قصة قصيرة
سفوح البلد القديم بقلم / محمود طبل
قد جفا النوم عينى ؛ والتحف السواد كل شىء حولى ، أوغروا القلب وأحرقواالغصن الآخضر ، قالت الأم : نم يابنى !
قال ياأماه : رأيت أخى يحمل حجرا ومقلاعا ؛ ورأيت جدى يتكأ على عصا لوز ، يغرس ساق التين . قالت له : نم !!
قال الصبى : ياأماه .. وكيف ؟!
اللبن الحليب جف ، والضرع لطخه الدم ؛ مازالت أسنانى لبنية ؛ لاتقوى على مضغ .
قالت يابنى : الأرض الزاد والر‘ى .
قال : ياأماه ... بقايا ثيابى الرثة تكشف سؤتى ؛ وليل تشرين لسعة برد .
قالت يابنى : افترشنا الأ رض ، والتحفنا السماء ؛ ومن خشاش الأرض المباركة صٌمنا .. وأفطرنا .
قال الصبى :ياأماه ... وكيف ؟!
الماء العذب فى البئر الوحيدة غار ؛ ردموه بالصخر والحجر الصم ؛ فجف الحلق ؛فلعقنا العرق وانحبس الدم .
قالت يابنى : الأرض الماء والزاد ....نبض القلب والروح
قال الصبى : ياأماه ...صحا النهار وصحا الطير وما زالت عصا جدى تلكز الأرض ، تغرس التين فى عين جالوت وفى حطين وعلى سفوح البلد القديم .
قالت : يابنى ..!! إن هذا الغصن حزين ، وأن الرجولة ولدت فى جيل صغير ، وأن الكهولة وٌدعت من بعيد ، وأن أطفال الحجارة استقبلوا بعرى الصدور نسمات الشهادة وهتاف الشهيد .
قال الصبى : ما كان ياأماه يوما غصن حزين ؛ إن اشتم رياح الوطن دبت فى أوصاله الروح ؛ وإن سقته دموع النائحات ؛ روت جذوره العطشى ؛ ليعود الغصن من جديد ؛ مادامت فى الأرض جذور التين ورفات الشهيد .
تمت