على شط الدماء ..
هنـا الوطـن المذبـوح ضجّـت منابـرُهْ
وثـارت علـى سـدّ الظّـلام منائـرُهْ
هنـا الجـرح يتلـو للزّمـان قصيــدةً
فيـشـدو بهـا أحـراره وحـرائـرُهْ
هنا المـوت مفـتوحـاً يظـلُّ سـجِلُّـهُ
ومن دمنـا المسـفوح تروى محابـرُهْ
هنـا الأمّ تلقـى بالزّغـاريـد نجلهــا
شـهيداً إلى الأحبـاب زُفَّـتْ بشـائرُهْ
لترتفـع الأعـلام فـي يـوم عـرسـه
ويحتضـن النعـشَ المعطَّـرَ قابــرُهْ
هنـا وطـنٌ غشَّـى القتـام قـبابــهُ
وبُحَّـتْ بألـوان النّــداء حنـاجِـرُهْ
وقـد أثقـل الأقصـى بأغـلال أسـرِهِ
ورجـس بني صهيون ظـلَّ يحاصـرُهْ
وأغفِـلَ فـي تلـك العواصـم ذِكْـرُهُ
وأقصـيَ عن كـلّ المحافـل شـاعرُهْ
كأن لـم يكـن مسـرى النبـيِّ بليلـةٍ
تخلَّــدَ فيهــا فضلُــهُ ومآثِــرُهْ
أهـانت علـى أهـل العقيـدة قدسـهم
ومليـارهـم ماتـت لديـه ضـمائرُهْ ؟!
إذا صَـوَّرَ التلفـاز إجـرامَ غـاصــبٍ
تُمَارِسُـهُ فـي كـلّ شـبرٍ عساكـرُهْ
تراهـم حيـارى قـد تبيَّـن عجـزهـم
إزاء عـدوٍّ كـم تـوالــت مجـازرُهْ
تـروغ من التّلفـاز طـوراً عيـونهـم
وطـوراً تعـبُّ اللّهـو خمـراً تعاقـرُهْ
فهـل وجـد العـدوانُ فيهـم حَمِيَّــةً
وهل خاف منهـم ردَّ فعـلٍ يحـاذرُهْ ؟!
فيـا أمّـةً والمجـد كـان لـواءهــا
تسـامى إلى درب السّـحاب يفاخـرُهْ
وظلَّتْ قرونـاً فـوقَ هـام عصـورهـا
يسـامرهـا نجـمُ العـلا وتسـامـرُهْ
لمـاذا تولّـت عن ذراهـا وأصـبحـت
تلــوذُ بأطــرافِ الهوان تجـاورُهْ
ويا وطـن الإسـراء مازلـت نـازفـاً
وشعبكَ لـم يركـن إلى الـذلِّ ثائـرُهْ
يصدُّ حشوداً ليـس يحصى عديـدهـا
وتنمـو علـى شـطِّ الدِّمـاءِِ أزاهـرُهْ
وأيّامـهُ مـا بين عـرس شـهــادةٍ
وبيـن حصـارٍ مطبـقٍ لا يغــادرُهْ
وأبنـاؤهُ مـا بيـن شــلوٍ ممــزَّعٍ
وبيـن أسـيرٍ والقيـودُ أسـاورُهْ
ولكنَّهـم لـم يكسـروا فيـه عزمــه
ولا عشـيت أبصــارهُ وبصـائـرُهْ
ولا غيّـرت كـلُّ السُّــدود مســيره
ولا حـاد عن درب الكرامـة عابـرُهْ
كطـودٍ أشـمّ رغـمَ أنـف ظروفِــهِ
يذود عن الأقصى الّـذي عـزَّ ناصرُهْ
فهـل تولـدُ الآمـال من سجف الدُّجى
فتزأر في غـاب الزّمـان قسـاورُهْ ؟؟
وهـل تعـبرُ الجسـم المخـدَّر صحوةٌ
فتحيا بها بعـد الهـوان مشـاعرُهْ ؟؟
هنـا الوطـن المغـدور لكـنّ شـعبهُ
على الصّبر باقٍ لم ينـل منـه غـادرُهْ
إلى أن يرى الأمجـاد يبـزغُ فجرهـا
ويصـدح فـي دوحِ الحقيقـةِ طائـرُهْ
فيرتدع الباغـي وقـد خـاب سـعيهُ
ويمسـي وقـد دارت عليـهِ دوائـرُهْ********