عَجِيب !!
..
لَقَدْ خانُوكَ بِالصَّمتِ الرَّهِيبِ=فَما لِتَساؤُلاتِكَ مِنْ مُجِيبِ
جَماهِيرٌ عَلَى نَزفٍ أَفاقَتْ=وَ نامَتْ تَحتَ دامِيَةِ الخُطُوبِ
وَ جَرَّتْ مِنْ شَمالِ الحُلمِ يَأسًا=عَلَى وَهمِ الرُّؤَى نَحوَ الجَنُوبِ
وَ قَلَّبَتِ الهَوانَ بِذاتِ شَرقٍ=فَقَلَّبَها إِلَى ذاتِ الغُرُوبِ
فَيا وَطَنَ الأَرانِي كَيفَ أَرضَى=أَرانِيَكَ الأَمانُ بِظِلِّ " ذِيبِ " ؟
وَ كَيفَ بَنُوكَ قَدْ باعُوكَ حِينًا ؟=وَ حِينًا راوَدُوكَ عَنِ النَّحِيبِ ؟
فَكانُوا يَندُبُونَكَ كُلَّ صُبحٍ !=وَ يَستَجدُونَ لَيلًا " تَلَّ ابِيبِ " !
وَ يَنتَدِبُونَ وَغدًا - كُلَّ حَربٍ=إِلَى الهَيئآتِ - عَنْ سُخطِ الشُّعُوبِ
فَيَصفَعُهُ إِذا ما راحَ " فِيتُو "=وَ إِمَّا آبَ آثارُ الحُرُوبِ
وَ ما يَسطِيعُ شَعبٌ فِي قُيُودٍ=يُعانِي الرِّقَّ فِي وَقتٍ عَصِيبِ ؟
يَصُبُّ الدَّمعَ " بِترُولًا " فَيَجرِي=" دَنانِيرًا " لِأَصحابِ الجُيُوبِ !
أَما لَو قِيلَ : ( مَنْ لِلعِرضِ ؟ ) , هَبَّتْ=بِلادُ العُربِ فِي وَجهِ الغَرِيبِ !
أَما كُنا لِنَحيا فِي قُصُورٍ=لَوَ انَّ الآخَرِينَ بِلا عُيُوبِ !
وَ لا ذُقنا المَرارَةَ فِي خِيامٍ=يُقَطِّرُها الهَوانُ مِنَ الثُّقُوبِ !
تُرَى هَلْ لِلعَذاباتِ اصطُفِينا ؟=وَ هُمْ - خَلَقَ الإِلَهُ - بِلا ذُنُوبِ ؟
أَمَ انَّا بِالخَطايا قَدْ جُبِلنا ؟=وَ هُمْ جُبِلُوا عَلَى مِسكٍ وَ طِيبِ ؟
عَجِيبٌ أَنَّ فِينا مَنْ يُباهِي=بِلَسعِ البَردِ فِي زَمَنِ اللَّهِيبِ !
عَجِيبٌ أَنَّ ضَربَ الآلِ دامٍ=وَ ضَربَ غُزاتِنا مِثلُ الزَّبِيبِ !
عَجِيبٌ أَمرُ هَذا العَصرِ ! تَبًّا=عَجِيبٌ ! بَلْ وَ أَكثَرُ مِنْ عَجِيبِ !
يَصُبُّ الذُّلَّ خَمرًا فِي كُؤُوسٍ=مِنَ النِّسيانِ فِي جَهلٍ مُرِيبِ !
وَ يَسكَرُ مِنْ دَمِ الشُّهَداءِ حَتَّى=كَأَنَّ الغَدرَ مِنْ طَبعِ اللَّبِيبِ !
فَبَعضُ بَنِيهِ يَبكِي مِنْ رِثاءٍ=وَ بَعضٌ يَطرَبُونَ مِنَ النَّسِيبِ !
وَ بَعضٌ مِنهُ يَشكُو مِنْ أَياسٍ=وَ بَعضٌ مِنهُ يَشدُو : ( يا حَبِيبِي ) !