يركض ويركض ويركض..
والدوائر السوداء تختصر محيطها شيئاً فشيئاً، وتعتصره عنوةً في حلقاتها المتعبة.
كلّت ساقاه، وتسارعت نبضات قلبه، وعلا وجيب أنفاسه.
بدأ الموت يزحف فيه إليه.
تلاشت قواه ولم يبق غير الاستسلام إلى هدأة الموت.
... كان الوقت مساء عندما أنهك التعب قلبه، فابيضّت المساحات حوله.
سقط.. فتلقفت جسده الذاوي مواسم النجيل، ثم.. هدأ كل شيء..!
تفتّقت شعائر العتمة، وابتلعت الضفادع نقيقها الحزين، عندما فضّ الفجر بكارة ليل أسرّ وشوشات ألف عاهرة، وألف كذاب.
العصافير تتناوب صراعات حميمة وهي تغادر أعشاشها تباعاً إلى زحمة الحياة.
نبتةٌ بريّه لم تتفتّح بعد تغتسل بقطر الندى.
نجمات تلمّ بريقها، تجمعها كحبيبات ماس وسريعاً تضيع في محاريب الفضاء.
كلّ شيء حوله يفتح ذراعية للشمس.. والحياة
فتح عينيه، تحسس أطرافه، حرّك أصابعه.. ثم رسم على وجنتيه تضاريس ابتسامة خافته، وهمس باشتياق:
ـ عندما نفتّش عن جمالنا في مرايا الحياة.. نقبلها ونعيشها.
ع.ك