منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5

العرض المتطور

  1. #1

    "الشناقطة" سَحَرَةُ الشعر!! فهل ذاكرتهم حجة! (1)


    الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ..انتهيتُ من قراءة كتاب"الرواية الشنقيطية من الألفية والشواهد النحوية"،وهو من تأليف الدكتور أحمد كوري بن يابة السالكي،والكتاب من منشورات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة.في البداية كاد موضوع الكتاب الموغل في التخصص أن يصرفني عنه .. بل "نويت" إهداءه لأخي الدكتور ناجي بن محمدو حين .. بحكم التخصص .. فلعلي – هنا – أستأذنه في قراءة كتاب .. لا يعلم أنه له أصلا!!ما يهم في الأمر .. أنني سُحرت ببعض ما جاء في مقدمة الكتاب،أعني قول المؤلف الكريم : (فرحم الله من أعان على نقد هذا البحث وكشف ما فيه من خطأ أو قصور،خدمة للدين والعلم.ورحم الله الجاحظ إذ يقول :"وليس في الأرض إنسان إلا وهو يطرب من صوت نفسه،ويعتريه الغلط في شعره وفي ولده...،ولذلك احتاج العاقل في العجب بولدهوفي استحسان كتبه وشعره،من التحفظ والتوقي،ومن إعادة النظر والتهمة،إلى أضعاف ما يحتاج إليه في سائر ذلك" (..) والله يوفق القارئ للنصح،ويوفق الكاتب للانتصاح.){ ص 13 - 14}.قطعا .. ودون شك لا أكتب نقدا للكتاب .. بحكم عدم التخصص .. لكني قراءتي للكتاب جعلتني أنظر إلى وجود تجاذب بين بعض أطروحاته ..فالكتاب يطرح فكرة تكاد "تسفه" الذاكرة أو"الشفاهية" – حسب تعبيره - وتجعل النصوص المعتمدة على الذاكرة نصوصا مفتوحة .. أي مثل الأدب الشعبي الذي لا صاحب له .. كلٌ يضيف له .. أو يحذف منه .. ونقل نصا طويلا في ذلك سوف أتركه إلى أن يحين وقته.. إن شاء الله.كتب الدكتور"أحمد"تحت عنوان :(الرواية الشنقيطية بين الكتابة والشفاهية :هل بالإمكان القول إن نص الألفية والشواهد قد تحول لدى الشناقطة من نص كتابي ثابت إلى نص شفاهي متحول،كجميع نصوص الأدب الشنقيطي؟){ ص 69}وفي مقابل هذا الطرح نجد طرحا آخر يجذبنا نحوه .. أعني استشهادات أخينا الدكتور"السالكي" بمثل .. (قال سليمان بن موسى :"لا تأخذوا القرآن من مصحفي ،ولا العلم من صحفي ".وقال ثور بن يزيد :"لا يفتي الناس صحفي ، ولا يقرئهم مصحفي".(..) ويقول الخطيب البغدادي :"والتصحيف والإحالة يسبقان إلى من أخذ العلم عن الصحف"،ويقول الإمام العراقي :والأخذ من أفواههم لا الكتبِ * أدفع للتصحيف فاسمع وادأبِ){ ص 186 – 187}كما يقول عن تمسك "أحمد بن الأمين" بروايته (الشنقيطية "الشفهية"،عاضا عليها بالنواجذ،لا يتنازل عنها ولو خالفت جميع المراجع التي بين يديه!! ذلك بأنه أخذها عن"من يوثق به"،وتلقاها عن"أساتذة يقتدى بمثلهم"أما المراجع فيكثر فيها التصحيف والتحريف ،فلا يمكن الاعتماد عليها في رأيه){ ص 259 – 260}.إذا كنا لا نستطيع الاعتماد على "الشفاهية" لأنها نصوصٌ مفتوحة .. ولا نستطيع الاعتماد على"الصحف" لأنها عرضة للتصحيف والتحريف .. فما العمل؟هذه "الفَرشة" والسؤال ليسا أكثر من مقدمة للقسم الأول من الجزء الأول من الحوار مع هذا الكتاب .. وصولا إلى العنوان الذي يتربع على رأس هذه الأسطر .المقصود بأن الشناقطة "سَحَرَةُ الشِّعْرِ" ما فعلوه بميمية حُميد بن ثور الهلالي – رضي الله عنه – والتي يقول عنها المؤلف الكريم :(حظيت ميمية حميد بعناية كبرى لدى الشناقطة ،فقد عارضها ابن الطلبة اليعقوبي (ت : 1272هـ) بقصيدة ،وعارضها محمذون بن سيد احمد المالكي ( ت : 1307هـ) بقصيدتين ،وشرحها أربعة من الشناقطة) { ص 84}ثم يقول :(ولكن النص الذي يسميه الشناقطة "ميمية حميد" ،لا يطابق النص المعروف والمنسوب لحميد في المجامع الأدبية،بل هونص غريب جدا،يتميز بانه نص مفتوح تلتقي فيه فسيفساء من النصوص،لا يجمع بينها إلا الاتفاق في الوزن والقافية،من عصور مختلفة،تمتد من العصر الجاهلي الى القرن السابع أو الثاني عشر الهجري.{ في الهامش : لأن بعض أبيات النص يمكن ان يكون لابن مالك (توفي 672هـ)،وبعضها يمكن ان يكون من الشعر الشنقيطي : انظر الفقرة : 3 – 1 – 7 – 3،من هذا البحث،الذي لم يزدهر إلا بداية من القرن 12هـ ..}){ ص 85} هنا وقفة عتب على أخينا"السالكي". ما كدت انتهي من كتاب (تراجم مشاهير الرجال في المغرب) للشيخ عبد الله كنون الحسني،والذي رتبه ناشره ترتيبا غريبا .. فهو يبدأ ترقيما جديدا مع كل ترجمة جديدة! فتتكرر الارقام ويصعب الرجوع اليها أو العزو لها إلا مع الاشارة إلى رقم الترجمة كأنها ضمن جزئ آخر !! اما هنا فالمؤلف الكريم يعيد إلى الفقرات،كما رأينا هنا ( انظر الفقرة : 3 – 1 – 7 – 3،من هذا البحث) والفقرة المشار اليها في الصفحة رقم 91 فلعل الإشارة إلى رقم الصفحة كان أسهل .. أوهكذا يبدو.بطبيعة الحال تلك ملاحظة عابرة. أورد الدكتور"السالكي" نص الرواية الشنقيطية للميمية كاملا (54) بيتا،ثم وصلنا إلى الفقرة : ( 3 – 1 – 7 – 3 النصوص التي استقيت منها الرواية الشنقيطية من ميمية حميد بن ثور الهلالي :يتشكل هذا النص من سبعة نصوص مختلفة، ادمجتها الرواية الشنقيطية في نص واحد ,وهي :خمسة وثلاثون بيتا من ميمية حميد بن ثور الهلالي أو من الشعر المنسوب اليه :وهذه المجموعة هي مركز النص ومحوره، فإليها تعود خمسة وثلاثون من الأبيات الأربعة والخمسين التي تشكل نص الرواية الشنقيطية ( أي : نسبة 64.81% )،اما التسعة عشر بيتا الباقية من الرواية الشنقيطية ( أي : نسبة : 35.18%)،فهي ليست من ميمية حميد،ولا هي لحميد بن ثور أصلا،بل هي لشعراء مختلفين كما سنرى.){ ص 91}.ثم ذكر أن الميمية ( في شرح ابن مسافر 152 بيتٍ ،ونجد نص الميمية الوارد في منتهى الطلب 120 بيتٍ ،ونجد نص الميمية الوارد في المخطوطة التيمورية 119 بيتٍ (...) فالبيت (1) مطلع القصيدة في الرواية الشنقيطية،مثلا :
    ألا هيما من ما لقيت وهيما * وويحا لمن لم يلق منهن ويحما
    اورده ابن الأمين في نشرته للميمية،ولم يعتمد في نسبته لحميد إلا على "الرواية الشنقيطية "فهو لم يرد في النسخة التيمورية التي اعتمدها في نشرته ،كما يقول :"وقد سقط من نسخته بيتان من أولها، بقيا في حفظي){ ص 92}.اما مطلع القصيدة في بقية المصادر فهو :(سل الربع انى يممت أم سالم* وهل عادت للربع أن يتكلما (..) ولكن يبدو أن الرواية الشنقيطية قد لمحت أن البيت الأول مصرع ،فهو إذن المناسب لأن يكون مطلع القصيدة ،فاختارته على أساس ذلك!!){ ص 93}.ومن المطلع إلى ..(عشرة أبيات لا يوجد لها ذكر في المصادر المعروفة (..) فهذه الأبيات العشرة ،ليست في النسخة التيمورية من الميمية التي اعتمدها ابن الأمين ،وليست في شرح ابن مسافر للميمية ،و لم يجد لها الشيخ العلامة عبد العزيز الميمني تخريجا ،وكذلك د.البيطار { محقق ديوان حُميد – محمود }(..) خمسة أبيات من قصيدة من لزوميات أبي العلاء المعري (..) بيت لعمارة بن راشد (..) بيت للجلاح بن قاسط العامري (..) وهو البيت (29) من الرواية الشنقيطية :ولم ينسبه مصدر من المصادر المعروفة إلى حميد ،وقد نسبه الزبيدي إلى الجلاح بن قاسط العامري.وقد أدرجه ابن الأمين في نشرته للميمية ،مع أنه لاحظ أن اللسان لم ينسبه إلى حميد ،ثم أورده الميمني في هامش نشرته لديوان حميد ،ولم يذكره في المتن على عادته في ما انفرد به صاحب الوسيط ،ثم أصبحت نسبته إلى حميد ثابتة اعتمادا على نشرة ابن الأمين!! فنسبه مصطفى حجازي محقق التاج إلى حميد بصيغة الجزم،عازيا إلى نشرة الميمني للديوان!! ){ ص 95 - 100}.ويكمل المؤلف الكريم إعادة بعض أبيات الميمية إلى أصلها ..(بيت للعوام بن شوذب الشيباني :فلو أنها عصفورة لحسبتَها مسومة تدعو عبيداً وأزنما (..) وهو من قصيدة يهجو بها(..) بسطام بن قيس ويذكر فيها أسره يوم الغبيط وفراراه يوم العُظالي { في الهامش : انظر : الديباج لأبي عبيدة : 19 – 20،والمعاني الكبير في أبيات المعاني لابن قتيبة : 6 / 927،ومعجم الشعراء للمرزباني : 201 – 202،واالعقد الفريد : 6 / 46. وينسب البيت أيضا لمغيرة بن طارق بن ديسق اليربوعي انظر : آمالي اليزيدي : 66،ونسبه بعضهم الى جرير خطأ انظر : شرح أبيات مغني اللبيب : 5 / 97 - 102 }(..) وهذا البيت من الشواهد النحوية { في الهامش : انظر : مغني اللبيب بتحقيق الخطيب : 3 / 430،وشرح الأشموني : 4 / 58} ومن هنا تسرب إلى الرواية الشنقيطية.){ ص 100 - 101}هنا تجدر الإشارة إلى الجهد الجبار الذي بذله المؤلف الكريم في العودة إلى المصادر والمراجع .. فقد عاد إلى (460) كتابٍ سوى الدوريات وما شابهها.وبيت آخر من الميمية وهو ( بيت من الأبيات التي استشهد بها ابن مالك في كتبه ،والتي لا توجد في مصدر قبل ابن مالك (...) "أعيا الأدباء أمرها"،لكن الرواية الشنقيطية وجدت حلا للمعضلة،فلَحَمَته في ميمية حميد. وهو من شواهد طرة ابن بونة ،ومن هنا تسرب إلى الرواية الشنقيطية.(..) هذا مع أن ابن الأمين قد ذكر هذا البيت في الدرر اللوامع،ولم ينسبه إلى قائل معين ،كما يقول :"استشهد به على مجيئ الجملة الحالية مصدرة بـ"لا"النافية ،ولم أعثر على قائله".. ){ ص 101 – 102}.للأمانة في ظل هذه "الخلطة" الشنقيطية للميمية .. لا يستطيع الإنسان أن يقول :"من حفظ حجة على من لم يحفظ"!!هنا نصل إلى ما نستطيع أن نسميه "السحر" في خلطة الشناقطة للميمية .. أو ما يدنو من عمل"الحواة" فبيت يتحدث عن"جَمل" حوله الشناقطة إلى "حمامة" !!يقول الدكتور "السالكي" :(لم تكن صناعة خلطة "الرواية الشنقيطية من ميمية حميد" بالأمر السهل. فهذا النص قد انتخب من عدة نصوص،تختلف من حيث قائلوها وعصورها وأغراضها وأساليبها،فكان التعامل مع هذه النصوص يتطلب عقلية مبدعة وخيالا خلاقا ومهارة فائقة،وحفظا واسعاً للغة ،ومعرفة عميقة بتاريخ العرب ومساكنهم،كل ألئك لإذابة عناصر هذه النصوص المختلفة في بوتقة واحدة ،ثم إعادة تصنيعها لتنتج نصا جديدا مترابطا منسجما متلائما ،مع إعادة تهذيب وتثقيف وسبك الألفاظ والمعاني لتأخذ مكانها في هذه الخلطة. ){ ص 103} الآن سيبدأ"العرض" وتحويل"الجمل" إلى"حمامة"!! وذلك عند قول "حُميد" :
    ولما أتته أنشبت في خِشاشِه زماماً كشيطان الحماطة محكما
    فالبيت قد ورد في النص الأصلي في سياق وصف الجمل والرحيل،ومعناه أن النساء قد أتت الجمل ووضعت في خشاشه زماما كالثعبان،لتقوده به. يقول ابن مسافر الأموي في شرح البيت :"يعني : أتته العذارى - التي ذكرها فامتنع منها أولا – فذل لها وقر،حتى أثبتت الزمام في خشاشة زمامه. والخِشاش – بكسر الخاء - : العود الذي يجعل في أنف البعير".وقد زاد حميد المعنى إيضاحا بقوله في البيت التالي :
    شديدا توقيه الزمام كأنما يراها أغضت بالخشاشة أرقما
    قال شارح النسخة التيمورية :"الخشاش والخشاشة : عود يعرض في أنف البعير يعلق به الزمام. يقول : إذا أخشت المرأة بهذه البُرة فكأنها حية تعضه. المعنى : يحسب البعير أن الجارية علقت بالخشاش حية فهو يفزع منها".ولكن الرواية الشنقيطية أدرجت البيت في غرض وصف الحمامة وجزعها على فرخها الذي اختطفه الصقر،لا في غرض وصف الجمل أو الرحيل،فكان لابد من تحوير بعض ألفاظ البيت ومعانيه ليلائم الغرض الجديد.فـ"خِشاشه"تغيرت الى"حُشاشَةِ"بقية الروح!والزمام صار مستعارا لمنقار الحمامة ! وصار المنقار هو المشبه برأس الحية!فصار معنى البيت أن الحمامة لما جاءت ووجدت أشلاء فرخها أدخلت منقارها في خثته لتحمله من جزعها عليه!!يقول الشارح :" يقول: لما أتت الحمامة فرخها ووجدته به رمق من الحياة،وقد تكسرت عظامه وأكل لحمه،نشبت فيه منقارها لتحمله،وجعله زماما وشبه المنقار برأس حية من حياة هذه الشجر. والله تعالى اعلم.){ ص 105 - 106}.قبل الانتقال إلى بيت آخر .. ورد بيت حُميد هنا :
    ولما أتته أنشبت في خشاشه زماماً كشيطان الحماطة محكما
    فهل هذه هي الرواية الشنقيطية للبيت؟إذ أنه يروى :
    ولما أتته أنشبت في خشاشه زماماً كثعبان الحماطة محكما
    يبدو لي أيضا أن كتاب (شرح ميمية حميد بن ثور الهلالي،للشيخ محمذون بن سيد أحمد المالكي)،قد سقط من ثبت (المصادر والمراجع،فلم أعثر عليه هناك!نعود للمؤلف الكريم وهو يتتبع "خلطة الميمية" :
    (وكذلك البيت نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي 49)،من الرواية الشنقيطية :
    فلو أنها عصفورة لحسبتها مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما
    فهو بيت (..) في غرض هجاء بسطام بن قيس،كما تقدم،فلا علاقة له بالميمية ولا بأغراضها،لكن بعد أن دمجته الرواية الشنقيطية فيها،كان لابد من إعطاء معان جديدة لألفاظه،ومراجع جديدة لضمائره،حتى يكون له دور ومكان مناسب في عناصر هذه الخلطة.فالبيت الأصلي ورد في غرض الهجاء،ومعناه – كما يقول ابن قتيبة – "لو أن عصفورة طارت ،لحسبتَها من جبنك خيلا معلمةً ،تدعو:"عبيدا"و"أزنما"أي شعارهم :"يا لعبيد يا لأزلم".لكن الرواية الشنقيطية أدرجته في غرض وصف الحمامة!!فكان لابد من معالجة مشكل معانيه وألفاظه ومراجع ضمائره،فـ"حسبتَها"في النص الأصلي في خطاب بسطام تغيرت إلى"حسبتُها"وصار المتكلم حميدا! و"مُسَوّمَة"في وصف الخيل،تغيرت الى"مشَوّقَةً"في وصف الحمامة! والضمير في"أنها"صار في الرواية الشنقيطية راجعا إلى حمامة حميد!مع أنه في الأصل "راجع إلى شيء معلوم من المقام،أي :ولو أن التي تخيلت لك عصفورة.){ ص 106 - 107}.أنا فقط أتعجب ما حكاية"الحمامة" مع قومٍ هم "أهل إبل" وصحراء قاحلة !! وإن كان البيت رقم (49) ورد فيه لفظ"عصفورة" أو نص عليه الشاعر في هجائه .. فحولوه إلى الغزل!!على كل حال .. بعد القيام بما ينبغي ليلائم البيت الغرض الجديد .. تمت معالجة المعنى أيضا. يقول الدكتور"السالكي" :(ولم تكن معالجة المعنى الإجمالي للبيت ليوافق السياق الجديد بالمهمة السهلة. يقول الشارح :"يقول لو أن هذه العصفورة لا تتغنى لشوقتني وحسبتها تنادي بأسماء أحبائي لتثير لي شوقهم،فكيف وهي تتغنى بألحانها؟! وأصوات الحمام من ما يثير الشوق عادة. وعبيد وأزنم : بطنان من يربوع،تشبب حميد بن ثور – رحمه الله – بنسائهما،كما مر. ولعل عبيدا هذا : عبيد بن ثعلبة بن يربوع،أبو بطن من بني يربوع،وهو الذي يذكر في هذه القصيدة من أولها إلى آخرها بني يربوع،فذكر بني رياح وبني أزنم وبني عبيد"..(.. )وقول الشارح : "كما مر": يشير به إلى أن "أزنم"تقدم ذكره في الرواية الشنقيطية من ميمية حميد في البيت : 2 :
    أراك زنيما إن تعرضت ليلة لأدم رياح أو لغزلان أزنما
    ولكن الواقع أن هذ البيت لأبي العلاء المعري،ولا علاقة له بميمية حميد،كما تقدم.ويقول الشارح في شرح هذا البيت الأخير :"ورياح – ككتاب – وأزنم : بطنان من بني يربوع بن حنظلة،وسيأتي قوله :
    فلو أنها عصفورة لحسبتُها مشوقَة تدعو عبيدا وأزنما
    ولعله يريد بعبيد : عبيد بن منقر،وهم بطن أيضا من تميم. خاطب نفسه فقال :"أعلم أنه لا يمكنك وصال نساء هذين الحيين إلا وأنت غريب في قوم غير قومك،لأنهما من تميم وأنت من بني هلال بن عامر بن صعصعة،ومنازلهم بعيدة عن منازل قومك".وقد أثارت أبيات أبي العلاء التي أدرجتها الرواية الشنقيطية في الميمية،متاعب أخرى للشناقطة،فقول أبي العلاء – وهو البيت : (33) من الرواية الشنقيطية - :
    يرين على ما ليس يمكن قدرة ويعملن في كيد الفوارس هِنَّما
    غرضه الأصلي أقرب إلى الزهد منه إلى الغزل،ولكن الرواية الشنقيطية أدرجته في غرض الغزل،فكان لابد من معالجته ليوائم الغرض الجديد،وذلك لجعله تعبيرا مجازيا،كما يقول الشارح : "أي : يسحرن الرجال الأبطال والفوارس،ولا يريد أنهن ساحرات بالفعل،وإنما يريد أنهن يحبهن الرجال بلا سبب ظاهر،وما لا يظهر سببه يحمل على السحر فكأنهن يُعملن خرزات التأخيذ التي هي السحر إذا أردن أن يكدن الأبطال".){ ص 107 – 108 }.ويستمر"الاقتابس" من أبي العلاء :(ومما ينسجم مع الزهد أيضا،قول أبي العلاء المعري في الأبيات السابقة :
    فلا تبك جُملا إن رأيت جمالها .. تسنمن من رمل الغضا ما تسنما
    ولكنه معنى لا ينسجم مع غرض الغزل الذي أدرجته فيه الرواية الشنقيطية،فكان لابد من معالجته بنقله من النقيض إلى النقيض : من النهي إلى الأمر،فقد صارت الرواية الشنقيطية – البيت نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي 3) - :ألا فابك جملا إن رأيت جمالها تسنمُ من رمل الغضا ما تسمنا ){ 108 - 109}.هكذا تغيرت الكلمة الأخيرة في البيت من"تسنما" إلى"تسمنا"!حتى"الميمية" أصبحت – هنا - "نونية"! ما حكاية الشناقطة مع سيدنا حُميد رضي الله عنه!ومن"المعري" إلى "عمارة" :(وكذلك بيت عمارة بن راشد – وهو البيت : 32 من الرواية الشنقيطية :
    فأما الأولى يسكن غور تهامة فكل فتاة تترك الحجل أفصما
    فقد استوجب جهدا لا يستهان به أيضا،لتسويغ وضعه في محله،وملاءمته لسياقه الجديد،ومعالجة تنافره الواضح مع سائر الأبيات،فقد بنته الرواية الشنقيطية على أبيات أبي العلاء المعري،وربطته بها،لينسجم الجميع في خلطة"ميمية حميد". يقول الشارح عنه :"ولما ذكر في أول قصيدته نساء حيين من بني يربوع بن حنظلة،وهما بنو رياح وبنو أزنم،وكان الحيان في أماكن متباينة،أخذ من أول القصيدة في النسيب على نساء أحد الحيين،وهم أهل نجد وهو بنو أزنم،فذكر في نسيبه مواضع من نجد،فعرف بذلك أن مراده نساء بني أزنم،وهم،من أهل نجد،ومنازل بني رياح تهامة،أخذ هنا في النسيب بنسائهم،فأول ما قال فيهن : "فأما الأولى يسكن (...) إلخ "){ ص 109}.انتهى القسم الأول ...أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني

  2. #2
    أسعد الله صباحك أخي الكريم محمود مختار الشنقيطي
    تعلم أني ليس لي في الشعر والمجال الأدبي ولكن هذه معلومة قرأتها الآن عن (شنقيط) بلدكم في موريتانيا أغبطت أهلها عليها، أردت أن أشاركك والمتابعين فيها فهي مهمة ولا يعرفها إلا ما ندر:
    كلنا سمعنا قبل كده الإيفيه الشهير "يا لك من شنقيط" فهل تعرف المعنى العظيم لهذه الكلمة؟
    في عام 1300 هجرية وفد إلى الأزهر أحد "الشناقطة"، نسبة إلى بلدة "شنقيط" بدولة موريتانيا، وهو الشيخ "محمود التركزي" ليطالب بالإمامة في اللغة العربية، لأنه يحفظ القاموس المحيط لـ "الفيروز أبادي" وعندما أجلسوه للاختبار، قاموا بتصحيح نسخهم الأزهرية على حفظه، وقام أيضا بتصحيح كتاب "المخصص" لـ "ابن سيدة"، وغيره من الكتب، فلما انتهى من تصحيحاته رفض "محمد عبده" خروجه من مصر حتى يقوم بمراجعة نسخ أمهات الكتب في اللغة العربية بالأزهر، وأجرى له مالا ..
    وقد تحدث "طه حسين" عن الشيخ في كتاب "الأيام" بإسم "الشنقيطي" ..

    ويذكر لنا التاريخ أيضًا مقولة العلامة "ابن الحاج ابراهيم العلوي" عندما قال:
    "إن علوم المذاهب الأربعة لو رمي بجميع مراجعها في البحر لتـمكنت أنا وتلميذي الشيخ "الديماني" من إعادتها، دون زيادة أو نقصان، هو يحمل المتن وأنا أمسك الشروح"..

    إن "الشناقطة" الذين نسخر من لفظهم ونقول #شنقيط هم خزانة وذخائر علوم المسلمين حتى الآن، ففي تلك البلدة لا يتم الولد 16 عام حتى يكون قد حفظ ألف بيت من كل بحور الشعر، وستة كتب من علوم اللغة والآداب، وعشر كتب من المتون الفقهية، وشروحها، وكتب الحديث، وهذا هو الولد العادي، وليس الموهوب، فإذا تحدثنا عن الموهوب فهو يحفظ الكتب الستة ومتون المذاهب وخاصة المالكية وشروحها وكتب الآداب والقاموس المحيط ولسان العرب، وتلك حوالي مائة مجلد ..
    إن الموهبة التي حباها الله للشناقطة لا يوجد لها مثيل، لا في زمان ولا في مكان ..
    لقد حفظ الله بهم العلوم والدين، وجعلهم الله ذخائر دينه وكنوزه، فرضي الله على كل "شنقيطي" بما حفظ في صدره من علوم المسلمين...
    رضي الله عن أهل المغرب الإسلامي جميعًا .




  3. #3
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى إنشاصي مشاهدة المشاركة
    أسعد الله صباحك أخي الكريم محمود مختار الشنقيطي
    تعلم أني ليس لي في الشعر والمجال الأدبي ولكن هذه معلومة قرأتها الآن عن (شنقيط) بلدكم في موريتانيا أغبطت أهلها عليها، أردت أن أشاركك والمتابعين فيها فهي مهمة ولا يعرفها إلا ما ندر:
    كلنا سمعنا قبل كده الإيفيه الشهير "يا لك من شنقيط" فهل تعرف المعنى العظيم لهذه الكلمة؟
    في عام 1300 هجرية وفد إلى الأزهر أحد "الشناقطة"، نسبة إلى بلدة "شنقيط" بدولة موريتانيا، وهو الشيخ "محمود التركزي" ليطالب بالإمامة في اللغة العربية، لأنه يحفظ القاموس المحيط لـ "الفيروز أبادي" وعندما أجلسوه للاختبار، قاموا بتصحيح نسخهم الأزهرية على حفظه، وقام أيضا بتصحيح كتاب "المخصص" لـ "ابن سيدة"، وغيره من الكتب، فلما انتهى من تصحيحاته رفض "محمد عبده" خروجه من مصر حتى يقوم بمراجعة نسخ أمهات الكتب في اللغة العربية بالأزهر، وأجرى له مالا ..
    وقد تحدث "طه حسين" عن الشيخ في كتاب "الأيام" بإسم "الشنقيطي" ..

    ويذكر لنا التاريخ أيضًا مقولة العلامة "ابن الحاج ابراهيم العلوي" عندما قال:
    "إن علوم المذاهب الأربعة لو رمي بجميع مراجعها في البحر لتـمكنت أنا وتلميذي الشيخ "الديماني" من إعادتها، دون زيادة أو نقصان، هو يحمل المتن وأنا أمسك الشروح"..

    إن "الشناقطة" الذين نسخر من لفظهم ونقول #شنقيط هم خزانة وذخائر علوم المسلمين حتى الآن، ففي تلك البلدة لا يتم الولد 16 عام حتى يكون قد حفظ ألف بيت من كل بحور الشعر، وستة كتب من علوم اللغة والآداب، وعشر كتب من المتون الفقهية، وشروحها، وكتب الحديث، وهذا هو الولد العادي، وليس الموهوب، فإذا تحدثنا عن الموهوب فهو يحفظ الكتب الستة ومتون المذاهب وخاصة المالكية وشروحها وكتب الآداب والقاموس المحيط ولسان العرب، وتلك حوالي مائة مجلد ..
    إن الموهبة التي حباها الله للشناقطة لا يوجد لها مثيل، لا في زمان ولا في مكان ..
    لقد حفظ الله بهم العلوم والدين، وجعلهم الله ذخائر دينه وكنوزه، فرضي الله على كل "شنقيطي" بما حفظ في صدره من علوم المسلمين...
    رضي الله عن أهل المغرب الإسلامي جميعًا .



    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .. أخي الكريم مصطفى إنشاصي ..
    وأسعد الله جميع أوقاتك - واوقات جميع أعضاء الموقع الكرام - .. جزاك الله خرا .. وكما تفضلت منح الله الشناقطة ذاكرة صلبة .. أعانهم بها على كسر ارتباط البداوة الراحلة بالجهل .. فالترحال خلف المياه والمراعي .. يجعل حمل الكتب من أصعب الأمور .. فإذا أضفنا العدوان الألدان للكتاب .. الماء والريح .. فسنعلم صعوبة الأمر ..
    لكن الله - سبحانه وتعالى - منه عليهم بهذه الذاكرة التي تفضلتَ بالحديث عنها ..
    جزاك الله خيرا .. وأحسن إليك .
    واسلم لأخيك / محمود المحتار الشنقيطي

  4. #4
    "الشناقطة" سَحَرَةُ الشعر!! فهل ذاكرتهم حجة! (2)
    نبدأ القسم الثاني من هذه الكُليمة،باستكمال كلام الدكتور أحمد السالكي،عن خطلة الشناقطة من ميمية حُميد بن ثور.فـ"الخلطة"أيضا دمجت بيتين .. في بيت واحد :(والبيت (19) من الرواية الشنقيطية :
    وخاضت بأيديها النطاف وذعذعت بأقيادها إلا سريحا مخدما
    هو دمج لبيتين من ميمية حميد،كما تقدم. وقد كان المعنى في الأصل أن الناقة تركت نعال قائدَيها سريحا مخدما،ولكن في الرواية الشنقيطية أصبح "السريح المخدم"للإبل نفسها،كما يقول الشارح :"يعني أن الجمال لما خاضت الماء حين أتى بها الذواد للاحتمال،فرقت أقيادها لأنها تقطعت في الماء ورمت بها،فلم يبق في أيديها إلا ما كان من سير مشدود بخدمة نعل".){ ص 109 - 110}.كان الدكتور"السالكي"قد كتب : ( وقد تدمج الرواية الشنقيطية بيتين مختلفين من الميمية في بيت واحد،فقد ذكرت المصادر بيتين مختلفين من الميمية أحدهما :
    وخاضت بأيديها النطاف وذعذعت بأقيانها إلا الوظيف المخدما
    والآخر
    وجاءت تبذ القائدَين ولم تدع نعالهما إلا سريحا مخدما
    فدمجتهما الرواية الشنقيطية في بيت واحد هو البيت : ( 19 ) :
    وخاضت بأيديها النطاف وذعذعت بأقيادها إلا سريحا مخدما){ ص 103 - 104}
    بحثتُ .. فوجدت البيت في ديوان "حُميد" بتحقيق العلامة عبد العزيز الميمني :
    وخَاضَتْ بأَيْدِيها النِّطاف وَدَعْدَعَتْ * بأَقْتادِها إلَّا سَرِيحًا مُخَدَّمَا
    أولا : معلوم،كما أشار الدكتور"السالكي" – أكثر من مرة – أن الشيخ "الميمني" وضع الأبيات التي انفرد بها "ابن الأمين" في الهامش،لا في المتن .. وهذا البيت في المتن ورقمه (13)!ثانيا : البيت لدى"الميمني" : وَدَعْدَعَتْ،بالدال المهملة،بينما نجده بالذال المعجمة،في الرواية الشنقيطية،إضافة إلى أن الكلمة الأولى،من عجز البيت في الرواية الشنقيطية"بأقيادها إلا سريحا مخدما "،بينما نجد الكلمة عند"الميمني" : "بأقتادها إلا سريحا مخدما "،بينما الكلمة نفسها في البيت الذي وصفه"السالكي"بـ"الآخر" : نعالها إلا سريحا مخدماثالثا : عند الرقم (144) من ثبتِ مصادر ومراجع الدكتور " السالكي " نجد التالي :(ديوان حميد بن ثور – تحقيق : عبد العزيز الميمني – دار الكتب المصرية – القاهرة – 1371هـ / 1951م)فكيف فات على المؤلف الكريم وجود هذا البيت في "متن"تحقيق العلامة"الميمني" لديوان "حُميد"مع اختلاف كلمة واحدة فقط؟بعد أن أبحر المؤلف الكريم في أعماق "ميمية حُميد"حسب الرواية الشنقيطية .. كتب ..(محاولة للتفسير :الرواية الشنقيطية من ميمية حميد،بشكلها المذكور أعلاه،حقل مناسب تماما لتطبيق النظريات السابقة عن الشفاهية والنص المفتوح.فمن المعلوم أن الثقافة الشنقيطية كانت ترتكز على الحفظ؛فمن الطبيعي أن يكون بعض الشيوخ المشاهير قد حفظ كل هذه النصوص،ثم نسي أجزاء من كل نص،أو تركها اختيارا،ثم تداعت هذه النصوص المحفوظة لديه،لتتقارب ثم تشكل نصا واحدا.فهذه النصوص تتضمن عناصر"جاذبية"تجذب بعضها إلى بعض لتتكتل في كتلة واحدة.فهذه النصوص كلها تشترك في الوزن والقافية والأغراض.وثلاثة أبيات من هذه النصوص من الشواهد النحوية،(..) وبيتان منها فيهما ذكر "أزنم"،(..) وبيتان فيهما ذكر تهامة وبعد أن أخذت هذه الخلطة شكلها الأخير،شاعت وانتشرت لدى الشناقطة؛ فأصبحت متنا يدرس فشرحها عدة منهم،وأصبحت مثالا يحتذى فعارضها بعضهم،كما تقدم.){ ص 110 - 111}.أعتقد أن استقامة هذا التفسير تحتاج إلى إيراد نماذج أخرى, حصل لها ما حصل لميمية حُميد ,حفظها " بعض الشيوخ المشاهير قد حفظ كل هذه النصوص ،ثم نسي أجزاء من كل نص،أو تركها اختيارا،ثم تداعت هذه النصوص المحفوظة لديه ،لتتقارب ثم تشكل نصا واحدا."أما أن يكون هذا الأمر قد حصل مع ميمية حُميد فقط , فأمرٌ يستحق دراسةً مستقلة.أشرتُ في بداية هذه الأسطر إلى أنني سوف أترك نصا نقله الدكتور"السالكي"إلى أن يأتي وقته .. وقد جاء .. والنص المقصود حول"الشفاهية" :(إذا فُرض أن الالفية والشواهد بفعل العوامل السابقة،قد اقتربا من التحول إلى نص شفاهي لدى الشناقطة ،فلن يُستغرب إذا كثرت فيهما التحويرات الناتجة عن الشفاهية ،فتلك أبرز مميزات النصوص الشفاهية ،فـ"القصيدة الشفاهية لا تقوم على نص ثابت،وهي نص متغير ومتبدل على لسان كل منشد،وكل منشد يغير في كلماتها وجملها وفي أبياتها،وله الزيادة فيها أو الحذف منها،ويدخل فيها عناصر جديدة ويلغي منها أخر،مع كل حالة إنشاد بل ربما غير المنشد القصيدة تغييرا كاملا،ولذا فإن الشعر الشفاهي سائب التكوين،ويتجدد إبداع القصيدة على لسان كل منشد. والمنشد الشفاهي لا يحتاج إلى حفظ القصيدة في ذاكرته،وليس للحفظ مكان لدى الشفاهيين،ومهارة الشفاهي لا تعتمد على ذاكرته،ولكن على إتقانه لمجموعة من الصيغ الهيكلية،والنمطيات القولية،ومجموعات من الأسماء والأحداث،وتشكل له هذه إطارا شكليا يحشوه بما يلائم موقف الإنشاد. ومن ثم ليس هناك إبداع فردي وليس هناك نص معين لشاعر معين،والنصوص تكون نشاطا شفاهيا مشاعا كممارسة إنشادية دائمة التغير والتبدل،والشفاهي – إذن – نص نمطي مشاع،أما الكتابي فهو نص فردي غير نمطي) : في الهامش : "القصيدة والنص المضاد : 11 – 12. وانظر دراسة موسعة حول هذا الموضوع،في"هل الشعر الجاهلي شفهي مرتجل"؟ للدكتور عادل سليمان جمال،(..) وانظر ايضا : الخبر في الادب العربي،دراسة في السردية العربية ){ ص 80 – 81 }.نقلتُ النص بطوله – قبل ان أبدأ في الكتابة – لما فيه من غرابة .. ثم بدا لي كأنه يتحدث عن "نص شعبي ملحمي"لا توجد حاجة لحفظه .. فهو نص مفتوح .. كما تذكرت كذلك د.طه حسين و الشك في الشعر الجاهلي .. إلخ.بحثت عن الكتاب الذي نقل عنه المؤلف الكريم هذا النص .. فوجدتُ الكتاب،وهو للدكتور عبد الله الغذامي فوجدته يقول قبل النص المنقول :(ومصطلح "الشفاهية"كما تشكل لدى باري و لورد في دراستهما عن الشعر اليوغسلافي ،وقياسهما على ملحمة الإلياذة،يعني أنه شعر نمطي"Formulaic"،والقصيدة الشفاهية لا تقوم على نص ثابت،وهي نص متغير ..) {ص11( القصيدة والنص المضاد )} , إلى آخر ما نقل الدكتور"السالكي"ثم يضيف "د.الغذامي" :(إن في الجاهلي شفاهية تختلف عن هذه الشفاهية.ففي حين أن النص الجاهلي نص كتابي "فردي،ثابت"،فإن الشفاهية فيه هي شفاهية الرواية،ولقد امتزج هنا صنيع الراوي بصنيع الشاعر فاشتبه الأمر علينا ..){ ص 12 (القصيدة والنص المضاد)}.هل نستطيع أن نقول أن نصوص أدبنا الجاهلي "لا تحتاج إلى الحفظ" أو تشبه قول"د.الغذامي" حين تحدث عن "الشفاهية" : (والمنشد الشفاهي لا يحتاج إلى حفظ القصيدة في ذاكرته).ألا تبدو هذه قضية مختلفة تماما عن واقع الرواية التي من أهم أدواتها "الحفظ" ؟لا أستطيع أن أعيد النص الطويل الذي نقله الدكتور"السالكي" عن "د.الغذامي"والذي حاول فيه الاتكاء على أفكار "باري و"لورد"في دراستهما للشعر اليوغسلافي .. ولكن يستطيع القارئ الكريم أن يرفع عينه ويقرأ النص الطويل .. ثم يقارنه برأي رجل "غير أكاديمي" نقله الدكتور"السالكي" عن شاعر تنبه لخطورة "الشفاهية" :(وقديما فطن ذو الرمة إلى مستوى التحوير الذي تلحقه الشفاهية بالنصوص عند أهل البادية،فقال لعيسى بن عمر :"اكتب شعري،فالكتابة أحب إليَّ من الحفظ،لأن الأعرابي ينسى الكلمة وقد سهر في طلبها ليلته،فيضع في موضعها كلمة في وزنها،ثم ينشدها الناس،والكتاب لا ينسى ولا يبدل كلاما بكلام / في الهامش : الحيوان 1 / 41 ){ص 81 ( الرواية الشنقيطية ..}.هنا يبدو رأي "صاحب مي" قريب المأخذ .. وضع"كلمة" مكان أخرى في وزنها .. ولا يصل الأمر حد "عدم الحاجة للحفظ "أصلا.أشرتُ قبلُ إلى أنني تذكرتُ قضية"الشك في الشعر الجاهلي" .. فوجدتُ الدكتور"الغذامي" يقول في بداية كلامه :(ستظل الأسئلة قائمة ومستمرة حول الشعر الجاهلي،ولن نصل إلى إجابات تحسم التساؤل،لأن أسباب الشك كثيرة،وربما تكون موضوعية أيضا إذا ما رأينا كثرة الشاكين ممن نثق بعلمهم ونواياهم. ولكن أسباب اليقين كذلك موجودة وكثيرة هي،و موضوعية أيضا){ ص 9 (القصيدة والنص المضاد )}.غني عن القول أن وجود الشعر الجاهلي ،فضلا عن الشك فيه ... لا يغير شيئا من "ثوابت الدين" .. فمن شاء الشك فله ذلك .. ومن شاء اليقين فله ما أراد .. وكما قال الدكتور"الغذامي" الأسباب الموضوعية لوجهي العملة متوفرة .. ولكن ..!ولكن ،علينا عدم نسيان نقطتين :الأولى : أن كثيرا من "التدليس" حصل في قضية عميد الأدب العربي ،الدكتور طه حسين .. فقد ملئت الصحف بأنه حورب بسبب شكه في الشعر الجاهلي .. وهذا تدليس .. فالمشكلة الحقيقية ، في كتاب " الشعر الجاهلي" – قبل تهذيبه- هي قول الدكتور "طه":(للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل،وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضا،ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي،فضلا عن إثبات هذه القصص التي تحدثنا بهجرة إسماعيل وإبراهيم إلى مكة..) {نقلا عن : (المؤامرة على الإسلام فيما كتبه د.طه حسين) / للدكتور جمال عبد الهادي وآخرين / القاهرة / دار الوفاء للطباعة والنشر / 1991م.}.النقطة الثانية : معلوم وجود من يشكك في "السنة المطهرة "،لا في حجيتها فقط ،بل و في ثبوتها أصلا .. والتشكيك في" الشعر" بحجة "الشفاهية" قد يردم الهوة .. وينقل .. أقول قد ينقل الأمر من "الشعر" إلى ما هو أهم من الشعر .عذرا إن تشعبت بي سبل الكلام .. وتهتُ عن الموضوع الأصلي وهو "ميمية حُميد" وما فعل بها الشناقطة .. في روايتهم لها.بعد أن اورد الدكتور أحمد السالكي، عشرة أبيات من الرواية الشنقيطية للميمية , كتب قائلاً : ( فهذه الأبيات العشرة ليست في النسخة التيمورية (..) وليست في شرح ابن مسافر للميمية ،ولم يجد لها العلامة عبد العزيز الميمني تخريجا ،وكذلك د.البيطار){ ص 95}ويعلق نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي فهل هذه الأبيات "أصلية" لكنها من خبايا الزوايا ،لا تزال مقبورة ،في أحد المراجع غير المنشورة ،أو غير المشهورة؟أم هي لأحد الشعراء الشناقطة؟ وهم المعروفون بدقة تقليدهم للشعر القديم ،حتى كأن الواحد منهم "عربي أخره الله){ ص 96}.في الهامش أن هذه العبارة قالها ( الإمام محمذون فال بن متالي التندغي في الشاعر الكبير محمد بن الطلبة اليعقوبي).أفتح هامشا هنا .. إذ أنني أعتقد أن البعض قد لا يقدر إشارة الدكتور"السالكي"إلى قدرة الشناقطة على سبك شعر يشبه الشعر الجاهلي .. فهم حفاظ لغة .. بدو رحل .. تشبه حياتهم،كثيرا،حياة ألئك الشعراء .. بقي في ذاكرتي أبيات من قصيدة للشاعر"الذئب الحسني" – من نقائضه مع الشاعر مَمُّ الجكني – يقول"الذئب" :
    قل للديار وإن أولى به الزمن بذي النقي سقاك العارض الهتن
    جادتك من هيدبات النجم واكفة يجلى بها عن مبادي عهدك الدرن
    (..)
    دور الحبائب أزمان الصفاء لدن كانت تحل بهن النسوة الأهن
    من كل ذي زورة بض ملاغمها تمشي كما اهتز فوق الدعصة الفنن .. إلخ.
    أعود إلى الموضوع : تمنيتُ لو أن الدكتور"السالكي" طرح،إضافة إلى أسئلته المنطقية ،سؤالا إضافيا .. يستحق أن تقوم على أعمدته دراسة خاصة .. والسؤال هو :لماذا حُميد بن ثور الهلالي؟بمعنى آخر .. هل فعل "الشناقطة"بنص شعري آخر ما فعلوه بميمية حُميد؟ اختاروا منها أقل من نصفها .. طرزوها بأبيات من هنا وهناك .. وعبر عصور مختلفة!!هذا أمر لافت للنظر .. وعلينا ألا ننسى قضية في غاية الأهمية .. وهي مقدمة يطرحها ،تقريبا ،كل من كتب عن تاريخ الأدب الشنقيطي .. ذلك الأدب الذي وُجد ناضجا في القرن الثاني عشر الهجري!وهذا يعني وجود فجوات .. وفجوات .. تسمح بافتراض اطلاع الشناقطية على كتب من تراثنا الضائع .. وربما يكون من ضمنها تلك الأبيات العشرة التي لم يتم العثور عليها في أي مصدر .. نستطيع أن نسأل أيضا .. من الآن وحتى نعثر على نص آخر صنع به الشناقطة ما فعلوه بالميمية .. هل كان هذا الخلط الذي فُعل بالميمية .. مجرد "أنموذج" اختبار .. وهذا كان يُفعل في أسانيد الحديث الشريف .. فهل تحول ذلك "الأنموذج" إلى نص معتمد .. لسبب ما .. وشاع بعد ذلك؟مجرد أسئلة .. قد تكون مثل أسئلة الشك في الشعر الجاهلي .. لن تجد إجابة قاطعة.أطلتُ؟ يبدو ذلك .. ولكنني لم أنته بعد ..سبق أن نقلتُ قول المؤلف الكريم،أن عدد أبيات ميمية "حُميد"..( في شرح ابن مسافر 152 بيتٍ،ونجد نص الميمية الوارد في منتهى الطلب 120 بيتٍ،ونجد نص الميمية الوارد في المخطوطة التيمورية 119 بيتٍ ..){ ص 92 (الرواية الشنقيطية ..}وقد وقفتُ على من أوصل عدد أبيات الميمية إلى (185) بيتٍ!!وذلك عبر دراسة عنوانها :(تجليات الفضاء المفتوح في ميمة حُميد بن ثور الهلالي "دراسة العناصر القصصية في القصيدة " : د,سمر الديوب :جامعة تشرين /(يهدف هذا البحث الى دراسة العناصر القصصية في ميمية حُميد بن ثور الهلالي من خلال دراسة تجليات الفضاء في هذه القصيدة،وقد بلغت مئة وخمسة وثمانين بيتا ..){ مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية – سلسلة الآداب والعلوم الإنسانية المجلد (30) العدد (1) 2008"نسخة إلكترونية"}.وبعد .. بعد شكر الدكتور أحمد بن كوري السالكي،على ما بذل من جهد .. أقول من الآن وحتى تُقدم لنا نماذج فَعل بها الشناقطة ما فُعلوه بميمية "حُميد".. فإن ما فُعل بالميمية المذكورة قد يكون "الشذوذ الذي يؤكد القاعدة" ويبقى لسطوة قوة الذاكرة الشنقيطية حضورها الصلب .. كما سيظهر في الجزء الثاني من الحوار مع هذا الكتاب .. أو مع المؤلف الكريم.أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني

  5. #5







    الوقوع تحت"سطوة" الذاكرة الشنقيطية .. الصلبة
    هذا هو القسم الثاني من الحوار مع كتاب ""الرواية الشنقيطية من الألفية والشواهد النحوية"،وهو من تأليف الدكتور أحمد كوري بن يابة السالكي،والكتاب من منشورات دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة.في البدأ تحدث المؤلف الكريم عن"ظاهرة"شنقيطية غريبة .. هي التسرع في تصويب ما بدا لهم أنه خطأ .. يقول :(يبدو أن الشناقطة كانوا جرآء على تصويب ما يرون أنه خالف الصواب من المتون،فكانوا يصوبون في متن النص وبدون إشارة تميز بين التصويب والنص الأصلي،رغم أن العلماء قد نصوا على منع ذلك،كما يقول الإمام الدردير في شرحه لقول خليل :"فما كان من نقص كملوه ومن خطأ اصلحوه ":"أصلحوا ذلك الخطأ بالتنبيه عليه في الشروح أو الحاشية أو التقرير (...) من غير تغيير وتبديل في أصل الكتاب،فإنه لا يجوز ولا إذن فيه لأحد؛كما هو ظاهر".ويقول الدسوقي في التعليق عليه :"لأن فتح هذا الباب يؤدي لنسخ الكتاب بالكلية ،لأنه ربما ظن الناسخ أن الصواب معه مع كون ما في نفس الأمر بخلافه".وقد نتج عن هذه الجرأة أن المؤلفين الشناقطة أصبحوا يُوجسون في أنفسهم خيفة من هذه التصويبات التي يرون فيها عبثا بثمرات فكرهم؛فكثر تحذير المؤلفين الشناقطة أولا من التسرع والجراءة على التصويب قبل التأكد من وجود الخطأ؛وكثر تحذيرهم ثانيا من إدراج هذه التصويبات في متون كتبهم؛وصاروا يرشدون المصوبين إلى أن يتأنوا قبل التجرؤ على التصويب, وإذا كان لا بد من التصويب فليكتفوا به في الهامش؛أو في كتاب مستقل،بدون العبث بالنص الأصلي. حتى صار هذا الخوف هاجسا لدى المؤلف الشنقيطي ،وتكرر من كثير من المؤلفين.){ ص 122 - 123}.ثم استشهد على هذا الهاجس بكلام لعدة مؤلفين :(الإمام محمد اليدالي ( 1096 – 1166هـ) (...) والشيخ أحمد البدوي المجلسي (1158 – 1208هـ) (...) الشيخ أحمد بن محمد الحاجي (ت 1251هـ ) (...) والشيخ الطالب عبد الله الجكني ( القرن 13هـ) (...) والشيخ محنض بابة بن عبيد ( 1185 – 1277هـ) (...) والشيخ محمد المامي ( 1202 – 1282هـ) (...) والحسن بن زين القناني ( ت : 1315هـ) (...) والشيخ ماء العينين ( 1246 – 1328هـ) (...) والشيخ محمد العاقب بن مايابى الجكني ( ت : 1327هـ ) (...) الشيخ سيدي المختار بن محمد الناجم الجكني ( ت : 1418هـ ){ ص 123 - 127}.ويقول عن الشيخ محمد محمود بن التلاميد" :(كان الشيخ ابن التلاميد في تصحيحاته الكثيرة وفيا لطريقة الشناقطة؛فكان يعتمد ما يرى أنه صواب ويدرجه في المتن؛حتى لو خالف النسخ المعتمدة لديه في التصحيح. وقد أثارت طريقته هذه استغراب المشارقة؛كما يقول محمد عبد الجواد الأصمعي،عن تصحيح ابن التلاميد لكتاب الأغاني :"فلقد كان الشنقيطي – رحمه الله – يكتب صواب الكلمة تارة بالهامش،وطورا يكشطها ثم يكتب صوابها بغاية الدقة في موضعها الأصلي،وآونة يصلح الحرف المغلوط بالحرف الصحيح كالدال في موضع الراء،ومرة يكشط نقطة أو يضيف على الموجودة أخرى،أو يعجم الحرف المهمل أو يهمل المعجم،وهلم جرا : وذلك كله في نفس الكلمة المطبوعة،وبطريقة لا تكاد تظهر إلا بإنعام النظر وكثرة التأمل،من ما يفضي في كثير من الأحيان إلى الاستعانة بالنظارة العدسية".{ في الهامش : تصحيح كتاب الأغاني : المقدمة غير مرقمة. ومثله في الاغاني "ط. دار الكتب المصرية": 1 / 48"مقدمة التصحيح"}..){ ص 127}.ويضرب الأمثلة :(ومن مُثل اعتماد الشيخ ابن التلاميد لاجتهاداته المخالفة لما في المراجع،ورفضه لما تتفق عليه النسخ،أن المعري ذكر في رسالة الغفران هذين البيتين :
    خرجنا من الدنيا ونحن من آهلها فما نحن بالأحياء فيها ولا الموتى
    إذا ما أتانا زائر متفقد فرِحنا وقلنا : جاء هذا من الدنيا
    قالت بنت الشاطئ في التعليق على البيت الأول :"يروى الشطر الثاني هكذا في متن المخطوطات جميعا ،لكن الشنقيطي كتب بهامش ش :"قلتُ : صوابه : فما نحن بالأموات فيها ولا الأحيا "..){ ص 129}.ومثال آخر :(وقد التزم الشيخ ابن التلاميد بهذه المنهجية في تصحيح معجم"المخصص"لابن سيده؛فضبط"عُمَرِ"بالكسر في حالة الجر،بدون اعتبار لما في الأصل ،وكتب عليها في الهامش :"بكسر الراء؛لأن"عُمَراً"مصروف قطعا،باتفاق العرب سماعا وقياسا ،لأنه منقول عن جمع نكرة ،وهو "عُمَرٌ" جمعُ "عُمْرَة", وثبت في الصحيح :"اعتمر رسول الله صلى عليه وسلم أربع عُمرٍ". وما وقع في بعض كتب اللغة من رسم ما في هذا البيت بفتح رائه ورقم الف بعدها ،فهو خطأ محض ،تقليدا لكثير من الأقدمين سبقت أقلامهم في أنه معدول ،دعوى مجردة بلا حجة ولا دليل قطعي للعرب. وكتبه محققه محمد محمود ،لطف الله به تعالى .آمين.){ ص 129 - 130}.هكذا جاءت"به" بين لفظ الجلالة و"تعالى"!من هذه الظاهرة .. وقبل أن نصل إلى ما يتعلق بسطوة الذاكرة الشنقيطية الصلبة .. يحدثنا المؤلف وجود روايات مغربية،وأخرى مشرقية،لبعض الكتب :(ليس من المستغرب أن توجد رواية مغربية مقابل رواية مشرقية لأثر ما ؛فديوان أبي فراس الحمداني مثلا، توجد رواياته المشرقية ،وتوجد مقابلها روايته المغربية ،التي يقول عنها د.محمد بن شريفة في مقدمة تحقيقه لها :"إن النسخة المغربية من ديوان أبي فراس ،تمثل المتن الذي عرف لدى المغاربة من شعر هذا الشاعر الفارس ،وهو متن يختلف أحيانا من حيث العدد والترتيب والصيغ ،عن متن النسخ المشرقية". ويقول معلقا على النص الأول من الديوان :"تختلف هذه الرواية عن الرواية المشرقية ،ولا تتفق معها إلا في الآية الكريمة".وفي بعض النسخ المغربية من ديوان المتنبي،زيادات كثيرة من الشعر المنسوب إليه،لا توجد في النسخ المطبوعة من ديوانه.{ في الهامش : انظر : أبو تمام وأبو الطيب في أدب المغاربة 291 - 304}...){ ص 162}.ثم يبدي الدكتور"السالكي" تعجبه من تجاهل بعض المصححين،وبعض المحققين،للرواية المغربية :(من الغريب أن بعض المصححين والمحققين يجعل الرواية المشرقية هي "الألفية" ولا "ألفية" غيرها!!فمصحح نسخة شرح المكودي المطبوعة مع حاشية ابن حمدون ،يطعن في بعض الروايات الواردة في شرح المكودي ،بأنها مخالفة لنسخ الألفية!! وهو يعني بـ"الألفية" الرواية المشرقية لأنه لم يسمع بغيرها.وكذلك محققة النسخة المحققة من شرح المكودي ؛ففي البيت : 2 :
    مصليا على الرسول المصطفى وآله المستكملين الشرفا
    وردت رواية "الرسول" الرواية المغربية في خمس نسخ ،ووردت رواية "النبي" الرواية المشرقية في نسختين .لكن المحققة رجحت هذه الرواية الأخيرة لأنها هي التي في"الألفية"ومقصودها بـ"الألفية"هو الرواية المشرقية ؛إذ يبدو أنها لم تسمع بغيرها!!){ ص 174}.ويقول أيضا :( فالرواية المشهورة :
    في الباقيات واضطراراً خَفَّفَ مني وعني بعض من قد سلفا
    والرواية الشنقيطية :عني ومني . وقد أورد الشيخ ابن الأمين الرواية الشنقيطية في كتابه " الدرر اللوامع" في طبعته الأولى التي أشرف عليه بنفسه , لكن محقق الكتاب في طبعة دار البحوث العلمية عبد العال سالم مكرم غيّر البيت إلى الرواية المشهورة بحجة أنه محرف !! فقال في الهامش " وفي الأصل " عني ومني " , تحريفٌ " .أما محقق الكتاب في طبعة دار الكتب العلمية محمد باسل عيون السود فقد غير البيت – ببساطة – إلى الرواية المشهورة , وبدون أن يكلف نفسه الإشارة إلى ذلك .) { ص 183 – 184 }نصل الآن .. إلى ما يتعلق بالذاكرة الشنقيطية .. والآمنة تقتضي أن أقول أن الأصل في الأسطر وجود "تجاذب" بين فكرتين،أو هكذا بدا لي لأمر عند قراءتي الأولية ..فكرة سطوة الذاكرة أو الرواية الشنقيطية .. من جهة وتجاهلها من جهة أخرى .. كما رأينا في حالة العلامة عبد العزيز الميمني،والذي من الواضح أنه لم يقطع تحت سطوة ذاكرة الشناقطة .. فوضع ما انفرد به الشيخ أحمد بن الأمين،من ميمية حُميد في هامش الكتاب لا في متنه .. وكما فعل عبد العال سالم مكرم مع"الدرر اللوامع"كما مر سالفا.أقول للأمانة أنني حين عدت لما نقلته وجدتُ،من خلال الأمثلة التي ساقها المؤلف الكريم،أن سطوة الذاكرة الشنقيظية أكثر من الأمثلة التي تظهر عكس ذلك .. مما كاد أن يصرفني عن متابعة الكتابة. ولكن ماذا أفعل بالنصوص التي نقلتها ؟كما يقول المثل"اشريتك ببارا ما تمشي بخسارة" ما دمتُ قد نقلتُ.. فسأكتب ..!!يقول الدكتور "السالكي" :( بسبب مكانة الشنقيطي , لم يعد العلماء يثقون إلا في تصحيحاته , فلا يثقون في النسخ المتداولة لكثرة ما فيها من الأخطاء , كما يقول حسام الدين القدسي :" الناس يسكنون إلى كتب الأستاذ الشنقيطي , لا سيما ما تعهده بالتصحيح " .ويقول المنار عن المعلقات :" نسخُها التي في الأيدي غير موثوق بضبطها وصحتها , لذلك انبرى الشيخ أحمد عمر المحمصاني إلى تصحيحها وضبطها على الشيخ محمد محمود الشنقيطي ". (...) ويقول محمد شاكر الخياط النابلسي الأزهري عن الهاشميات :" لكني وجدتُ النسخة التي أنقل منها قد غيرتها يد الحدثاني , ولعبت بها رياح التحريف والتصحيف , فرجوت شيخي وأستاذي وموئلي الأمام الحجة الثقة المحدث اللغوي الخبير الشيخ محمد محمود بن التلاميد الشنقيطي الشهير , أن أضبطها عليه , فلبى رجائي ". ) { ص 229}ويضرب مؤلفنا الكريم مثالا:
    ( وفي قول طرفة : تذرُ الأبطال صرعى بينها ما يني منهم كميٌ منعفرْ
    اتفقت النسخ والروايات – ومنها رواية الأعلم – على " تذر" بالتاء , وانفردت رواية ابن الأمين الشفهية لرواية الأعلم بـ"نذر " بالنون , وشرحها بقوله : " نترك ". فأثبت المحققان هذه الرواية الشفهية بين الروايات . ثم جاء مهدي محمد ناصر الدين , فنقل في نشرته للديوان هذه الروايات " الشنقيطية" (...) نذر , كما هي , ولم يذكر رواية غيرها وكأنها هيا الرواية الوحيدة المجمع عليها !!وجاء عبد الرحمن المسطاوي , فنقل في نشرته للديوان هذه الروايات " الشنقيطية" , كما فعل زميله تماماً !!ولا شك أن عذر الرجلين أنهما وجدا نشرة من الديوان عليه اسم " الشنقيطي" , وكفا , فتلك نسخة لا تقابل إلا بالتقديس والتقليد ){ص 240-241 }هنا لابد من وقفة .. ففي تصوري أن علينا أن نفرق بين جيل من رواد التحقيق والتصحيح .. وبين جيل آخر .. جاء بعده بعقود .. وقد طغى البحث عن"شهادة" أو نشر كتاب في نشرة تجارية .. على المشهد .. فأفرز ذلك تسرعا .. واستسهالا للأمر .. وسطوا على جهود السابقين.. أحيانا.نعود إلى مكانة الذاكرة الشنقيطية .. وكنتُ أتمنى على مؤلفنا الكريم لو أنه تجنب استعمال عبارة "تقديس الرواية الشنقيطية"،واكتفى بعبارة أخف،مقل"احترام"،كما فعل الأستاذ"المقدسي".يقول الدكتور"السالكي" :(وقد بلغ تقديس النسخة الشنقيطية حدَّ أن صار المصحح إذا قطع بوجود خطأ فيها لا يستطيع أن يسمي الأشياء باسمائها ويقول إن هذا خطأ , احتراماً لقداسة النسخة الشنقيطية!! كما يصرح بذلك حسام الدين المقدسي :" وقد أمُرُّ بالخطأ في إحدى النسختين أنبه على اختلاف النسختين , ولا أصرح بالتخطئة لاحترام النسخة الشنقيطية ولظهوره بنفسه "..){ص 223}.لعل عبارة"و لظهوره بنفسه" تحتاج أن نضع تحتها أكثر من خط .. فشتان بين "القداسة" وخطئٍ .. ظاهر بنفسه!! ويبقى البشر بشرا.تحدث المؤلف الكريم عن وجود روايات مغربية وأخرى مشرقية .. ويبدو أن"التوثيق" في الهوامش فيه المغربي والمشرقي أيضا!! فبعد نقل كلام الأستاذ"المقدسي" كُتب في الهامش : ( م.س: 3 ) و يقصد : " مر سابقاً " ص 3،والكتاب الذي مر سابقا،هو : (القصد والأمم بالتعريف بأصول أنساب العرب والعجم "مقدمة الناشر").الذي أقرأه دائما هو ( المرجع السابق) أو (السابق) .. وعليه يبدو أن (م س) هي النسخة المغاربية !نعود إلى ذاكرة الشناقطة والتي وصلت من الصلابة،والثقة فيها حدا .. جعل مؤلفنا الكريم يصفها بـ"القداسة"وإن وصفها"المقدسي" بـ"الاحترام"،كما سبقت الإشارة.أولا : علينا ألا ننسى أثر الشناقطة في جيل النهضة بمصر .. ( ويقول د. عبد الله الطيب :" وقد كان في بلاد شنقيط علمٌ وتبحر في العربية وعلومها وأسانيد رجالها وحفظٍ متقن. وقد كان لمحمود بن التلاميد الشنقيطي أثر كبير على رواد جيل النهضة بمصر , كالشيخ حسين المرصفي صاحب " الوسيلة".){ ص 216}.فهذه الريادة منحتهم تلك المكانة السامية .. والثقة التي حصلوا عليها.ثانيا : نستطيع أن نتخيل مشهدا .. لم نقف عليه .. وهو أن يأتي أستاذ ما أو تلميذ ما للشيخ محمد محمود بن التلاميد – مثلا – فرحا بحصوله على ( المخصص ) لابن سيده .. فيقول له الشيخ .. افتح الصفحة الأولى .. ثم يبدأ في القراءة .. لا يخطئ .. حتى يُتم الكتاب!!وحفظ "كتاب كامل" ليس أمرا مستغربا لدى الشناقطة .. وقد نقل مؤلفنا الكريم عن : ( حسن السقاف معددا حفاظ الحديث :".. والعلامة محمد حبيب الله الشنقيطي ( ت : 1363هـ ) صاحب "زاد المسلم"،وكان قبله ابن التلاميد التركزي،ومن محفوظاته – في غير علم الحديث – كتاب القاموس المحيط في اللغة الذي يحوي ثمانين ألف مادة".){ ص 71 ( الراواية الشنقيطية ..)}.ذاكرة بهذه القوة والصلابة ... لا يُلام من وقع تحت سطوتها .. خصوصا من عاين بنفسه.ومن خارج الكتاب الذي بين أيدينا،نجد الدكتور محمد حجي،قد كتب في مقدمة تحقيقه لـ"الرحلة الحجازية" عن صاحبها "الولاتي" :( كان عالما مشاركا،محدثا،حافظا،فقيها أصوليا،أديبا شاعرا ناثرا. (..) منفتح العقل حاد الذكاء،طويل النفس في الحوار والمناظرة،واسع الاطلاع،قوي الذاكرة يستحضر مقاطع طويلة من كتب التفسير والحديث والفقه والأصول،كروح المعاني للألوسي،وتفسير أبي السعود،وفتح الباري للحافظ ابن حجر،والإحياء للغزالي،وعوارف المعارف للسهروردي،وقواعد الشاطبي،ومعيار الونشريسي،وجمع الجوامع للسبكي،ومرتقى الوصول لابن عاصم،ومراقي السعود لابن الحاج العلوي الشنقيطي،ومختصر خليل،وربما كان يحفظ هذه المتون الأخيرة عن ظهر قلب،إلى جانب كتب الصحاح والسنن){ص ( الرحلة الحجازية ) / محمد يحيى الولاتي / تحقيق : د.محمد حجي / دار الغرب الإسلامي / الطبعة الثانية 2009}.بالعودة إلى الكتاب الذي بين أيدينا .. نجد قول أحمد ظافر كوجان،عن الشيخ ابن التلاميد :(" وللشيخ تعليقات كثيرة على أكثر كتب الأدب والشعر واللغة , كانت مناراً لمن أتى بعده". ){ص216 ( الرواية الشنقيطية ..}.هذه جملة لافتة جدا .. "على أكثر كتب الأدب والشعر واللغة" .. ونحن نتحدث عن شيخ جاء إلى المشرق وقد تأسس علميا في بلاد شنقيط ... رغم ما يُقال عن قلة الكتب هناك!! فهل تستحق مقولة ندرة الكتب هناك إلى إعادة نظرٍ؟وبعد .. لاشك أنه بعد أن اتضح أن الفكرة الذي ظننتها تتجاذب في هذا الكتاب .. أي فكرة المبالغة في تقدير حفظ الشناقطة .. وتقابلها فكرة تجاهل روايتهم – كما فعل بعض محققي ومصححي "الألفية"و"المكودي" – بعد أن تبين لي عدم دقة هذه الملاحظة الأولية التي خرجتُ بها من قراءة الكتاب .. فلعل هذه الأسطر تكون موجهة لمن لم يقرأ الكتاب.وختاما : توجد أسماء كثيرة لعلماء شناقطة كثر مروا على المشرق وتركوا أثرا .. ولكن أعتقد – خصوصا عبر هذا الكتاب – أن الشيخين ابن التلاميد وابن الأمين كانا على رأس قائمة من تركوا دويا في المشرق .. وقبلهما .. نجد من يقول عنه الدكتور"السالكي" : ( وقبل ابن التلاميد وابن الأمين بنحو قرن , كان العلامة محمذون بن حب الله الموسوي اليعقوبي المعروف بالمجيدري ت. بعد : 1204 هـ يقوم بهذه المهمة , فمرتضى الزبيدي صاحب التاج " كان يعطي لمحمذون المجيدري ما كتب من شرحه على القاموس يصححه له , وربما خط على سطر أو سطرين من تلك الشروح , ويسلم له المرتضى " ) { ص 233 – 234}لا عتقد أن "المجيدري"ترك دويا مثل الدوي الذي تركه ابن التلاميد وابن الأمين .. وبعدهما جدد ذكر الشناقطة في الشرق الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحم الله والديّ ورحمه ورحم الجميع - صاحب كتاب "أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن" .. كنت أريد أن أشير إلى أنه ربما كان ابن التلاميد وابن الأمين في حاجة إلى دراسة مفصلة .. ثم بحثتُ عن تاريخ ميلاد هؤلاء الشيوخ – رحم الله والديّ ورحمهم – فوجدت التالي :المجيدري 1165 – 1204هـ ( 39)ابن التلاميد 1245 – 1322 هـ (77)أحمد بن الأمين 1289 – 1331هـ ( 43)الشيخ محمد الأمين 1325 – 1393هـ ( 68)الحقيقة أن من يرى مؤلفات،وتحقيقات ابن الأمين،والذي تجاوز الأربعين بقليل،يصيبه العجب .. !!تلويحة الوداع :لعل هذا يتعلق بالقسم الأول من هذه الكُليمة .. فهو يتعلق بالاختلاف بين ترتيب قصيدة ما .. أو وضع كلمة مكان أخرى ..كنتُ قد وقفت على نص "عامي" للشاعر السوداني إسماعيل حسن – 1929 / 1982م - ويوجد اختلاف بَيِّنٌ بَيْنَ عدد أبيات القصيدة وترتيب أبياتها .. والشاعر عاش،و مات في القرن العشرين!!القصيدة – كما قلت – عامية .. وطويلة جدا.و مع ذلك .. منها :اشتقت ليك ساعة المساء فرد الجناح .. لملم مصابيح النهار .. والعتمة نامت في الدروب .. والكون شرب لون الجراح .. إلخثم وقفت على نص آخر .. فصيحٍ .. فيه لقاء بين المشارقة والمغاربة .. وهو للشاعرة الشنقيطية الدكتور مباركة بنت البراء،تناجي فيه نجدا .. لعلها كتبته حين قدمت للتدريس في جامعة الملك سعود بالرياض.يقول النص :
    1 - إليك من الماضي الذي سحقا * نجد أتيت وكلي الشوق قد أبقا
    2 - نجد وينتفض التاريخ مزدهيا * عبر المسافات فياضا ومؤتلقا
    3 – نجد أتيت ومن شنقيط منزلتي * أحاور الفل والنسرين والحبقا
    4 – أشتَمُّ أرضك بوحا من ربا وطني * أشتَمُّ نوارها ريحانها العبقا
    5 – ضوع الخزامى مع الأنسام تحلمه * ريح الصبا وعبير الورد منبثقا
    6 – وصلتُ يا نجد هل تدرين كم سنة * بحثت عنك وأعييت النوى طرقا
    7 – وصلت أحمل في كفي أزمنة * ماجت بذكراك تأسيسا ومنطلقا
    8 – وظللت أسأل عن هم تلبسني * في الرمل في الشعر في طيف إذا طرقا
    9 – إني أهاجر في صمتي على ظمأ * للحرف ما أروع الحرف الذي صدقا
    10 – ما أفظع الحرف حين الحب يجعله * غيلان مية عاف الأهل والرفقا ( في رواية : ما أفظع الحرف )
    11 – يقتاد ناقته في كل منزلة * يبكي منازلها بالدمع قد شرقا
    12- ما أروع الحرف حين الحب يجعله * قيسا تبتل بالتوباد محترقا ( في رواية : ما أفظع الحرف )
    13 – يود لو أن طيفا ما يطالعه * يرعى المها ويشيم البرق إن برقا
    هنا يأتي البيت رقم "2"هنا يأتي البيت رقم"3" هنا يأتي البيت رقم "4"
    14 – تلك العهود التي في النخل منبتها * في الأثل سورتها وفي الطلح مصطفقا
    15 – تظل ما فتئ التاريخ أكبر من * كل الحدود وأفقا يلتقي أفقا
    16 – لو أن شاعرة من شجوها انعتقت * لكنت بوحا مدى الساحات منعتقا
    17 – ولست من تدعي حبا ليشغلها * ولا الفقه زوقا لأختلقا
    18 – لكن يا نجد لي سر أبوح به * إني عشقت فهل وصل لمن عشقا؟
    19 – لو كنتُ أملك من أمري رسمت مدى * لكنني قد عدمت الحبر والورقا
    هنا .. وجدنا اختلافا في ترتيب أبيات القصيدة .. ووضع مفردة مكان أخرى .. والشاعرة لا زالت على قيد الحياة .. حفظها الله.هل هذا قدرنا؟أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني






المواضيع المتشابهه

  1. "فرنسا 24" و"الحرة" … أو حين تتنكر "الدبابة" في ثوب "الميديا" كتبه شامة درشول‎
    بواسطة محمود المختار الشنقيطي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-18-2015, 10:36 AM
  2. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-31-2012, 03:13 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-13-2012, 08:03 AM
  4. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-09-2012, 09:43 AM
  5. "فيسبوك" أكبر أداة تجسس عالمية.. و"ياهو" و"جوجل" واجهتان لـ"cia"
    بواسطة شذى سعد في المنتدى فرسان التقني العام.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-21-2011, 07:52 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •