر ووصلت الى مطار دمشق الدولي ومنه الى الجامعة ...وخرجت من قاعة الامتحان وسعادتي لا توصف فلقد جاءت في الامتحان ورقة اسئلة من اسئلة الدورات السابقة والمسألة مسألة قديمة ولكن فيها نكشة لا تصعب على عصفور ...وتوازنت المسألة وقلت في نفسي هذه اول مئة على ورقة امتحان في كلّية التجارة...وخرجت سعيداً والدنيا لا تتسع لفرحتي.
    صدرت النتيجة بعد شهر ووقفت امام لوحة الاعلانات والدموع في عيناي...لقد وضع لي علامة الصفر وهي المرة الاولى التي امتحن فيها بهذه المادة...دخلت مكتب الدكتور حمدي السقا وشكوت له فقال لي...يا ابني الله بعوّضك...قلت له: سأطلب اعادة تصحيح الورقة قال لي: اياك ان تفعل ... نظرت الى جهة اليسار فكانت اوراق امتحان المحاسبة الضريبية على الطاولة ونصفها الآخر على الكرسي والبقية على طربيزات متلاصقة ...اقتربت من الطاولة الخالية لا ارادياً ونظرت الى الاوراق فعرفت انه لم يتم تصحيح ولا ورقة واحدة بسبب عدم وجود اللون الاحمر على الورقة والكارثة ان المربع الاسود الموجود في اعلى يسار الصفحة والذي يشكّل مثلث متساوي الاضلاع مفتوح بالمقص من جهة القاعدة قبل التصحيح وبالتالي فالاسماء كلها مكشوفة وقبل التصحيح...نظر الدكتور حمدي السقا في عيناي وفهم انني اصطدت صيداً ثميناً فقال لي : أنت جئت تزورني ولم ترى شيئاً صحيح؟؟؟ قلت: نعم صحيح.
    ولم اسمع نصيحة أعظم الاساتذة الذين درّسوا في كلية التجارة وتقدمت بطلب الى العمادة لإعادة تصحيح الورقة وانتظرت وانتظرت ولم يناديني أحد ولم يتم تبليغي بالنتيجة...ثم علمت متأخراً أن مجلس امانة الجامعة اجتمعوا وتدارسوا وتباحثوا واعادوا النظر والنظر اعادهم وتقرر ان التصحيح لا غبار عليه وان كل الغبار على صاحب الورقة وان النتيجة صحيحة وانا راسب في مادة ادارة المونتاج.
    في الفصل الثاني اكتشفت اثناء اعادة دراسة المادة انني لم انسى منها شيئاً، كانت الضبابية التي تلفّ ذهن أكثم بقرة تودي بالكثير من الطلاب وامام نسبة النجاح المضحكة لم يتحرك أحد لمواجهة هذا الذئب الذي اختار ان يربي اولاده بغير الطريقة التي قسمها الله له...كان لديه سؤال وهو توقيت المونتاج في فترة الخطّة ....مرة يضع امامه على ورقة الاسئلة 50 علامة ...بمعنى هذا السؤال خصص له 50 علامة في سلم التصحيح ومرة ثانية وامامه 5 علامات بمعنى هذا السؤال خصص له 5 علامات في سلّم التصحيح، وفهمنا من المحاربين القدماء ( وهم هؤلاء الذين رسبوا بالمادة اكثر من 8 مرات) انه عندما يتم تخصيص 50 علامة لهذا السؤال فالمطلوب هو ايراد التعدادات كلها والعناوين ومن ثم شرح كل فقرة بإسهاب وإطالة لأن أكثم بقرة تهمه الورقة المليئة وهو بالطبع لا يقرأها ولكنها ترضي غروره...وعندما يتم تخصيص 5 علامات لهذا لسؤال فالمطلوب هو ايراد العناويين كتعدادات دون اي شرح والويل والثبور لمن لا يراعي التسلسل الوارد في الكتاب لهذه التعدادات وعلى الرغم من ان هذه التعدادات مفككة ومواضيعها غير مترابطة وهذا ما كنا نسمّيه فقرة من الهند وفقرة من السند فان ايرادها بغير التسلسل الوارد في الكتاب رغم عدم منطقيته يؤدي ليس الى فقد الخمسة علامات بل الى الرسوب وعلى مبدأ " يا فرعون مين فرعنك ؟؟؟!!! الجواب ما حدا بيسترجي يردّني ...واضطررنا الى حفظ تسلسل التعدادات كما وردت في الكتاب وكما كنا نفعل في جدول الضرب " بصم " ومع ذلك وضع لي علامة الـ 3 في امتحانات الفصل الثاني وصار هذا الرجل خطراً جداً لأن النظام في الحامعة تغيير من دورات الى فصلي وبالتالي لا يحق للطالب ان يرسب بأكثر من مادتين تحت طائلة ضياع السنة وكان لا بد ان اضع في اعتباري ان اكثم بقرة قد استحوذ على فرصة الرسوب بمادة واحدة على طول الخط وبالتالي فهذا يرفع من احتمالات ضياع السنة ويقلل من فرصة حمل مادتين الى حمل مادة واحدة لأن المادة الثانية أخذها أكثم بقرة على طول الخط.
    كان لدي الصيف للتعويض عن ما اصابني من البقرة ولم احسب حساب انني سأحمل وزر سيمتد لسنين قادمة...واتصل بي زهير الخطيب وسألني هل انت متفرغ في الصيف قلت نعم...قال: هل يمكنك العمل بطرطوس؟ قلت نعم ولكن مع من وأين في طرطوس ؟ قال : انا وانت وفريد قردوح وبسام أيوب ... سألني هل تعرف فريد قردوح ؟ قلت له لا ومنذ بضع سنين كنا سنعزف معاً في ديك الجن في حمص ولكن تم الغاء الفكرة في آخر لحظة ... قال لي: سيعجبك هو درامر رائع وهل تعرف بسام أيوب ؟ قلت لا ...قال بيته في ساحة العباسيين قريب من بيت اهلك اكتب رقمه واتصل به وعليكم الاتفاق على البروغرام ...واتصلت ببسام وكان شاب لطيف ودمث ومحترم ومهووس بالكيتار وفي مستوى يقارب مستوى ايمن فحام لولا الاختلاف في المدارس...واتفقنا على البروغرام وسافرنا في اليوم التالي الى حمص الى بيت خاص بالتمرين يملكه أهل فريد قردوح ...وكان البرنامج جديد وجميل وعرفت ان بسام يخدم في الشرطة العسكرية في حمص وان ما سيقبضه سيذهب الى معلمه وهو عقيد في الشرطة العسكرية وقائد فرقة وبيده ارسال بسام الى طرطوس او منعه بحسب الواردات الاضافية بعد الراتب الضئيل الذي لا يكفي عازب مع العلم بأن الضابط عينه يقبض رواتب معظم المجندين في القطعة ودخلهم الاضافي الذي لا يتعلق برواتبهم كدخل بسام ايوب ومن هو في حكم بسام ايوب.
    انتهينا من التدريب وأخذنا الآلات الى طرطوس وكنت قد صممت أول جهاز ليزلي صناعة سورية محلية ونفذته في معمل اخوتي ونجح نجاحاً مذهلاً وحملته معي الى طرطوس...وعلى الرغم من ان مستوى الفرقة كان جيداً ولكننا لم ننجح بالشكل الكافي فلقد كان الوضع مكهرباً والمشاكل لا تنتهي مع بسام ايوب المهدد بالسجن ان هو قصّر في المدد وكان كرم عرنوق صاحب شاطئ الاحلام يقصرّ في المدد ولا يدفع اجورنا بحجة ان عدد الزبائن قليل والموسم لا يشبه الموسم في العام الماضي وكان كرم عرنوق يتهرب من تقديم وجبة الغذاء المتفق عليها والمنصوص عليها في العقد...وهناك اجتمعنا بفارتان قازانجيان وهو وكيل ماركات لآلات وعدد موسيقية وكان بصدد تخليص بضائع وصلت الى ميناء طرطوس وجاء معه طوني ايغو وهو عازف ساكسوفون ...جرّب ان يعمل معنا وتحدث مع الشباب... فأرسلوه إليّ تهرباً ... فرفضت مع انه موسيقي رائع والسبب ان الذي نأخذه لم يعد يكفي لندفعه الى العقيد آمر القطعة التي يخدم فيها بسام ايوب وفي حال موافقتنا فيجب ان ندفع لطوني ايغو من جيوبنا ولا بد ان طوني ايغو امتعض من جوابي فهو لا يعرف ما يحدث وليس بصورة الموضوع ...كان بسام ايوب يضيع الوقت لا غير يريد ان تمرّ الايام ويجد نفسه انه أدى خدمة العلم وبالأصح خدمة النخبة...قال لي: والله لن ابقى بعد التسريح في هذه البلد دقيقة واحدة ...ولمعت عيناه...وبالفعل نفذ تهديده وهو يملك اليوم في المانيا محل لبيع الآلات الموسيقية وقد رأيت له فيلم فيديو يروّج فيه لآلة اورغ فيها اصوات وايقاعات شرقية ...مرة ذهب الشباب في قارب يريدون زيارة جزيرة تدعى جزيرة المرجان ولم اذهب معهم لأن لي اهتمامات أخرى، وهناك وقع بسام الايوب من حافة صخرية على مستعمرة كائنات بحرية ابرية تدعى التوتياء ودخلت ابرها في جسده وتمت الاستعانة بصيادين من المنطقة جلبوا لنا زيت خاص دهنا به جسد بسام واشتغلنا في سحب مئات الاشواك الابرية من جسمه...وعلمنا من ضباط طيارين ومن قيادة الموقع ان بعض الطيارين ينفذون رمايات تدريبية جوية من طائراتهم على هذه الجزيرة المهجورة ولا يعرف بهذا الامر احداً، فاحس الجميع برعب شديد وكنت بالفراسة من اصحاب مبدأ أبعد عن الشر وغننيلو فلم اشعر بما شعر به الآخرين ولكن فكرت بالموضوع فارتعدت اوصالي.
    في شاطئ الاحلام كانت تسهر عندنا الفنانة أنطوانيت نجيب وابنتها سماح فلقد كانت بصدد تصوير فلم في طرطوس ... قالت لنا نحن من دين واحد وانا أضطر للذهاب ال التصوير وأعود متأخرة ... اشعر انني في حمايتكم وابنتي الصغيرة كذلك...وكنّا نعدّ الايام ونتمنى ان ينتهي هذا العقد.
    في احدى الامسيات دخلت قبل الماتينيه لتفقد الآلات ودوزنتها فوجدت عدة طاولات متصلة ببعضها على شكل مربع ناقص ضلع وتتوسط كل طاولة حاملة ورق من الستانلس مكتوب عليها محجوزة – الخوري...وسألت القراصنة عن سر هذه الطاولة فقالوا تقام حفلة اليوم على شرف آل الخوري من صافيتا ولا نعرف ما سبب الحفلة ربما مناسبة عائلية. وانتهينا من دوزنة الآلات وتفقدها وذهبنا للجلوس على طاولتنا وكانت جنى الخوري وهي زميلتنا في الجامعة ولكن من دورات سابقة قد جاءت مع والدها ووالدتها لتفقد الاستعدادات... فرأتني ورفعت يدها بالتحية ثم طلبت مني ان اوافيها...وجئت والقيت التحية على ابوها وامها وتولت هي اجراء التعريف...قلت لها كل هذه الطاولات محجوزة لكم؟؟؟ ... قالت متأففة نعم يا سيدي ...قلت هل لديكم عرس أم حفلة خطبة أم عمادة...قالت لي ولا واحدة من كل ذلك ولكن لدينا شخص محتفى به... نعم ... محتفى به وهو انسان... انسان ولكن على شكل دب... قلت لها من هذا الدب الذي يستحق كل هذه الطاولات ؟؟؟!!! قالت لي تعرفه حق المعرفة قلت لها: أعرفه ؟؟؟ !!! من هذا ؟؟؟!!! ... ليست عندي فكرة ...قالت أبو لمبة فوقعت مغشياً عليَّ هههههههههههههههه فأيقظوني بعد ان سفحوا ماء الزهر على وجهي...قالت لأبوها : بابا آرا واحد من ضحايا ابو لمبة ولكنه ليس مثلي فهو في اول الطريق...نظر الرجل إليّ وقال لي الله يعينك يا ابني، التفتت جنى الى ناحيتي وقالت لي 15 يوم آكل شارب نايم في أفخم شاليهات شاطئ الاحلام هو وقبيلته على حساب ابي وكانت الصفقة على اساس هو وزوجته واولاده ولكنه احضر بنات حماه واولادهم وازواجهم واليوم "عاملينلو توديعة عندكم بدو يرجع علشام " قلت لها: اذا هو موجود عندنا اليوم قالت نعم...قلت وكل هذه الطاولات توديعة؟؟؟ قالت نعم...قلت لها لا يستحق غير صحن السجائر القريب من هنا ليدخل في راسه الفارغ ...قالت قل هذا الكلام لأبي...قلت لا يبدوا ابوكي سعيداً بهذا...قالت: تعرف يا ارا انني مخطوبة وخطيبي في اميركا كما سبق ان قلت لك والبابا وضع شرط وهو تخرّجي وبعد ذلك تذهبين حيث تريدين وهو لا يعلم ان الشهادة التي سأحصل عليها من هنا سأنقعها في اميركا واشرب ماؤها.
    قلت من سيحضر حفلة اليوم من عائلتك؟؟؟ فنظرت الى ثم ضحكت وقالت كل الطاولات بإسم عائلة الخوري ولا يوجب من عائلة الخوري إلاّ جنى وابوها وأمها.
    وذهبت جنى واهلها وقالت سنعود في حفلة السواريه، في أي ساعة ستبدأ حفلة السواريه ؟؟؟ قلت : في العاشرة قالت لأمها يجب ان نكون هنا قبل بنصف ساعة فنحن اصحاب الدعوة...ليتها كانت دعوة ال جهنم.
    انتهت حفلة الماتينيه واشتكى بعض الاصدقاء وهم جروبات تأتي يوم الخميس أو يوم الاحد اشتكوا من رفع الاسعار ففهمت المعادلة وكان الحق مع انطوانيت نجيب في ما قالته ...كان كرم عرنوق يريد تعويض خسائرة ... وهذه هي النظرة التجارية المفشكلة للأمور في سوريا ...في الغرب يخفضون الاسعار ان نقص عدد الزبائن وفي بلادنا نرفعها.
    في التاسعة والنصف عادت جنى مع ابوها وامها ورفعت يدها من بعيد بالتحية وجلسوا على طاولتهم وانتظروا وبدأت حفلة السواريه وصارت الساعة 10:30 ولم يأتي ابو لمبة وبطانته، نهضت جنى ورقصت مع ابوها على معزوفة هادئة لكارلوس سانتانا اذكر انها مون فلاور ...وردة القمر...اما جنى فهي طالبة في كلية التجارة كانت في الكلية قبل دفعتنا بثلاثة سنوات فرسبت ثم علقت في مصيدة أكثم بقرة...ومرة حدثتني بأنها جدها كان اقطاعياً في زمن الاحتلال الفرنسي وان اراضي كثيرة كانت لهم سرقها الاصلاح الزراعي فتحولت الى ارض بور ثم بيعت بأبخث الاثمان الى الرفاق الحزبيين الذين نظّموها فتحولت الى محاضر سكنية وبيعت بأفدح الأثمان وان والد جنى واعمامها عادوا واشتروا بعضها ... اما خطيب جنى فهو قريبها هاجر مع اهله الى اميركا وهو مهندس مدنى واحواله جيدة.
    ووصل ابو لمبة وبطانته وكان يمشي مباعداً بين فخذيه من كثرة البدانة واللمبة التي على جبهته مضوية تماماً وكان يضحك فتظهر انيابه كخنزير سمين مدلل ...ووقفت جنى لترحب به ولحقتها امها وفي الأخير ابوها ووصلت تباشير الضحك والمرح والسعادة الى الستيج حيث نقف نحن...ولأن الضبع يأخذ ضبعة فلقد وصلت الضبعة ورأيناها عن كثب وتحايا وسحايا وقُبل وجلست مكائن الحشّ الموئتمتة المؤلفة من الضبع والضبعة والجراء وشقيقات الضبعة والجراء الأخر وازواج شقيقات الضبعة...وعملت المكائن على الفرم والتقطيع وكل شي ببلاش كتتر منو...وصحون تأتي مليئة وتذهب خاوية وضبعنا يضحك وهو متأكد من النتائج فلقد لعب اللعبة بالقواعد الصحيحة، ووالد جنى ينظر ويعرف ويفهم هو الآخر قواعد اللعبة ويعرف ان الخروج عن الجديّة وعدم الحصول على النتائج المطلوبة سيؤدي الى حفلة طبش رؤوس ...ولكن اي شيء يريده ضبعنا المؤتمن أبو لمبة على تعليم ابناء الوطن أفضل من ذلك.
    كانت هناك عائلة من اثرياء طرطوس هم عائلة هيكل يأتون للسهر عندنا قلم قائم بمعنى يحضرون ومعهم حتى الخادمات، اشقاء وشقيقات واولاد وبنات خال وعمّ واولاد وبنات خالة...رقي وتحضّر وجمال خارق حارق، ...بوجود هؤلاء ترقص الناس على الطولات...وكان بسام ايوب قد اشترى جهاز كوروس وهو جهاز يستطيع تحويل الكيتار العادي ذو الستة اوتار الى 12 وتر وكان بسام يحاول نسيان الظروف التي تمرّ عليه في النهار في الثكنة...فيعزف بطريقة ساحرة وفي حوالى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل كانت الفرقة تتحول الى الدبكات والاغاني اللبنانية الخفيفة ولأولاد آل الهيكل جمال يضاف الى جمال تلك الدبكات ويسود الرقص وهزّ الخصر والملامح الرئعة التكوين...وجائت جنى الى قربي ولم تستطع ان تصعد الى الستيج لأنه مرتفع فأشرت الى المكان المخصص للصعود وهو 3 درجات مخفية وفي الجانب الآخر ولكن جنى رفضت ان تمتثل واشارت بيدها ان "تعال أنت " وذهبت وسلّمتها أذني اليمين فقالت : سنغادر في حوالى الثانية وأبي طلب القهوة وابو لمبة في احسن احواله...واريد ان اسألك هل تحب ان اطرح موضوعك عليه...فلقد دفعنا ما دفعنا ولعله ينجحك بالمعية...قلت لها : اياك ان تفعلي ذلك يا جنى فلا بد انه قد نسيني الآن وان طلبتي منه هذا الطلب فسيعود ليتذكرني ...لا تفعلي ذلك ارجوكي.
    وذهبت ثم عادت بعد قليل وقالت لي ... حدثت ابي فطلب ابي منه ان تنجح في المادة بالمعيّة ولعلها لفتة تتذكرني بها وانا في اميركا....فلقد قال لوالدي كلهم اولادنا....مبروك نجاحك في المادة يا آرا هذا شعوري.
    وتقدمت للإمتحان للمرة الثالثة في مادة ادارة المونتاج واكتشفت شيء جديد هذه المرّة وهو انني صرت اعرف الدرس التالي للمكان الذي اقف عنده...ودخلت الامتحان بلا رجاء ومع ان اجاباتي كانت كلها صحيحة فلقد وضع لي علامة الـ 1 من 100 وصار الشباب يتندرون ويضحكون ويقولون لي الله واحد، ونجحت جنى ووضع لها 50 ولا بد انها شكرت ربها الف مرة وحزنت بسبب ما آل اليه مصيري، وهناك اناس لا يعرفون الرب في حضرة المال أما الله فهو منشغل دوماً ولا يشفق على أحد.
    وكان لوالدي صديق هو الدكتور سالم شيّا أمين فرع الحزب في جامعة دمشق...وللرجل مكانة هائلة في الجامعة ويخافه الجميع ويطلبون ودّه وكنت اراه في الجامعة ينزل من سيارته فيطلب مني الصعود الى مكتبه ويطلب لي القهوة فأرى من أرى في مكتبه وهو يؤدي فروض الطاعة، وقررت ان ازوره في امانة الفرع وان اشكو له قصتي مع أكثم بقرة...وعلى الدرج المفضي الى مكتبه تم منعي من مقابلته لأن اسمي غير موجود لدى المرافقة وقالوا لي لم يأتي بعد...قلت سأنتظره في اسفل الدرج ووقفت انتظره فنهروني وطلبوا مني الابتعاد فذهبت الى المكان حيث يركن سيارته ولم تكن سيارته موجودة فعرفت انه لم يصل بعد...وجاء من جديد من يسألني لماذا تقف هنا ؟؟؟ وفجأة اصابني الملل فقررت الذهاب الى البيت مع ان المحاضرة التالية كانت للدكتور حمدي السقّا وهي امتع ما يمكن ان يحدث في كليّة الاقتصاد والتجارة، وخرجت من الباب الحديدي الاسود الذي كان قريباً من المقصف...ومشيت بمحاذاة النهر ووصلت الى آخر الطريق اريد الذهاب الى اليسار للولوج في معمعة البحث عن ميكرو يأخذني الى بيت اهلي في العباسيين وكنت شارداً والدنيا الرحبة لا تتسع لي واشعر بالاختناق ... سمعت صوت زمور سيارة فنظرت الى اليمين فكان الدكتور سالم شيّا في سيارته المرسيدس السوداء...وأنزل البللور وقال لي أصعد يا آرا...وفتحت باب السيارة وجلست امامه وكدت ان ادوس على شيء موضوع في الارض...كان بارودة روسية بمخزنين...نظرت اليها ملياً فكانت جاهزة وزر الامان فيها مفتوح...قلت له هذه بوضعية نار !!! قال لي: هذه هي التعليمات لتوفير الوقت...ومن بعيد وقبل وصولنا فتحوا الباب الاسود ودخلنا وترك الدكتور سالم السيارة حيث هي ووضع يده اليمين على كتفي وصعدنا الى مكتبه ...وكنت انظر الى مرافقته على الدرج وفي مدخل البناء وعلى باب مكتبه واقول لهم ولكن في قلبي " هل رأيتم ايها الكلاب "
    واجلسني امامه وطلب لي القهوة ...وسألني 3 مرات هل احضروا لك القهوة وانا في الواقع شربت القهوة وجاؤوا واخذوا الفنجان الفارغ...كانت كل اجهزة الهاتف ترن من حوله ويردّ عليها كلها ويعود ليسألني هل احضروا لك القهوة ؟؟؟ والداخل داخل والخارج خارج والكل يريد التماس او واسطة وفلان له شغلة بالمكان الفلاني متعثرة وعلتان له شغلة بالمكان العلتاني ومتعثرة وفلان يريد نقل زوجته الى المحافظة التي تم نقله اليها، وفلان يريد اعادة زوجته الى الشام لأن هناك من نقلها الى حمص بشكل كيدي وكل الامور يجري حلها بالهاتف وانا عندي قضيتي واريد ان اقولها له ولكن اقول في نفسي بعد ان يخرج هذا فيخرج هذا ويدخل عشرة مكانه...ليعود الدكتور سالم ويسألني هل شربت القهوة فأقول له شربت ... فيقول أحضروا له قهوة...
    سألني : مين عندكون هلق ؟؟؟ قلت له الدكتور حمدي السقا ...قال لي قل له ان يحضر الى امانة الفرع ليستلم المسدس
    ورن هاتف غريب على مكتب الدكتور سالم ولم ينطق الدكتور سالم إلاّ بكلمة حاضر وطلب سيارته وخرج...قال لي لا تنسى مشان الدكتور السقا.
    مضى الدكتور سالم ومضيت لأنه لم يعد هناك مبرر لوجودي...واضطررت لحضور محاضرة الدكتور حمدي السقا لنقل رسالة الدكتور سالم مع انني كنت مضطراً للذهاب الى البيت.
    حضرت محاضرة الدكتور حمدي السقا وفي نهاية المحاضرة وقفت قربه فسألني هل لديك سؤال؟ فأشرت بيدي الى خارج القاعة وانتظرته على الباب فأحتشد من احتشد من الطلاب وهو بطبعه لا يردّ أحد ولم تتح لي الفرصة للحديث معه فانتظرته ثم مشيت معه الى حيث كان يضع سيارته الاودي البرتقالية الصغيرة في الموقف ما بين كلية الحقوق وكلية الصيدلة...سألني لماذا لم تقل لي ما تريده؟ قلت: لا استطيع ان اقوله أمام الطلاب...قال: لم يعد هناك طلاّب ...قلت له: يقول لك الدكتور سالم شيّا اذهب واستلم مسدسك من أمانة فرع الحزب...قال لي: لماذا ؟؟؟ قلت له: حملات اغتيال اساتذة الجامعة على اشدها ... وستكون معنوياتك مرتفعة ان كنت تحمل مسدساً معك....قال لي: وهل تعتقد ان هذا المسدس سينجيني من الاغتيال...قلت له لا ولكن ربما يساعد...قال لي: الله فقط هو الذي يساعد قلت له: لو سألنا الدكتور محمد الفاضل فحتماً سيكون رأيه مختلف...قال لي: من يريد اغتيال حمدي السقا فلن يوقفه عشر مسدسات وبالامكان ان يفعل ذلك عن بعد او من الخلف ولن يكون لدي الوقت لإستخدام المسدس...وبالاصل انا لا أعرف استخدامه...اذهب وقل للدكتور سالم شيّا حمدي السقا لا يريد استلام المسدس.
    عدت ... اريد الخروج من الجامعة والعودة الى البيت وكان طريقي يقودني الى الساحة حيث قاعة المكتبة وهي اكبر قاعة في كلية التجارة تستخدم ان كان المحاضر في مستوى حمدي السقا او محمد العمادي ليتم توفير امكنة للطلاب...هناك استوقفني شاب بملابس رسمية ...ملابس مرافقة او تشريفات وسألني هل هذه القاعة الاولى ؟ قلت نعم قال: وهل كان فيها محاضرة لسيادة الوزير؟ قلت له أي وزير ؟ قال وزير المالية...قلت له لا لا المحاضرة كانت للدكتور حمدي السقا...قال لي: نعم الدكتور حمدي السقا هو وزير المالية ألا تعرفون؟؟؟ قلت له منذ متى ؟؟؟ قال منذ أول أمس...قلت: والله لم يقل لنا ولن يقول...قال: وهل انتهت المحاضرة؟؟؟ قلت منذ ربع ساعة ...قال: واين سيادة الوزير الآن ؟ قلت له: صار في بيته ...ان الدكتور حمدي السقا يملك سيارة اودي برتقالية صغيرة يضعها في الممر الاسفلتي بين كلية الحقوق وكلية الصيدلة وللوصول اليها ينبغي المرور من امام المشرحة واستنشاق الفورمول...واعتقد ان الدكتور حمدي السقا لا يحب المارسيديسات السوداء ولا يحبذ دخولها ومن فيها الى حرم الجامعة.
    وكان توقعي في محله لأن الوفد لم يعد يدخل الجامعة ولم نعد نراه وظلت السيارة الاودي البرتقالية حيث هي وظل صاحبها يركنها في نفس المكان وذاع الخبر وباركوا للوزير وبعضهم قال له دكتور والله ما بدك ياها...وآخرون قالوا له والله لن تبقى في المنصب سنة ...ولكن الذي حدث هو اقالته بعد 8 اشهر ولا شك ان خبر اقالته هو اجمل خبر تلقاه في عمره لأنه كان قبل الوزارة في احسن حال وبعد الوزارة صار حاله حال.
    في المرة الرابعة " المرة الرابعة لإعادة امتحان مادة ادارة المونتاج " برز لي شاب في الاتحاد الوطني لطلبة سوريا كانت لي به معرفة سابقة فلقد طلب مني ان تحيي فرقتي حفلة في مقصف الجامعة مرة بمناسبة عيد ميلاد الحزب ومرة في عيد ميلاد الثورة ومرة في معسكر الشريف الادريسي وكانت حفلات رائعة اتولى فيها نقل الآلات الموسيقية وعدد الصوت على حسابي واتحمل منّية الشباب وكلو ببلاش فقررت ان اقطع فيشة للشاب وللذي ارسله...ولكنه عاد وبرز لي من جديد وقال لي: هل تريد النجاح في مادة ادارة المونتاج؟؟؟ قلت له : لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء ء.
    قال لي فكر بالموضوع إن اردت النجاح في مادة ادارة المونتاج اعطني 6000 ليرة سورية " في تلك الفترة كانت المعادلة الآتية كل 1 دولار استعماري يعادل 7 ليرات سورية ...قلت له لا قدرة لي على دفع مبلغ كهذا.
    قال لي: ان انتسابك للحزب أو للاتحاد الوطني لطلبة سوريا سيعينك في هذه القضية على الأقل...قلت له: كل فعل يقوم به المرء يجب ان يكون بالاعتماد على قدوة اليس كذلك ...؟؟؟
    قال لي: ما هو القصد لم أفهم ؟؟؟ قلت له : إن فعلت ما تطلبه مني وانتسبت فمن سيكون قدوتي ؟؟؟ هل سيكون أنت ؟؟؟ بمعنى هل تصلح أنت لتكون قدوة لأحد؟؟؟
    فغضب صاحبنا وتركني وذهب وعلى جبهته تلك الخطوط التي يرسمها الهارون على جبهته وهو يحاول التغوّط ولا يقدر.
    شكرت ربي لأن الظروف لم تساعدني للتحدث الى الدكتور سالم شيّا لأن الرجل صديق للمرحوم أبي وكذلك أخوه وهو الآن صديق لإخوتي فماذا لو رفض مساعدتي أو أطبق فمه ولم يعلق... هذه تساوي حياتي...والمسألة كلها تتعلق بمادة نكرة يدرّسها انسان نكرة وهي غير مستاهلة...ولا بد ان اكثم بقرة سيملّ بعد التجاهل.
    وخرج أكثم بقرة من بين الغرفتين اللتين يتوسطهما ممر ودرج من مخلفات فرنسا الحقيرة التي أهدت سوريا من جملة ما أهدتها جامعة عظيمة فيها كليات الطب والحقوق والصيدلة والى آخره...خرج من هذا الممر المرتفع حولى 4 درجات حيث مكتب وكيل الجامعة، يبصبص بعين شامته وهو يرمقني بنظرة خبيثة من قدميّ الى رأسي ثم ينظر الى لوحة الاعلانات حيث اسمي وأمامه علامة الصفر.
    تمنيت لو ان مسدس حمدي السقا من نصيبي لجعلت من أمة لا إله إلا الله المحتشدة امام لوحة الاعلانات تتشفع فيه...خرجت عائداً الى البيت ودموعي تسبقني وجلست في الميكرو شارد ووصل الميكرو الى ساحة العباسيين فلم انزل وانطلق الى كورنيش التجارة فلم انزل ووصل الى حديقة التجارة فلم انزل وذهب في طريق القصور وسألت نفسي أين أنا وانا مشتت وضائع ...ونزلت في ساحة القصور وعدت سيراً على الاقدام الى البيت...قالت لي أمي: قمحة أم شعيرة ؟؟؟ قلت شعيرة مسوّسة صفر.
    نحن الآن في السنة الرابعة تخرّج وسأتقدم لفحص ادارة المونتاج للمرة الخامسة في منتصف هذه السنة واعتقد انه سيحلّ عن ربي ويطلق سراحي ...ولعله ادرك لوحدة انه لا طاقة لي بتأمين هذا المبلغ فهو في حدود الـ 857 دولار في حين كان متوسط الرواتب في ذلك الزمان لخريجي كلية التجارة لا يزيد عن 70 دولار استعماري...صحيح انني كنت أعمل ولكن حدث لي أمر مع والدي وهو اضطراره لشراء آلة كبيرة لتنفيذ تعهد صندقة 100 ميكرو باص ماركة فيات وصلت الى القطر على شكل شاسيه وموتور ودواليب، واحتال عليه الرفاق واغلبهم جمعيات حرفية وصاروا يتهربون من الدفع وبعضهم يريد ان يكتب له اسهم، ووصلت هذه الآلة الى مرفأ طرطوس أو ان وكيلها كذب عندما قال سيتم شحنها بالبحر وتصل بعد 4 أشهر ولكن لا بد ان الآلة كانت في مستودعاته فاتصل بعد 4 ايام يريد ثمنها تحت طائلة بيعها لزبون آخر، وكان والدي لا يملك ثمنها مما اضطرني الى دفع ثمنها بالكامل فخسرت كل ما وفرته خلال ثلاثة اعوام من التعب والسهر الليلي الذي يقصف الاعمار ولم يعد معي اجرة تكسي.
    وانتهى النصف الاول من العام الدراسي وانا منشغل في مواد ثقيلة فلقد اخترت فرع المحاسبة كاختصاص وهو من اصعب الفروع لأنه يضمن لي البقاء مع الدكتور حمدي السقا ومن معه من النخبة، وجاء أكثم بقرة كالعلقة يريد مص دمي وانا لا طاقة لي بهذا ... وبالنتيجة صدرت النتيجة وكانت 4 على 100 وتأقلمت وقلت الفصل الثاني هو الفصل الأخير وهو فصل التخرج ولا يمكن لأبن زانية ان يتجرد من كل انسانيته فحتى ابن الحرام لا يفعلها...لقد جرّب هذا النكرة ان يؤذيني خلال الثلاثة سنين حتى ابعد مدى ولا يمكن الا ان يدرك بأنني لا أملك المبلغ الذي يريده وإلا لكنت دفعت وكانت النتيجة في الفصل الثاني 5 على 100 وعلقت بمادة ثانية فتوقف تخرجي على مادتين.
    قصة المادة الثانية بسيطة ومشكلتي اني احترم صاحبها وكان صاحبها ضحية مسألة ليست له يد فيها ولكن انتقامه كان فيه غلط فلقد وجد ضحية اخرى تلبس القصة وهي أنا فألبسني إياها والقصة كما يلي:
    كان الرجل يتصبب عرقاً على السبّورة وحوله مجموعة من الدبابير أقلّهم الطالب سمير الحمصي الملقّب بحسني الزعيم هو وجماعته اختصاص مضايقة الدكاترة خريجي الاتحاد السوفياتي ...وتعثر الحلّ مع الرجل وظهرت الاجابة غير متوازنة فأعادها فكان الخطأ أكبر...وهمس الحمصي " حضروا ببيوتكم " ... وكانت هناك فتاة تحكي لفتاة أخرى لا يجرؤ أحد على التحدث معها نكتة اباحية سمعت بعض جزئياتها ولم اسمع النهاية...وفجأة انفجرت الفتاة المستمعة بضحكة كاباريهات والتفت الدكتور وطلب من الفتاة التي تجلس في وسط الراحلة التي اجلس أنا عليها ان تنهض ...فنهضت واسمعها من الكلام ما لا يقال ... وأقلّه ( وقت يللي بكون عم اشتغل على اللوح فحطّي بثوممتش زبل واقعدي ساكته...) ودافعت الفتاة عن نفسها بعبارة واحدة كررتها عدة مرات...دكتور مو أنا ...دكتور مو أنا ...وكانت الفتاة من عائلة مرموقة من حمص وصارت تبكي وهي لا تجرؤ أن تقول من هي الفتاة التي ضحكت ولا انا أجرؤ ولا أحد يجرؤ ... فمرافقة هذه الفتاة تنتظر في الخارج ورهن الاشارة لخلع أكبر رقبة من مكانها...ولا بد أن الدكتور عرف صاحبة الضحكة وخاف وتعبّى بفتاة أخرى فهو ايضاً لم يجرؤ ان يكون رجلاً ... ولم يجرؤ عن أن يتحول عن الضحية والاستمرار في شتمها...ولتلافي الشرور نهضت من مكاني وخرجت من المقعد وتبعتني صديقة لي ففرغ الجزء اليساري من المقعد وهو يتسع لستة طلاب ثلاثة على اليمين وثلاثة على اليسار....فخرجت الفتاة خارج القاعة ولم يعد هناك شمّاعة يعلق عليها الدكتور ثيابه فتوقف عن كيّل الكلام الذي كان يكيله وادرك انني السبب في منعه من الاسترسال...فقال لي شرّف اطلع معها... وحمدت الله انه قال لي شرّف اطلع معها ولم يقل لي انقلع كما قال لي أكثم البقرة ... فصار لي مصيبتين بدلاً من واحدة ومادة هذا الدكتور التي لم تكن على البال وضع لي فيها علامة الصفر في السنة الرابعة الفصل الثاني.
    عدت لأبحث عن صديقي " صديق المصلحة " العضو في الاتحاد الوطني لطلبة سوريا وقلت له لم اتوقع ان يقطع أكثم بقرة عنقي فوالله هذه الفعلة قطع اعناق انا اريد ان اتخرج اريد ان اذهب الى الجيش وانهي خدمة العلم وارى مستقبلي سواء بالبقاء او السفر هذا الرجل يكبّل يداي الاثنتين ...قال لي ...عرضنا عليك الحلّ ولكنك كنت مصراً على أن تلعب دور شريف مكة...قلت له: خبّره الآن أنني سأدفع...قال لي: ستدفع ماذا ؟؟؟ قلت له: سأدفع الـ 6000 التي طلبتها ...قال لي 6000 ماذا يا حبيبي ؟؟؟ زمان أوّل تحوّل تسعيرة اليوم هي 30000 ولا اعرف ان كان سيقبل فأنت انسان متعب ولنا معك تجارب سابقة ... قلت له يا رفيق غسان، انا اعرفك منذ دخولي الجامعة والشباب يقولون لي الرفيق غسان سنة رابعة...وأنا الآن وبعد اربع سنين لا زلت سنة رابعة فهل يعقل انك في الكلية منذ 8 سنوات ولم تتخرج...انت يا رفيق غسان مفتاح لهؤلاء الكلاب وانت قاسم النصف وهذه القسمة افضل من رواتب 20 محاسب مجتمعين...هل فكرت بالامر ملياً هل فكرت بأنك في المستقبل ستطعم اولادك من المال الحرام هذا...وهل فكرت انه لو وقعت ستكون وقعتك سوداء...قال لي: وعلى يد من سأقع؟؟؟ قلت: على يدي انا ...قال: احمض ما عندك طبخو...قلت له أو على يد سالم شيّا...وتركني وذهب وعلى جبهته تلك الخطوط التي يرسمها الهارون على جبهته وهو يحاول التغوط ولا يقدر.
    وفي اليوم التالي وقفت انتظر سيارة الدكتور سالم شيّا ...ووصلت سيارته ولكن فيها أمين فرع حزب آخر لأنه تم نقل الدكتور سالم شيّا فصار سفيرنا في الجزائر.
    كانت الموسيقى هي ملاذي الوحيد واهلي قالوا لي لديك على الاقل سنتين خدمة علم فما حاجتك لشهادتك الآن؟؟؟ وبعد سنتين يخلق الله ما لا تعلمون... فربما يتم الاستغناء عنه في الجامعة او يريحك الله منه.
    انهيت اربع سنين في جامعة دمشق ولم اتخرج...لديّ مادتين الأولى لأكثم بقرة الذي لم تعرف جامعات الكون من هو أكثر منه ندالة...والثانية لدكتور آخر كان ضحية لفتاة لا يمكن القاء التحية عليها فلقد كانت مدعومة ومنفوخة الى درجة ما قبل الانفجار، ووجد ضحية يقتصّ منها فأبعدتُها عن طريقه ووقعت أنا ولا يسعني الا ان احترمه فأنا لا أكرهه وهو بالاساس ضحية لمجتمعنا القذر الذي لم نختاره للعيش فيه .
    لا استطيع وصف شعور طالب جامعي قضّى اربع سنين من العناء في الكلّية ولم يتخرج ومصيره غير معروف... وذهبت بناء على رغبة الاصدقاء في الجامعة في رحلة ترفيهية للساحل وخططنا ان تكون الرحلة على مرحلتين ... دمشق دير ما جريس الحميراء ثم من الدير الى طرطوس لقضاء يوم كامل والعودة الى دمشق...وبعد ذلك سيتم التفرغ لعقد الميريديان في دمشق.
    كنا 5 انا زعيم الشلة ومعنا فؤاد حلياني صاحب نصيحة حضور آخر محاضرة لأكثم بقرة هذا الحضور الذي جلب المصيبة على رأسي، وجورج لطف الله وسامر بشور وبسام اليازجي وشقيقه جورج ودخلنا دير مار جريس الحميرا وكان لبسام اليازجي أخ نعرف انه يدرس اللاهوت وقد تم فرزه ككاهن الى دير مار جريس الحميراء وكان الهدف الرئيسي من الرحلة زيارة الاب يازجي فلقد كانت الزيارات ممنوعة قبل الرسامة، ووصلنا الظهيرة وذهبنا الى مطعم الفوّار وتناولنا طعام الغذاء ومعنا الأب يازجي شقيق بسام تناولنا طعام الغداء وعدنا للدير وافردت لنا غرف في الدير ونمنا فترة الظهيرة واستيقظنا في المساء...وكان رئيس الدير كاهن يحمل اسم عربي وكنيته ارمنية بدون يان وهي بيدروس على ما اذكر ... قال لنا...خمسة محاسبين ؟؟؟ هذا يوم السعد ... سألناه لماذا تعتقد انه يوم السعد؟؟؟ قال: احبتي نحن في هذا الدير ايراداتنا معروفة ...1 التبرعات في مكتب الؤياسة 2 سلل الفقراء 3 واردات صندوق المزار 4 ايرادات ايجار المحلات وهي محلات تابعة للدير يتم تأجيرها لأهل المنطقة ليباشروا فيها اعمالهم البسيطة من بقالة ومحل لبيع الفروج ومحل لبيع اسطوانات الغاز وللدير حصة في منتزه نبع الفوار وهكذا ....ونفقاتنا معروفة وبسيطة وهي تأمين حاجيات المطبخ ولدينا سيارة واحدة وهي سيارة نقل متطلباتها بسيطة ...قلت له: اين المشكلة اذاً ؟؟؟ قال: نجمع ايراداتنا ونطرح منها نفقاتنا والناتج لا يتطابق مع المبلغ المتبقي في الصندوق ويأتي يوم الأحد الذي بعده فتتراكم الاخطاء بعد وصول ايرادات جديدة...سألته ما طبيعة الرصيد المتبقي في الصندوق...قال: ماذا تقصد ؟؟؟ ونظرت الى عينا بسام اليازجي ورأيت وميض من نوع خاص يخرج منهما.
    قلت هل هو نقص أم زيادة ؟؟؟ قال : زيادة ...قلت له يجب ان تنام ايها الريس على فراش من ريش النعام لأن الزيادة هي اخطاء في الجمع أو التسجيل ...قال: والنقص ؟؟؟ قلت له...هذا لا يحدث هنا فأنتم مؤتمنون على بيوت الله ... وحملنا الصندوق الخشبي الكبير الذي في رأسه فتحة تكفي لإدخال ظرف مليء بالمال على سبيل النذور وذهبنا به الى الصالون الكبير وجلسنا حفاة على قطع السجاد وفتحنا الصندوق من قاعدته فسقطت التبرعات كلها على السجاد واقتسّمنا العمل فيما بيننا وتعمّدت ان اخصص نفسي بجمع الورقيات من فئة الـ 500 ليرة سورية وطلبت من فؤاد جمع الورقيات من فئة الـ 100 ليرة سوية والـ 50 ليرة وقلت له كل كومة على حدا وطلبت من جورج لطف الله جمع الورقيات من فئة الـ 25 ليرة سورية وبسام اليازجي الورقيات من فئة الـ 10 والـ 5 والـ 1 ليرة الورق البنية التي عليها صورة نجّار يعمل خلف شلّة النجارة والتمعت عينا بسام اليازجي من جديد فلقد فهم انني اخترت لنفسي فئة الـ 500 وهي فئة متحصلاتها قليلة ولا يتبرع بها إلاّ الأغنياء وتركت للبقية الفئات الصغيرة وخصصته بعمل متعب يوازي ضعف عملنا جميعاً ولكنه لم يتنفس لأن العمل لصالح شقيقه المفروز الى هذا الدير بعد الرسامة ...قلت له بسام ....شو لمعوا عيونك ليكون ما عجبك ...فأجابني لا لا ... ماشي الحال.
    الطريف في الأمر انه وجدنا ظروف بيضاء او بريدية ملونة فيها عملة ورقية ورسالة وتم الصاقها بعناية ...وكنا نعمد الى تمزيق الظرف واخراج المال منه وضمه بحسب الفئات ليتولى احدنا قراءة الرسالة فكانت بعض الرسائل تحوي ما يلي: انا جورجيت ابنة فلان وزوجة فلان من قرية كذا محافظة كذا اتقدم بهذا النذر وهو 500 ليرة سورية على نية ان تحبل ابنتي التي مضى على زواجها 4 سنوات دون ان ترى الخلفة واطلب من مار جريس ان يشملنا بعطفه واندر انها لو حبلت وولدت بالسلامة فسأحضر الى هنا ومعي المولود لأعمده في دير مار جريس الحميرة وسنضع يللي فيه النصيب مع تنكتي زيت زيتون بكر من ارضنا.
    كنا نصنف هذه الرسائل على انها محتوى غير مهم ونضعها في الجانك ميل ... ويللي بعدو ... رسالة اخرى يقول صاحبها دخيلك يا مار جريس هدا الظرف بعتتو مع اختي وحطيت فيه يللي بئدر عليه وئلتلها امانة يا اختي وصّليه علدير وحطيه بالصندوق انت بتعرف الحال يا مار جريس لهلق مو قادر اتحرك بدون العكازات بتمنى تساعدني لأرجع متل ما كنت واجي زورك واتبارك بشفاعاتك...انا بحاجة لعجيبة يا مار جريس بعدون ولادي صغار وبدهون فت خبز كتير.
    فجأة تغيرت الصورة ...وتغيرت ملامحي...وطلبت من الجميع التوقف عن الضحك ومسحت دموعي لقد اكتشفت ان هناك اناس بسطاء وقعوا في ازمات صحية حرمتهم ليس فقط من امكانية العمل بل من امكانية السير او الوقوف على القدمين، ولا بد انني تجردت من انسانيتي حتى سمحت لنفسي بأن اضحك في موقف كهذا.
    فأين مشكلتي مع اكثم بقرة من مشاكل هؤلاء.... مشكلتي مع البقرة لا تقاس مع آلام الناس ومصائبهم وبعضها مصائب كارثية وكبيرة ولا يمكن احتمالها.
    فتحت محفظتي الحلدية السوداء واخرجت ورقة وقلم والالة الحاسبة الكاسيو التي اشتريتها في السنة الاولى من الكلية والتي لا زالت معي حتى اليوم ولا استغني عنها لحظة...وكتب في عمود رسمته على فئات العملة بدءً بالـ 500 وانتهاءً بالليرة الواحدة وكتبت العدد كما اخذته من الشباب، وضربت مفردات عمود مفردات الفئة بالعدد وحصلت على عمود النواتج الجزئية وجمعت هذه النواتج وكتبت المبلغ...والتمعت عينا رئيس الدير هذه المرة وقال لي بهذه البساطة تظهر النتيجة بدقائق ونحن نعد ونعيد ونزيد فيضيع الليل ونحن نعد محتويات الصندوق ... عليك يا آرا ان تعلمني الطريقة ... فلت له بسيطة ايها الريس والآن دعنا نرى دفاترك لنحل لك مشكلة الحسابات ... قال لي دفاتر ؟؟؟ هو دفتر واحد...ونظرت ملياً وقلت للريس والله يا ابونا ما في جمع واحد صح، مشان هيك خلوكون علتيسير... قال لي الريس : هذه الحسابات يجب ان تكون صحيحة ويتم ارسال هذا المال بشكل اسبوعيي الى المريمية مع كشف ملحق وبمجرد وصول المبلغ الى الشام تحدث مشكلة مع محاسب المريمية الذي يسارع ال الاتصال بنا على الهاتف ... ودار هذا الدفتر ومعه آلتي الحاسبة على الجميع وتم التصحيح وحدث التطابق فطار عقل الريّس...وذهبنا للنوم وفي الصباح تمت دعوتنا لتناول طعام الافطار وكان مدّ من الخبز الصمّون المدور وقدرين من الفخار تم وضعهما بعناية في وسط الطاولة المستطيلة القدر الاول ويحوي الزعتر المشبع بالسمسم المحمص من الحبة ذات القياس الكبير والقدر الثاني وهو مصنوع من الفخار ايضاً ويحوي زيت لم اذق اطيب منه في عمري...وكان هناك ابريق ضخم من الشينكو الصيني فيه شاي محلّى والى جانبه صينية كبيرة تحوي دزينة من كاسات الشاي وكان اطيب فطور تناولته في عمري.
    حملنا اغراضنا وودعنا الرهبان وقلت للريس ابحث عن اليان التي سقطت سهواً من كنيتك الارمنية... فالتمعمت عينا الريس من جديد وابتسم لي وودعته وقبّلته من لحيته...وتوجهنا الى طرطوس ورحلة سباحة بحرية لم نرجع منها إلا عندما بدا لنا الشاطئ كخط سراب فخفنا ورجعنا ... واوصلنا سامر بشور الى صافيتا وعدنا ادراجنا الى الشام.
    في الشام كانت هناك مفاجأة جميلة في انتظاري فلقد تمكن مسلم شطي من ابرام عقد مع الميريديان للعزف في قاعة السنين المجنونة في الطابق التاسع وكان المطلوب تريو يعزف برنامج موسيقي تم اختياره سلفاً من قبل المستر بويجينسي مدير الفندق وكانت كل القطع الموسيقية فرنسية وأغلبها موسيقى أفلام واقترحت درامر هو رياض صالومة يمتاز بالعزف الهادئ ويستعمل فراشي الدرامز وبدأنا التمارين في منزل يقع في ساحة النجمة وبالقرب من بيت اهل ايمن فحّام وتم تحضير البرنامج المطلوب كاملاً وكان في الميريديان كيتاريست يعمل لوحده ويحمل كيتار " آكوستيك سبينيش كيتار " ويدور بين الطاولات واسمه زياد عابدين... وعلمت من مسلمّ الشطي ان زياد هذا ممكن ان يصعد الى الطابق التاسع ليغني معنا اغنيتان او ثلاثة كل يوم لا غير وكان زياد لطيفاً جداً يستعمل الطحين الابيض وراسب في امتحان الاخلاص الزوجي مع ان زوجته أميرة بكل معنى الكلمة ...فحضّرنا المطلوب وزيادة...ونقلنا الآلات الى الميريديان وهناك عرفنا ان فرقة الشو باريز 2000 وعطورهم الباريزية سيكونون شركائنا في العمل وكانت اجمل شراكة...وطلبت منا رئيسة فرقة الشو ان تغني معنا بضعة اغنيات لا غير كل يوم واحدة... وكانت الأغاني لأديث بياف وميراي ماتيو وفرانس غال وحوّل الشباب الفتاة الى عندي...قالت لي هل تعرف فرانس غال؟؟؟ وتقصد أغانيها فقلت لها نعم كانت زوجتي بعد ان طلقت ميراي ماتيو... قالت كانت ؟؟؟!!! قلت نعم قالت: وتزوجت غيرها الآن...قلت: نعم...قالت: ليكن الله في عونك.
    واتفقنا على الأغاني وعلى الطبقات وكان عملاً رائعاً وصداقة امتدت الى ما بعد انقضاء العقد.
    في سنة الرسوب الأولى وسنطلق عليها السنة الخامسة تقدمت الى امتحان الفصل الاول وانا احمل المادتان المشار اليهما لا غير وكنت غارقاً في الموسيقى وما يصحبها عدا الطحين الابيض واجهّز اموري للإلتحاق في خدمة العلم، ولم اكترث بالامتحان لا في مادة البقرة ولا في المادة الثانية ... ولم أكلف نفسي معرفة النتيجة فلقد نقلها لي صديق يشاركني نفس الهمّ وكانت النتيجة صفر في مادة البقرة و48 في المادة الثانية ولعلامة الـ 48 شجون في الجامعة وتكون غالباً مقصودة ومخصصة لحرق قلوب العشاق.
    فلو كانت العلامة 49 فإنها تجبر الى الـ 50 وينجح المتقدم أما الـ 48 فلا تجبر وتعتبر علامة رسوب وترفعت اوتوماتيكياً في الرسوب الى الفصل الثاني من السنة الخامسة أما السبب في تكرّم البقرة بمنحي علامة الصفر من جديد فهو لأن مرارة أكرم بقرة قد فقعت وهو ينتظرني لأطلب مقابلته ليقدم لي عرضه وأقدم له موافقتي وان طلبي لمقابلته قد تأخر كثيراً فلقد احب تنشيط ذاكرتي بمنحي علامة الصفر، أما الـ 48 فهي مقصودة 100% ولحرق قلوب العشاق كما اسلفت ولو كانت 49 لكانت منطقية اكثر واقبلها راضياً وانا مقتنع بأنني استحقها.
    في الفصل الثاني من السنة الثانية حدثت معجزة فلقد استلم الدكتور الذي احترمه منصباً وزارياً وأرسله حافظ الاسد في مهمة عمل تستدعي مرات سفرٍ عديدة مع وفد كبير الى الاتحاد السوفياتي واوكلت قضية متابعة تدريس المادة وتصحيح الاوراق الى الدكتور حمدي السقا وكانت علامتي 77 أما في ادارة المونتاج فطرأ تحسن طفيف على مستواي فكانت علامتي 2 / 100 ...شكرت الله على نعمه وترفعت بالرسوب الى السنة السادسة الفصل الاول وانا أحمل البقرة ومادة البقرة على ظهري.
    في الفصل الاول من السنة السادسة انتهى عقد الميريديان، بمشكلة كبيرة حدثت في الميريديان وحدثت في قاعتنا عندما كنا نعزف حيث أصرّ مدير الميريديان السيد بويجنسي أن ننهي البرنامج في وقت كنا لا نستطيع فيه تنفيذ أوامره بسبب وجود شخصية مرموقة تنازلت مصطحبة جوّها وجوّها فتاة بعمر الـ 14 سنة وسهرت عندنا ... ورفضت طاعة الاوامر فتم قطع الكهرباء وامتعضت الشخصية المرموقة وانتقمت في اليوم التالي بحيث تم اغلاق المدخل من ناحية جريدة الفرسان ومن قبل الفرسان تحديداً فتم وضع حاجز هناك وتم منع الناس من الدخول بسياراتهم الى الميريديان او الاقتراب منه...وكذلك تم وضع حاجز ثاني من جهة نادي الضباط وتم منع دخول السيارات الى الميريديان بشكل قطعي...وكانت سيارات المؤن تقف على الرصيف امام حديقة المنشية ويتولى السادة القراصنة تفريغ المؤن وصناديق المنكر بعد حملها عبر الدرابزين ولم يكن للميريديان إلاّ باب واحد هو الباب الشمالي اما الباب الثاني المطلّ على نهر بردى فلم يكن موجوداً وقتها، وصدف انه كان لدينا عرس في قاعة المتنبي في يوم انشاء الحواجز ومنع اصحاب الحواجز دخول سيارة العريس والعروس وسيارات المعازيم فاضطر سائق السيارة الى ان يذهب بها الى الطرف اليساري من حديقة المنشية حيث تمثال الفلاح الذي في يده معول يغرسه بقدمه في الارض قرب الدرابزين المعدني وتم حمل العروس ورفعها الى مستوى السور وانزالها من الطرف الآخر مما ادى الى تمزق فستانها ... وقفز المعازيم جميعاً بعد العروس وقفزنا نحن للعزف في حفلة العرس...وقدّم السير بويجنسي استقالته الى الادارة في باريز وتم نقله الى ميريديان البحرين وعرض الرجل علينا ان نذهب معه الى البحرين فلم نسمع الكلمة وقررنا جميعاً انه ليس لدينا إلاّ بحر واحد هو الابيض المتوسط وهو يكفينا بالتأكيد.... في حين صدرت الاوامر بخلع جزء من ارضيات وأسقف المطبخ والاستغناء عنها لتكون ردهة الباب الجديد للميريديان المطل على النهر... فحدثت تشققات في قاعة المتنبي التي اصبحت مهددة بالانهيار ومعها كل طوابق الفندق فوصلت لجنة مهندسين من فرنسا نصحت بدعم سقف القاعة بالاعمدة فتشوهت قاعة المتنبي التي لم تكن تحوي عمود واحد، وخسرت قاعة المتنبي اهم مزاياها كونها اكبر صالة حفلات في كل فنادق سوريا بدون اعمدة تحجب الرؤية وتكبدت ادارة الميريديان نفقات فادحة لآن السيد بويجنسي لم يستمع لنصيحة آرا سوفاليان.
    في الفصل الاول من السنة السادسة كنت قد استنفذت فرص التأجيل الجامعي بالطبع وتقدمت للإمتحان المضحك فلقد كنت قد جمعت المجد من اطرافه وانا أحمل مادة البقرة من السنة الثانية واتقدم بها للمرة التاسعة وانا غير مهتم بالنتيجة فلدي سنتان سأقضيهما في خدمة العلم ولا بد ان هذا يعطيني الفرصة لتقديم الامتحان في هذه المادة 4 مرات أخر... بحيث يرد اسمي في كتاب غينيس للأرقام القياسية في جملة موجزة تقول: تقدم الطالب آرا سوفاليان 9 مرات لإمتحان مادة البقرة ورسب فيها كلها وذهب الى الجيش ومن هناك ستتاح له 4 فرص لتقديم الامتحان في مادة البقرة من جديد، وفي الحالتين النجاح او الرسوب في المحاولة رقم 13 فإنه يستحق وعن جدارة ان يدوّن اسمه في كتاب غينيس للأرقام القياسية كونه اقدم على عمل قياسي واظهر صبراً قياسياً أيضاً.
    دخلت الجامعة ولم اعثر على القاعة التي سيتم امتحاني فيها في مادة البقرة وكان الوقت يضيع والفحص سيبدأ ولم اعثر على القاعة دخلت القاعات كلها وسألت، والكل لا يملك جواب وفي القاعة الاولى التي تسمى المكتبة لمحت الرؤوس التي تنتظر توزيع الاوراق...وسألت المراقبين في القاعة الاولى وكان الجواب لا نعرف...وركضت الى مكتب الدكتور حمدي السقا ولم اجده ولكن كان هناك اساتذه ومراقبين لا أعرفهم وسألت عن مكان ورقم القاعة التي سأتقدم فيها فقال لي مراقب لا اعرفه...انتم 32 طالب راسب من العام الماضي...قلت له نعم يا سيدي وبعضنا ما قبل العام الماضي وبكثير، فأنا أعيد المادة للمرة التاسعة مثلاً...قال لي ادخل الى كلية الحقوق واذهب باتجاه كلية الصيدلة واترك المشرحة وانعطف الى اليسار تجد هناك بناء قرميدي حشوة يقع على اليسار اصعد الى الطابق الثالث هناك قاعة قديمة وصغيرة تم تخصيصها لكم.
    ووصلت ولم اجد سيارة الدكتور حمدي السقا الاودي البرتقالية الصغيرة وبعد لحظات كنت في القاعة وجلست في اول مقعد في الوسط ونصف القاعة فارغ...شرحت لرئيس القاعة السبب ...قلت له لا يوجد في لوحة الاعلانات ما يشير الى تخصيص هذه القاعة للراسبين ولا أحد يعرف عنها شيئاً ... ولم يردّ...قلت له: دكتور ارسل الآذن ليضع ورقة في لوحة الاعلانات ترشد الناس الى القاعة...فأشار بيده أن " حلّ عن ربنا " وبدأ توزيع اوراق الاجابة ووصل عدد من الطلاب وقلوبهم تكاد تخرج من صدورهم بسبب القفز على الدرج للوصول الى القاعة المفقودة، أحدهم قال " والله بالصومال ما صارت على الأقل حطولنا ورقة بلوحة الاعلانات توصلنا الى هنا !!!" فهمهم طالب آخر" "كيف بدنا نثبت انو نحنا اولاد حرام" ونظرت بعيني مدير القاعة الذي اشار لي سابقاً بأن " حل عن ربنا " فحوّل نظره باتجاه النافذة وقلب شفتيه.
    وصلت مجموعة اخرى من الطلاب والكل يشتم ويتذمر...وتم توزيع اوراق الاجوبة وبعدها الأسئلة وبدأت كالرجل الآلي في كتابة الاجوبة ووصلت الى المسألة وانتهيت منها واعدت قراءة الورقة واكتشفت ان هناك نصف ساعة متبقية واقترب رئيس القاعة مني وقال لي: يبدوا انك انتهيت ؟؟؟ قلت: لا لم انتهي...قال: ولكنك متوقف عن الكتابة منذ مدة...قلت له: عندي شك في حل المسألة وقد أعيدها...قال: واين ستكتبها ان ورقتك 4 صفحات وكلها مليئة...قلت له : قد أطلب ورقة جديدة ؟؟؟ قال لي: لماذا لم تطلبها ؟؟؟ قلت له : سأعيد الحل على المسودة للتأكد وبعد ذلك سأطلبها...قال لي: انت مراوغ وداهية...قلت له: آمل ذلك ولكن لو كان كلامك صحيح لما كنت اتقدم للإمتحان في هذه المادة للمرة التاسعة على التوالي: قال لي أخفض صوتك فأنت تزعج الطلاب قلت له: انا اجيبك عن اسئلتك يا دكتور وهذا عين الادب...قال: عين الادب ان تسلمنا ورقتك لكي نرتاح منك...قلت له: في الثانية الاخيرة من الدقيقة الاخيرة وبعد انطلاق الجرس...ودخلت اللجنة لتفقد القاعة وكان الدكتور حمدي السقا من اللجنة فنظرت في عينيه ولسان حالي يقول ارجو ان تتدخل ...فقال ما الأمر...قلت: دكتور عندي شك في المسألة وانا اراجعها على المسودة والدكتور رئيس القاعة يريد مني تسليم الورقة والوقت لم ينتهي بعد...وانا والله العظيم اجلس منذ بداية الامتحان في المقعد الاول هنا ولم اتكلم مع احد ولم التفت الى الخلف ولم أغشّ...وبالاساس بدي سلّتي بلا عنب وهذه المرة التاسعة التي اعيد فيها هذه المادة.
    وضع الدكتور حمدي السقا سبابته على شفتيه فسكتت...ونظر الى رئيس القاعة وقال له: ليس من حقك...وحاول رئيس القاعة ان يعترض ولكن الدكتور حمدي السقا نظر في عينا رئيس القاعة تلك النظرة القاسية وقال له من جديد ليس من حقك.
    وخرجت اللجنة وكنت قد فهمت المسألة لا بد ان البقرة كان قد ذكّاني قبل الامتحان...أو انه امر صراحة بمضايقتي...وكنت اشغل نفسي باللعب في الآلة الحاسبة وكتابة ارقام وهمية عندما سمعت صوت الجرس...فحملت ورقة الاجابة مع ورقة الاسئلة وورقة المسودة وطيران الى خارج القاعة وقفزت الدرج كل 4 درجات في قفزة واحدة ومررت من امام سيارة الدكتور حمدي السقا وتابعت فدخل الفورمول في انفي ودخلت فناء كلية الحقوق وخرجت من بابها مسرعاً ودخلت الى قاعة المكتبة واتخذت المسار في اقصى اليمين وباتجاه معاكس للخارجين من القاعة وضعت ورقة الاجابة بين الاوراق ووضعت المسودة بين المسودات والكل منشغل في هستيريا تسليم الأوراق...ومضيت الى البيت وانا أشعر بسعادة ما بعدها سعادة.
    وبالطبع كنت استعد للالتحاق بخدمة العلم ... واشتريت بكل ثقة كافة اللوازم وانهيت التزاماتي مع فرقتي الموسيقية وسهرت مع اخوتي في سكرة غير عادية وتولى أخي ايصالي الى الكراجات واخذت الهوبهوب ليهبهب بي صوب حمص ومن حمص أخذت ميكرو هبهب بي صوب مصياف ...وبدأت دورة الأغرار ...وبعد شهر علمت انني تخرجت وكانت علامتي في ادارة المونتاج 86 والتحليل المنطقي لهذه النتيجة ان البقرة بحث عن ورقتي في القاعة التي فيها 32 طالب فلم يعثر عليها فظنّ انني تخليت عن الكلية او انتحرت ...
    ووصل عدد القتلى في سوريا اليوم الى مليون شهيد ولم يبق فيها حجر على حجر وتركت الناس بيوتها ومزارعها واسواقها ودكاكينها وهربت وهي تقبل بالتسول على ابواب اوروبا ...وكل ذلك بفضل اكثم بقرة وأمثاله من " معاول الهدم"
    واذا قررنا معرفة ما حدث للشلة اليوم ... فلقد حدث للشلة ما يلي:
    1 ـ جورج لطف الله صار احد ضباط اللواء 85 في لبنان ورأى الموت بعينيه مرات لا تحصى في الحرب اللبنانية ولم ينال منه القصف الاسرائيلي وبقي على قيد الحياة وتم تطويق اللواء ووقع جورج في الاسر وبعد ذلك تم تحريره ورفاقه باتفاق سياسي ... وانقطعت أخباره عن الشلة الى ان قرأت ورقة نعوته ...ومات في عزّ شبابه بنوبة قلبية.
    2 – سامر بشور علمت انه كان يعمل في اواسط الثمانينات في شاطئ الاحلام وعند كرم عرنوق كمحاسب وبالطبع لا يحسد على عمل كهذا.
    3 ـ بسام اليازجي كان حزبي وذهب بمنحة الى الاتحاد السوفياتي وعاد يحمل شهادة دكتوراه في المحاسبة وعمل في الجامعة وكان مدخّن شره جداً وسمعت انه توفى بنوبة قلبية حادة ربما في السنين الاخيرة قبل نهاية القرن الماضي.
    4 ـ فؤاد حلياني ترك الصاغة وعمل كمحاسب في مطعم جنة صيدنايا وعندما ساءت الاوضاع في صيدنايا عمل كمحاسب في مصنع ينتج الماكياجات كما بلغني في آخر مرة رأيته فيها من شرفة منزلي في جرمانا وعزمت عليه ورفض الصعود وقال انه مشغول جداً...عائلته كلها في المانيا وهم الآن بصدد اتمام معاملة لمّ الشمل " الجدير بالذكر ان جدة فؤاد لأمه ألمانية " والدير بالذكر أكثر ان فؤاد حلياني هو صاحب اقتراح حضوري لآخر محاضرة للبقرة.
    5 ـ الداعي ترك سوريا في العام 2013 الى لبنان ثم الى ارمينيا ثم الى لبنان من جديد واخيراً الى قطر واحضر عائلته بعد سنة ويعمل كمحاسب وهو في عمر الـ 63
    6 ـ زهير الخطيب هاجر الى اميركا وعاد لزيارة اهله في العام 1986 وهي آخر مرة رأيته فيها ولا زال في اميركا.
    7 ـ فريد قردوح ...عمل في السعودية وسافر العام الماضي 2017 مع ابنه الى سوريا لتجديد جوازات السفر أصيب بنوبة قلبية في الطائرة وفارق الحياة في مطار دمشق الدولي.
    8 ـ جنى الخوري تزوجت من قريبها وسافرت الى الولايات المتحدة الاميركية ولم اعد اسمع عنها أي شيء.
    9 ـ الأب يازجي شقيق بسام سألت عنه بعد خطف المطران يازجي فتبين ان المطران يازجي المخطوف هو مطران آخر أما الطاقم الذي كان يخدم في دير مار جريس الحميرا فلم اعد اعرف عنهم شيئاً وخصوصاً الريس بيدروس الذي التمعت عيناه في مقابلتنا ولا اعرف ان كان قد أعاد اليان الى نهاية كنيته.
    10 ـ أكثم بقرة ... يفترض ان يكون في عداد الاموات اليوم فلقد كان بديناً ويملك آلة حشّ مؤتمته لا يوجد مثلها ولا في اليابان بين مصارعي السومو...واذا كان لا يزال حياً يرزق فإن لله في خلقه شؤون.
    والى اللقاء في الجزء الثالث من سوريا ومعاول الهدم...لقد أخفيت هذا الامر في قلبي لسنين طويلة وانا اعرف ان قدر سوريا في ظل هذه المعطيات هو ما رأيناه منذ 7 سنوات وحتى اليوم بالذات... صحيح انها حرب كونية وأنا مع هذه المقولة ولكن على من ؟؟؟؟ على دولة ممزقة نزفت ونزفت ونزفت لسنين طويلة، وهناك عوامل أدت لهذا النزف والتمزق، استمر النزف والتمزق والحقد وصنوف الكراهية حتى ماتت المواطنة في قلوب الناس وحوّل الاعداء الحرب الى حرب كونية مضمونة النتائج بسبب حالة الضعف التي وصلت اليه سوريا واهلها ، ووصل عدد الشهداء حتى الآن الى المليون ولن تتوقف دوامة القتل ابداً لأن في الموت مصلحة للبعض من امثال البقرة ومن لف لفّه واهيب بكل شريف " رحمة بسوريا " ان ينشر قصته اذا كانت لديه قصة مماثلة وفي حال الخوف من النتائج ارجوا ارسال القصة لنشرها على مسؤوليتي arasouvalian@gmail.com وفي اللحظة التي سأشعر فيها بالندم على نشر هذه المقالة أو غيرها فسأعرف ان الحرب السورية ستمتد لمئة سنة قادمة ولن تتوقف الا بعد موت آخر سوري لتستولي اسرائيل على كل الاراضي السورية اللبنانية الفلسطينية الاردنية المصرية ليتحقق حلم أرضك يا اسرائيل من الفرات الى النيل.
    آرا سوفاليان
    كاتب انساني وباحث في الشأن الارمني
    11/01/2018

المواضيع المتشابهه

  1. لماذا تضع الهيل على قهوتك ؟
    بواسطة وفاء الزاغة في المنتدى فرسان الغذاء والدواء
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-07-2012, 04:09 PM
  2. لماذا نضع الهيل على القهوة ؟؟
    بواسطة أبو فراس في المنتدى فرسان الغذاء والدواء
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-29-2010, 09:59 AM
  3. فوائد الهيل للصحة:
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الطب البديل.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 11-05-2010, 07:24 PM
  4. لماذا نضع الهيل في القهوه?
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الغذاء والدواء
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-08-2009, 06:14 AM
  5. فوائد الهيل........
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الغذاء والدواء
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-07-2006, 07:16 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •