لا تقتلوا الإبداع والمبدع : غالب الغول
عندما أتصفح مقالات الإنترنت يومياً , سواء أكانت مقالات سياسية أو علمية أو أدبية , فأقرأ في نهاية المقال التعليقات التي قد تعجب الكاتب في معظمها , أو يشمئز منها الكاتب , وبين الرضا بالتعليق والرفض له , نجد المحفز الحقيقي لعملية الإبداع , فإن المبدع يرحب بالتعليق السلبي أكثر مما يبهجه التعليق الروتيني , لماذا ؟
لأن التعليق السلبي وإن كان المقصود منه قتل إبداع المبدع , إلا أن المبدع لا يلتفت إلا بطرح أسئلة يخصصها لنفسه :
هل صحيح أن مقالتي سيئة ؟
ما هو السيء بها ؟
هل أنا أخطأت لغوياً أو نحوياً أو فكرياً؟
ثم يحاول أن يعدل مسار مقالته بمقالة فيها الحرص على عدم وجود الهفوات , ثم يقوم بحبك مقالته حبكاً فيها فكرة جديدة , ومهما تكون الفكرة قليلة الكلمات إلا أنها جديدة ويمكن تطويرها واتساعها لخلق عمل جديد , وهذا هو الإبداع ,
لذلك نستطيع القول بأن كل واحد منا إن شاء ليصل إلى الإبداع فإنه سيكون من أكبر المبدعين إذا راعى وسائل الإبداع واهتم بها , لأن الإبداع الحقيقي كما يقول الدكتور علي حماد : (((هو مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله" )))
لقد قدم أحد المبدعين مقالاً بعنوان ( الفساد وتداعياته ) فقام أحدهم قائلاً (( إن هذا المقال القديم الجديد لم يكن ترياقا .... ) أي أنه لم يف بالغرض المطلوب , لأنه قدم موضوعاً مشابهاً له , ثم أردف قائلا : ( سأبحث عن الموضوع وأنشره ) فقام صاحب المقال , فحذف مقالته ليحدث فيها إبداعاً أكثر وأفكاراً أكثر , لكنه نشر إبداعه في جهة أخرى ليجد الفارق بين أفكار القراء .
إن تكرار واجترار الموضوعات التي تحمل ذات عنوان واحد , لا يعني انها لا تحمل الإبداع , بل حتى ولو تكررت ألف مرة , فلا بد من وجود فكرة بأحرف قليلة لو تأملها القاري لوجد فيها إبداع قيم وجديرة بالاهتمام , وهذا ما قاله عنتره بن شداد في معلقته التي مطلعها :
هل غادر الشعراء من متردم , أم هل عرفت الدار بعد توهم
ومعنى كلام عنتره : أي أن الشعراء لم يتركوا كلمة في أشعارهم إلا رددوها وكرروها ولفظوها .
ولكن لا يعني هذا أن الأحرف لا تستنتج منها الإبداع الحقيقي .
لطفاً أيها القراء , شجعوا إخوانكم على الإبداع , واقرأوا مقالاتهم جيداً , لأنكم ستجدون بين السطور فكرة لامعة ومفيدة جداً قد توصلك إلى إبداع آخر ,
وفقكم الله.
أخوكم غالب الغول