في السنوات العشر الأولى .. كنت أحلم ببعض من الألعاب والحلوى .. وفي العيد كنت أحلم بألبسة جديدة غير التي تباع على أرصفة الشوارع في المدينة.. ظلت الألعاب مسمرة في واجهات المحال .. أتأملها كلما مررت بها وأنا عائد من المدرسة .. والعيد غصة في الحلق, وألم يعتصر فؤادي.
في العشرة الثانية.. حلمت أن يدعني أبي بسلام في العطلة الصيفية ألعب في شوارع مدينتنا مع أولاد الحي .. نتسلق سور المدينة .. ونعانق ضفاف الفرات بأجسادنا النحيلة .. أشاهد الأطفال وأنا عائد مساء من القرية التي يبيع فيها والدي الخضار .. ويكون التعب قد نال مني فلا أصدق كيف أرتمي في الفراش.
في دروس الرياضيات في المرحلة الإعدادية كنت احلم بقصر تحيط به الزهور والأشجار .. تحلق فيه العصافير والفراشات.
تطور الحلم .. في منتصف العشرة الثانية .. وبدأت أتفنن في مواصفات حبيبتي التي سأحظى بها .. شقراء , سمراء. عيون عسلية , زرقاء كموج البحر .. خصلات شعر كشلال حرير ينساب على كتفيها .. بحثت عنها في الأزقة .. في الحدائق, وظلت حبيسة أفكاري.
حلمت بدراسة الفن التشكيلي ..
- بني العاصمة بعيدة جدا وتكاليفها كثيرة. كن واقعيا وابحث عن معهد في المدينة, وهكذا كان.
في العشرة الثالثة : اختلط الحلم .. فما عادت الحلوى تغريني .. وولت أيام اللعب لأن النهر جف .. ولم يتبق من سور المدينة إلا القليل.. دور السينما التي كنت أحلم ارتيادها أغلقت .. لست هارون الرشيد لأقتني قصرا .. ولست دون جوان لتتهافت علي الجميلات .. كفى عبثا.
أحلام طائشة بعثرتها الرياح وهذي الأرض التي اكتوينا بنارها قبل أن تأت الآخرة بكثير .. إذا فليكن الحلم هذه المرة الجنة الموعودة لعل؟!! . ومرة أخرى عاودني كابوس أحلامي قبيل انتهاء العشرة الثالثة . السفر .. إلى أين ؟ وكيف؟ لست أدري .. ابتعد أيها الكابوس عني أعرف بأنك تغويني .
مرت العشرة الرابعة بسرعة و طاحونة الحياة تكفلت بكل أحلامي ونسيت اسمي ومن أنا وماذا أريد من الحياة . كبر الأطفال .. وزادت الأعباء. أنهك الجسد ولم يعد يقوى على الحلم.
طاحونة الحياة مستمرة .. أكلت نصف العشرة الخامسة وتهدد بابتلاع ما تبقى من العشرات إن كان هناك بقية منها.
حسن الرفيع
الرقة 17/7/2009