مقابلة مع المخرج الصيني زانغ ييمو
"أعـــرف نفســي، و أعــرف أنني لا يمــكن
أن انفصــــل عن الأرض حيــث نشـأت "
المخرج السينمائي الصيني الموهوب، زانغ ييمو، مصر على زعزعة «الحصرية» التي تزعم هوليوود أنها تمارسها، وحدها، على الفن السابع. لقد بات هذا المخرج واحداً من قلة من غير الأميركيين الذين يلقون الذعر في قلوب نظرائهم الهوليووديين نتيجة لأعمالهم السينمائية المدهشة التي قد تتفوق، شكلاً ومضموناً على العروض الهوليوودية السائدة، فقد أثارت تجربته الإخراجية المغايرة جدلاً واسعاً لم تنته تداعياته منذ أفلامه الأولى " السنابل الحمراء " اول فيلم صيني يحصل على الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي 1988 ، " الشيفرة السرية كوجار "، " ارفعوا الفوانيس الحمراء "، " قصة كيو جو " مروراً بأفلامه الجريئة " الحياة "، " الطريق الى البيت "، " الأيام السعيدة "، " بطل " وانتهاءً بـ " الرحلة الانفرادية لآلاف الأميال " و " زوجات وعشيقات " إضافة الى " منزل الخناجر الطائرة " و" لعنة الوردة الذهبية" .
وسيقوم مهرجان دمشق السينمائي بعرض افلام زانغ ييمو ضمن تظاهرة مخصصة له في دورته القادمة .
لاضاءة تجربة هذا المخرج الكبير ننشر ترجمة لحوار اجراه معه الناقد السينمائي " برت كاردلو" أثناء مهرجان هونج كونج السينمائيّ الدّوليّ 2007، ونشر في مجلة (الاضواء الساطعة للفيلم ) :
< كيف أصبحت مهتمّا بالسينما ؟
<< حدث ذلك تماماً بعد أن دخلت إلى أكاديميّة السينما في بكين في عام 1978 . قبل ذلك، كنت مصوّرا هاويا فقط . أُدْخِلْتُ إلى قسم التّصوير السّينمائيّ على أساس ألبوم صوري، و هناك تعرفت إلى الكثير من روائع الافلام العالمية، ذلك أشعل إعجابي بالسّينما .
< هناك قصّة مشهورة عن كيف اشتريت كاميرتك الأولى . حقّا ؟ كيف اشتريت تلك الكاميرا الأولى ؟
<< لم يكن لديّ مال كثير، يمكن أن أوفر خمسة يوان فقط كلّ شهر، أحببت أخذ الصّور و أردت امتلاك كاميرتي فعلاً . لكن لشراء كاميرا في ذلك الوقت، احتجت لأن احصل على 188 يواناً على الأقلّ ، أو أكثر من عشرين دولاراً أمريكيّاً . عرفت أنني احتاج اثنين إلى ثلاث سنوات لادّخار المال الكافي لشراء واحدة . قد وفرت بالفعل لمدّة أكثر من سنة لكنه كان غير كاف . أثناء تلك الفترة، كان ممكناً للنّاس التّبرّع بدمهم من اجل المال . لذا قرّرت عمل ذلك ! تبرّعت بدمي لزيادة مدّخراتي . أخذ الامر أشهرا كثيرة لكن كان لديّ أخيراً مال كافٍ لشراء كاميرتي الأولى . كان ذلك في تشرين الثاني1974، أنا مازلت أتذكّر . بتلك الكاميرا الجديدة بدأت في التقاط الصّور . لذا أخمّن أنّك يمكن أن تقول أنّ ذلك كان اتّصالي الأوّل مع صناعة السّينما !
< اذاً اشتريت تلك الكاميرا بدمك في الواقع ؟
<< نعم، يمكن أن تقول ذلك .
< أيّ أنواع الأفلام أردت العمل عندما تخرّجت في الأكاديميّة ؟
<< الأفلام الّتي كانت مختلفة تماماً عن الأفلام الصّينيّة التّقليديّة، بالطّبع مع أصدقائي كنت مصمّماً تماماً أن أعمل الأفلام الّتي ستحصل على ردّ قويّ، لذا خالفنا التّقليد بفيلمنا الأوّل، كانت الأزياء الرّماديّات و الأعياد في السواد، و في كل صور المكان و الدّاخليّين تجنّبنا الألوان الفاتحة بعناية، حتّى في النّهاية كانت اللقطة الاخيرة أبيض و أسود . نحن أيضاً ألّفنا بجرأة صورا غير متناسقة . الضّوء الطّبيعيّ اسْتُخْدِمَ طوال الوقت، و كانت معظم الصّور ثابتةً جدًّا .
عندما عملنا الأرض الصّفراء، طوّرت نفس الأسلوب أكثر، مع الأصفر، الأحمر، الأسود والأبيض كألوان مهيمنة في الكتل البسيطة المدهشة كانت الإضاءة خافتة . حاولت إبقاء المؤلّفات ضروريّة و مباشرة، مع حركة كاميرا قليلة بقدر الإمكان، لإثارة العاطفة العميقة القويّة . في كلا الفيلمين، في نفس الوقت بينما كنّا نحاول خلق أسلوب جديد، كنّا نسعى أيضًا إلى حدّ ما عمدا لاقتراح المعاني العميقة أو لعمل الإشارات القويّة . بالطّبع، إذا حاولنا ان نعمل تلك الأفلام ثانية اليوم، سنركّز الانتباه أكثر على الشّخصيّة. لكنّ ذلك كان أفضل ما يمكن ان نعمله في عام 1983 .
< أفهم أنّك بالفعل أردت الاهتمام بالتّوجيه بعد أن انجزت الأرض الصّفراء لتشن كيج، هل تعتقد أنّ هذه كانت نتيجة تأثير تشن عليك ؟
<< عملنا جيّد جدًّا معاً .، تقاسمنا جميعاً حلماً مشتركاً، و أثّرنا على بعضنا البعض كثيراً، وكانت لدي الإرادة لأكون المخرج الّذي تطوّر رغم انني مازلت في دراستي الاكادمية . كانت أفضل طريقة لتطوير إبداعي الفرديّ يريد كلّ الفنّانين التّعبير عن أنفسهم و الحصول على ردّ . ان اكون مخرجا فإن إحدى أفضل الطرق لعمل ذلك، أن أشْتغَل بالافلام، و آمل التّعبير عن طموحاتي الفنّيّة خلال الأفلام الّتي أوجّهها .
< في عدد من الأفلام الّتي قد عملت عليها منذ الأرض الصفراء، كنت مصوّرا سينمائيّا وممثلا و مخرجا أيّ المجالات ترىانك فيها افضل ؟
<< المخرج ، بالطّبع، لأنه المدّ الطّبيعيّ لكوني مصوّرا سينمائيّا . و، فيما يتعلق بتمثيلي، أصبحت ممثّلاً بالصّدفة البحتة فقط. أنا لا أُدَرَّب كممثّل، من وجهة نظر ممثّل، فعلاً لا أفهم العمل . فعلاً لديّ غرام خاصّ لعروضي في قديم جيّداً و محارب الطّين الأحمر، لكنّ التّوجيه هو موهبتي الحقيقيّة . بالرّغم من قلق حاد، يمسك اهتمامي المعظم بقوّة .
< هل المؤثرات البصرية أكثر أهمّيّة إليك من الحدوته ؟
<< في الواقع، كلاهما يكمّل بعضهما البعض، لذا لا ينبغي أن نبالغ في أهمّيّة الواحد على الآخر . تعرف هذا - أنت ناقد سينمائيّ ! مرتادو السّينما الصّينيّون أنفسهم يقدّرون توازناً جيّداً، لذا ينبغي أن نحاول تحقيق مجموعةً ممتازة للمحتوى الموضوعيّ و الأسلوب المرئيّ، أعرف أنه يمكن أن يكون لدي أفلام مرئيّة بدرجة كبيرة ذات تأثير قويّ بشكل غير عاديّ، لذا فعلاً أعتقد أن المؤثرات البصرية تستحقّ الكثير من الانتباه أيضاً .
< دعنا نتكلّم عن الألوان الّتي تستخدمها في أفلامك .
<< منذ انجزت فيلمي الأوّل، ملت إلى استخدام ألوان و مؤثرات بصرية غنيّة جدًّا . و هذا لم يتغيّر . ربّما هو لأننيّ صينيّ شماليّ . أنا ولدت و بلغت في الجزء الشّماليّ للصّين، و كنت متأثّرا كثيراً بالفن الشّعبيّ المحلّيّ و البيئة الإقليميّة هناك . لذا أخمّن انجذابي للتّلوين استطاع فقط أن يكون مسألة من أين أنا !
< كيف تسير بك الامور خلال عمليّة اختيار أو كتابة سيناريو ؟ ماذا يأخذ من تفكيرك في هذا الوقت ؟ كيف تستمرّ ؟
<< الخطوة الأولى هي إيجاد قصّة ممتعة، و ذلك مثل التّسوّق في محلّ . عندما تمشي في محلّ أوّلاً، تتفرج، لا تعرف بالضّرورة ما تريده أو ما ستشتري.
الآن بمجرّد أنّ لديك قصّة، ثمّ تعمل البحث - ربّما تقضي الكثير من الوقت في محاولة جعل القصّة ضمن ما تحسه تماما، في نفس الوقت مراقبة دائمة دقيقة و ممتعة لتحولاتها . أحياناً يأخذني ما يقدّر بثلاث أو أربع سنواتٍ للانتهاء من اصلاح أو اعادة صياغة قصّة حسب رضاي . لكنّ بمجرّد أنّ تعْمَل ذلك، يمكن أن تبحث عن المستثمرين، تحاول إقناعهم لماذا تريد عمل ذلك الفيلم و لماذا تعتقد أنّه فكرة جيّدة لهم لتمويله . و هذا سهل كثيراً للعمل إذا لديك قصّة جيّدة جدًّا .
< أين تفهم أفكارك ؟ هل يأتونك عبر المشي بالشّارع ام بمشاهدة الأفلام مباشرةً ؟
<< صعب أن يجيء الإلهام . في كثير من الأحيان ، يجيء أقلّ عندما تتوقّعه ربّما تفهم تفصيلاً صغيراً أو صورةً معيّنةً في عقلك و تجد تلك الصّورة جميلة . أو، أحيانًا، الإلهام يجيء من شخص آخر : شيء ما ذاك الشخص الآخر يقوله أو يعمله يحرّكك . تجد نفسك ممتنّة و مشاعرك تعطيك الفكرة الّتي يمكن أن تستخدمها و تتطوّر .
و أحياناً الأفكار تجيء من مشاهدة أفلام النّاس الأخرى، لأننيّ فعلاً أحبّ الذّهاب إلى الأفلام بنفسي . كلّما أرى فيلماً جميلاً جدًّا يصيبني أرق ليلي أستلقي اتذكر هذا العمل الممتاز - لماذا لا يمكن ليّ أن أنجز ذلك، أيضاً ؟ هل يمكن أن أعمل شيئاً جيّداً مثله ؟ لذا أنا أحاول التّعلّم من المخرجين الآخرين، التّعلّم من طرقهم المختلفة عبر عدة زوايا واكثر من منظور و تكييف ذلك على عملي الى صياغة اخرى حيث أحصل على أفكاري .
< كمخرج، ماذا تشعر أنك قد أنجزت حتّى الآن في السّينما الصّينيّة ؟
<< منتجو الأفلام الّذين بدؤوا في عمل الأفلام في الصّين في الثّمانينيّات ، معروفون كجيل خامس، و قِيلَ إننا عملنا مساهمةً لتطوّر السّينما الآسيويّة . بالطّبع لطيف سماع هذا الكلام، لكنّ كل ما عملته كمخرج كان تصوير أفلامي . لكنّ، أعتقد أنّه واضحاً أن الجيل الخامس تمكّن من مدّ تأثير صناعة السّينما الصّينيّة خلال العالم . أسباب قدرته عمل هذا ان يُنْبَش في الظّروف الخاصّة الّتي تواجدت في الصّين في ذاك الوقت . لم يكن على الجيل الخامس أن يقلق على جهد الفيلم الماليّ، يمكن أن يتابعوا رغباتهم الفنّيّة و يخلقوا الفيلم الّذي أحبّوه . ذلك لأنّ في تلك الأيّام الحكومة دفعت لتكاليف الإنتاج .
في هذه الأيّام، يجب على المخرجين – وضمنهم انا - أن يذهبوا للخارج و يجمعوا بأنفسهم الرّأسمال الّذي يحتاجون له لأفلامهم . إذا لم تفكّر في جهد الفيلم الماليّ قبل عملك، لن تكون قادراً أن تغطّي تكاليفك و لا أحد سيموّل فيلمك القادم . لذا البيئة الاقتصاديّة المحيطة بالسينما الصّينيّة قد تغيّرت .
< هل تغيّر إدراك الشّعب الصّينيّ للأفلام أيضاً ؟
<< الصّين تتقدّم بسرعة جدًّا في تنميتها الاقتصاديّة، و مع هذا أيضاً تغيّر إدراك الشّعب الصّينيّ للأفلام ، حتّى أفلام العرض ازداد رواجها . أعتقد أنّ هناك علاقة قويّة بين تطوّر السّينما التّجاريّة و قوّة الاقتصاد الأصليّ عندما يكون اقتصاد البلد راكداً، ثقافة عامّته تصبح راكدةً أيضاً . القوّة الهائلة لصناعة السّينما الأمريكيّة، على سبيل المثال، متعلّقة مباشرة بالقوّة و النّفوذ الاقتصاديّين للولايات المتّحدة .
كلّ بلد، بالطّبع، لديه الأفلام الّتي تتواجد كأعمال فنّيّة . لكننيّ أعتقد أن الأفلام هي الأعمال الفنّيّة و وسائل التّرفيه . في عالم اليوم، الاتّجاه الرّئيسيّ في الأفلام هو عمل يتضمن مركبات ترفيه تجاريّة بدرجة كبيرة . و الآن، لا يوجد بلد أفلامه يمكن أن تقاوم قوّة الصّناعة الموجّهة بالتّرفيه لهوليوود . لذلك، تحدّينا الكبير اليوم هو اكتشاف كيف كلّ بلد يمكن أن يحمي صناعة سينماه .
< إذا فعلاً تفكّر في عيّنات الجمهور، أيّ جمهور تفكّر فيه أكثر ؟ الجمهور الصّينيّ أم الغربيّ ؟
<< لا أفهم الجماهير الأجنبيّة لأننيّ لا يمكن أن أتحدّث كلمة إنجليزيّة واحدةً، بدون مترجم هنا بجانبي، لم يكن من الممكن أن نتحدّث نحن الاثنين . لذا، لا أعرف فعلاً ما تحبّ الجماهير الغربيّة أن تشاهده . لكنّ بالطّبع أنا مبتهج إذا كانت الجماهير الغربيّة قادرةً أن ترى أفلامي وتفهمها . في الصّين نفسها، النّاس أحياناً يقولون لي إنّني مخرج يعمل الأفلام لغير الصينييّن، لكنّ عندما تكون لديّ فرصة، أخبر هؤلاء النّاس انني اعمل أفلاما لشعب الصّين .علاوة على ذلك، حصدت أفلامي، من اولها "الذّرة الحمراء "( 1987 ) إلى آخر عمل انجزته، الاموال ليس فقط بالخارج لكنّ في الصّين أيضاً . .
< بالتّأكيد كان لفيلم "البطل" نجاح تجاريّ كبير في الصّين و حول العالم . هل بدأت عمله كضربة كبيرة ؟
<< لم أتوقّع أبداً أنّه سيكون شعبياً جداً ودوليّاً . أنا معتاد ان أحكم على عيّنات الجماهير الصّينيّة . لم يكن من الممكن أن أتنبّأ أن كثيراً من الأجانب يريدونه، و كنت أفكّر في هذا كثيراً منذ إكمال الفيلم.
< في الصّين، رغم أن الكثير من النّاس ذهبوا لرؤية البطل، كان هناك بعض الرّدّ السّلبيّ، لم يكن هناك ؟
<< نعم ، في كثير من الأحيان ينظر الصّينيّون بعد محتوى الفيلم، في الأيديولوجيّة الممثّلة به . محتوى التّعليم الصّينيّ على الأسلوب : إذا اختلف مرتادو الأفلام مع أفكار فيلم، يجب أن تكون الموضة سيّئة، أيضاً، طبقاً لتفكيرهم . لا أراه مثل ذلك، و أعتقد أنّ هناك نقطة مفقودة، الاستمارة و أسلوب البطل خاصّان فعلاً، و هذا هو ما يجذب الجماهير الدّوليّة، الّتي لا فكرة عندها عن أيّ نقد للإمبراطور كين قد يُوجَد في الفيلم - هم يُجْذَبُونَ بالشّكل، الأسلوب، نبرة الفيلم .
< إلى أيّ مدى حاولت جعل هذا الفيلم يناشد جمهوراً غربيّاً و فكرتهم عن الصّين كمكان غريب ؟
<< احد تقييمات الفيلم الجيّدة أنّه عن المشاعر، الشّخصيّات، القصص، الألوان، المنظر، الجمال - كلّها مشتركة بين كلّ الناس ، بخاصّة المشاعر . طالما يناشد الفيلم العواطف الإنسانيّة، كلّ الجماهير ستتمتّع به .
وفيما يخص سؤالك عن عملي " البطل " لمناشدة جمهور غربيّ، يجب أن أقول أنني منذ كنت صغيرا جدًّا احببت دائماً قراءة روايات الفنون الحربيّة، لكن في السنوات المبكّرة للجيل الخامس، لا أحد أراد عمل هذه الانواع من الأفلام ، الجميع اعتبرها كترفيه مجرّد، مبتذل جدًّا، و مفتقر إلى أيّ قيمة فنّيّة، لذا بالرّغم من أننيّ أحببتها، لم أجرؤ أبداً على التفكير في انجاز واحدة منها .
دعني أضف أن البطل، مثلما يصوّر فنوناً حربيّة، ينقل فكرتي عن هذا النّوع . شخصيًّا، أعتقد أنّ أفلام فنون الصّين الحربيّة مختلفة عن أفلام الحركة الغربيّة . أهمّ اختلاف هو أنّ أفلام فنون الصّين الحربيّة تضع الكثير من الأهمّيّة على علم الجمال، الشّعر - جمال القصّة بالكامل، يمكن أن تقول إن هذا فعلاً يميّز أفلام الفنون الحربيّة عن أفلام الحركة . شاهدت مسابقات الفنون الحربيّة عاماً بعد عام . كان علم الجمال أفعال هؤلاء السّيّدين فعلاً عنصراً كبيراً في نتائجهم النّهائيّة . لذا عندما أعمل أفلام الفنون الحربيّة، أحاول تمييزها عن أفلام حركة الغرب بوضع كثير من التّشديد على النّداء الجماليّ إلى البصر . هذا سيكون ما أشعر انها بصمتي الخاصة على نوع الفنون الحربيّ .
< كيف تعتقد أنّ هوليوود قد أثّرت على صناعة السّينما في الصّين ؟
<< في البر الصيني، نرى كلّ سنة حوالي عشرين فيلماً هوليوودياً، هناك تأثير كبير في الجيل الأصغر و على منتجي الأفلام الصّغار في الصّين . أعتقد أنّ أفضل جزء في أفلام هوليوود هو أنّه لديهم دائماً دعاية و تسويق جيّدان فعلاً ، و لديهم قصّة مؤثّرة و جيّدة . لكنّ للأفلام الصّينيّة، نحتاج لاختراع و الاحتفاظ بالجنسيّة و الطّعم للشّرقيّ .
أعتقد أنّه سيكون جيّداً العمل على نظام تسويق صينيّ ليكون قادرا على التنافس مع هوليوود، لكن هذا صعب فعلاً للعمل . ليس فقط الأفلام الآسيويّة تريد محاربة هوليوود، سينما العالم بالكامل تريد محاربة هوليوود . عندما تنتقل في العالم و تتكلّم مع صناع السينما، دائماً يطرح هذا الموضوع - كيف تحارب غزو أفلام هوليوود التّجاريّة و كيف تحمي أفلامك القوميّة الخاصّة . كلا الفنّانين و الحكومات يتكلّمون عن نفس الشّيء . لن تقلع هوليوود عن السّوق الّذي قد استولت عليه بسهولة . هوليوود ذكيّة فعلاً و قد أخذت كلّ المخرجين الجيّدين من كلّ أنحاء العالم . لديها بعض من أفضل مخرجي الصّين، بما فيهم مدرّسو فنون حربيّين من هونج كونج، لمساعدتهم ، حتّى انه كثيرا لا يمكن أن نجد النّاس المؤهّلة للعمل على أفلامنا لأنّ هوليوود تدفع لهم مالاً أكثر . هم يُسْتَخْدَمُونَ في هوليوود دائماً، قامات الفنون الحربيّة المحتالة ! لذا هوليوود تستخرج الموهبة في كلّ أنحاء العالم فعلاً، و تجذب هذه المواهب بالمرتّبات المربحة، قد غيّرت تكتيكاتها و عيّناتها أيضاً باستمرار مع مرور الوقت لعمل المال من كلّ أنحاء العالم هذا الاتّجاه لديه قوّة دفع قويّة و لا واحد يمكن أن يعكسه فعلاً هوليوود، مثلما يعرف الجميع ، قد مُدِحَت طوال سنوات كثيرة، لا أحد يمكن أن يحارب الأمريكيّين في منطقة تجميع الموارد و المال .
المشكلة الاكثر خطورة هي أنّ هوليوود غرست جيلها الجديد الخاصّ للجماهير الدّوليّة لأفلامها التّجاريّة . في الصّين، الشّباب يمكن أن يذكروا كلّ نجوم هوليوود بسهولة . إذا سألت الشّباب الأمريكيّين، من يمكن أن يذكر النّجوم السّينمائيّين الصّينيّين ؟- لا أحد يمكنه ذلك . كمّ من أفلام صينيّة جيدة ، برغم كلّ شيء، ترى كلّ سنة في السّوق الأمريكيّ ؟ فقط هناك قلّة . يمكن أن نرى من الصّين أن هوليوود لديها قطعاً جيل صغير من التّابعين من كلّ أنحاء العالم . نشعر نتيجة لذلك أن صناعة سينمانا القوميّة تحت الضغط، لأننا نعرف أن أهمّ جماهير للأفلام هم الشباب . هذا فعلاً يعطينا تحدّيا، و دائماً قد أخذناه ليكون مسؤوليّتنا لانجاز الأفلام الصّينيّة الجيّدة و عملنا لجذب الجمهور الصّينيّ ، على سبيل المثال، نظهر لهم البطل - إذا ما أحبّوه أم لا ! - و نقدّمه لهم في اللّون الصّينيّ، مع ممثّلين صينيّين يلعبون الحروف الصّينيّة .
< اذا تفكّر في جوائز الأوسكار ؟
<< أنا كنت في جوائز الأوسكار مرّتين . و جلست هناك أثناء حفل توزيع الجوائز، وشعرت كما لو كان لعبةً أمريكيّة كلّيًّا . هو فعلاً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأسلوب الفيلم الأمريكيّ و مقاييس - الاقتصاد الأمريكيّ فقط، الأعمال الأمريكيّة . يمكن أن أفهم لماذا المخرجون الأوروبّيّون يقولون أنّ هوليوود هي سمّ . و ينصحونني بالجلوس في العالم الثّالث، نشاهد العوالم الجديدة و القديمة نتجادل في كيف ليس لدى الأفلام الأوروبّيّة أيّ قيمة بينما ليس لدى الأفلام الأمريكيّة أيّ ثقافة .
< ما هي أفلامك الأمريكيّة المفضّلة ؟ وكيف ترى الأمريكيّين الآسيويّين في هوليوود ؟
<< الأفلام الأمريكيّة تهتمّ بجزء كبير من السّوق العالميّ، مثلما نعرف جميعاً جيّداً . عندما تذهب إلى السّينمات حول العالم، ان ما تراه أفلاماً أمريكيّة في الأغلب، أفلاماً تجاريّة أمريكيّة بخاصّة . هناك مخرجون و ممثّلون أمريكيّون أحبّهم كثيراً . لكن، بالطّبع، هناك الجيّدون و ليس الجيّدين جدًّا أنا لست ضدّ أفلام هوليوود التّجاريّة، كما آمل أننيّ قد وضّحت، أشاهدهم في كثير من الأحيان جدًّا و في كثير من الأحيان اجد الجيّدين بينهم . لا يمكن أن يعمل الواحد تعميماً عن هوليوود فعلاً . أنا لست مثل الشّعب الفرنسيّ و الإيطاليّين العدائيّين تجاه هوليوود. قد نوّعت المذاق، و أشاهد كثيراً - أيّ شيء يلفت انتباهي . كانت أحدث صورة أمريكيّة رأيتها هنا في هونج كونج فيلم خيال علميّ، يخلط الأشباح، مصّاصو الدّماء، و المثل، الكلّ في يخنة كبير، لا أتذكّر اسم الفيلم لأنه تُرْجِمَ للصّينيّة، لكننيّ فعلاً أحببت حيويّة الكمبيوتر و المؤثّرات الخاصّة .
هناك مخرجون أجانب كثر يبحثون عن عمل في هوليوود، حقيقيّ أنّ المخرجين في بلاد كثيرة ، بمجرّد أنّ تصبح أسماؤهم معروفة في بلدهم، أُحْضِرُوا فوراً لهوليوود . أعتقد أنّ هذه هي كلّ الاختيارات الشّخصيّة على جزء من المخرجين أنفسهم . السّوق الرّحبة الّتي يمكن أن توفّرها هوليوود تشكّل إغراءً كبيراً لكثير من منتجي الأفلام .. إنّه طبيعيّ، لذلك، إنّ كثيراً من المخرجين يريدون تطوير مواهبهم في هوليوود، حيث سيكون لديهم مكان أكثر، إن جاز التّعبير، و جمهور أكبر .
"أنج لي" و "جون وو" هما أمثلة مخرجي أمريكا الآسيويّين - و أمثلة ناجحة أيضاً، أعتقد أنهم عملوا انتقاء جيدا في الذّهاب إلى هوليوود، لكن في كثير من الأحيان، أنا نفسي قد سُئِلْتُ إذا ما أردت الذّهاب إلى هوليوود إجابتي هي أننيّ غير مناسب لهوليوود . أوّلاً، لا أعرف اللّغة، في المرتبة الثّانية، الأفلام الّتي أعملها جميعا في الصّين، إذا ذهبت إلى الولايات المتّحدة، لا يمكن أن أعمل الأفلام الّتي أريدها فعلاً . لذا أعرف نفسي، و أعرف أنني لا يمكن فعلاً أن أُفْصَل عن الأرض حيث نشأت . يمكن فقط أن أبقى في الصّين و أعمل الأفلام هناك .
< هل تشعر أن الأفلام الصّينيّة تجلب نفوذا على هوليوود ؟
<< اعتدت اعتقاد أنّ كثيراً من أفلام حركة هوليوود كانت غبيّةً جدًّا، لكن الآن تلك الأفلام تصبح أفضل ظاهريًّا، مثل جون وو - أفلام فنونه الحربيّة شعريّة إلى حدّ ما . كثير من الأفلام الأمريكيّة الكبيرة بدأت تحصل على مشاهد كونغ فو صينيّة - المصفوفة، على سبيل المثال . تسلسلات العمل في هذه الأفلام أجمل، أكثر توازناً الآن، و أعتقد أن هذا بسبب نفوذ صينيّ إنّه عظيم أن ترى علم الجمال الصينيّ يؤثّر على هوليوود في طريقة إيجابيّة يمكن أن يؤثّر الكونغ فو على النّاس في كلّ أنحاء العالم، يحثّ الأمل، و يمكن أن يساعد الناس على تعلم فنّ صينيّ تقليديّ ، أيّ شخص صينيّ سيكون فخورا بذلك .
< أيّهما تشعر تأثيره أكبر عليك، السّينما الغربيّة أم الثّقافة الصّينيّة؟
<< أثّر الفيلم الغربيّ عليّ فيما يخصّ الشكل السينمائيّ و المسائل التّقنيّة ، لكنّ تأثير الثّقافة الصّينيّة - الرّوح الصّينيّة و العواطف الصّينيّة - أساسيّ تماماً عليّ، ذلك لأننيّ مئة في المئة صينيّ، و كذلك أفلامي .
< ماذا يجب على الأفلام الآسيويّة أن تكون ؟
<< تقدم كوريا الجنوبيّة الآن العمل الأكثر إمتاعاً في السّينما الآسيويّة،أشاهد تقريباً كلّ فيلم كوريّ جنوبيّ يظهر، و هناك الكثير من الأفلام من كوريا الجنوبيّة أحبّها، حتّى إذا لم ينجحوا على نفس المستوى كهوليوود، أعتقد ان سبب نجاح الأفلام الكوريّة الجنوبيّة في السّنوات الأخيرة، تقديم القضايا السّياسيّة و الاهتمامات الأخرى الكبيرة لعامّة الشّعب، ينتجون الأفلام الممتعة الّتي تجد مكاناً في السّوق، و لا يمكن أن تنسى أنهم يعبّرون عن شيء ما بشكل كوريّ فريد أيضاً.
المخرجون الصّينيّون الصّغار من الجيل السّادس يحتاجون للعمل مثل الكوريّين الجنوبيّين و قضاء وقت أكثر يفكّرون في حاجات زمنهم و مشاهديهم . المخرجون الصّينيّون الصّغار لا يمضون كثيرا بعد محاولة التّعبير عن شخصيّتهم . الشّخصيّة مهمّة أيضاً، بالطّبع، لكن لأنّ الأفلام فنّ جماعيّ، لا يمكن أن تستخدمهم ببساطة للكشف عن شخصيّتك الأصليّة أو الغرور الخاصّ . إذا لم يذهب الكثير من النّاس لرؤية أفلامك، لن تجد أي شخص لتمويل فيلمك الثّالث أو الثّاني .
< ما هي الصّعوبات المشتركة في عمل الأفلام في الصّين ؟
<< بالطّبع ، الرّقابة هي أحدها، على سبيل المثال يقول النّقّاد إنني لم اكن حادّا بالقدر الكافي في أفلامي، لكنّ كلّ مخرج في الصّين يعرف في قلبه إلى أيّ مدى يمكن أن يذهب و كم يمكن أن يقول . أي شخص يخبرك أنه دائما يقول ما يريد أن يقوله أو ما يريد أن يصوّر من أفلام ، يكذب ... حتّى الأفلام تحت الأرض لديها حدّ لا يمكن أن يذهبوا خلفه. أنا آمل في المستقبل أنّ تصبح لدينا حرّيّة أكثر و ويعطى الفنّانون مساحة أكثر . لكنّ السّؤال الآن ليس إذا ما كنت جيّدا في موازنة الأشياء : يجب عليك أن توازن ما تقول ضدّه ما لا يمكن أن تقول، هذا واقع يجب عليك أن تواجهه.
طوال السّنوات ناس كثر قد تكلّموا عن صعوبة عمل الأفلام في الصّين، لكنّ كلّ شخص لديه قصّته للإخبار . في حالتي، فيلمي للعيشة ينتظر أن يُظْهِر في الصّين . أنا غير متأكّد من السّبب الدّقيق، لكنه قد يكون لأنه يتعامل مع أربعين سنة من التّاريخ الصّينيّ، متضمّنا الثّورة الثّقافيّة سواء كخلفيّة أو لا .
< هل تستطيع ان تخبرني شيئاً ما عن تطوّر أفلامك ؟
<< أفلامي المبكّرة ألقت توتّراً على جمال الشّكل و المفهوم، لكنني بعد ذلك عمدًا تحركت للتّركيز على العواطف الإنسانيّة، الدفء الإنسانيّ خصوصاً.. شخصيًّا، أحبّ العواطف البسيطة للمزارعين، إذا حقّقت في الحياة اليوميّة في الصّين، سترى أن قلب الصّين في قراه الزّراعيّة .
أيضاً، لأنّ أفلامي لديها موضوع للبحث، قد عملت الكثير من الأفلام حيث تبحث البطلة بوجه خاصّ أو تتابع شيئاً ما في المجتمع أو في العالم الأوسع . بالنّسبة إلى البطل الّذي يستكشف موضوع البطولة، بعض النّاس قد يتساءلون إذا كنت أنسخ النّمر الجاثي لأنج لي، التّنّين الخفيّ، لكننيّ قد بدأت طويلاً قبل صورة لي. بخلاف أفلامي السّابقة، البطل يعلّم، لأنه فيلم عرض حجم كبير بالصّوت الجميل و مؤثرات بصرية و الأزياء، و يصف نسيجاً مزيّناً غنيًّا لعلاقات رومانسيّة و مأساويّة . كان أملي في هذا الفيلم، كما حاولت التّوضيح، المساعدة في إعطاء السينما الصينيّة تأثيراً دوليّاً كبيراً في عالم أفلام عرض الميزانيّة الكبيرة - الاتّجاه الرّئيسيّ في صناعة السّينما الآن .
< ما هو الاختلاف بالنسبة لك أن تعمل على فيلم ميزانيّة كبيرة او واحد على نطاق ضيّق ؟
<< تصوير فيلم بميزانيّة كبيرة يعطي المخرج إحساساً كبيراً بالمسؤوليّة . أنت لا يمكن أن تجري تجارب على الأشياء الشّخصيّة جدًّا، الأشياء الّتي لم يكن من الممكن أن يفهمها اناس آخرون. لكن إذا صوّرت فيلم عن علاقة جنسيّة أو على نطاق ضيّق، يمكن أن أقدم شيئاً شّخصيّاً جدًّا، فنّيّاً و فريداً في صورة حسنة.
هذا دائماً كان تحدّيا لي لتوجيه أنواع الأفلام المختلفة : فيما مضى، كنت أدرس الأفلام على نطاق محدود، بميزانيّة صغيرة، أعامل حياة النّاس العاديّة، لكن خناجر طائرة و البطل هما أفلام حجم كبير مختلفان عن الذرة الحمراء و الفانوس الأحمر. بالنسبة لي، عظيم دائماً أن تواجه هذه التّحدّيات المختلفة . ذلك يجعلني أنمو كفنّان، و يجعلني أتطوّر و اتعلّم و احسّن مهارات صناعة أفلامي . أتّفق مع ما قاله المخرج اليابانيّ أكيرا كوروساوا عن قبول جائزة الأوسكار في عام 1990 لإنجاز العمر : قال تقريباً أنه كان مازال يتعلّم كيف يعمل الأفلام، و أنّه كان يجب عليه أن يستمرّ في العمل إذا كان يذهب في أيّ وقت ليكون قادراً تماماً أن يفهم فنّ السينما .
< ما الّذي يهمّك كثيرا في التاريخ للعمل ؟
<< معظم أفلامي تاريخيّة في الحقيقة في الطّبيعة، لذا هذا سؤال جيّد . منذ الفيلم الأول الّذي عملته، الذّرة الحمراء، أحببت القصص التّاريخيّة فعلاً .. عندما تعمل فيلماً، بخاصّة عن قصّة مأساويّة، يجب عليك أن تضع الشّخصيّات تحت ضغط معيّن من المجتمع، ثمّ يجب عليك أن تظهر أن الشّخصيّات تحارب قدرها و تقاوم هماً اجتماعيّاً بالإضافة إلى مأساة شخصيّة . لكنّ ما نوع الضّغط هو أن تذهب لوضعهم للأسفل ؟ من الواضح، ستكون هناك مشكلة سياسيّة مشتركة في وصف الضّغط بالخارج هذا في مجتمع صينيّ حديث . لن تكسب مثل هذه الأفلام الموافقة السّهلة من الرّقابة . لذا قرّرت وضع الذّرة الحمراء في الماضي، عندما كانت الصّين تحت الإقطاع . مع هذه الطّريقة أصبح الموضوع أسهل للتّعامل. فكرتي الأصليّة لم تكن فعلاً لعمل تصريح سياسيّ، لكنّ القصّة فعلاً تتطلّب الضّغط الخارجيّ القويّ حتّى يمكن أن يُدْرَك مصير الشّخصيّات . و كان يجب على ذلك الضّغط أن يجيء من خلفيّة اجتماعيّة .
محمد عبيدو
جريدة البعث السوريه
العدد: 13364 - تاريخ: 2008-03-11