منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1

    الشاعر والناقد الكبير /الراحل/عبد المنعم عواد يوسف

    الشاعر والناقد الكبير عبد المنعم عواد يوسف
    أعلنت عقارب الساعة يوم الجمعة السابع عشر من شهر سبتمبر 2010 م وفاة الشاعر عبد المنعم عواد يوسف الذى يعد من من مؤسسي قصيدة شعر التفعيلة في الشعر العربي المعاصر .
    الشاعر عبد المنعم عواد يوسف من مواليد عام 1933 بشبين القناطر بمحافظة القليوبية وفى عام 1957 م على ليسانس آداب من جامعة القاهرة وفى عام 1964 حصل على دبلومة الدراسات العليا .
    عمل مدرسا للغة العربية في مصر والإمارات العربية المتحدة وترأس القسم الثقافي بجريدة البيان بالإماراتية.
    حصل الشاعر عبد المنعم عواد يوسف على الجائزة الأولى فى الشعر من مهرجان الشعر بدمشق 1960 والجائزة الأولى أيضا فى الشعر من رابطة الأدب الحديث 1962.
    الشاعر عبد المنعم عواد يوسف قدم للمكتبة العربية مجموعة من دواوينه الشعرية ونذكر منها :
    عناق الشمس 1966
    أغنيات طائر غريب 1972
    الشيخ نصرالدين والحب والسلام 1974
    للحب أغني 1976
    الضياع في المدن المزدحمة 1980
    هكذا غنى السندباد 1983
    بيني وبين البحر 1985
    وكما يموت الناس مات 1995
    المرايا والوجوه 1999
    الأعمال الشعرية الكاملة 1999
    عيون الفجر (للأطفال) 1990
    كان اللقاء الأخير مع الشاعرعبد المنعم عواد يوسف يوم الاثنين السابع من شهر يونيو 2010 م بمكتبة مبارك العامة الكائنة بشارع كورنيش النيل بمدينة بنها عاصمة محافظة القليوبية وذلك فى مؤتمر اليوم الواحد الأدبى فى دورته السابعة لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد ( فرع ثقافة القليوبية ) والذى جاء بعنوان ( رفعت عبد الوهاب المرصفى .. تجربة شعرية متجددة ) .
    رحمة الله على روح الشاعر والوالد والأستاذ عبد المنعم عواد يوسف

    عن تجمع شعراء بلاحدود
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  2. #2

    رد: الشاعر والناقد الكبير /الراحل/عبد المنعم عواد يوسف

    الشاعر عبد المنعم عواد يوسف (1933- … ) واحد من الشعراء الذين أسسوا لقصيدة شعر التفعيلة في الشعر العربي المعاصر، وهو مع كوكبة من زملائه: صلاح عبد الصبور، وكمال نشأت، وكامل أيوب، ومجاهد عبد المنعم مجاهد، وعبد الرحمن الشرقاوي، ومحمد مهران السيد … وغيرهم، كانوا الصوت المصري الأصيل في سيمفونية الشعر الجديد في العالم العربي.
    وفي هذه القراءة التي نُقدِّم بها المجلد الثاني من أعماله الكاملة، نتوقف أمام بعض ملامح شعره الموضوعية والفنية.
    ملامح موضوعية
    تكشف أشعار عبد المنعم عواد يوسف المبكرة عن انتمائه للطبقات الكادحة التي تحلم بالحياة الكريمة، وإذا كان شعراء الأجيال السابقة ـ مثل حافظ إبراهيم وأحمد الزين ومعروف الرصافي ـ دعَوْا في شعرهم الاجتماعي إلى "العطف" على الفقراء والمُحتاجين والأرامل، فإن الرؤية الاجتماعية في شعر روّاد شعر التفعيلة ـ وعلى رأسهم عبد المنعم عوَاد يوسف ـ جعلتهم يكتبون عن مُعاناة بعض طوائف المجتمع، كالفلاًحين الفقراء. لكنهم لم يكتبوا من الخارج، إنما استبطنوا مُعاناتهم، وجعلوا الصّامتين يتكلمون ـ حتى لا يظل الشعراء يتكلمون بدلاً منهم ـ ومن ذلك ما كتبه عبد المنعم عوَاد يوسف في قصيدته "الكادحون"، على لسان أحد الكادحين من الفلاحين الأُجراء، الذين لا يمتلكون الأرض التي يزرعونها، والذين يغرسون القمح، ويقتاتون الطين!
    يقول في المقطع الأول مصوِّراً عودة الفلاحين الفقراء من حقولهم عند مغيب الشمس، وهو يُحسون إحساساً طاغيا بالذل الذي يُحاصرهم، والهموم التي تجثم فوق قلوبهم:
    الكادحونْ
    عادوا إلى أكواخهمْ عندَ المغيبْ
    يتعاقبونْ
    عادوا، وفي نواظرهمْ ذلُّ السنينْ
    عادوا، وبيْنَ ضُلوعهمْ همٌّ دفينْ
    يتتابعونْ
    والبؤسُ يبدو في اختلاجات العيونْ
    وفي المقطع الثاني يقول إنه واحد من هؤلاء الذين توارثوا الذل ابناً عن أبٍ عن جد، وأنهم يغرسون الحقل قمحاً، ويأكلون الطين!!
    وأنا أعودْ
    متكاسلاً مثلي كمثلِ العائدينْ
    الراكنينَ لذلِّهمْ، مستسْلمينْ
    مثل الجدودْ
    كانوا كذلكَ مثلَنا مستعْبدينْ
    القمْحُ غرسهمو ..
    ويقتاتونَ طينْ
    جيفٌ ودودْ
    السوْطُ يُلهبُهمْ، فلا يتكلَّمونْ!
    وإذا كان الشاعر قد عبَّر في بواكيره عن أزمة مجتمعه، فإننا نراه في مراحل أخرى من حياته الشعرية حزيناً؛ لأنه لم يجد الطريق مهيئاً أمامه للشدو؛ فقد انكسر الشاعر المُعاصر أمام هذه المدينة الغليظة، الصخرية القلب، التي يضطر فيها الشاعر أن يسير مغمض العينين، حتى لا يرى ما يسوؤه:
    أسيرُ في الطريقِ مُغمض العينين
    أُودِّعُ التفكيرَ عندَ بابِ دارِنا
    وأتركُ الشعورَ في سكونِ منزلي الصَّغيرْ
    يا ويْلَهُ منْ كانَ واسعَ العيْنيْنِ في زمانْنا
    يا ويْلَهُ منْ كانَ نابغاً ذكيا
    يا ويْلَهُ منْ كانَ مُرْهَفَ الشعورْ

    لعله ـ كالشعراء الرومانسيين ـ رأى موت البراءة في عالمنا الذي تتنازعه الصراعات المسلحة والأحقاد، ومن ثم تقوده هذه الرؤيا الفاجعة إلى ضفاف الحزن.
    يقول في قصيدة "هاملت يموت أبدا" متحدثا عن اغتيال البراءة في عالمنا:
    لأنَّ في زمانِنا الأطفالَ يولدونَ ميْتينْ
    ويرضعون الموتَ كلَّ يومْ
    فينشأون ميّتينْ
    ويكبرون ميْتينْ
    يملؤنا التوقُّعُ الحزينْ

    … ومن ثمّ يهجو صاحبنا عصره، لأنه يرى الناس يقتتلون فيه بلا سبب، وتنشب بينهم النزاعات والصراعات التي تستعر لمدد طويلة، ويطول حزنه إذا اشتعل الصراع بين العرب، فأزهق الأرواح، وأهرق الدماء التي حرّمها الله!
    يقول في المقطع الأول من قصيدة "هجائيات" (وواضح أنه كتبها بعد اشتعال الحرب اللبنانية ـ اللبنانية، وبعد تفرق العرب وابتعادهم عن مصر حينما قام الرئيس الراحل بمبادرة الصلح مع إسرائيل عام 1977، فالقصيدة تحمل تاريخ كتابتها: 1980م):
    أتقتلونَ بعْضَكمْ بلا سببْ
    وتنْتقونَ للَّهيبِ أجْودَ الحطبْ
    وكلُّكمْ يظنُّ نفسَهُ محمَّداً ..
    وكلُّكمْ أبو لَهَبْ
    وتدَّعونَ أنَّكمْ عَرَبْ
    ,,
    ..
    يقول في قصيدة "دمعة عليه" التي يُهديها "إلى صلاح منصور .. أخي الذي فقدت":
    من أيْنَ تبتدئُ القصيدهْ؟
    والحزنُ يبرزُ أخطبوطاً مدَّ أذرعَهُ العديدهْ
    الحزنُ يخنقني فيمتنعُ الكلامْ
    الحزنُ فاجأني صباحَ اليومِ
    يبرزُ منْ خلالِ سطورِ أعمدةِ الجريدَهْ
    يا أيُّها الشيءُ الخرافيُّ الرّهيبْ
    يا أيُّها الحزنُ العجيبْ
    منْ أينَ جئتَ إليَّ في هذا الصَّباحْ
    منْ ذلكَ الأحدِ الحزينْ؟!
    من أينَ جئتَ إليَّ، نصلُكَ ذلك المسمومُ ..
    كيفَ غرسْتَهُ في غوْرِ أعماق الضلوعْ
    أوّاهُ يا قلبي الطَّعينْ
    منْ أينَ جِئْتْ؟
    يا أيُّها الحزنُ اللَّعينْ ..
    يا زارعاً في الصَّدْرِ حقْلاً منْ جِراحْ ..
    يا أيُّها الحزنُ الذي قدْ زارني هذا الصَّباحْ
    منْ ذلكَ الأحدِ الحزينْ؟!
    ليقولَ ماتِ أخي صلاحْ

    لكن ممّا يُحمَد لشاعرنا أننا نرى في أشعاره ـ رغم علو نبرة الحزن ـ بصيصاً من أمل، وإشراقة ضوء. إنه يثق في أن الغد سيكون أفضل من اليوم ـ وهذه رؤية إسلامية ترى "أن مع العسر يسرا" (سورة الشرح: 6). يقول في قصيدة "إنه يُقبل في موعده"، متحدثاً عن الغد، الذي يفيض بالإشراق والفرح:
    ارقبوهْ ..
    إنّهُ يقبلُ في موْعِدِهِ
    واهِمٌ منْ ظنَّهُ يُخلِفُ وَعْداً
    واهِمٌ منْ ظنَّهُ ليس يجيء
    إنه يُقبلُ وحْدهْ
    غيرَ أنَّ الوعدَ المضروبَ مازال بعيداً، وسيأتي
    دون أن ندعوهُ يأتي ..
    ذاتَ يوْمْ ..
    فاطْرحوا الشَّكَّ بعيداً ..
    اطْرحوهْ ..
    إنَّهُ يُقبلُ في موْعِدِهِ
    فارْقبوهْ
    ..

    ولعل قصيدته "النور يفترش الطريق" تُضيء جزءاً من رؤية الشاعر، حيث يرى الزارعين الذين يزرعون الحياة بالأمل، لا يجدون من يقدرهم ويحمل لهم التقدير، بل هم أنفسهم ـ الزارعون ـ جاءوا بلا مقدمات، وعلى غير موعد:
    منْ أينَ يُقبلُ هؤلاءْ
    منْ أينَ همْ يتسرَّبونْ
    الأمّهاتُ تهرّأتْ أرحامُهُنَّ ويُقبلونْ
    أصلابُ منْ يدعونهم آباءهم قدْ أجْدَبَتْ
    ماتتْ خصوبتُها، ورغْم جفافِها همْ ينسلونْ
    العائدونَ من الحقولِ يُردِّدون الأُغنياتْ
    والزرعُ يبسمُ بالسنابلِ، والبيادرُ متخماتْ
    شكراً لك اللهمَّ هذا العامُ أقبلَ بالكثيرْ
    شكراً فهذا العام لم يُحلَمْ بمثْلِ ثرائهِ، ولا حلمتْ بهِ
    كلُّ السنينَ الماضياتْ
    والقاعدون على الطريقِ يُكوِّرونَ بُصاقَهمْ
    يُلقونَهُ في أوجهِ الآتينَ ..
    ما أقسى الحياةْ!!
    الليلً يفترشُ الطريقَ ..
    فلا بصيصَ من الأَملْ ..
    عودوا إلى الحُفَرِ الكئيبةِ، هوِّموا فالليلُ آتْ
    ..
    وكأنّما الحياة تُجدد نفسها، بإنجاب الأبناء الذين جاءوا رغم تهرؤ أرحام الأمهات، وجدب أصلاب الآباء. وسيبقى هناك من يندب حظه، ويردد: ما أشقى الحياة!، فكأنَّ عينيه قد عميتا عن إبصار أي بصيص من ضوء الأمل، ولهذا فهم يغنون لمجيء الظلام، ويسعدون بالخفافيش، وأغنيات اليأس، وشاعرنا لحسن الحظ ليس منها، ففي غنائياته نرى الأمل الذي يُشرق ـ دائماً ـ برغم المثبِّطات:
    ويوماً ما ..
    سينْقشعُ الضَّبابْ
    يُطلُّ وجْهُ الصَّحْوْ
    يشرق في ظلامِ الليلِ بدْرٌ
    ينشرُ الأفراحَ والبشرْ
    فلا تتعجَّلوا الأقْدارَ، كلٌّ في مواسِمِهِ
    ..


    حسن سلامة -تجمع شعراء بلا حدود
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  3. #3

    رد: الشاعر والناقد الكبير /الراحل/عبد المنعم عواد يوسف

    الشاعر عبد المنعم عواد يوسف (1933- … ) واحد من الشعراء الذين أسسوا لقصيدة شعر التفعيلة في الشعر العربي المعاصر، وهو مع كوكبة من زملائه: صلاح عبد الصبور، وكمال نشأت، وكامل أيوب، ومجاهد عبد المنعم مجاهد، وعبد الرحمن الشرقاوي، ومحمد مهران السيد … وغيرهم، كانوا الصوت المصري الأصيل في سيمفونية الشعر الجديد في العالم العربي.
    وفي هذه القراءة التي نُقدِّم بها المجلد الثاني من أعماله الكاملة، نتوقف أمام بعض ملامح شعره الموضوعية والفنية.
    ملامح موضوعية
    تكشف أشعار عبد المنعم عواد يوسف المبكرة عن انتمائه للطبقات الكادحة التي تحلم بالحياة الكريمة، وإذا كان شعراء الأجيال السابقة ـ مثل حافظ إبراهيم وأحمد الزين ومعروف الرصافي ـ دعَوْا في شعرهم الاجتماعي إلى "العطف" على الفقراء والمُحتاجين والأرامل، فإن الرؤية الاجتماعية في شعر روّاد شعر التفعيلة ـ وعلى رأسهم عبد المنعم عوَاد يوسف ـ جعلتهم يكتبون عن مُعاناة بعض طوائف المجتمع، كالفلاًحين الفقراء. لكنهم لم يكتبوا من الخارج، إنما استبطنوا مُعاناتهم، وجعلوا الصّامتين يتكلمون ـ حتى لا يظل الشعراء يتكلمون بدلاً منهم ـ ومن ذلك ما كتبه عبد المنعم عوَاد يوسف في قصيدته "الكادحون"، على لسان أحد الكادحين من الفلاحين الأُجراء، الذين لا يمتلكون الأرض التي يزرعونها، والذين يغرسون القمح، ويقتاتون الطين!
    يقول في المقطع الأول مصوِّراً عودة الفلاحين الفقراء من حقولهم عند مغيب الشمس، وهو يُحسون إحساساً طاغيا بالذل الذي يُحاصرهم، والهموم التي تجثم فوق قلوبهم:
    الكادحونْ
    عادوا إلى أكواخهمْ عندَ المغيبْ
    يتعاقبونْ
    عادوا، وفي نواظرهمْ ذلُّ السنينْ
    عادوا، وبيْنَ ضُلوعهمْ همٌّ دفينْ
    يتتابعونْ
    والبؤسُ يبدو في اختلاجات العيونْ
    وفي المقطع الثاني يقول إنه واحد من هؤلاء الذين توارثوا الذل ابناً عن أبٍ عن جد، وأنهم يغرسون الحقل قمحاً، ويأكلون الطين!!
    وأنا أعودْ
    متكاسلاً مثلي كمثلِ العائدينْ
    الراكنينَ لذلِّهمْ، مستسْلمينْ
    مثل الجدودْ
    كانوا كذلكَ مثلَنا مستعْبدينْ
    القمْحُ غرسهمو ..
    ويقتاتونَ طينْ
    جيفٌ ودودْ
    السوْطُ يُلهبُهمْ، فلا يتكلَّمونْ!
    وإذا كان الشاعر قد عبَّر في بواكيره عن أزمة مجتمعه، فإننا نراه في مراحل أخرى من حياته الشعرية حزيناً؛ لأنه لم يجد الطريق مهيئاً أمامه للشدو؛ فقد انكسر الشاعر المُعاصر أمام هذه المدينة الغليظة، الصخرية القلب، التي يضطر فيها الشاعر أن يسير مغمض العينين، حتى لا يرى ما يسوؤه:
    أسيرُ في الطريقِ مُغمض العينين
    أُودِّعُ التفكيرَ عندَ بابِ دارِنا
    وأتركُ الشعورَ في سكونِ منزلي الصَّغيرْ
    يا ويْلَهُ منْ كانَ واسعَ العيْنيْنِ في زمانْنا
    يا ويْلَهُ منْ كانَ نابغاً ذكيا
    يا ويْلَهُ منْ كانَ مُرْهَفَ الشعورْ

    لعله ـ كالشعراء الرومانسيين ـ رأى موت البراءة في عالمنا الذي تتنازعه الصراعات المسلحة والأحقاد، ومن ثم تقوده هذه الرؤيا الفاجعة إلى ضفاف الحزن.
    يقول في قصيدة "هاملت يموت أبدا" متحدثا عن اغتيال البراءة في عالمنا:
    لأنَّ في زمانِنا الأطفالَ يولدونَ ميْتينْ
    ويرضعون الموتَ كلَّ يومْ
    فينشأون ميّتينْ
    ويكبرون ميْتينْ
    يملؤنا التوقُّعُ الحزينْ

    … ومن ثمّ يهجو صاحبنا عصره، لأنه يرى الناس يقتتلون فيه بلا سبب، وتنشب بينهم النزاعات والصراعات التي تستعر لمدد طويلة، ويطول حزنه إذا اشتعل الصراع بين العرب، فأزهق الأرواح، وأهرق الدماء التي حرّمها الله!
    يقول في المقطع الأول من قصيدة "هجائيات" (وواضح أنه كتبها بعد اشتعال الحرب اللبنانية ـ اللبنانية، وبعد تفرق العرب وابتعادهم عن مصر حينما قام الرئيس الراحل بمبادرة الصلح مع إسرائيل عام 1977، فالقصيدة تحمل تاريخ كتابتها: 1980م):
    أتقتلونَ بعْضَكمْ بلا سببْ
    وتنْتقونَ للَّهيبِ أجْودَ الحطبْ
    وكلُّكمْ يظنُّ نفسَهُ محمَّداً ..
    وكلُّكمْ أبو لَهَبْ
    وتدَّعونَ أنَّكمْ عَرَبْ
    ,,
    ..
    يقول في قصيدة "دمعة عليه" التي يُهديها "إلى صلاح منصور .. أخي الذي فقدت":
    من أيْنَ تبتدئُ القصيدهْ؟
    والحزنُ يبرزُ أخطبوطاً مدَّ أذرعَهُ العديدهْ
    الحزنُ يخنقني فيمتنعُ الكلامْ
    الحزنُ فاجأني صباحَ اليومِ
    يبرزُ منْ خلالِ سطورِ أعمدةِ الجريدَهْ
    يا أيُّها الشيءُ الخرافيُّ الرّهيبْ
    يا أيُّها الحزنُ العجيبْ
    منْ أينَ جئتَ إليَّ في هذا الصَّباحْ
    منْ ذلكَ الأحدِ الحزينْ؟!
    من أينَ جئتَ إليَّ، نصلُكَ ذلك المسمومُ ..
    كيفَ غرسْتَهُ في غوْرِ أعماق الضلوعْ
    أوّاهُ يا قلبي الطَّعينْ
    منْ أينَ جِئْتْ؟
    يا أيُّها الحزنُ اللَّعينْ ..
    يا زارعاً في الصَّدْرِ حقْلاً منْ جِراحْ ..
    يا أيُّها الحزنُ الذي قدْ زارني هذا الصَّباحْ
    منْ ذلكَ الأحدِ الحزينْ؟!
    ليقولَ ماتِ أخي صلاحْ

    لكن ممّا يُحمَد لشاعرنا أننا نرى في أشعاره ـ رغم علو نبرة الحزن ـ بصيصاً من أمل، وإشراقة ضوء. إنه يثق في أن الغد سيكون أفضل من اليوم ـ وهذه رؤية إسلامية ترى "أن مع العسر يسرا" (سورة الشرح: 6). يقول في قصيدة "إنه يُقبل في موعده"، متحدثاً عن الغد، الذي يفيض بالإشراق والفرح:
    ارقبوهْ ..
    إنّهُ يقبلُ في موْعِدِهِ
    واهِمٌ منْ ظنَّهُ يُخلِفُ وَعْداً
    واهِمٌ منْ ظنَّهُ ليس يجيء
    إنه يُقبلُ وحْدهْ
    غيرَ أنَّ الوعدَ المضروبَ مازال بعيداً، وسيأتي
    دون أن ندعوهُ يأتي ..
    ذاتَ يوْمْ ..
    فاطْرحوا الشَّكَّ بعيداً ..
    اطْرحوهْ ..
    إنَّهُ يُقبلُ في موْعِدِهِ
    فارْقبوهْ
    ..

    ولعل قصيدته "النور يفترش الطريق" تُضيء جزءاً من رؤية الشاعر، حيث يرى الزارعين الذين يزرعون الحياة بالأمل، لا يجدون من يقدرهم ويحمل لهم التقدير، بل هم أنفسهم ـ الزارعون ـ جاءوا بلا مقدمات، وعلى غير موعد:
    منْ أينَ يُقبلُ هؤلاءْ
    منْ أينَ همْ يتسرَّبونْ
    الأمّهاتُ تهرّأتْ أرحامُهُنَّ ويُقبلونْ
    أصلابُ منْ يدعونهم آباءهم قدْ أجْدَبَتْ
    ماتتْ خصوبتُها، ورغْم جفافِها همْ ينسلونْ
    العائدونَ من الحقولِ يُردِّدون الأُغنياتْ
    والزرعُ يبسمُ بالسنابلِ، والبيادرُ متخماتْ
    شكراً لك اللهمَّ هذا العامُ أقبلَ بالكثيرْ
    شكراً فهذا العام لم يُحلَمْ بمثْلِ ثرائهِ، ولا حلمتْ بهِ
    كلُّ السنينَ الماضياتْ
    والقاعدون على الطريقِ يُكوِّرونَ بُصاقَهمْ
    يُلقونَهُ في أوجهِ الآتينَ ..
    ما أقسى الحياةْ!!
    الليلً يفترشُ الطريقَ ..
    فلا بصيصَ من الأَملْ ..
    عودوا إلى الحُفَرِ الكئيبةِ، هوِّموا فالليلُ آتْ
    ..
    وكأنّما الحياة تُجدد نفسها، بإنجاب الأبناء الذين جاءوا رغم تهرؤ أرحام الأمهات، وجدب أصلاب الآباء. وسيبقى هناك من يندب حظه، ويردد: ما أشقى الحياة!، فكأنَّ عينيه قد عميتا عن إبصار أي بصيص من ضوء الأمل، ولهذا فهم يغنون لمجيء الظلام، ويسعدون بالخفافيش، وأغنيات اليأس، وشاعرنا لحسن الحظ ليس منها، ففي غنائياته نرى الأمل الذي يُشرق ـ دائماً ـ برغم المثبِّطات:
    ويوماً ما ..
    سينْقشعُ الضَّبابْ
    يُطلُّ وجْهُ الصَّحْوْ
    يشرق في ظلامِ الليلِ بدْرٌ
    ينشرُ الأفراحَ والبشرْ
    فلا تتعجَّلوا الأقْدارَ، كلٌّ في مواسِمِهِ
    ..


    حسن سلامة -تجمع شعراء بلا حدود
    http://belahaudood.org/vb/showthread...d=1#post101654
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  4. #4

    رد: الشاعر والناقد الكبير /الراحل/عبد المنعم عواد يوسف

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    عبد المنعم عواد ومحمود النجار في أول لقاء بينهما بعد غياب ، في المؤتمر الثاني لتجمع شعراء بلا حدود في القاهرة في 2009/8/1 ، ويظهر في الصورة أخي الشاعر عاطف الجندي)
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    الراحل الأستاذ / عبدالمنعم عواد إلى جانب الشاعر : هارون هاشم رشيد في مؤتمر التجمع الثالث بالقاهرة
    عن تجمع شعراء بلا حدود
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  5. #5
    اختصاص تراجم وسير ذاتية من مصر
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    1,562

    رد: الشاعر والناقد الكبير /الراحل/عبد المنعم عواد يوسف

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
    الشاعر والناقد الكبير عبد المنعم عواد يوسف
    أعلنت عقارب الساعة يوم الجمعة السابع عشر من شهر سبتمبر 2010 م وفاة الشاعر عبد المنعم عواد يوسف الذى يعد من من مؤسسي قصيدة شعر التفعيلة في الشعر العربي المعاصر .
    الشاعر عبد المنعم عواد يوسف من مواليد عام 1933 بشبين القناطر بمحافظة القليوبية وفى عام 1957 م على ليسانس آداب من جامعة القاهرة وفى عام 1964 حصل على دبلومة الدراسات العليا .
    عمل مدرسا للغة العربية في مصر والإمارات العربية المتحدة وترأس القسم الثقافي بجريدة البيان بالإماراتية.
    حصل الشاعر عبد المنعم عواد يوسف على الجائزة الأولى فى الشعر من مهرجان الشعر بدمشق 1960 والجائزة الأولى أيضا فى الشعر من رابطة الأدب الحديث 1962.
    الشاعر عبد المنعم عواد يوسف قدم للمكتبة العربية مجموعة من دواوينه الشعرية ونذكر منها :
    عناق الشمس 1966
    أغنيات طائر غريب 1972
    الشيخ نصرالدين والحب والسلام 1974
    للحب أغني 1976
    الضياع في المدن المزدحمة 1980
    هكذا غنى السندباد 1983
    بيني وبين البحر 1985
    وكما يموت الناس مات 1995
    المرايا والوجوه 1999
    الأعمال الشعرية الكاملة 1999
    عيون الفجر (للأطفال) 1990
    كان اللقاء الأخير مع الشاعرعبد المنعم عواد يوسف يوم الاثنين السابع من شهر يونيو 2010 م بمكتبة مبارك العامة الكائنة بشارع كورنيش النيل بمدينة بنها عاصمة محافظة القليوبية وذلك فى مؤتمر اليوم الواحد الأدبى فى دورته السابعة لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد ( فرع ثقافة القليوبية ) والذى جاء بعنوان ( رفعت عبد الوهاب المرصفى .. تجربة شعرية متجددة ) .
    رحمة الله على روح الشاعر والوالد والأستاذ عبد المنعم عواد يوسف
    عن تجمع شعراء بلاحدود
    ______
    هذا ماكتبته فى المنتدى المذكور وكان يجب ذكر اسم من كتب ذلك
    http://belahaudood.org/vb/showthread.php?t=13485

المواضيع المتشابهه

  1. نرحب بالأستاذ/عبد المنعم عواد
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان الترحيب
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-22-2014, 04:58 PM
  2. الشاعر الراحل جوزف حرب
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-10-2014, 04:21 PM
  3. وزارة الثقافة المصرية تكرم الشاعر والناقد الكبير رفعت المرصفى
    بواسطة ابراهيم خليل ابراهيم في المنتدى فرسان الأدبي العام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 06-17-2010, 12:08 PM
  4. الشاعر الكبير الراحل/علي بن أحمد النعمي .
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-30-2009, 09:08 AM
  5. الشاعر والناقد الكبير ( عبد المنعم عواد يوسف )
    بواسطة ابراهيم خليل ابراهيم في المنتدى أسماء لامعة في سطور
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-30-2008, 02:57 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •