هل هو تشابه، أم تطابق، أم هي مجرد صدفة تاريخية لا قيمة لها؟!
لفتت انتباهي ظاهرة غير عادية في "الإقليم العربي الآسيوي"، لا يصح المرور عليها مرور الكرام، بل يجب الوقوف عندها مطولا.. إنها صورة الواقع الراهن للإقليم، والمنسوخة نسخا يكاد يكون كاملا عن صورة واقعه قبل 14 قرنا، ومطابقا لها..
الصورة قبل 14 قرنا..
1 - "احتلال بيزنطي" مباشر وغير مباشر لجزء مهم من بلاد الشام..
2 - "احتلال فارسي" مباشر وغير مباشر لجزء مهم من بلاد الرافدين وجزيرة العرب..
3 - "عرب مناذرة" في العراق، يدين قادتهم وزعماؤهم بالولاء لفارس، فكانوا وقودا لتمرير لمصالح فارس في صراعها ضد بيزنطة..
4 - "عرب غساسنة" في الشام، يدين قادتهم وزعماؤهم بالولاء لبيزنطة، فكانوا وقودا لتمرير مصالح بيزنطة في صراعها ضد فارس..
5 - جزيرة عربية مفككة موزعة الولاءات القبلية من جهة، وموزعة الولاءات بين بيزنطة وفارس من جهة أخرى.. فكان من الطبيعي أن تُنْتج شخصيات عميلة مثل "أبي رغال"، أصبحت نموذجا للعمالة على مدى التاريخ، ونماذج مثل "الحنيفيين" الباحثين عن الحقيقة المخلِّصة في ظل التيه والتشتت الثقافي والسياسي السائدين، أصبحت نماذج للنضال الثقافي على مدار التاريخ أيضا..
6 - موروث ثقافي ديني إبراهيمي دُفِنَ وحُرِّف وزُوِّرَ في غيابات "اليهودية" و"المسيحية" و"الحنيفية" بعد أن أقحِمَت الوثنية المرتبطة بالمصالح والامتيازات الاقتصادية والتجارية، التي يعكسها نظام الإنتاج السائد، كمهيمن على ذلك الموروث.. وهو موروث كان يبحث عن متنفس ليعيد إنتاج نفسه بشكل يناسب متطلبات إعادة إنتاج العرب وتحريرهم وتوحيدهم، "جزيرة"، و"عراقا"، و"شاما"، ليكونوا نواة لدولة تبشر بحضارة "القيمة" على مستوى العالم..
الصورة اليوم..
1 – "احتلال غربي" لبلاد الشام، بشكله المباشر ممثلا في "إسرائيل"، وبشكله غير المباشر ممثلا في الاختراق الثقافي والاقتصادي والإعلامي والسياسي المستفحل.. وكأننا أمام شكل معاصر من أشكال الاحتلال البيزنطي القديم..
فهل هي "بيزنطة الجديدة"؟!
2 – "احتلال إيراني" بشكليه المباشر وغير المباشر، لجزء من بلاد الرافدين، ولجزء من جزيرة العرب.. وكأننا أمام شكل جنيني يتكامل من أشكال الاحتلال الفارسي القديم، تؤشر عليه الأجندة الإيرانية الباحثة لنفسها عن موقع قدم في مستقبل الإقليم..
فهل هي "فارس الجديدة"؟!
3 – عرب عراقيون يدين زعماؤهم وقادتهم بالولاء لإيران..
فهل نحن أمام "المناذرة الجدد"؟!
4 – عرب شاميون يدين ولاؤهم وزعماؤهم بالولاء للغرب..
فهل نحن أمام "الغساسنة الجدد"؟!
5 – "جزيرة عربية" مفككة موزعة الولاءات العصبية، ويدين قادتها وزعماؤها بالولاء للغرب تحت يافطة الدفاع عن النفس من إيران، فيما يدين آخرون بالولاء لإيران تحت يافطة مواجهة الولاء للغرب.. وكأننا أمام جزيرة العرب عشية ظهور الإسلام.. وبالتالي..
فهل نحن أمام "الرغاليين الجدد"، و"الحنيفيين الجدد"؟!
6 – موروث ثقافي ديني إسلامي دُفِنَ وحُرِّف وزُوِّرَ في غيابات "العقيدة"، و"الفقه" و"السيرة النبوية"، و"علم الحديث ومصطلعه"، و"علم الكلام".. إلخ، يبحث عن متنفس ليعيد إنتاج نفسه بشكل يناسب متطلبات إعادة إنتاج العرب وتحريرهم وتوحيدهم، "جزيرة"، و"عراقا"، و"شاما"، ليكونوا نواة لدولة تبشر بحضارة "القيمة" على مستوى العالم في الألفية الجديدة..
فهل نحن أمام ثورة جديدة للإسلام، ترتكز إلى نبوة العقل والعلم، بعد أن خُتِمَت نبوة الوحي والرسالة وانتهت إلى غير رجعة؟!!!
ترى..
هل يعني هذا التشابه شيئا؟! فإن كان يعني، فما هي دلالته؟! فلنتحاور..‬