لتطبق غزة قانون خدمة الوطن
د. فايز أبو شمالة
أطلعت على خبر نشر على صدر أحد المواقع المشككة، يقول الخبر: في قطاع غزة ظاهرة جديدة لم يجر الإعلان عنها، فقد بدأت الحكومة في قطاع غزة بتطبيق نظام جديد في المدارس، إذ تم استبدال حصة التربية الرياضية بحصة 'فتوة'. ويضيف الخبر الذي حرص على تحريض أولياء الأمور: تتمثل حصص الفتوة في تدريبات جسدية على اللياقة البدنية، والتدرب على تفكيك المتفجرات، ومحاضرات في الإسعافات الأولية، وفي كيفية مكافحة المخدرات.
لقد فرحت جداً لهذا الخير، ولاسيما بعد أن حدثني عدد من المدرسين عن فخرهم واعتزازهم بهذا النشاط الجديد، وعن هذا التطور الرائع في الحياة التربوية في قطاع غزة، فما أورع أن تتصلب عضلات شباب فلسطين! وأن تلين عقولهم في حب الوطن والدين! وما أروع أن يحس شبابنا بواجباتهم مبكراً! وما أجمل الطالب الذي يعود لوالديه منتصب القامة، مرفوع الهامة، وقد تدرب على امتشاق السلاح، واعتاد على الانضباط والمقاومة!
إن عودة حصص الفتوة إلى مدارس قطاع غزة، تعني أن الفلسطينيين قد داسوا بأقدام النصر على قرار الحاكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة، الذي ألغى مقرر حصص الفتوة عن طلاب المدارس في قطاع غزة، مطلع العام الدراسي سنة 1967، فما أروع الحكومة الفلسطينية التي بدأت بتربية أولادنا على الفتوة، والرجولة، والشهامة، والنخوة، وغرس مفاهيم التضحية والفداء في نفوسهم! ما أروع الحكومة الفلسطينية التي تبني الإنسان الفلسطيني جسدياً وروحياً، بحيث يغدو قادراً على مواجهة عدوة المتعصب لأرضه فلسطين! مع التأكيد على أن القوة الوحيدة القادرة على مواجهة تعصب اليهود وتشددهم الديني، هي قوة العقيدة الإسلامية، وما عدا ذلك، فكل الأفكار والنظريات والكلام المنمق لم يحرر سنتيمتر مربع من أرض فلسطين.
إننا نطالب الحكومة الفلسطينية بتطبيق قانون خدمة العلم، أو قانون خدمة فلسطين، أو التجنيد الإلزامي الذي يطبق في معظم دول العالم بما في ذلك دولة الكيان الصهيوني، فلماذا لا يصير تدريب مئات ألاف الشباب على المقاومة، والتدرب على حمل السلاح، وتقديم الخدمات الميدانية؟ لماذا لا تستكمل الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة برنامجها، وتبدأ في احتواء الشباب، وضمهم إلى مخيمات تدريب، وتجمعات وطنية، وما شابه ذلك من عمل جماعي، على أن يكون لذلك الجهد مقابل مادي، ويكون ضمن خطة احتواء وتنمية للقدرات البشرية؟
اقترح على الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة أن تفح أبواب التطوع لخدمة الوطن لفترة من الزمن، قبل أن تفرضه بقوة المصلحة الوطنية، بحيث يشارك المتطوعون في أنشطة عديدة، منها العسكري، ومنها المدني، ومنها الحياتي؛ بما في ذلك التدرب في مجال النظافة، والتدرب على النظام، مع تنمية الحس الأمني، والتوعية العامة؟
قد يقول البعض، إن لدى حركة حماس كتائب القسام، وهم رجال أشداء تم إعدادهم بشكل كامل للمواجهة، وهذا كلام سليم، ولكن كتائب القسام تخص حركة حماس، ونحن نريد جيشاً فلسطينياً يخص أبناء حماس ويخص غيرهم من أبناء فلسطين، نريد جيشاً فلسطينيا يشارك فيه كل أبناء الشعب الفلسطيني دون استثناء، وعلى الحكومة الفلسطينية ألا تنتبه لكل الأصوات المشككة بقدرة شباب فلسطين على مقارعة الإسرائيليين، على الحكومة أن تشرع، وستقطف الثمر رجالاً ينتمون لدينهم، ووطنهم، وتاريخهم، سيسهمون في بناء حاضرهم.