مشكلة كثافة البرامج التعليميه

--------------------------------------------------------------------------------

2008-02-10
الرباط - حسن الأشرف
تختلف معاناة التلاميذ والطلبة في المغرب مع ضيق الوقت وطول المقررات والبرامج الدراسية باختلاف التخصصات والشعَب العلمية والأدبية والقانونية، غير أنهم يكادون يتفقون على المشكلة العويصة التي تعترضهم: كثافة البرامج والدروس، مما يثير في نفسهم الخوف والتوتر خلال فترة التهيؤ للامتحانات وبعدها أيضا، الشيء الذي ينعكس سلبا على أدائهم الدراسي ونتائجهم في آخر السنة الدراسية. ورغم الإصلاحات الرسمية التي قامت بها الدولة في مجال التربية والتعليم، فهي لم تغير من واقع كثافة المقررات الدراسية كثيرا.
جاء ميثاق التربية والتكوين في المغرب ليعلن عن العشرية 2001-2010 عشرية وطنية للتربية والتكوين، كما أعلن فيها قطاع التربية والتكوين أول أسبقية وطنية بعد قضية الوحدة الترابية. وحدد الميثاق «الإصلاحي» ستة مجالات للتجديد، منها «الرفع من جودة التربية والتكوين من خلال مراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية وتدبير بشكل أفضل لاستعمالات الزمن والإيقاعات المدرسية والبيداغوجية».
ويظل مشكل كثافة البرامج وطول المقررات الدراسية قائما رغم الإصلاحات الرسمية وتطبيق ميثاق التربية والتكوين في المغرب، ويشتكي الطلبة والتلاميذ وأولياء أمورهم من هذه المعضلة، حيث يعتبر «هشام أوشن» -طالب جامعي- أن المقررات والبرامج الدراسية طويلة وكثيفة سواء حين كان تلميذا بالمرحلة الثانوية أو في مستويات الدراسة بالجامعة. ويؤكد هذا الطالب أن كثيرا من الطلبة يلجؤون إلى تقنية «الانتقاء» خلال مرحلة التحضير للامتحانات، إذ ينتقون -بطريقة الاحتمالات- الدروس التي قد تُطرح فيها أسئلة الاختبارات، وهذا يؤدي في أحيان كثيرة إلى نتائج هزيلة تؤدي بالطالب إلى الرسوب.
ويعيب عبدالله الشاعري -من جمعية أولياء أمور التلاميذ بالرباط- نظام كثافة المقررات الدراسية، مؤكدا أنه سبب من أسباب فشل التعليم في البلاد، لأن الطالب يضطر للحفظ والتهام ما يُعطَى له من دروس فقط من أجل الامتحان والحصول على شهادة، من دون الأخذ بعين الاعتبار المعارف الحقيقية التي عليه أن يستوعبها ويفهمها لتترسخ في ذهنه، فصارت الامتحانات عبارة عن «بضاعتنا ردت إلينا»!
وتتحدث الدكتورة سعاد الناصر -أستاذة التعليم العالي بمدينة تطوان المغربية- عن عدم وجود احتجاجات قوية من لدن الطلبة والتلاميذ إلا من تعبيرات عفوية عن عدم رضاهم عن طول وكثرة الدروس الممتحَن فيها، وهو الأمر الذي تؤكده هدى -طالبة جامعية في السنة الأولى- حيث لم يسبق لها أن شاهدت أو سمعت عن مظاهرات شنها طلبة أو تلاميذ في مدينتها الناظور (شمال المغرب) بسبب كثافة البرامج الدراسية.
ويزكي هذا التأكيد الباحث التربوي محمد الصدوقي في حديث لجريدة «العرب»، مبرزا أن «المغرب لم يشهد حركة احتجاجية لافتة ودالة ضد كثافة البرامج، كما وقع في الجزائر مؤخرا، باستثناء بعض الاحتجاجات العفوية والقليلة والمعزولة، خصوصا على المستويين الجامعي والثانوي، وتكون من دون فعالية أو أي أثر من شأنه الضغط لتغيير كثافة البرامج»، مضيفا «هناك بعض المحاولات الرسمية الخجولة، خصوصا على مستوى الخطاب، للتخفيف من كثافة البرامج من خلال اعتماد المقاربة بالكفايات، عوض مقاربة المضامين التقليدية في بناء المنهاج التعليمي الجديد».
ويستطرد قائلا إنه بالنسبة للرسوب بسبب كثافة البرامج، لا توجد أرقام رسمية في الموضوع، كما لا توجد دراسات خصت بالبحث متغير كثافة البرامج كسبب للرسوب رغم أنه بحكم تجربتنا الميدانية -يضيف الصدوقي- نلاحظ أن كثافة البرامج يكون لها دور سلبي دال، وتؤثر على نسب النجاح لدى المتعلمين، خصوصا في الامتحانات الدورية والسنوية.
في حين يجد الدكتور محمد بولوز -مفتش تربوي للتعليم الثانوي التأهيلي من الدرجة الممتازة- الخلل في غياب المراحل التجريبية المعتبرة الكافية التي ينبغي أن تخضع لها المقررات قبل تنزيلها الرسمي، إذ عادة ما يتم تنزيل البرامج وفق الغلاف الزمني المحدد مع استحضار فترات العطل الرسمية، ويتم إغفال الطوارئ وما هنالك من عوائق في التنزيل، مثل ما يكون أحيانا من إضرابات، أو تغيبات المدرسين أو عطل طارئة.
...................................
المرجع:صحيفة العرب القطرية
http://www.alarab.com.qa/details.php...No=38&secId=23