الروائيون يربحون جولة الرقة بفارق النقاط على النقاد!!
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



كان مهرجان العجيلي الخامس للرواية العربية في الرقة (7-10 كانون الجاري) مناسبة لشن هجوم ثأري عنيف قام به الروائيون على النقاد الذين خفت صوتهم في المهرجان، واستسلموا أمام ضربات الرواية الموجعة، وكأني بهم وافقوا على ما جاءت به شهادات وبحوث الروائيين المحتشدين في الرقة....
فخيري الذهبي تحدث عن مرحلة عودته إلى سورية من مصر، في بدايات السبعينيات، وتفاجئه بالوسط الأدبي، وبأسلوب النقد في تعاطيه مع الرواية. واستشهد بما كان كتبه حسين مروة عن مجموعة مواهب كيالي (المناديل البيض) حيث كان يُعْتَبر مواهب لدى الشيوعيين السوريين - حسب الذهبي - تشيخوف العرب. المجموعة ضمت قصتي حب، وربما هما الوحيدتان المميزتان نوعا ما، فكتب عن المجموعة حسين مروة: (أهذا وقت الحب يا رفيق ونحن نتعرض لهجوم صهيوني امبريالي....)، المهم - يتابع الذهبي - توقف كيالي عن الكتابة فيما بعد ..، وركز خيري على كتاب الأدب والايديولوجيا في سورية الذي كتبه بوعلي ياسين ونبيل سليمان واعتبره من نماذج النقد الإلغائي، حيث تم تقسيم الأدباء إلى تقدميين ورجعيين. والنقد السائد آنذاك جعل الذهبي يشعر بالخوف، فأين سيصنفه النقاد؟ وغمز الذهبي بهذا الكلام من قناة النقاد المحسوبين على اليسار لكونهم قسموا الأدب إلى فئتين لا ثالث لهما.
كما عرج الذهبي على اتحاد الكتاب العرب، وكيف صنع نقاداً وكتاباً باستخدام (سرير بروكست) ...


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

أما الروائية ابتسام شاكوش فتعتبر أن آراء الناس العاديين أهم مما يكتبه النقاد (..كتب عن رواياتي كثير من المقالات النقدية، لكني للأسف لم أصنفها، أو أجمعها كوثائق، لكني أحتفظ في نفسي بتوجيهات الدكتور عبد السلام العجيلي، رحمه الله، فقد أوصاني أن أكتب فقط، وأترك النقد للنقاد، فهم أقدر من الأديب على سبر العمل الأدبي، وتصنيفه، لذلك، كان اهتمامي منصبا على آراء القراء العاديين وملاحظاتهم، لأننا في الأساس نكتب للقراء، ونترك للنقاد مهماتهم....) وتتابع شاكوش بالقول: (.... النقد عبارة عن تلخيص مكثف للرواية، يليه عرض لانطباعات شخصية حول العمل، بعد قراءة وتذوق ذاتي، ....والنقد الأهم لكل ما أكتب هو ما أسمعه من القراء العاديين، الذين يتابعون كتاباتي ويتشربونها بأرواحهم حين يرون فيها ما يلامس آلامهم وأحلامهم...)
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الرقة - أحمد الخليل



الروائي الليبي محمد الأصفر لا يهتم بالنقاد، وينصب اهتمامه على الكتابة والكتابة فقط (...كل النقاد الذين خارج الرواية لا يستطيعون مقاربة الرواية إلا إن دخلوا إلى داخلها ...بالنسبة لي عبر طريقة كتابتي لا أستمع إلى كلام النقاد وأسمع نصائحهم احتراماً لجهدهم فقط. لكن عندما اختلي بنفسي وأبدأ في ممارسة الكتابة أطفئ أنوار النقد، وأدخل إلى ظلام اللعنة، لذلك (يتابع الأصفر)- (هناك من لا يعترف بي ككاتب رواية، وهناك من يظن أن كتاباتي ثرثرة، وآراء كثيرة أسمعها في المقاهي بصورة مباشرة وأتقبلها بصدر رحب لكن لا أتأثر بها إطلاقا .. حتى الرقابة التي تمنع كتبي وتصادرها، لم أفكر يوما في أن أتقدم بشكوى، أو أكتب مقالة ضدها فمهمتي ككاتب هي أن أكتب جيدا وأبدع أكثر، وأنتصر على نفسي التي تطالبني بالكسل دائما، وشهرتي وتفوقي سيجلبه الإبداع، وليس الاعتراضات على تصرفات الرقابة العمياء .. فدائما أشعر أني لاعب كرة محترف .. أدخل الملعب وتركيزي منصب على لعب الكرة، ولا يؤثر فيَّ صراخ الجمهور أو شتائمهم أو لعناتهم على المدرجات، فأعرف جيدا إني إن رفعت رأسي عن الورقة والقلم أو الحاسوب فسوف أخسر الكثير، وسينهدّ بيت الرمل الذي أبنيه حُبيبة حبيبة قبل أن يحوله زمني الإبداعي إلى مرمر إنساني راسخ...)
الروائي المغربي الميلودي شغموم صنف النقاد إلى أصناف (أقسم النقاد إلى أربعة أصناف، قاصدا بعض التعسف عليهم:
الصنف الأول: قرأ من النظريات، أو الإيديولوجية، أكثر بكثير من الروايات ولا يهمه من الرواية، أو القصة، سوى أن يجد فيها مناسبة لتمرين أو لتأكيد شيء من النظرية أو الإيديولوجية!
الصنف الثاني: يوظف لغة واحدة، خالية مما يكفي من العلم والذوق، في قراءته لكل النصوص ولا يملك من العدة غير تلك اللغة، القديمة أو الحديثة، التي تكتب به كل ما يكتب!
الصنف الثالث: يقوم بقراءة شكلية يترصد فيها ما يعتقد أنه أخطاء وتجاوزات ولا يهتم لا بالتذوق ولا بالمعرفة ولا باللغة!
الصنف الرابع: وجداني، أو جواني، خالص، لا تهمه إلا العواطف والانفعالات. متخذا من حدسه، وحسه، الشخصي معيارا كونيا لا يشق له غبار)!.
ويعتبر شغموم أن هؤلاء النقاد مساكين..( هؤلاء هم الذين تملأ أغلبيتهم صفحات الجرائد والمجلات والكتب. والكثير منهم مسكين قد أصابته حرفة الأدب، أو له جيش من المريدين والأتباع، الأمر الذي يضخم خطورته، ولكن الساحة لا تخلو من نقاد قرؤوا العديد من النصوص الأدبية حتى تكوّن لديهم ذوق أدبي خاص، وأمعنوا النظر في النظريات، حتى صار لهم وعيهم المعرفي المتميز وعرفوا أسرار اللغة حتى أصبحوا يميزون بين التقليد والإبداع بواسطة اللغة، وخبروا الأشكال، حتى تولّد لديهم حس التمييز بين خلق الشكل والبناء، وبين الحذلقة والتقليد السطحي للأشكال).
الروائي السوري نهاد سيريس نفى وجود نقد أدبي في سورية (يمكن الحديث عن الرواية والنقد في كل دول العالم إلا في سورية! وأعتقد .. أن سبب ذلك يعود إلى أننا نتخلف ولا نتقدم في هذا المجال. كانت هناك محاولات نقدية، ولكن مافتئت أن توقفت، وتوقف أيضاً فرسان النقد... فمنهم من تحول إلى كتابة الرواية، ومنهم من هجرها إلى التنظير السياسي، وأخيراً منهم من هجر سورية وأدبها الروائي.
ويصف سيريس غياب النقد بالوضع المتخلف: (..أدب بدون نقد، هو تخلف! وأنا هنا لا أضخم الأمور، ولا أتحمس للمفردات الطنانة. فمن المعروف أن العلم يأتي بعد ملاحظة الواقع، وكلما تقدم العلم أكثر كلما تكشّف الواقع بشكل أفضل. الأرض تدور حول الشمس منذ الأزل، ثم جاء العلم ليشرح ويفسر ويضع القوانين، قس على ذلك قانون الجاذبية، وعلم الحساب والمثلثات، وعلوم البحار والفضاء وغيرها.
الواقع أو الظاهرة سبقت العلم، وعندما لم يكن العلم قادراً على الشرح والتفسير كنا نسمي الحالة تخلفاً.
الشيء نفسه نراه في المجالات النظرية مثل علم النفس وعلم الجمال، إن جميع هذه العلوم حين وجدت جعلت العالم أكثر فهماً وتقدماً.. إلا الرواية عندنا، فهي ظاهرة تحتاج إلى قوننة وتفسير، تحتاج إلى علم النقد ليدرس ظاهرة الرواية السورية لكي نفهم ونتعلم ونتقدم)
أما الروائي ممدوح عزام فقد اعترف باستفادته من النقاد في رواية (قصر المطر) فالأشياء التي مدحوها في روايته اعتبرها نقاطُ ضعف فنية فغير من صياغتها، بعكس ماأراده بعض النقاد، وهذا الوجه الإيجابي لنقدهم....
وركز الروائي نبيل سليمان على الجانب المضيء بين الناقد والروائي، لذلك شذّ عن شهادات أغلب الروائيين، الذين ربحوا الجولة في الرقة، وعلت أيديهم إشارات النصر. فالكاتب سليمان يقول: إن ما كتبه واسيني الأعرج عن رباعية (مدارات الشرق) كان من الإضاءات التي كشفت له عالمه الروائي، فقد عد الأعرج مدارات الشرق (نص دنيازاد) فدنيازاد (تنشئ تاريخها ومتخيلها من خبرة الهزائم، فهي التاريخ المخفي غير المنجز..أي هي الحرية القصوى والكامنة لمتخيل ما..) وكذلك ما كتبه سليم مطر كامل عن رواية (هزائم مبكرة) وخاصة في تفسيره للعلاقة بين الأب والابن، وتشبيهها بالعلاقة بين الناس ورئيس الدولة في زمن عبد الناصر.واعتبر سليمان أيضا من الإضاءات ما كتبه عبد العزيز الموافي عن رواية ثلج الصيف ..
ومن الإضاءات المهمة التي استفاد نبيل سليمان منها، وأضاءت روحه وحفزته كثيرا، ما كتبه الأديب عبد الرحمن منيف عن (مدارات الشرق).....وكذلك امتدح سليمان الناقد فيصل دراج...

http://www.albaath.news.sy/user/?id=726&a=66838