يمكن أن نفهم الدعاء فهما إيجابيا فالدعاء ليس بديلا عن العمل بل هو مرادف له ولو ظل رجل يدعو طوال حياته وهو متوسد لحافه دون عمل فكأنه لم يدع اما الفوائد العملية للدعاء فهي أن الدعاء الخاشع والإلحاح فيه يرسل رسائل إيجابية للعقل الباطن فيحفزها على استكشاف الحلول والمخارج .
مثلا فإن الفرق بين شيوعي ومؤمن يؤمن كلاهما بمحاربة الفقر والعدالة الاجتماعية أن الأول يعتمد على قدراته العقلية وحسب في تحقيق هذه الأهداف النبيلة أما الثاني فإنه بالإضافة لبذله جهدا عقليا في التفكير بحلول لمشكلات الفقر والبطالة فإنه يلجأ إلى الله متضرعا بأن يطعم الجائع ويغني الفقير ويقضي الدين عن المدين.وحين يسيطر هذا الهم على نفسه وينفذ إلى أعماقه فسيحرض هذا الدعاء الخاشع القوى الكامنة في عقله الباطن حتى تتخمر أفكاره وتتفاعل فيقفز إليه فجأة الإلهام ويهتدي إلى أفكار ابداعية للمشكلة التي تؤرقه.
إن ما يفعله الدعاء الخاشع هو أنه يفجر الطاقة الروحية الكامنة بالإضافة للقدرات العقلية والبدنية للإنسان فيكون الاهتداء لسواء السبيل.وهذا الأثر الحياتي للدعاء ليس مجرد كلام نظري بل نلمسه كثيرا فالذي يلح على الله بالدعاء بأن يجد فرصة عمل أو أن يرزق بزوجة تتضاعف فرص تحقيقه لأمنياته عن الذي لا يدعو لأن استغراق تفكيره في هذه الأمنيات يحفز القوى الكامنة في عقله الباطن فيصبح أكثر انتباها واكثر حساسية تجاه اي بادرة لفرصة تلوح من بعيد فيلتقطها ويستفيد منها.
هذا التفسير العلمي السنني لفائدة الدعاء ليس بديلا عن التفسير الإيماني انما هو محاولة لتقريب المفاهيم الإيمانية في حياتنا في ضوء ما يتيحه التقدم في العلوم الانسانية والطبيعية.
هذه العلاقة بين السنن الطبيعية وبين الايمان بالغيب تتحدث عنها الآية القرانية "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" والله اعلم..