في أحد الأيام كان الشعر و نده النثر في مجلس بين العرب و كان كل فرد بفتخر بما لديه من مآثر فقال النثر
النثر : أني من قديم الزمان ، سهل النطق على كل لسان ، من المغرب حتى إيران
فقاطعه الشعر قائلاً : لست أقدم مني بكثير و حولي الناصر و النصير ، لايزال لي عند العرب مكانه و قد حفظت في عقول الناس كالأمانه
فرد عليه النثر : كان من الشعراء عدد الرمال و هاب معظمهم السيوف و القتال ، إستعملوك للتكسب و من الحكام التقرب ، ليس شأنك أعلى مني
فالخطابة هي من دمي
فقال الشعر : سائك السجع و زانتني القافية ، و سأخلد لسنين بعد هذه وافية
فدافع النثر عن نفسه قائلاً : فيك إنتحال و بسببك إقتتال ، تعد في سنوات و أُعد في إرتجال
فإرتبك الشعر ثم قال : من روادي جرير و بجير و كعب بن زهير خلدهم التاريخ فالأدب بأسمائهم صريخ
إستدرك النثر نفسه قائِلاً : فِيَ زياد و الحسن .. أخمِدُ القلاقل و الفتن
إلتقط الشعر أنفاسه ثم قال : لي الأغاني و سحر المعاني ، فليس من السهل لمن حفظني أن ينساني
فقال النثر : قليلها صالح و معظمها كماء البحر مالح
فبادر الشعر ورد : مواضيعك شبه محدودة و مواضيعي من التكرار مردودة ، واسعة و كثيرة ، لقارئها مثيرة
فضحك النثر ثم قال : نقائضك وقودها العصبيات و غزلك وقوده الترف ، لست بأعلى مني فأرحني و اعترف
رد الشعر : من مثلي لايهزم و من عاش زماني يعلم .. هدمت بيوتاً و عمرتها ، بنيت أمجاداً و كسرتها
ورد النثر : تكلم بي رسول العالمين و خاتم النبيين . ليس لك هنا دفاع ولن يسترك من هذا قناع
فسارع الشعر بالرد : عنى بي شاعر سيد المرسلين ، فكلماته ماتزال تصدي كالرنين ، ولكن لم اُذكرك بهذا فأنت سيد العالِمين
فأوقفهما الأدب سيد المجلس قائلاً : تنازعتما على سيادة القلم و كل منكما نار على علم .. لست بينكما بحكم و الله مني أعلم
و إنتهت مناظرة الشعر و النثر دون أن يتوصل الطرفان إلى إتفاق