منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    الألعاب الالكترونية بين المنعكس الاجتماعي و الواقع الافتراضي

    الألعاب الالكترونية بين المنعكس الاجتماعي و الواقع الافتراضي
    تبدل مفهوم اللعب وفقاً للتطور الثقافي و التقني، فاللعب على الرغم من أنه نشاط ترفيهي يعتبر مؤشراً حساساً للتبدّلات التي تعتري مجتمعاً معيناً.تشمل أدوات اللعب كل أداة ترتبط بنشاط يحقق المتعة، من الأدوات الرياضية إلى تلك الموجودة في حدائق الألعاب من مراجيح و ألعاب دائرية، سيارات و قطارات، وصولاً إلى الألعاب الصغيرة التي يمكن استخدامها بشكل مفرد، كلها ارتبطت بشكل وثيق بالتغيرات الثقافية والتقنية، ففي البدء كانت الألعاب تؤخذ من مكونات البيئة، وتشـكل وتصنع بحيث تحاكي المتخيل والواقعي الذي يمثل موضوع اللعب، إن كان حيواناً أو إنساناً أو كائناً خرافياً أو أي شيء آخر.أفرز التقدم التقني تطوراً في الألعاب، فانتقلت من المرحلة اليدوية إلى الميكانيكية و الكهربائية، وذلك انعكاساً لنمط الحياة المعاصرة. و تماشياً مع التطور المستمر دخلت الألعاب حقل الالكترونيات، فأصبحنا نرى ألعاباً تدار بالتحكم و أخرى تعمل ببرامج معينة، لكن التطور الأهم هو النمط الآخر من الألعاب الإلكترونية غير المادية والتي تقوم على واقع افتراضي يحاول محاكاة الواقع الحي.انتشرت هذه الألعاب عبر منصات ( Play station ) والتي يمكن و صلها على شاشة، والتحكم بها بمقابض خاصة بآلية اللعبة، وقد لاقت إقبالاً كبيراً.حققت هذه الألعاب حضوراً طاغياً مع انتشار الكمبيوتر والقفزة التكنولوجية الهائلة التي حدثت في السنوات الأخيرة، والتي لعبت دوراً كبيراً في تعميمها حيث أصبح ممكناً استغناؤها عن منصات الألعاب.لقد أضفت هذه القفزة صبغة تقترب من الواقعية إلى حدود التطابق، بحيث أصبحت كوادر الألعاب الغرافيكية و كأنها تصوير حي مع إضفاء الميزة التفاعلية، و هي أساس اللعب كونها قناة التأثير والتأثر، كذلك أصبحت أكثر حيوية فخطوات اللعب تترك تأثيراتها أمام اللاعب بما يحاكي الحقيقة، مثل تدفق الدم، موت الأشخاص، التكسير وتدمير السيارات، قطع غصن شجرة، التعب الناجم عن الجهد العضلي والذي يظهر على أبطال اللعبة، تمثل ذلك فيما يسمى بألعاب الكومبيوتر.لقد غيرت هذه الألعاب في معطيات و تأثيرات اللعب، فتوجهت لفئات عمرية مختلفة و قامت على أسس مغايرة، فهي لا تتطلب الحركة إلا في حدودها الدنيا على الرغم من الإثارة الكبيرة المتأتية منها و التي تسبب ردود أفعال على الصعيد الذهني و النفسي بشكل كبير و على الصعيد الجسدي بدرجة دنيا. هذه الألعاب ذات قدرة هائلة على شد اللاعب إلى حد الاستغراق كونها دوارة و مفتوحة و ذلك بإمكانية استعادتها و البدء بها من جديد لمرات غير محدودة، و بالتالي يبقى التنافس التي يأخذ سمة التحدي مفتوحاً.تختلف درجات التأثير بين لعبة وأخرى، و تبدأ بالتنبيه الذي يحدث ردود أفعال بدرجات متفاوتة لتصل إلى الإثارة التي تكون شديدة في الألعاب ذات الطابع العنيف كالألعاب القتالية التي تقوم على تصفية الآخر، يتوحد اللاعب ببطل اللعبة إلى درجة انعكاس تأثير مجريات اللعبة الافتراضية على ملامحه و كأنها حقيقية، وتكون بدرجة أخف في الألعاب غير العنيفة كلعبة ( سونيك، طرزان ... ) حيث التحدي فيها لا يقوم على إلغاء الآخر بل بتحقيق نتيجة ما، بإنجاز عمل تحف به صعوبات و مخاطر.لاقت هذه الألعاب شعبية كبيرة وذلك لاعتبارات كثيرة فهي متاحة للجميع و لا تحتاج كما أسلفنا لكثير من الجهد و تحقق سوية عالية من المتعة و الإثارة، كما استفادت من ألعاب حقيقية أخرى محاولةً محاكاتها كألعاب الورق و لعبة كرة القدم و الشطرنج و هذه الألعاب تقدم بسويات مختلفة يستطيع اللاعب اختيار ما يريد، فلعبة الشطرنج تعدت دافع المتعة إلى تحدٍّ للذهنية البشرية، و ذلك بالتنافس بين الآلة و الإنسان، في تجربة مثيرة لعب فيها غاري كاسباروف بطل الشطرنج الروسي ضد 32 كمبيوتراً كان ذلك في هامبورغ عام 1985 ، و قد تغلب حينها بحيلة معينة عليها، ليعيد التجربة عام 1996 و يفوز بصعوبة على الكمبيوتر ( ديب بلو ) ثم ليخسر أمام الكمبيوتر نفسه عام 1997 و ذلك بعد تطوير القدرات العملية للجهاز من قبل شركة أي بي أم.لقد أتاحت تكنولوجيا الشبكات ديناميكية أكبر لهذه الألعاب، فلم يعد المنافس خصماً افتراضياً وفق ما يرسمه برنامج اللعبة، بل شخصاً حقيقياً يستخدم كفاءته الذهنية في منافسة حية، و هذا ما أعطى للتحدي و الإثارة بعداً آخر وأكسب اللعب متعة متبادلة أكثر علاقة بالطبيعة البشرية.تولد هذه الألعاب دائرة من الآثار تختلف في طبيعتها، منها العام و الذي تشترك فيه كل لعبة و منها الخاص بنوع معين من اللعب، كما يختلف هذا التأثير باختلاف الفئات العمرية، و السوية الذهنية للاعب.يتوضح العام والذي تشترك فيه جميع الألعاب الالكترونية، في حالة التعود الذي يتطور إلى الإدمان ثم الاستحواذ و الاستغراق.للإدمان أسس فيزيولوجية، فالكيمياء الحيوية تلعب دوراً مهماً فيه، حيث تعمل حالة الإثارة الناجمة عن اللعب على تحرير مادة الأدرينالين بالترافق مع مواد أخرى كالإندروفين، وهو ما يسبب الشعور بالبهجة للاعب.أما على صعيد السلوك فالإدمان حالة يقتصر فيها إحساس و تركيز اللاعب ووعيه في التعامل مع اللعبة بما يتطلبه ذلك من ردود أفعال وأفعال، وهي حالة سلبية تؤدي إلى تقليص ملكات الإنسان و خاصة الناشئين لأنهم أكثر حاجة لتطويرها.و الإدمان على لعبة معينة يحيل التفكير إلى نمطي مكرور وذلك لأن خطوات اللعب تصبح معروفة و متوقعة و ليست بحاجة إلى إعمال الذهن إلا في حدود معينة و ضمن سقف واطئ للإرادة.و للإدمان عوامل نفسية واجتماعية عديدة منها الإحباط، الملل والفراغ، نمط الحياة اللااجتماعي الذي قلص التواصل وانحسار النشاطات الأخرى مثل القراءة و الرياضة..، كل هذه العوامل تدفع باتجاه تلك الألعاب لقدرتها على توليد الإثارة التي تلعب دوراً تعويضياً، ولابد من الإشارة إلى أن تلك العوامل تلعب دور الفاعل و المنفعل، فنمط الحياة اللااجتماعي يدفع باتجاه إدمان تلك الألعاب الذي يكرس بدوره حالة الانغلاق و اللاتواصل.لا تتطلب هذه الألعاب نشاطاً بدنياً إلا في أقله، أي ما يتطلبه تحريك الأجهزة التي تعطي أوامر اللعب، إن ساعات الجلوس الطويلة بوضعية معينة تخلف أذى بدنياً، و ميلاً للكسل و الركون في الوقت الذي تلعب فيه الحركة دوراً هاماً بالنسبة لمن هم في طور النمو.الخطر الأكبر لهذه الألعاب يكمن في النزوع للعنف و النفس العنيف الذي تبثه و تغذيه الألعاب التي تقوم على العنف، كلعبة الــ gta هذه الألعاب تسطح الإحساس و الشعور الإنساني فليس هناك أي شعور بالشفقة لأي درجة من الألم خاصة ذلك الذي يصيب من يعترض طريق اللاعب البطل، الخارج عن القانون، المطارد من قبل الشرطة، والذي يمكنه فعل أي شيء للهروب من سرقة و قتل و دهس، و كله مبرر و يمارسه اللاعب بحماس و إثارة، فيغدو منظر الدم ممتعاً و القتل مثيراً و حتى عندما يموت اللاعب البطل في اللعبة يتقبل ذلك بشيء من الإثارة، إن العنف المسوغ لتحقيق هدف ما لا بد أن يتخلل ذهنية اللاعب حسب درجة إدمانه والعوامل الأخرى النفسية والبيئية التربوية، لنصل إلى حالة يبدو العنف في أي من درجاته مقبولاً لتحقيق غاية ما وذلك كبصمة في العقل الباطن لنسبة كبيرة ممن يدمنون على هذه الألعاب، ولنسبة أخرى يبقى التأثير ما بين الشعور و اللاشعور و قد يجد طرقه للفعل في حال حدوث اندفاع ما.التأثير الخطر الآخر يتأتى من الألعاب التي تقوم على مشاهد و أحداث مرعبة. حيث تعمل على زعزعة البنية النفسية بالمساهمة بتكوين رهابات معينة، خاصـة لمن هم في طـور النمو، فاستعادة تلك المشاهد تحدث بعد ترك اللعبة و تتكرس بممارستها، و تحفر في النفس مخلّفة توتراً و إرباكاً يتبلور يوماً إثر يوم.هناك من يرى أن لهذه الألعاب فوائد تجري الآن دراسات للتأكد منها، و هي كما هو متوقع أنها تحفز الذهن وتنشط الذاكرة وتخفف من أثر تدهور الحالة الذهنية عند كبار السن، كما أنها تحد من آثار مرض الزهايمر، وتحول دون الإصابة بالخرف.في حال أثبت ذلك لا بد من التعامل مع هذه الألعاب من منطق العلاج، لكن هذا لا ينفي آثارها الأخرى، ما يحدد ذلك هو كيفية التعامل معها.
    مفيد عيسى أحمد http://www.albaath.news.sy/user/?id=1152&a=102596

  2. #2
    شكرا أستاذة ملداعلى جديدك الهام جدا
    وائل

المواضيع المتشابهه

  1. الرواية والخيال الافتراضي
    بواسطة د.ماجد تربان‎ في المنتدى فرسان الأبحاث والدراسات النقدية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-24-2012, 09:59 PM
  2. النساء الغزيات في العالم الافتراضي/ مصطفى إبراهيم
    بواسطة مصطفى إبراهيم في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-28-2012, 02:17 PM
  3. يوم على الإنترنت: إحصائيات مدهشة عن عالمنا الافتراضي
    بواسطة نورا كريدي في المنتدى فرسان العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-02-2010, 06:54 PM
  4. الخيال.. من الكهف إلى الواقع الافتراضي
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-22-2009, 02:56 AM
  5. انحطاط الواقع الاجتماعي في العراق نتيجة مباشرة لانطاطه السياسي
    بواسطة عبدالوهاب محمد الجبوري في المنتدى آراء ومواقف
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-20-2008, 05:26 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •