معاق يعيش حياة الأبطال ويستعد للسفر إلى اليونان
التاريخ: 1431-12-22 هـ الموافق: 2010-11-28 20:23:11

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
معاق يعيش حياة الأبطال ويستعد للسفر لليونان

غزة - وكالة قدس نت للأنباء
يستيقظ كل يوم في الخامسة صباحاً، ويرتدي ملابسه البسيطة التي كان قد رتبها قبل نومه، ويقف أمام المرآة الخاصة فيه، ويبدأ بتسريح شعره ويضع العطر على نفسه، كأي شباب يمتلك القدرات العقلية السليمة، ثم يخرج من باب البيت ملوحاً ومبتسماً لأمه بيده قائلاً ببراءة الأطفال :" مع سلامة".

ثم يسير في شارع بيته الترابي مع امتداد "شارع المخابرات" غرب مدينة غزة، موزعاً ابتسامته على الأطفال الذين يبدءون بالسلام عليه وهم في طريقهم لمدارسهم ؛ ثم يقف منتظراً سيارة جمعية الحق في الحياة التي يمضي جزء من يومه بين جدرانها بين أصدقائه (المعاقين).

مراسل وكالة قدس نت للأنباء سلطان ناصر التقى محمود أبو شرخ (22عاماً) الذي ولد "معاقاً" مصاب بمرض " متلازمة داون " ويعيش وسط أسرة فلسطينية يملأها الحنان والعطف، تتعامل معه كباقي أفردها، بل يتميز عنها بأنه له النصيب الأكبر من الحنان، فسرعان ما ترعرع في أحضان أسرته؛ ليظهر عليه ملامح حبه وتعلقه بالرياضة بكل أنوعها، فكان التلفاز بالنسبة له شيء مهماً، خاصة وأنه يتابع اللعاب الرياضية.

ومتلازمة داون أو كما تسمى حالة "البلاهة المنغولية"، مرض ينتج عن خلل في الكروموسومات الصبغية للإنسان، وتتسم الحالة بوجود تغيرات كبيرة أو صغيرة في بنية الجسم، ويصاحب المتلازمة غالباً ضعف في العقل والنمو البدني، وبمظاهر وجهية مميزة, , وفقاً لتسميه العالم الإنجليزي جون داون " متلازمة داون كنوع خاص من أسباب الإعاقة الذهنية وأطلق على الأطفال المصابين به وصف " منغولي" لملاحظته السمات الوجهية المشتركة بين المصابين وبين الأشخاص من العرق المنغولي.

أحلام الطفولة
إعاقته العقلية والخلقية لم تقف عائقاً أمام تحقيق أحلامه، التي تراوضه منذ الصغر، بأن يجد نفسه بين الناس كشخصية لها مكانه بالمجتمع، فبدء يطور نفسه في مجال الرياضة وخاصة كرة القدم؛ فيبدو عليه عندما يلعب الكرة مع أبناء الحارة وكأنه يعلب مع النجوم، فيقلدهم في حركاتهم التي يصعب على المحترفين تطبيقها.

علامات..
علامات التميز بدأت تظهر في ملامح محمود وخاصة خلال التمارين الرياضية التي تلاقها بالجمعية، فسرعان ما تم ترشيحه للسفر إلى رام الله، ليشارك في بطولة "الدورة الأولي للاستقلال في عام "2009 للألعاب الرياضية التي شملت فلسطين والأردن، ليحصل على المركز الأول على مستوى أقرانه مصابي " متلازمة داون " كأفضل لأعب كرة قدم .

إصرار محمود وحبه للرياضة جعله يطور نفسه أكثر فلجأ إلى رفع الأثقال، فسافر إلى سوريا وشارك في بطولة الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا فحصل على المركز الثالث على مستوى البطولة في رفع الأثقال والملاكمة.

أحلامه ..
محمود وخلال زيارته سوريا وفوزه، زار المكان الذي صوُر فيه مسلسل باب الحارة، وعاش يوماً جميلاً برفقة الممثلين وأصدقائه المصابين بـ" متلازمة داون "(...)، وفي طريقه إلى أرض الوطن أستقبله الغزيين بالهتافات والأعلام، كالأبطال من معبر رفح حتي باب منزله وسط احتفالاً ضخم، ليجد صديقه بجواره في الطائرة يوقظه من أحلامه التي كان يتمنى أن تكون حقيقة.

يعود محمود بعد يوماً ممتع مع أصدقائه في جمعة الحق في الحياة، قضاه بين العمل في منجرته، والدبكة الفلسطينية مع فرقته؛ فيفكر في مملكته الخاصة التي يتمني أن يقيمها، فهو يحلم بأن يتزوج ويقيم أسرة خاصة فيه، يعيش فيها مع أطفاله حياة سعيدة.

يومه بحري..
البحر بالنسبة لمحمود مكانه المفضل فهو على استعاد أن يمضي يوماً كاملاً وهو جالس على الشاطئ، فيعتبره مكاناً للهروب من الناس، رغم أنه شخصية محبوبة في محيط سكنه فتجد الجميع يحترمه، لأنه غير عدواني، لكن سرعان ما يتحول إلى عدوني في حال أذيته.

عندما أنهيت الحديث معه اصطحبني لغرفة الحاسوب وجلس وأعطي أمراً للجهاز للتشغيل، وبدء يتصفح مواقع الانترنت حتي فتح لعبة (جيمزر) عبر الانترنت التي يصعب على السليمين عقلياً لعبها، وأخذ يتفاعل مع اللعبة التي يكون خصمه فيها شخصاً أخر سليم، ولا يقتصر على ذلك فقد أخبرني والده أبو أحمد أنه يعد الطعام بنفسه في حال عدم وجود أحد في البيت، لافتاً أن محمود يستعد حالياً للسفر إلي اليونان للمشاركة في بطولة الاولمبياد حول العالم .