السلام عليكم
يعتقد معظم النقاد أن النقد الأدبي متشابه في ركائزه وأساسياته , لذا يمسكون بأدواتهم ذاتها ويطبقونها على معظم ما يقرؤونه كما نرى, لكن هذا الأمر غير صحيح لدرجة ما.
فهذا الأمر لا ينطبق بحال لو قارنا ما بين الشعر والنثر والرواية حصرا...وحتى نقد النقد..
فالناقد الحاذق والذي يطور أدواته غالبا من أجل أن يتخذها فيما بعد, منهجا له , على أن تكون مناسبة لطريقة تفكيره ونظرته ورؤيته للعمل , التي يكشفها العمل النقدي بجلاء,
مما يجعل منه ناقدا دقيقا له مفعول السحر على المؤلف والقارئ معا , يستقي منه بوصلته العملية والخاصة به حسب ما يبحث, وليكون أفضل وأجدى.
من هذا المنطلق حصرا , وحرصا على متابعة مايستجد في عالم النقد ,ورغم أننا نطالب بمنهج نقدي عام يتخذه النقاد أداة للانطلاق لخصوصية نقدهم ,نجد لزاما علينا الآن وضع مسر عام للنقد الذي عالجناه وتابعناه , نبدأه بالخطوط الرئيسية للنقد الروائي والذي يبقي طريق التطوير والاجتهاد مفتوحا على مصراعية من خلاله:
1- نقد العنوان: وهذا أمر عام يشمل النصوص الأدبية , من حيث مناسبته للغرض الذي كتب لأجله النص الأدبي عموما والروائي خصوصاً, ومن حيث استيفائه لعنصر التشويق, هذا بصرف النظر عن اختياره الذكي والإيجابي لغة ومضموناً.
2-المقدمة:تظهر خلاصة النص بهدفه ومضمونه, وماذا يريد المؤلف أن يقوله لنا, وهي بكثافة طرحها واختصاره و وذكاء لغتها تظهر مدى قوة النص كتمهيد تشويقي للقارئ.
3-جسد النص:ننتقل لجسد النص الروائي حصرا ,فجسد النص يكون هو الدليل على ما قدمه بداية من حيث:
أ- الوصف الإجمالي أو التفصيلي,وكما تقول الخبيرة التربوية ميسم الحكيم:
هي تعكس طريقة تفكير المؤلف من حيث التفكير الإجمالي أو التفصيلي,فيقدم وصفا عاما ليركز على الأحداث أكثر , او تفصيليا ليركز على الجغرافية المكانية مثلا أو النفسية التي يجب أن تكون موظفة بعناية.
وهي تحوي العناصر الهامة التالية:
ب- طريقة الوصف:وتبين هنا ثلاثة مذاهب وصفية تظهر براعة المؤلف بإحداها:
-الوصف الفكري
-الوصف النفسي
-الوصف الجغرافي.
وهذا ما بينته المترجمة سارة الحكيم من أن قراءتها للروايات الغربية تظهر مدى عناية المؤلف الغربي وشغفه بوصف المكان وجغرافية البشر أكثر من العناية الفكرية عموما والنفسية.
ويبقى الوصف النفسي والفكري أعمق بمراحل , ودليل عمق تفكير المؤلف بالطبع وماأقل الروايات التي تعتني بتلك العناصر خاصة.
4- البيئة الأدبية: يعتني النقد بشكل عام بتشخيص البيئة الأدبية التي تظهرها تفاصيل النص :وهو نقد بنيوي صرف يظهر :
البيئة الفنية:و التي بناها المؤلف من لغة وأسلوب الخ...
والبيئة العاطفية: تبين دهاليز نفسيه للشخوص يبينها أولا الراوي ومن ثم تفاصيل أخرى في العمل, ومدى توازنها مع البيئة الفكرية بنجاح دون أن ترجح كفة أحدها على الآخر فتظهر ضعف الشخوص والتلاحم البنبوي فيها.
البيئة الفكرية: وهي كذلك تبين بقوة عمق تفكير المؤلف وقوة رسالته من خلالها, يظهرها الحوار الدائر بين الشخوص , بحيث يجب أن يكون لها حيز ذهبي من زوايا الرواية تحاكي فكر المتلقي وكأنها تجادله أو تحاوره.
5- البوصلة الفكرية:وتعتبر أهم عنصر أو تلاحم مع البنية الأدبية للنص , بحيث لاتنزاح عن المسار الذي بدأت به لتنحرف لفكر مناقض أو غريب عن الفكر الأساسي المطروح أولا وفي البدايات,
ولتظهر مدى إخلاص الأديب لرسالته ومعرفته تماما بتقنيات العمل الروائي بدقة,و بما يجب فعله للانتصار لفكرته , وقوة تأثيره وقوة إقناعه للقارئ بما يقدمه من أفكار قيمة قوية, تقيم العمل كله كوحدة واحدة لو كان.
بصرف النظر عن التجديد الفكري ةتجديد الأفكار المطروحة ,وأنه أتى بجديد مبهر نوعا ما , ولم يجتر ولم يقلد كثيرا من قبله, ولو بانزياح بسيط.
6-رسم الشخصيات:وتبين مى إتقان المؤلف لارتداء شخوص متنوعة ومحكمة التوليفة السلوكية,واقعيا ولخدمة النص.
7-الحبكة الروائية: قد تكون أحادية المسار عنكبوتية الترابط,أو معقدة الدهاليز,بحيث تسير جنبا لجنب مع الشخوص في تصاعد مستمر على النهاية والحل النسبي,وإما أن تتكرر مفتوحة على مصراعيها تتيح كتابة نص ملحق كجزء آخر,أو نهاية كافية تنهي النص بإحكام.وهنا ذكاء اللعبة الدرامية ,والفنية الروائية الماكرة والعملية فيها,بحيث تناسب مع تكوين الشخوص ومسارهم السلوكي.
8- الخاتمة: وهي لب الفكرة وجدوى العمل, وبراعة المؤلف في إرضاء قارئه وعدم جعله يندم على ما قرأ , وهذا يتم دون مواربة ولا محاباة لتكريس نهاية سعيدة بقدر ما يجب أن تخدم الفكرة كذلك, حتى لو لم تكن مشبعة ,توظفها لصالح العمل, وتظهر بوضوح إتمام العمل بجدارة بالبوصلة الفكرية التي عاهد المؤلف نفسه وقارئه عليها, وهي عقد محبة وترابط ما بين المؤلف والقارئ تربطه بمؤلفاته وتجعل منه جمهورا دائبا على المتابعة.
وقد يفلح بإقناع القارئ بوجهة نظره بعد ذلك ,من خلالها و بطريقة ما.
تلك الركائز التي يحيا بها العمل الروائي ويتطور وينمو به عالم النقد , ونراها أساسيات النقد الروائي باحترام.
ريمه الخاني 30-11-2012